قراءة في متن المذكرة الوزارية رقم 73/05/09
قراءة في متن المذكرة الوزارية رقم 73 /05/09
*-سياق فكري عام
أصدرت الوزارة الوصية على قطاع التعليم بالمغرب مذكرة بتاريخ 20-05-2009 بنفس رقم المذكرة الإطار الصادرة عام 1994 تحت رقم73 في شأن مشروع المؤسسة وذلك قصد الدعوة إلى إحداث « جمعية مدرسة النجاح » بمؤسسات التربية والتعليم العمومي. هذا وتمثل المذكرة الجديدة امتدادا متباعدا للمذكرة القديمة يقدم آلية عملية لتفعيل تنفيذ مضمونها المتجسد في مشاريع المؤسسة. وتأتي هذه الأجرأة في سياق إطلاق المخطط الثلاثي الاستعجالي الرامي إلى إنقاذ برنامج الاصلاح العشري الذي تبناه الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي رصد له غلاف مالي قدر ب200 مليون أورو يروم إنجاز 23 مشروعا أو يزيد في أربعة مجالا ت.
**- تحليل كمي ونوعي
دأب المشرع المغربي- كعادته- على الكشف عن مقصديته في بناء الخطاب التشريعي و التصريح بأهدافه ونواياه من خلال المتغير اللساني المعتمد ومجمل مفردات بناء نص المذكرة المستعمل وفق ترددات ونسب معينة حيث تكشف مدلات المنهج الإحصائي الداخلي المسقط على المذكرة الوزارية رقم 73 الحقائق التالية
النسبةالتردداتمجمل مفردات بناء الخطابالمتغير اللساني
0.4%02430البرنامج الاستعجالي
1.1%05التدبير
3.2%14المؤسسة التعليمية
0.2%01المدير
0.9%04المشروع
0.9%04جمعية النجاح
0.6%03التمويل
0.2%01الشراكة
0.2%01الحكامة
تبين القراءة المسحية لمعطيات الجدول أعلاه أن موضوع القيمة في خطاب المذكرة الوزارية رقم 73 هوتأمين تمويل مشروع المؤسسة من خلال منحة الأكاديمية لجمعية مدرسة النجاح.
وبما أن تمويل مدرسة النجاح – على الأقل جزئيا- مضمون خلال هذه الثلاثية من الخطة الاستعجالية فقد تردد لفظ التمويل 3 مرات أي بنسبة 0.6 في المائة وهي نسبة ضئيلة تكشف عن صعوبة تيسير العملية والبحث عن مصادر جديدة سواء عبر قناة الهبات والمنح المقدمة لجمعية مدرسة النجاح أو من خلال الشروع في إنجاز مشاريع المؤسسة ذات العائد أو عن طريق إبرام عقود الشراكة ذات المنفعة المتبادلة. حيث لم يتردد مصطلح الشراكة إلا مرة واحدة أي بنسبة 0.2 في المائة بعدما حسمت الأكاديمية في شأنه من خلال تهييئ الاتفاقية الإطار حول الشراكة وتولي مصالحها الإشراف على جميع أشكال الشراكة الاجتماعية والبيداغوجية بموجب المذكرة المسطرية القاضية بدعم مدرسة النجاح المستندة على منشور الوزير الأول رقم 07/03 الذي يؤمن دعم الدولة للجمعيات في إطار منحة القرب عبر مقرر الآمر بالصرف ومقرر التحويل . هذا ويطرح متن المذكرة الوزارية التي نحن بصدد قراءتها سبع قضايا أساسية
1-أجرأة البرنامج الاستعجالي حيث لم يتردد هذا التركيب الإضافي » البرنامج الاستعجالي » إلا مرتين وذلك نظرا لعدم ثقة المشرع فيه وعدم تحمس صناع القرار للآمال المعلقة عليه بسبب قصر المدة و التوقيت غير المناسب الموسوم بنهاية عشرية الاصلاح و فشل جل مساراته وقلة الإعداد الجيد لبرامج العمل ومشاريع المؤسسة الواردة فيه و التي تحتاج إلى استنبات شروط النجاح من ترسيخ لثقافة المشروع وإرساء لتقاليد التكوين المستمر الجاد للموارد البشرية و من تأمين لشروط الانتقال من بنية التسيير إلى بنية التدبير ومن مركزية القرار إلى اللامركزية فالتدبير على صعيد المؤسسة.
