شأن وزارة التربية الوطنية وهي تعود مرة أخرى إلى أسلوب الإعلان عن مباراة انتقاء النواب شأن إيمان فرعون بعد أن أدركه الغرق ، وهي جديرة بأن يقال لها أيضا : الآن وقد استنفدت أسلوب المحسوبية والزبونية ، والتعينات الفجائية ، تحت الدف كما يقال بالعامية وعبر الهواتف الخلوية . غريب أمر وزارة لا تبالي بازدواجية المعايير ، ولا بالكيل بمكيالين . نواب يعينون حسب أمزجة بعض مديري الأكاديميات ، وآخرون يخضعون لمسطرة مذكرة تنظيمية . وبموجب ازدواجية المعايير يكون نواب الوزارة في المغرب صنفين : صنف فوق المسطرة ، وصنف تحتها.

أما الصنف الذي فوق المسطرة فهو من انتقاء أشخاص يجعلون المسطرة تحت أقدامهم ، ويمسحون أحذيتهم بالقوانين ، ويختارون الأذيال الذين لا يردون لهم طلبا ، ولا يعصون لهم أمرا ، ويفعلون ما يؤمرون . ولا يكون الأذيال إلا مسخا لمن اختارهم يجترون دبيرهم الفاشل لمنظومة تتطلب الخبرة والنزاهة والأمانة … وما شاء الله من الخصال لأنها تعد رهان الأمة من أجل كسب معركة التنمية قوامها الأجيال التي إذا أفلست أفلست الأمة برمتها. لقد أنطق الله تعالى الذي أنطق كل شيء المنظومة التربوية في بلادنا بالفشل الذريع بسبب سوء التدبير، وإلقاء الحبل على الغارب من خلال إسناد الأمور إلى غير أهلها ، وإطلاق أيديهم لانتقاء المسخ الذي يفري فريهم ، ويجتر تدبيرهم الفاشل .ولعل الرأي العام يلاحظ بكل موضوعية أن ضجة الشعارات التي اطلقت خلال هذا الموسم ، وهو أول سنة في ما يسمى البرنامج الاستعجالي البديل والمستدرك لبرنامج عشرية الإصلاح المنصرمة الفاشلة قد تبخرت كسراب بقيعة ، فلا مدرسة نجاح ، ولا جيل نجاح ، ولا هم يحزنون أو يفرحون ، وكل ما يلاحظ ميدانيا هو شبح الفشل الذي لا زال جاثما على صدر المنظومة .

ولم تشهد االمنظومة تعثرا في انطلاق الدراسة كما شهدته خلال هذا الموسم الذي كثر فيه اللغط ، وصمت فيه الآذان بشعارات النجاح ، ولا نجاح . إن تحقيق النجاح ، ومدرسة النجاح ، وجيل النجاح ،و نجاح التنمية رهين بحسن انتقاء من يقلد مسؤولية التدبير الناجح للمنظومة التربوية . فإذا كان في الجسد مضغة كما جاء في الأثر إذا صلحت صلح سائر الجسد ، فإن في المنظومة التربوية مضغا عبارة عن مسؤولين عن تدبير شأنها إذا صلحوا صلحت المنظومة ، وإذا فسدوا فسدت المنظومة . فكان الأولى والأجدر حينما أقدمت الدولة على البرنامج الاستعجالي أن تستعجل بتسريح كل من كانت له علاقة بفشل عشرية الإصلاح من المسؤولين عن تدبير الشأن التربوي مركزيا وجهويا ومحليا مع إحالتهم على التحقيق الدقيق ، وعرض من تثيت إدانته على المحاكمة بتهمة العبث بالصالح العام من خلال التسبب في إفلاس المنظومة التربوية التي هي أهم رافعة للتنمية . وعوض هذا الإجراء عمدت الوزارة إلى ضخ الأموال الطائلة لانقاذ المنظومة دون أن تفكر في أن هذه الأموال ستكون عرضة لتدبير من أثبتوا فشلهم من قبل ، ولم يحققوا إلا الفشل المتراكم للمنظومة التربوية من خلال سوء التدبير.

لقد حرم الله تعالى المال على السفهاء ، ولكن وزارتنا لا تجد حرجا في تمكين كل ذي سفاهة من مال الأمة ليعبث به . وبقي أن أقول لكل ذي غيرة على هذه المنظومة ممن استهدفتهم المذكرة الوزارية لشغل منصب النيابة وعلى وجه الخصوص رجال هيئة التفتيش أيرضيكم أن تقدموا على هذا المنصب بعدما شغله المسخ ، وأزرى به ؟ وما أظن أن ذا ذرة من كرامة ومروءة سيرضى بهذا المنصب الذي صار منصب الدمى والكراكيز . وهنيئا لمن رضي بالدنية .