Home»National»الـتـقريـر السـنــوي حول الحالة الدينية في المغرب 2007/2008

الـتـقريـر السـنــوي حول الحالة الدينية في المغرب 2007/2008

1
Shares
PinterestGoogle+

لمركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة 
 

الـتـقريـر السـنــوي حول 
الحالة الدينية في المغرب

 2007/2008 
 

الملخص التنفيذي

الإصدار الأول

المشاركون في التقرير:

Votre navigateur ne gère peut-être pas l'affichage de cette image. المشرف العام على التقرير

مصطفى الخلفي

سكرتير التقرير

سلمان بونعمان

          الباحثون ( بحسب الترتيب الأبجدي)

سميرة ايت امحند

سلمان بونعمان

بلال التليدي

عبد الله التوراتي

رشيد جرموني

مصطفى الطالب

خالد عاتق

خديجة عليموسى

محمد مصباح

الفهرس

يشكل الإقدام على إصدار تقرير سنوي لرصد الحالة الدينية بالمغرب من منظور وصفي تركيبي خطوة طموحة نحو تعميق المعرفة العلمية بمجال حيوي وخصب، يتيح لمختلف الفاعلين والمهتمين الوقوف عند تجليات الحركية الدينية بالمغرب واستجلاء مساراتها وتفاعلات مكوناتها وآفاق تطورها.

لماذا تقرير حول الحالة الدينية؟

     يعزز إنتاج هذا التقرير مسار دراسات علمية وجامعية اهتمت برصد جوانب من الواقع الديني للمغرب، وسعت لتحليل التطور التاريخي لمكوناته وللعلاقات القائمة بينها ولأثر ذلك على علاقة المجتمع بالدولة، مع تقدم التقرير إلى الدعوة للانتقال بهذه المعرفة وتجاوز ضعف التراكم، والسقوط في التركيز على الأحداث الجزئية والقصور عن بناء نماذج تفسيرية كلية تربط بين العناصر المتناثرة من هذا الواقع الشديد الحيوية والدينامية، وبالتالي تشجيع جهود الانفكاك من أسر معرفة منغلقة على الأحداث الجارية، والتي لا يتيح الانغلاق عليها امتلاك شروط أخذ المسافة الضرورية لبناء قراءة موضوعية، فضلا عن كون المعرفة الناتجة عن هذا الانغلاق تبقى خاضعة لضغط اللحظة، كما يجعلها في المحصلة معرفة انتقائية لا تساعد على استنتاج السمات الكلية وكذا التحولات العميقة.

لقد انخرط المغرب منذ سنوات في ثلاث مسارات متداخلة ومحددة لمستقبل هويته، من جهة مسار مؤسساتي تمثل في مسلسل إعادة هيكلة شاملة للحقل الديني، أدت إلى مراجعة وظائف مؤسساته والعلاقات القائمة بينها، كما أعاد الاعتبار للتفكير العمومي في تدبير قضايا التدين والإصلاح في المجتمع، ليصبح ذلك أحد العناصر الأساسية في معالجة تحديات التنمية والتحديث بالبلاد، ثم مسار اجتماعي- سياسي تصاعدت معه حركية التدافع حول الهوية والقيم بالمغرب بين توجهين رئيسيين في المجتمع، مما انعكس على خريطة العلاقات بين التيارات ذات الأساس الحركي الإسلامي وباقي الفاعلين في قضايا الهوية والقيم بالمغرب، وأدى لتحولات تدريجية في موقع الحركات الإسلامية ودرجة فعاليتها الدعوية والاجتماعية والسياسية، أما المسار الثالث فيهم البروز المتنامي لصحوة دينية تتجاوز من مداها كل من المؤسسات الدينية  الرسمية والحركات الإسلامية التقليدية، لتشكل واقعا موضوعيا يتفاعل في الوقت نفسه مع سلسلة التحديات الأخلاقية والأسرية والتعليمية والثقافية واللغوية، بفعل التطور الحاصل في مجال الاتصالات والانفتاح على الخارج وتنامي خطاب الحريات الفردية، مما يعطي في النهاية صورة مركبة ومعقدة حول حركية الحالة الدينية، يصعب معها التعاطي بتبسيطية واختزالية مع التحولات، والتي تنتج في حالات قراءات طهرانية تقدم صورة مثالية عن تدين المغاربة وفي حالات أخرى قراءات مضادة تقدم من جهتها صورة سوداوية.

   إن تعدد مسارات التطور في الحالة بالمغرب وكذا عمق التحولات الحاصلة في كل مسار تفرض مواكبة علمية يسعى تقرير الحالة الدينية إلى أن يشكل خطوة في طريق تجسيدها.

    يمكن هنا الوقوف عند المسار المؤسساتي والذي شهد مراجعة وزانة لعدد من التشريعات والقوانين المنظمة لهذا المجال، شملت وظائف وهيكلة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجالس العلمية والرابطة المحمدية للعلماء ونظام المساجد والتعليم العتيق ودار الحديث الحسنية ثم التأطير الديني للمغاربة المقيمين بالخارج، لتتلو هذه المراجعة التشريعية عملية إعادة بناء شاملة للمجالس العلمية عبر مضاعفة عددها وتوسيع تركيبتها وتقوية مجال نشاطها وحضورها في الحياة الدينية للمغاربة وإرساء الهيأة العليا للإفتاء، كما تم الانخراط في سياسة قاصدة لتفعيل دور المساجد وتنمية مساهمتها في محو الأمية والاعتناء بالقيمين الدينيين، وبعث مشروع إعلام ديني مغربي عبر كل من قناة السادسة وإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، وبموازاة ذلك تم تأسيس معهد الأئمة والمرشدات، واعتمد برنامج لتأهيل نسبة من مؤسسات التعليم العتيق، وتوج مسلسل التواصل مع الجمعيات الدينية للمغاربة بالخارج إحداث مجلس علمي للجالية، وانتهاءا حاليا بإطلاق مبادرة ميثاق العلماء، وإلى جانب ذلك أعلن عن انطلاق التفكير في واقع الأوقاف بالمغرب وسبل تنميتها وتحديثها.

   طيلة سنوات إعادة الهيكلة نظمت لقاءات جمعت العديد من الفاعلين في الحقل الديني، سواء على مستوى العلماء أورجال التصوف والزوايا، كما تنامي النقاش حول مؤسسات القديمة أو المستحدثة ومدى فعاليتها في الاستجابة لمطالب التدين والدعوة، في ظل تصاعد التحديات الداخلية والخارجية ذات الأثر البالغ على الحقل الديني، وتزايدت مجالات التداخل بين مؤسساته وبين باقي المؤسسات المجتمعية، لاسيما في القضايا ذات العلاقة بالأسرة والشباب والمرأة والتعليم والأمن والسياسة والاقتصاد وغيرها من مجالات الحياة العامة ببلادنا، لتبرز وجود حيوية دينية متصاعدة، عززت من موقع المرجعية الإسلامية في الحراك الاجتماعي بما يرهن فعالية الإصلاحات بمدى انسجامها مع هذه المرجعية.  

    لقد أسهمت مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية في تأطير مسار هذا الإصلاح، نذكر منها أولا تصاعد صحوة إسلامية مجتمعية شملت مختلف فئات المجتمع وتجلت في ارتفاع الإقبال على المساجد في  المجتمع  وتنامي استعدادات التدين في أوساط الشباب في ظل ضعف ملحوظ في التأطير المؤسساتي المغربي لهذه الصحوة ومحدودية بارزة في تلبية احتياجات التدين من توفير لفضاءاته وتأهيل لأطره وتفاعل مع مطالبه، خصوصا مع تنامي تأثير قنوات ومؤسسات التأطير الديني الخارجي بفعل الثورة الإعلامية والتقنية التواصلية، والتي فرضت مضاعفة العمل من أجل صيانة الوحدة المذهبية للمغرب ودعم نظام إمارة المؤمنين وتمتين ارتباط المجتمع بالمذهب المالكي وباقي سمات التدين المغربي العقدية والفقهية والصوفية والاجتهادية.

   أما العامل الثاني، فبرز بعد تفجيرات الدار البيضاء الإرهابية وانخراط المغرب في سياسة استباقية لمكافحة الإرهاب المرتكز على مسوغات دينية، والتي حتمت اعتماد مقاربة شمولية تتجاوز الاقتصار على التعاطي الأمني الجزئي لتستهدف جذوره ومسببته المرتبطة بفهم خاطئ لمقتضيات الإسلام في الإصلاح والدعوة.

    وتجلى العامل الثالث في نزوع توجهات علمانية محلية نحو استهداف هذا الحقل بما يضمن حياده عن التأثير في التدافع الاجتماعي القائم حول قضايا الأسرة و التعليم والهوية ومكافحة الإرهاب والانتقال الديموقراطي، وهو توجه أنتج ردود فعل متعددة سواء على مستوى المؤسسات الرسمية أو المدنية الفاعلة في هذا الحقل، كانت لها آثار على مسيرة الإصلاح.