2-تدبير الشأن الجهوي والإقليمي والمؤسسي. حيث تكررت موضوعة « التدبير » 5 مرات أي بنسبة 1.1 في المائة وهي ثاني نسبة بعد نسبة المؤسسة التعليمية التي ترددت 14 مرة أي بنسبة 3.2 في المائة وهذا مؤشر على سعي الوزارة الوصية إلى قياس كفاءة السلطات المقررة في الجهة والإقليم وعلى مستوى المؤسسة التي يبدو أنها لم تتهيأ بما فيه الكفاية لتفعيل قاعدة فريق العمل وتوزيع الأدوار والمهام و لتفويض المزيد من الصلاحيات والاختصاصات لمجالسها لخلق ديناميكية أكبر توفر الجو الملائم لحكامة جيدة تتولى قيادة مختلف العمليات للحد من تركيز السلطات في مؤسسة المدير راهنا بعدما كانت متجمعة في مؤسسة الوزير سابقا.ورغم إطلاق الوزارة لشعار « التدبير التشاركي » لازال نموذج التسيير التقليدي هو المهيمن بسبب عدم اعتماد نموذج القيادة الجماعية داخل مربع أمان التحكم/ التشخيص والتخطيط والانجاز والتقويم مع المحاسبة.
3-ترقية الخدمات والارتقاء في درجات سلم الجودة من خلال قياس النوعية ضمن مثلث الجودة /التخفيض من نسبة الأمية والحد من الهدر المدرسي والموازنة بين هندسة التنظيمات الداخلية والخارجية وتحفيز الموارد البشرية.
ولبلوغ هذا الهدف يجري دعم التفاعلية الاجتماعية داخل المدرسة العمومية من خلال تثبيت مرتكزات جمعية مدرسة النجاح في أفق إرساء دعائم الانسجام بين مكونات المجتمع المدرسي وتعزيز ولوج التربية الاجتماعية إلى المؤسسة التعليمية واعتماد المقاربة بالمشروع حيث تردد مصطلح « المشروع » 4 مرات أي بنسبة 0.9 في المائة وهي نسبة ضئيلة تدل على عدم الحسم في الاختيارات الكبرى .هل نريد مدرسة عمومية مدعمة مائة بالمائة من طرف الدولة وتكون المقاربة بالمشروع آنئذ بيداغوجية فقط أي على مستوى تعبئة العنصر البشري وتجنيد مختلف الموارد من معرفة مفهومية وتواصلية وتصرفية ووجودية في اتجاه فتح ورشات تشغيل الكفايات التدبيرية داخل المؤسسات التعليمية على مستوى التحكم في الإنفاق المالي المتوفر في شكل مستخلصات رسوم التسجيل أو مساهمات الجمعية الرياضية ضمن مجالات الصرف العشر أوتدخلات جمعية الآباء التمويلية أو على مستوى تلقي الاعتمادات الإضافية أومنح الدعم الأكاديمية /5 ملايين إلا درهما/ التي تضمنها الوزارة الوصية والسلطات التربوية التابعة لها خلال السنة الأولى من أجرأة البرنامج الوطني الاستعجالي ولاندري ماذا بعد ذلك مادام المخطط الاستعجالي لايكشف عن المرحلة المقبلة أو على صعيد تبني مقاربة المشروع ضمن مقاولة بشرية صغرى بسمات الرأسملة ومواصفات الخوصصة تتمتع بصفة الاستقلالية والتدبير على مستوى المؤسسة في مناحي التخطيط والهندسة و التصميم والبحث عن مصادر التمويل وأشكال الاستثمار للشروع في عمليات الإنشاء وتنفيذ المشاريع الصغرى أو المتوسطة. أو نريد شركة أو تعاونية تعليمية على طراز التجربة الليبية يتم فيها تجسيد التفاعلية الاجتماعية داخل المجتمع المدرسي من خلال خلق الانسجام والتكامل بين مختلف المكونات في إطار تنافسية تروم تحقيق التميزو تتوخى جودة المنتوج والعروض والتكوينات تتولى الدولة فيها تحصيل الضرائب ودعم الأسر الفقيرة بمنح التمدرس.
5-إنجاح الدخول المدرسي الحالي من خلال تبني الصيغة الأولى في الدعم المالي لجميع المؤسسات التعليمية التي نصت عليها اتفاقية الشراكة الإطار وذلك بتخصيص منحة أكاديمية دفعة واحدة تقدر ب5 ملايين إلا درهما واحدا للمؤسسات بمختلف أسلاكها بغض النظر عن بنيتها وحاجياتها مع تقييد قدراتها الإبداعية بتحديد إلزامي لخانات الصرف بمذكرة مسطرية تستند على دورية الوزير الأول. وهذا هو السر في تردد مصطلح الحكامة مرة واحدة أي بنسبة 0.2 في المائة بسبب عدم إيناع شروط استنباتها في ظل استمرار عدم التحكم في تدبير الموارد البشرية على مستوى التوازن في التوزيع واستكمال التكوين وفي إسناد المهام/مدرس-مدعم/أو على صعيد التجهيزات وتوفير البنيات التحتية و البنيات الفوقية…
6-دعم التخطيط التشاركي من خلال حث المؤسسات التعليمية في شخص مجلس التدبير على صياغة برامج العمل السنوية وإنجاز تقويمات أساسية لمستلزمات الدراسة ومختلف الخبرات المسحية لرصد المشاكل وتحديد الحاجيات. لكن في ظل استمرار تغييب موضوعة » التدبير » الحقيقي للشأن التربوي وتأهيل الموارد البشرية بالشكل الجيد للنهوض بالأدوار الجديدة وفي ظل سيادة اللاتوازن بين الهندسة والتحفيز يبقى التخطيط بدون فكر توقعي استباقي ومجرد ملء فراغات أو حلول ترقيعية لمشاكلنا المتفاقمة أو هدر للمال العام في مشاريع غير مدروسة ليست ببعيدة عن خطاب النوايا الذي لايرقى إلى مستوى خطاب الأفعال المخططة المرتكزة على مسح الخبرة والتشخيص الميداني الحقيقي وعلى التخطيط و توطين الحاجيات على الخرائط التربوية التوقعية وتفعيل برامج التحسيس والتعبئة على الخرائط التواصلية الإعلامية واستكمال تدابير تنفيذ المشاريع على خرائط الطريق على طريق التحكم في مدلات المساواة بين العالم القروي والحضري والأوساط الراقية والهامشية وبين مختلف أصناف ودرجات العنصر البشري و كذا لتعزيز مؤشرات التحصيل والكفاءة والنوعية.
7-تقوية الانسجام وتعزيز الانفتاح على المحيط من خلال إجراء استحداث جمعية مدرسة النجاح داخل المرفق التعليمي العام. حيث تردد مصطلح جمعية مدرسة النجاح 4 مرات أي بنسبة 0.9 في المائة وهذا مؤشر جديد يهيئ للتدبير على مستوى المؤسسة باعتماد مقاربة الكفايات وفق النموذج السوسيوبنائي الذاتي في اتجاه تحقيق الاستقلالية والتسيير الذاتي. لكنه يبقى مجرد دعم غير كاف ولامستمر في غياب حقيقي لمأسسة المجالس التقنية والأجهزة التداولية والتقريرية و في ظل الافتقاد إلى إستراتيجية فعالة للتكوين المواكب للمستجدات والإغراق في الشكليات و المسايرة السطحية للموضات العالمية دون الاستفادة من التجارب الرائدة في بعض الدول العربية المشابهة لإمكانياتنا كالأردن وتونس و النامية ككوريا وسنغافورة …
***- تركيب
الخطاب التشريعي في المذكرة الوزارية رقم 73 يحاول ترسيخ تجربة قديمة جديدة تشكل امتدادا لتجربة التعاونيات المدرسية في السلك الابتدائي كان التطوع ونكران الذات هما سر نجاحها لكن دون توفير المناخ الملائم لانجاح التجربة من مأسسة وتأهيل ومهنية في ظل سيادة مجتمع المعرفة و تدفق الثقافة الرقمية وانتشارها وتغلغل الفلسفة النفعية التي تعطي الأولوية لمقاربة التحفيز على حساب الهندسة و التدبيرالتشاركي المرتكز على المردودية.
Aucun commentaire