Home»National»الداعية إلى الله عز وجل لا يموت

الداعية إلى الله عز وجل لا يموت

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

نعي لي الأخ الفاضل الكريم فضيلة الأستاذ الدكتور فريد الأنصاري المشمول برحمة الله عز وجل قبيل آذان صلاة الجمعة بواسطة برقية من أخ كريم من مدينة مكناس عبر الهاتف الخلوي فكان وقع الخبر علي كالصاعقة ، إنه موت داعية إلى الله ، وهو مؤشر من مؤشرات زوال العلم في الأمة كما جاء في الأثر. وزوال العلم في الأمة عبارة عن غمة نسأل المولى جلت قدرته أن يكشفها بصيانة الدعاة إليه. ما كدت أفيق من وقع الصدمة وأنا أترجع وأتوجع حتى ألقى الله في روعي عبارة اقتحمت علي مشاعري ، ومفادها أن الداعية إلى الله عز وجل لا يموت ، ومقامه ـ إن شاء الله تعالى ـ هو مقام الشهيد في سبيل الله، كلاهما يغيبه القبر ، ولكن لا يغيبان من وجدان الأمة ، لأن الشهادة في سبيل الله ، والدعوة إليه فكرتان خالدتان لا يفنيهما دهر ، ولا يخلقان . استحضرت في عجالة بعض محطات عمر الفتى الفاني فوجدته يوما أوبعض يوم ، ولكن عندما استعرضت عمره المخلد ببيان عجز اللسان عن البيان.

أخونا الفاضل الكريم فضيلة الأستاذ الدكتور فريد الأنصاري الخزرجي المحتد ، السجلماسي المولد جاء إلى هذه الدنيا الفانية سنة 1960 ، وكان مسقط رأسه واحة ( أنيف ) بإقليم الراشدية. وأما حياته العلمية بعد دراسته الأولى فبدأت بحصوله على شهادة الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ، وبحصوله على دبلوم الدراسات العليا في أصول الفقه من جامعة محمد الخامس بالرباط ، وبحصوله على دكتوراه الدولة في نفس التخصص من جامعة الحسن الثاني بالمحمدية مصاحبا فيها قطب علم الأصول الإمام الشاطبي رحمه الله . وقد ساهم في تأسيس معهد الدراسات المصطلحية بجامعة فاس ،واشتغل بتدريس علم أصول الفقه ، ومقاصد الشريعة في التعليم العالي بجامعة المولى إسماعيل بمكناس ، وهو يرأس شعبة الدراسات الإسلامية بها ، كما أنه يرأس وحدة الفتوى بها ، إلى جانب رئاسة المجلس العلمي المحلي بمدينة مكناس ، واعتلاء كرسي علم التفسير بالجامع الأعظم بمدينة مكناس. والمشمول برحمة الله عز وجل فضلا عن ذلك شاعر رقيق وعضو برابطة الأدب الإسلامي العالمية. تعرفه الصحافة المغربية بمقالاته الفكرية المتميزة في العديد من المنابر الإعلامية ، ويعرفه المثقفون بكتبه ورسائله الشيقة في سلسلة اخترت لكم .

