المهرجان الوطني للفيلم التربوي بفاس: منافسة شرسة حول جوائز الدورة التاسعة نظرا لجودة الأفلام
في خضم الاستعدادات الجارية على قدم وساق،
من اجل احتضان فعاليات
الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم
التربوي الذي تنظمه الأكاديمية الجهوية
للتربية والتكوين بجهة فاس بولمان، بشراكة
مع جمعية فضاء الإبداع للسينما والمسرح،
في الفترة الممتدة بين فاتح و3 أبريل 2010،
تحت شعار: « الفيلم التربوي دعامة أساسية
للنهوض بمدرسة النجاح »، اغتنمنا فرصة
اللقاء بالأستاذ الدكتور عبد السلام المُساوي
المدير الفني للمهرجان،
وأجرينا معه الحوارالتالي:
- المهرجان
لم يعد ملكا لأكاديمية
جهة فاس بولمان ، ما مدى صحة هذا الاعتقاد؟
نعتقد أن ما يدعم صدق هذا الافتراض الجميل
والمتفائل هو ما اقدمت عليه مديرية المناهج
والحياة المدرسية بوزارة التربية الوطنية،
حين عممت خلال شهر دجنبر من السنة الماضية
مذكرة وزارية تدعو فيها كافة الأندية التربوية
والسينمائية التابعة للأكاديميات الجهوية
بالمملكة إلى المشاركة بفعالية في هذه
التظاهرة التربوية والفنية الكبيرة. هذا
فضلا عن الكم الهائل من المساهمات الفنية
التي تفد علينا من مبدعينا وحملة الكاميرا
التربوية من كل مناطق المغرب؛ حيث وصل عدد
الأفلام التي وردت على إدارة المهرجان
إلى 85 فيلما تربويا بنوعيه الروائي والوثائقي.
- ما سقف توقعاتكم
بالنسبة للمهرجان في دورته التاسعة ؟
وضعنا نصب أعيننا أهدافا أساسية
لهذا الدورة ، تتراوح بين تفعيل دمج الوسائل
السمعية البصرية في المنظومة التعليمية،
باعتبارها وسيلة ناجعة في المنهاج الدراسي،
وتعزيز ثقافة الصورة، وإكساب التلاميذ
مهارات تفكيك اللغة السينمائية واستيعابها،
بالإضافة إلى ترسيخ السلوك المدني والحفز
على الخلق والإبداع. تجسيدا لهذا التصور
كذلك رسمت إدارة المهرجان برنامجا
حافلا يجمع بين الفرجة الممتعة والمفيدة،
وبين التكوين الرصين، وتكريم الفاعلين
التربويين والسينمائيين. وهكذا سيعرف المركب
البلدي الثقافي (الحرية) عروضا للأفلام
التربوية المتنافسة حول جوائز المهرجان
الخمسة، وهي: الجائزة الكبرى للفيلم الروائي
والفيلم الوثائقي، وجائزة الإخراج، وجائزة
السيناريو، وجائزتي أفضل تشخيص إناث وأفضل
تشخيص ذكور. وكذا عروضا لأفلام بانوراما
الفيلم التربوي المغربي. أما المركز الجهوي
للتكوين المستمر، فسيعرف عروضا ليلية للأفلام
الاحترافية ضمن القافلة السينمائية التي
يشارك بها المركز السينمائي المغربي. وفيما
يخص فقرة التكوين، فقد أولت إدارة المهرجان
أهمية لتقنيات إنجاز الفيلم الوثائقي،
حيث سيلقي المخرج المغربي المعروف أحمد
المعنوني درسا في الموضوع، سيستفيد منه
مؤطرو الأندية التربوية والسينمائية التابعة
للمؤسسات التعليمية. كما سينشط محمد بكير
الخبير في السمعي البصري ورشة خصص محورها
أيضا لتقنيات وآليات إنجاز الفيلم الوثائقي.
- عصرنا
يكرس الصورة بامتياز ،
مالذي الذي ينبغي أن يطوعه المهرجان،
حتى يصبح في خدمة التربية ؟
نحن نعتبر أن «الطفولة بداية حاسمة في المسار
التربوي والتكويني للإنسان.. وهي التربة
الخصبة لاستنبات القيم والأخلاق، وكذا
الكفايات اللازمة التي سترسم معالم الوجهة
السليمة لكائن جدير بحياته. ولذلك نعتقد
أن جمهور المهرجان المكون من أطر نوادي
السينما بالمؤسسات التعليمية من تلامذة
ومدرسين، ومن مهتمين بالشأن التربوي والسينمائي،
سيجد ولا شك فرصة ثمينة لطرح النقاش حول
جوانب متعددة متفرعة عن علاقة السينما
بمرحلة الطفولة، وهي جوانب على درجة كبيرة
من الأهمية، فزمننا هو زمن الصورة بامتياز..
زمن الإشارات المرئية الذي ينبغي أن نطوعه
ليغدو في خدمة التربية، ولنحقق به أهدافا
باليسر الذي قد لا نجده في وسائل أخرى. وستكون
أيضا فرصة للخروج بتوصيات نضعها رهن إشارة
مخرجينا الكبار والشباب، ليسهموا بخبرتهم
في توجيه هذا الورش الإصلاحي الكبير نحو
محطاته الآمنة ومضمونة النتائج.
- ماذا عن
حضور الطفل والطفولة
كتيمة في السينما المغربية؟
نحن نعتقد أنه وفي سياق تعميق المعرفة،
وإذكاء النقاش حول قضايا الثقافة السينمائية،
وضمن الندوة الوطنية السنوية، قررنا في
لجنة البرمجة، وبتنسيق محكم بين أكاديمية
فاس بولمان وجمعية فضاء الإبداع للسينما
والمسرح بفاس، تخصيص موضوع: « حضور الطفل
والطفولة في السينما المغربية »، سيشارك
فيها أساتذة جامعيون وسينمائيون محترفون،
وهم: حمادي كيروم (ناقد سينمائي)، وفريد
الزاهي (باحث في الفنون وناقد سينمائي)،
والحسين وحساة (مختص في الوسائل السمعية
البصرية بوزارة التربية الوطنية)، وسينشطها
الإعلامي والناقد عبد الإله الجوهري. وهذه
الندوة ننظمها بالتعاون مع منظمة اليونسيف
نظرا لاهتمامها بشؤون الطفل والطفولة.
وستكون العروض والمناقشات منطلقا لتبادل
الرأي وإيجاد السبل والطرق لتجاوز المشاكل
والصعوبات التي التي يعانيها الطفل في
مراحل تكوينه وتنشئته.
- ما هي الإضافات
النوعية في البرمجة الفنية لهذه
الدورة؟
في كل دورة نفكر في الأولويات البيداغوجية
جهويا ووطنيا، وفي هذا السياق نعمل على
تكييفها مع شروط إنجاز الأفلام التربوية،
بما يضمن اشتغال الأندية على موضوعات طريفة
تحقق مجموعة من الكفايات والأهداف التي
يمكن أن تتحق من خلال مشاهدة الأفلام، كما
نعمل على توجيه محور الندوة الوطنية في
الاتجاه الذي يجعل النقاش مفيدا حول قضايا
السينما وحاجيات المنظومة التربوية. هذا
فضلا عن الصرامة التي نستحضرها في اختيار
الأسماء المشاركة في فقرات المهرجان. وبالتوازي
نستحضر حاجيات المخرجين الشباب من المهارات
التقنية في مجال الإنتاج السينمائي. في
هذه النقطة بالذات تجدر الإشارة إلى
أننا اهتدينا إلى تخصيص فقرة التكوين في
هذه الدورة لتقنيات وآليات إنجاز الفيلم
الوثائقي، في هذا الأهمية هذا النوع من
الأفلام في الحقل التربوي، وما ما يمكن
أن يجلبه من فاعلية ومردودية. لذلك لم نتردد
في دعوة المخرج المغربي الكبير أحمد المعنوني،
صاحب التجربة الكبيرة في هذا المجال، ليلتقي
بمنشطي الأندية السينمائية والتربوية
المشاركين في المهرجان في درس سينمائي
حول (الفيلم الوثائقي). وفي السياق ذاته
دعونا المهندس محمد بكير وهو خبير في مجال
تقنيات السينما لينشط ورشة في الموضوع
نفسه.
من جهة أخرى، وعلى غرار الدورات السابقة
سيشهد حفل الافتتاح عرض فيلم احترافي،
يكون قدوة للمخرجين الشباب، وإمتاعا لجمهور
المهرجان. وقد برمجنا هذه السنة الفيلم
المغربي القصير: (المرأة الشابة والمدرسة)،
للمخرج والفنان محمد نظيف والذي لعب فيه
دور البطولة كل من الفنانين: أسماء الحضرمي
وعمر شنبوط. ونغتنم هذه الفرصة لنشكره على
استجابته التلقائية لدعوة المهرجان، كما
نشكر المركز االسينمائي المغربي لدعمه
السنوي لهذه التظاهرة الفنية والتربوية.
وفي إطار تكريم رموز السينما والتلفزيون
ببلدنا، اختار المهرجان أن يلتفت إلى أحد
الرواد، ويتعلق الأمر بالفنان الكبير عبد
القادر مطاع الذي ساهم طوال عمره في تأثيث
مشهدنا السمعي البصري بالعديد من الأعمال
الجيدة في الإذاعة والتلفزيون والمسرح
والسينما، كما يعد من مؤسسي فن الإشهار
السمعي البصري بالمغرب. في الإطار نفسه
سيكون للمخرجين الشباب موعد في مائدة مستديرة
تجمعهم مع الصحفيين، وينشطها الأستاذ محمد
فراح العوان، رئيس جمعية فضاء الإبداع
للسينما والمسرح بفاس.
- علاقة الطفولة
بالسينما كيف ترونها كمبدعين وكمسؤولين
تربوين؟
الطفولة مشتل كوني لاحتضان الأحداث والعلاقات
الصغيرة، وتلوينها لكي تغدو في المدى المنظور
كبيرة بمعانيها، وجميلة بألوانها. وهي
المعين الذي نلوذ به عندما نكبر وتكبر همومنا..
ففي أفيائها نلتقي بكل الأشياء والمواقف
التي شهدنا، وبالشخوص الذين أثروا فينا..
ولما كانت السينما إنتاجا فنيا جميلا،
يسْهُل تلقيه واستيعابه، فإنها ـ بذلك
ـ ترقى لتشكيل حياة موازية يرتادها الأطفال
طائعين، غير مبالين بالحدود الفاصلة بين
الواقع والمتخيل.. ذلك أن المتخيل يجسد
الحدَّ الأمثل الذي يجذب مشاعر الطفل،
ويدعوه إلى انتقاء نموذجه الأعلى مما يَعْرِضُه
الشريط المصور، بدل انتقائه من النماذج
التي يُزري بها الواقع.
وإذن، فليس من الضروري التذكير بالتفكير
مليا أمام خطاطات السيناريوهات، قبل وضع
أدوار يضطلع بها الأطفال. ثم لا بد من إعادة
النظر في الكم الكبير من الصور الذي
راكمته السينما المغربية للطفل والطفولة
في أفلامها المتنوعة، بغية إكساب الأبعاد
التربوية في الأفلام التي يُشرَك فيها
الصغار مهما كان مستواها، أو نوع الفئة
التي تتوجه إليها. وأخيرا علينا أن نتساءل:
هل سيحين الوقت الذي لن نكون مضطرين فيه
إلى تحديد سن المشاهدة؟
أكيد أن الطفل الذي يسكن السيناريست والمخرج،
لن يتردد في الإمساك بالكاميرا وتوجيهها
إلى بقع الضوء البهية من الحياة، ليعكس
على الشاشة الفضية لمعان الطفولة، بكل
ألوان الطيف، معلناً أن الحياة الحقيقية
تبدأ من هنا! وهذه هي الأرضية التي تؤطر
موضوع الندوة الوطنية التي أشرنا إليها
سابقا، التي تنظم في سياق فعاليات المهرجان
الوطني للفيلم التربوي بفاس، في دورته
التاسعة بالتعاون مع منظمة اليونسيف، في
اليوم الثاني من المهرجان (الجمعة 2 أبريل
2010)، بعنوان: « حضور الطفل والطفولة في
السينما المغربية ». حيث سيشارك فيها
ثلة من خيرة نقادنا السينمائيين وباحثين
في خطاب الصورة، وقد أكد المشاركة في هذه
الندوة الهامة كل من الأساتذة: حمادي كيروم،
وهو ناقد سينمائي ومدير فني للعديد من دورات
المهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط،
والباحث الكبير في خطاب الصورة وجمالياتها
فريد الزاهي، وكذا الناقد السينمائي ومدير
مهرجان خريبكة للفيلم الوثائقي الحبيب
ناصيري. وسيؤطر فقرات الندوة وأجواءها
الناقد السينمائي والإعلامي عبد الإله
الجوهري، صاحب البرنامج التلفزيوني (كاميرا
الأولى).
- كلمة أخيرة؟
هي
كلمة شكر وامتنان أريد أن أوجهها لكل من
قدم مجهودا في هذه التجربة الرائدة في المجال
التربوي، فلا بد من أن أتقدم بجزيل الشكر
والعرفان لرجل عشت إلى جانبه لحظات المخاض،
ولم يدخر مجهودا في سبيل أن يكبر هذا الوليد
الذي احتضناه في أقماطه الأولى، وتعهدناه
سويا بالرعاية والتنشئة، عندما جاء رئيس
جمعية فضاء الإبداع للسينما والمسرح السيد
محمد فرح العوان حاملا رضيعه، مقترحا أمومة
الأكاديمية له. إنه الأخ الكبير د. حسن أمزيل
مدير الأكاديمية السابق، فقد كان من المتحمسين
لهذا المشروع الفني الكبير. كما لا تفوتني
الفرصة لأجزل الشكر والامتنان للأستاذ
محمد ولد دادة رئيس المهرجان، ومدير أكاديمية
فاس بولمان، وللحقيقة، فعندما حل بيننا
قال لي بالحرف، سيستمر المهرجان على النهج
الذي بدأتموه، بل ينبغي أن يحقق طفرة قوية
نظرا لأهدافه النبيلة. وفي السياق ذاته
أشكر السيد محمد فرح العوان، رئيس الجمعية
الشريكة، على كل المجهودات التي يقدمها
من أجل أن يستمر هذا الإشعاع الوطني ولكافة
أطر المركز الجهوي للتوثيق والتنشيط والإنتاج
التربوي بالأكاديمية . والشكر موصول لوزارة
التربية الوطنية على دعمها وحرصها على
أن يستمر المهرجان في خدمة التربية، وكذا
للداعمين الأساسيين للمهرجان كمجلس مدينة
فاس، ومنظمة إيسسكو، ومنظمة اليونسيف،
واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم،
والمركز السينمائي المغربي، والمعهد الفرنسي
بفاس، ومقاطعة جنان الورد بفاس، وقطاع
التعليم الخصوصي بفاس، ولرجال الصحافة
المكتوبة والسمعية البصرية الذين يتعاطفون
مع هذا النشاط التربوي الهام، وسائر الشخصيات
المعنوية والذاتية التي تؤمن بالأثر الفني
الإيجابي للعمل السينمائي.
عزيز باكوش
Aucun commentaire