رد على الأستاذ الفاضل محمد شركي حول موضوعه المتعلق بالهدر المدرسي
الأستاذ الفاضل ، أشكرك جزيل الشكر على الجرأة التي
تتمتع بها في تناولك للقضايا التربوية التي تعالجها ، وأوافقك الرأي في كل ما ذهبت
إليه ، وأحييك على غيرتك الوطنية ، وبالمقابل ألتمس منك أن تسمح لي بإثراء موضوعك
بملاحظات عنَّت لي بعد الانتهاء من قراءة مقالتك حول الهدر المدرسي ، وستنصب
مداخلتي حول إحدى المعضلات التي تعاني منها المنطومة التربوية ببلادنا وهي معضلة
مرتبطة بأداء هيئة المراقبة التربوية ، أو لنقل ما يقوم به السادة المفتشون في
جميع الأسلاك التعليمية مع التركيز بصفة خاصة على مفتشي التعليم الابتدائي ، وهي
في اعتقادي ذات ارتباط بموضوع الهدر المدرسي الذي عالجنه في مقالك
.فحسب معرفتي
المتواضعة فإن بعض هذه الأدوار حسب ما يتعين القيام به تتحدد في الاضطلاع بمهام
التأطير والتكوين والإرشاد والتوجيه والتتبع والتقويم لهيئتي التدريس والإدارة
التربوية ، والمشاركة في وضع التصورات والاقتراحات الكفيلة بتجاوز عوائق واختلالات
المنظومة التربوية ببلادنا ، وتقديم البدائل التي تعمل على تحسين المنظومة . فما
هو واقع التفتيش الابتدائي بإقليم الناظور على سبيل المثال لا الحصر ، وهل يضطلع
حقا بالمهام والأدوار الموكلة إليه ؟ وهل هناك إدراك لجسامة المسؤولية الملقاة على
عاتق أطره ؟ وهل يمكن تعميم الخلاصات التي يتضمنها هذا المقال المتواضع على مفتشي
باقي الأسلاك التعليمية بمحتلف الأكاديميات والنيابات التعليمية ؟ولعل أداء هذه
الأدوار لى الوجه المطلوب رهين بمدى توفر جملة من الشروط الموضوعية والذاتية ،
وسأقتصر هنا على بعض العوامل الذاتية المرتبطة من جهة منها بطبيعة تكوين مفتش
التعليم الابتدائي ، ومن جهة أخرى بمدى حرصه على تطوير ذاته المهنية : فالمفتش
مطالب بأن يساير كل المستجدات في الحقل التربوي ، وأن يعمل على نقل المعارف
والخبرات الجديدة إلى الأساتذة ، وأن يكون قاطرة الارتقاء بالمنظومة التربوية ،
وهو ما يقتضي المرافقة عن قرب لهيئتي التدريس والإدارة التربوية عن طريق تكثيف
الزيارات من أجل تطوير كفاياتهم المهنية وليس بهدف التفتيش ، وبرمجة دروس تجريبية
في جميع الأسلاك التعليمية ومختلف المواد الدراسية وفق المقاربات البيداغودية
الجديدة ، ومنها بيداغوجيا الإدماج وغيرها ، والقيام بأبحاث في المجال التربوي
ونشرها في المحلات المختصة ، وتنظيم ندوات وعروض تربوية يستفيد منها جميع
المتدخلين والفاعلين التربويين وغيرهم ، والالتزام بتطبيق المذكرات الوزارية _ لا
أن تبقى حبرا على ورق – وخصوصا مقرر السيد وزير التربية الوطنية رقم 117 ، المنظم
للدخول المدرسي لهذه السنة ، والذي يصادف السنة الأولى من انطلاق العمل بالخطة
الاستعجالية ، هذا المقرر الذي يطلب من السادة المفتشين القيام بزيارات للمؤسسات
التعليمية ابتداء من 03 شتنبر ، وعقد لقاءات مع الأطر التربوية وهيئة التدريس ،
والجدد منهم بشكل خاص لإطلاعهم على المستجدات ، والمساهمة في معالجة القضايا
المطروحة في مختلف المجالات ، وبصفة خاصة شرح أهداف المذكرة 122 المتعلقة بتدبير
الزمن المدرسي ، التي أسيء فهمها رغم أهميتها وأثرها الإيجابي على التلميذ
باعتباره محور العملية التعليمية التعلمية .