فالمشمول بعفو الله تعالى أديب من الطراز الرفيع بمقاييس المنثور والمنظوم ، وهو مفكر فكرا عميق الأغوار بمقاييس الفلسفة ، وهو عالم له شأو وباع بمقاييس ضوابط العلم الرصين. وهو فضلا عن هذا وذاك صاحب مشروع فكري دعوي حضاري منهجه الحوار الراقي بالحجة البالغة. إنه ثمرة نخلة طيبة من نخيل واحة ( أنيف ) طعمها حلو لذيذ ، فلا تراه العين حتى تعشقه ، وتأمر القلب أن يتعلق به ، يأسر من يقابله بابتسامة عريضة جميلة حلوة ، وبلطيف الكلام ولينه ، وبديع الحديث وشيقه ، وصادق الدعاء لجليسه. ينفق المحبة من قلب كبير يسع رصيدا هائلا منها. وأجمل ما فيه اشتغاله بالدعوة إلى الله عز وجل : (( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين )). آثر الجلوس بتواضع العلماء الصالحين إلى التربية الروحية على المشاغل السياسية الخارمة لصادق التدين ، وجميل الورع والتقوى ، وأنيق السمت. ركب بحار النصح اللجية لله تعالى ، وناله في النصح لله ما نال عباد الله الصالحين ،فصبر واحتسب ، وكانت الأخوة الدينية عنده أقدس المقدسات بعد ما قدس الله تعالى من مقدسات. رحل الأخ الفاضل الكريم العزيز على كل القلوب رحلة الذي ليس منه بد، ولكنه سجل خلوده في القلوب ، لهذا لهج لساني بعد أن نعاه لي الناعي بعبارة : ولكن الداعية لا يموت . أجل سيحيى داعيتنا الأخ الكريم الفاضل في وجداننا ما وجدت الدعوة إلى الله عز وجل في ربوع هذا البلد الأمين الذي يشرف بكثرة الصالحين الذين لا نزكيهم على الله عز وجل ،وقد جعلهم الله تعالى آيات بينات دالة على لطف كرمه ، وجميل جوده وإحسانه .

لقد عاش أخونا الكريم الفاضل مفتقرا إلى رحمة الله عز وجل ، والتحق به مفتقرا إلى رحمته ، فلا يذكر اسمه ونسبه إلا مذيلا بصفة الافتقار إلى المولى جل جلاله في ما ينطق وما يخط بيمينه. اللهم يا غني ويا واسع الجود والكرم أسألك بغناك وجودك وكرمك أن تغني أخانا المفتقر إلى رحمتك ، وهو أفقر إليك مما كان في دنيا كتبت لها الزوال وقد لقيك موحدا. اللهم إننا لا نزكيه عليك ، ولا تزكية إلا منك ، فأكرم نزله ، ويمن كتابه ، ويسر حسابه ، واغسله من خطاياه التي ما تنكر لها في منطوق كلامه ومكتوبه أبدا بماء وثلج وبرد ، ونقه منها كما ينق الثوب الأبيض من دنس مشين. اللهم إنه من سلالة الصحابة الخزرج فلا تجعله عن صحبتهم في الجنة يخرج ، ومتعه اللهم بشربة من حوض نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يظمأ بعدها أبدا ، واجعله في جواره يتملى بطلعته في كل وقت وحين أبد الآبدين. اللهم جازيه عن الإسلام جزيل الجزاء ، اللهم صبر محبيه على لوعة الفراق ، وألم البعد ، اللهم إنا نسألك خيره وإحسانه ، وإن قبلت له شفاعة يوم لا تنفع شفاعة الشافعين ، و لا تغني شافعة عن شفاعة سيد المرسلين فاجعل لنا فيها نصيبا يباعد بيننا وبين شقاوة الآخرة. اللهم ساتر العيب ، وغافر الذنب استر على أخينا ما تعلم ولا نعلم وأنت علام الغيوب ، واغفر له ما لا يغفره غيرك وأنت القائل : (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )).

اللهم إنه يغرينا جودك بقولك هذا فنظلم أنفسنا بكل ذنب عظيم طامعين في رحمتك التي وسعت كل شيء. اللهم اجعل لأخينا ولنا نصيبا في رحمتك ، واجعلنا ممن تسعهم فلا شفيع لنا عندك إلا شهادة بوحدانيتك تشهد بها علينا أنت ، وأنت علام الغيوب ، والمطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، وشهادة برسالة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم تبوؤنا درجة مغفرتك وعفوك ، ومرتبة شفاعة نبيك الكريم في يوم لا يفع فيه مال ولا بنون ، ولا قرابة ، ولا مطرف ولا تليد. آمين آمين آمين والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطاهرين الطيبين ، وصحابته الخيرين ، وأتباعه الصالحين ، وعلينا معهم ونحن من عباده المذنبين وفي عفو رب العالمين الرحمن الرحيم راغبين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *