الخياط يستجدي شهرة بإلقاء نعله في وجه الزيدي
لقد كررت مرارا في مقالاتي كلما تحدثت عن طلاب الشهرة غير المستحقة حكاية الأعرابي المغمور الذي رغب في شهرة فلم يجد إليها سبيلا إلا التبول في بئر زمزم ، وكانت شهرته أن نال اللعنة إلى يوم الدين كلما ذكره الذاكرون . فكذاك شأن الخياط المحسوب على الصحافة العراقية والذي رغب في شهرة فاستجداها عن طريق تقليد فعل الصحفي الزيدي الذي صفع مجرم الحرب بوش بنعله صفعة سجلها التاريخ وستبقى وصمة عار تلطخ سمعة بلد مستكبر يدوس على كرامة الشعوب.
فشتان بين من ألقى نعله في وجه جلاد مجرم ، وبين من ألقاه في وجه ضحية ثائر لكرامة وطنه وشعبه. فلا مبرر لفعل الخياط إلا حب الظهور أمام عدسات الكاميرا ، ولكنه أخطـأ تقدير فعله السخيف. فرمي النعل في وجه مجرم الحرب بوش إرادة أمة جسدها الزيدي لما أتيحت له فرصة القرب من المجرم ، ولو قدر لكل حر عربي أن يقترب من هذا المجرم لكان منه نفس الموقف أو أكثر حسب ما يسمح به الظرف. والزيدي لما رمى مجرم الحرب بنعله لم يفعل ذلك لأنه صحفي ولكنه فعل لأنه عراقي استغضب فغضب ، ورحم الله من قال : » من استغضب ولم يغضب فهو حمار » أما ما فعله الخياط بدعوى الغضب لكرامة مهنة الصحافة فهو محض هراء لا يستقيم عقلا ولا منطقا لأن فعل الزيدي كان عبارة عن إرادة شخص لم يدع أنه برمي نعله يمثل الصحافة التي أراد الخياط أن يظهر غيرته المكذوبة عليها. وليست صحافة الخياط أقدس من كرامة أمة مكلومة يزورها مجرم حرب محتل في عقر دارها إمعانا في إهانتها ليظهر للعالم أنه عندما يستقبل في عقر دار البلد الذي يعاني من احتلاله فمعنى ذلك أن الذين استقبلوه قد سهل عليهم الهوان لهوانهم. والخياط إنما أراد بفعله التافه في عاصمة غربية أن يتملق الغرب ويستجديه ليقال عنه إنه صاحب موقف متحضر ، وأن الزيدي صاحب موقف همجي لأن الغرب لن ينسى أبدا صفحة النعل العراقية لأنه كان متفقا بإجماع على غزو العراق ، والنيل من كرامة شعبه ، لهذا كان وقع الصفعة عليه واحدا. فالخياط أراد أن يقدم للغرب نموذج القوادة الصحفية العميلة للمحتل وحلفائه على غرار أنواع أخرى من القوادة توهم هذا المحتل بوجود استعداد لقبول وجوده في الأرض المحتلة قياسا على نماذج القوادة التي لا يقاس عليها ، والتي تعتبر عبر التاريخ مجرد أذناب للمحتل مصيرها مزابل التاريخ بعد اندحار المحتل أمام المقاومة والجهاد.
وإن فعل الخياط ليذكرنا بحكاية تقليد الذئب للأسد ذلك أنه يروى بأن لبوءة جاعت فشكت جوعها لزوجها الأسد فغضب منها لأنها لم تخبره بجوعها وهو ملك الغابة فاصطحبها معه في عملية صيد حتى إذا اقترب من قطيع بقر وحشي أمرها باختيار فريستها وفق ما تشتهيه فاختارت ثورا وحشيا صغير الحجم شفقة على زوجها فاشتد غضبه عليها فأمرها بأن تختار أضخم ثور في القطيع ففعلت فانقض عليها فقصم فقار ظهره وأدناه منها فأكلت حتى شبعت بعدما عرفت أنها في عنق أسد جسور . حدث ذلك والذئب يراقب الحدث من مكان خفي فعاد إلى جحره فوجد الذئبة تئن جوعا فتظاهر بالغضب منها فلما شكت له جوعها أمرها باصطحابه في رحلة صيد ،وبعدما تنكب كل الفرائس والطرائد التي لا يقوى عليها رأى قطيعا من الأغنام فأمرها أن تختار وجبتها فأشفقت عليه فاختارت حملا صغيرا ولكنه تذكر غضب الأسد من لبوءته فانتهرها وأمرها أن تختار هدفا أكبر فاختار كبشا أقرن فما كاد الذئب يقترب من هذا الكبش حتى فقد وعيه بنطحة قاتلة فلما أفاق من غيبوبته وجد الراعي قد قيده وشرع في سلخ جلده فهذا حال الخياط المقلد للزيدي ، وحال لسانه إذا كان الزيدي قد رمى بوش بنعله فاشتهر فها أنا ذا أرمي من رمى بوش لأكون شريكا له في شهرة يحسد عليها ، وأعوذ بالله من شر حاسد إذا حسد.
Aucun commentaire