فقد لوحط عدم انخراط المفتشين في
العملية ، بل منهم من لا علم له – وللتملص من المسؤولية – يدعي أنه لم يشرك في
إعدادها ، وهو نفس الموقف المعيب الذي اتخذه السادة المفتشون من بطاقة التقويم
السابقة السنة الماضية ، الذي تجلى في الرفض المطلق لها دون تقديم بدائل – فقد
نتحفظ على بعض المعايير لأسباب قد تكون وجيهة أو قد نطالب بالتقليص منها ، ولكن
حالة الفراغ الموجودة حاليا ، والعمل وفق شبكات سابقة عفا عليها الزمن ، ثم ينبغي
الاعتراف بأنه ليس كل تقترحه الوزارة سلبيا ، فقد عكف على وضع هذه المذكرات
والبطاقات خبراء من ذوي الكفاءة التربوية ، والكمال لله وحدة ، والمبادرة
والاجتهاد مع الخطأ خير من الرفض الذي يقاوم كل جديد . ولكي أقدم للأستاذ الفاضل
بعض النماذج من الحالات التي يعاينها المدرس والإداري على السواء أذكر ما يلي : في
نيابة الناظور على سبيل المثال وبالسلك الابتدائي لا أبالغ إذا قلت إن مفتشي
التعليم الابتدائي بهذه النيابة يشكلون ثقبا أسود تذهب معه جهود الوزارة سدى . فهل
يتصور عاقل أن عددا كبيرا من نساء ورجال التعليم بالإقليم لم يزرهم مفتش منذ أكثر
من 6 أو 7 سنوات باستثناء قلة قيلية من الشرفاء المخلصين وهم معدودون على رٍؤوس
الأصابع ، فهؤلاء يستحقون التقدير والاحترام ، والسبب بكل بساطة أن أغلبهم يقطن
بمدينة وجدة . ألا تتفق معي أيها الأستاذ الفاضل أنه حان الوقت لكي تصدر الوزارة
مذكرة تلزمهم بالحضور يوميا إلى النيابة أو الإدلاء بما يفيد أنهم في مهمة مثل
التأطير أو غير ذلك من المهام الموكلة إليهم ؟
هناك غياب شبه تام عن الساحة
التربوية ، فليس هناك دروس تجريبية ولا ندوات أو عروض ، ولا أبحاث تربوية منشورة ،
ولا حتى زيارات بل إن بعضها وهمي أو يتم في المقاهي بدل الأقسام ، اللهم بعض
الأيام التكوينية الهزيلة الذي يكون الهدف من ورائها جشع التعويضات ، فمفهوم العمل
التطوعي غير موجود في قاموس أصحابنا .أليس حريا بهم إحياء سنن حميدة كان لمن سبقهم
الفضل في العمل بها ، وتتمثل في التنافس على عقد اللقاءات والندوات وإلقاء العروض
التربوية وتأطير الدروس التجريبية ، وإنتاج ونشر الأبحاث التربوية بهدف الارتقاء
بالمنظومة التربوية لمدرستنا ولصالح أبناء هذا الوطن العزيز ، وليس بهدف جني ثمار
التعويضات التي أصبحت تسيل لعاب البعض وتثير تطاحنات سرية ما تلبث أن تنكشف أمام
الأساتذة . ما معنى أن يغلق السادة المفتشون هواتفهم عند بداية الدخول المدرسي
الحالي تجنبا لكل ما من شأنه أن يعكر عليهم سباتهم ، حتى إذا ما لقيت أحدهم
بالصدفة وطلبت منه الحضور إلى المؤسسة ليدلي بدلوهفي ما تعرفه الساحة التربوية من
قضايا تربوية تذرع بكثرة الأعباء وعدم الاطلاع .ما موقفهم من تنامي ظاهرة الأقسام
المشتركة بالوسطين القروي والحضري على حد سواء ضدا على إرادة الوزارة التي دعت إلى
العمل على التقليص منها . الأسباب واضحة فالنيابة على عهد المسؤول السابق
والنقابات التعليمية عاثا فسادا بالإقليم ، فهناك 125 أستاذا للتعليم الابتدائي
فائضا بالمدينة مقابل نقص مسجل بالوسط القروي يصل إلى حوالي 135 . لماذا يتواطأ
السادة المفتشون بصمتهم على عملية دمج الأقسام وعدم إبداء الرأي في البنية
التربوية للمؤييات
Aucun commentaire