المقاربة الفاشلة في مراقبة السرعة على الطرق داخل وخارج المدن
مقابل النشرات الأسبوعية التي تصدر عن أجهزة الإعلام الرسمي ، والتي تصرح بضحايا حوادث السير من قتلى وجرحى تفتقر الدولة إلى مقاربة صحيحة وجادة لمراقبة المخالفات المؤدية إلى حوادث السير المفجعة ، ومن بينها مخالفات السرعة المفرطة . وكل ما يتوفر لحد الآن من مقاربة مراقبة السرعة لدى أجهزة الأمن والدرك داخل وخارج المدن هو أسلوب الكمائن في أماكن محدودة السرعة داخل وخارج المدن ، يحيث ينصب كمين الرادار لتصيد بعض من يتجاوز السرعة التي تحددها بعض إشارات تحديد السرعة ببعض الدرجات والتي لا يمكن أن نسميها سرعة مفرطة بالمعنى الدقيق للإفراط ، إذ السرعة المفرطة والقاتلة غالبا ما تكون في الأماكن التي يسمح فيها بأقصى سرعة قانونية وهي 100 كلم على الطرق العادية ، و120 كلم على الطرق السيارة ، وهي أماكن قلما توجد فيها دوريات مراقبة السرعة لهذا تكثر فيها حوادث السير وما تخلفه من ضحايا قتلى وجرحى. إن مقاربة مراقبة السرعة داخل المدار الحضري وسط المدن من خلال نصب الرادار في نقط متوارية خلف إشارة تحديد سرعة ب 30 أو 40 كلم في الساعة من طرف الشرطة ، أو خارج المدن في نقط متوارية أيضا خلف إشارة تحديد سرعة ب 60 أو 80 كلم من طرف الدرك هي مقاربة فاشلة ، وفي نفس الوقت لا تعكس رغبة حقيقية في مراقبة السرعة ، وصيانة الأرواح بقدر ما تعكس الرغبة في نصب الكمائن للسائقين من أجل تغريمهم أو إرغامهم على المساومة من أجل الرشوة لتفادي غرامة مخالفة السرعة التي هي 400 درهم.
فالسرعة داخل المدن هي 60 كلم ، ولا تقل عن ذلك إلا في أماكن معلومة ، والذي يتجاوز سرعة محدودة ب 30 كلم في نقطة ما ب 10 أو 15 درجات فتصل سرعته في هذه النقطة 40 أو 45 كلم ، ويغرم ب 400 درهم يكون غيره في نقط أخرى يسير بنفس السرعة دون أن يكون مرتكبا لمخالفة ، علما بأن السرعة التي يجرم بسببها هذا المخالف لتحديد السرعة و في نقطة معينة إذا قدر له أن يصدم أحدا هي نفس السرعة القانونية المسموح بها في نقطة أخرى والتي لا يستبعد أن يصدم صاحبها أحدا أيضا ، فتكون الخسارة واحدة في حال وقوع الحوادث لا تتميز هذه عن تلك إلا بوجود الرادار الكمين هنا ، وغيابه هنالك . وعند وقوع الحادث حيث لا يوجد رادار راصد لا وجود لدليل على إفراط في سرعة إلا باعتماد تكهنات وتقديرات ظنية لمن يحرر محاضر الحوادث . وكذلك الشأن خارج المدن فتجاوز السرعة ب عشر درجات أو خمس عشرة درجة في أماكن تحديد السرعة في 60 أو 80 كلم قد يكون مهددا للحياة البشرية في حال وقوع حوادث ، وتكون نفس النتائج ونفس الأضرار في حال وقوع حوادث مع التزام السرعة المحددة . فالأمر في حال وقوع الحوادث لا يختلف في السرعتين معا مما يعاني أن مقاربة مراقبة السرعة هي مقاربة فاشلة بهذه الطرقة وغير مجدية ، وهي مجرد توفير صبيب الأموال لخزينة الدولة من خلال مبرر مراقبة السرعة ، أو صبيب الأموال لجيوب أصحاب الرشاوى بذريعة تطبيق القوانين . إن مقاربة مراقبة السرعة يجب أن تأخذ شكل الوجود الدائم والمكثف للدوريات المتنقلة على الطرق عوض وجود دوريات كمائن الرادار المتوارية والمتربصة لاصطياد عينات محدودة من المخالفات في نقط معينة ترتكب مخالفات مثلها في نقط تغيب عنها مراقبة الرادار الكمين في معظم الأوقات . إن الوجود المكثف والدائم لشرطة ودرك المرور على الطرقات كفيل بضبط السرعة بشكل علني ، عوض الأشكال المتوارية ذلك أنه في غياب هذا الوجود أقسم بمجرجات الأيمان غير حانث أنه لا أحد يحترم السرعة القانونية بمن فيهم الساهرون على مراقبة احترام السرعة ، ومن فوقهم من مسؤولين يعتبرون أنفسهم في سن رشد تخول لهم أن يكونوا فوق القانون ، ولا تجرؤ مراقبة مهما كانت على تغريمهم ، ويتجاهلهم الرادار الذي وجد لمواطنين تحت القانون فقط . قد يقول قائل إن الدوريات المتحركة خصوصا على الدرجات النارية موجودة ، فنجيبه نعم إنها موجودة وهي معدودة على رؤوس الأصابع ، فبعضها في المدار الحضري تقتصر مهمته على جمع الرشاوي من تجار السوق السوداء في مادة البترول المهرب من دولة الجوار في منطقتنا الشرقية على سبيل المثال ، ونادرا ما تشاهد درجات الدرك خارج المدن ، وإن وجدت في لرصد الشاحنات من أجل تحويل الغرمات القانونية المكلفة إلى رشاوى في المتناول ، خلاف ما يوجد في بلاد الغرب إذ لا تغيب درجات دوريات الدرك والشرطة المتنقلة عن العيون ، ولا تمر أكثر من 5 دقائق من الزمن قبل أن تشاهد الدوريات المتنقلة في الاتجاهين المتقابلين لتشعر السائقين بالحضور الدائم للمراقبة المكشوفة الواضحة التي تردع من لا ضمير له ، وتطمئن من له ضمير من السائقين .
إن الجهات المشرعة وقبل الجهات المنفذة للقوانين مطالبة بمراجعة مقاربة مراقبة السرعة ، وهي سرعة تحصد العشرات من الأرواح يوميا مع وجود مقاربات فاشلة لم تفلح لحد الآن في محاصرة آفة حوادث السير الباهظة الثمن من جهة إزهاق الأرواح وإصابتها بالعاهات المستدامة أو من جهة الخسائر المادية أو الغرامات أو الرشاوى المكلفة والمثقلة لجيوب المواطنين . فإذا كان عدد الضحايا هو هو ، أو في تزايد فما جدوى الغرمات التي تستغل لاستفحال داء الرشوة ؟ وإذا ما كنا نجد غرامات تشير إلى نوع المخالفات من سرعة أو غيرها مما له علاقة بوثائق السيارة أو بحزام أمانها فلا وجود لغرامة تشير من قريب أو بعيد إلى مخافة السكر التي هي أكثر المخالفات مسؤولية عن إزهاق الأرواح ، والإفراط في السرعة إنما هو دأب السكارى الذين تتعطل عقولهم و تغيب سيطرتهم على سياراتهم فضلا عن تحرشهم بمن يشاركهم الطرق ممن يذهب ضحية سكر يحصل أصحابه على تراخيص اقتناء الخمر لمدد معينة قد تقع فيها ، بل تقع خلالها الحوادث المفجعة. يحصل كل هذا لأن مقاربة محاربة الحوادث المقاربة الشاملة الجامعة المانعة مفقودة في بلدنا إلى أن يستيقظ الضمير النائم أو الموات .
Aucun commentaire