   وبالرغم من وجود عوامل فرعية داخلية أو خارجية إلا أن العوامل الثلاث السابقة ساهمت وبشكل كبير في توجيه مسارات التحول الجاري، وفي تبلور الحصيلة الحالية له.

الإطار المنهجي للتقرير

   يتقاطع الطموح المعلن آنفا حول الهدف من تقرير الحالة الدينية مع دعوات كثيرة صدرت في السنوات الأخيرة وعبرت عنها دراسات متعددة أكدت على ضرورة إعادة الاعتبار للدراسات الوصفية والتركيبية والاستنكاف عن الإسقاطات الإيديولوجية أو الانفعالية، كما حذرت من الإفراط التحليلي في التفسير والاستشراف، داعية إلى التحفظ من المغامرة بترويج مقولات حدية حول تطور الظاهرة الدينية وكذا العوامل المحددة لهذا التطور والبنيات الحاضنة له، ولهذا سار التقرير السنوي الاول للمركز بحذر شديد في تجميع معطيات الحالة الدينية والاستنكاف عن إنتاج مقولات تقيمية قاطعة أو تحليلية حدية؛ باستنثاء ما فرضته الضرورة البحثية في دراسة تطور أداء الفاعلين، مع الإشارة إلى أن التقرير حرص على الانفتاح الإيجابي والنقدي على الأعمال الصادرة في المجال وخاصة منها الأطروحات والرسائل الجامعية التي اشتغلت على دراسة وتحليل مكونات الحياة الدينية للمغاربة وأداء الفاعلين فيها، مفضلا اعتبار هذا الإصدار الأول بمثابة محطة في بناء مشروع علمي يتم استكماله على ضوء تفاعلات الساحة العلمية وذلك في التقارير اللاحقة، مع كل ما يعنيه ذلك من قصور متوقع في هذا التقرير عن الإحاطة بكل أبعاد الموضوع أو ادعاء الاستقصاء الشامل له.

   من الناحية المنهجية تم الانطلاق في رصد الحالة الدينية من إطار مرجعي استثمر نماذج التقارير التي صدرت في دول أخرى وعلى رأسها نموذج تقريري الحالة الدينية الصادر عن مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية وذلك لسنتي 1995 و1996 والذي تحول لاحقا إلى مشروع دليل الحركات الإسلامية، والذي ركز على رصد حركية المؤسسات الدينية الرسمية والحركات الدينية غير الرسمية، ليتلوها عرض لمؤسسات العمل الأهلي التطوعي خاتما بالتفاعلات والعلاقات، حيث اتسمت بنفس نقدي معتبر في ثنايها، وسعي جدي لتقديم معرفة موضوعية نسبيا بمجال ملغوم، إلا أن الجدل الطائفي وتطورات الصراع بين الدولة والجماعات الإسلامية انعكس سلبا في بعض الأحيان على التوجهات التحليلية لكلا التقريرين، والتي بلغت في بعض الأحيان إلى حد تقديم توصيات غير مباشرة، أو في الأهداف المؤطرة للتقرير والتي تم النص على جزء منها في تقرير سنة 1995، تتجاوز من حيث الوظيفة التقرير نفسه وتضعف من دوره المرجعي لمختلف الفاعلين، خاصة وأن  الهيئة المشرفة عليه شددت على كون المعلومة وليس التحليل هو ما يحتل الموقع المركزي في تقرير الحالة الدينية بمصر، وأيضا مع إصرارها على التنبيه على أن دراستهم تشمل فقط بعض الظواهر والمؤسسات والخطابات، وهذا التركيز على البحث عن المعلومة وخاصة منها الحيوية وعدم الانجرار نحو استقصاء وبحث مختلف القضايا شكل منطلقا لتقرير المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، وفي المقابل فإن الحالة الدينية في المغرب تبقى مختلفة وبشكل معتبر عن الحالة المصرية، سواء من حيث التباين في علاقة الدولة بالدين، أو في التطور التاريخي للتفاعل الديني بين المجتمع والدولة، أو من حيث الاختلاف على مستوى المكونات الدينية في ظل وجود مسيحي نشط، وهي الاختلافات التي دفعت بالمركز إلى تبني مقاربة مختلفة ميزت بين توجهات وتجليات الحالة الدينية وبين الفاعلين والمؤسسات المؤطرة أو المؤثرة في هذه التوجهات والتجليات، فضلا عن أن رصد الحالة الدينية يبقى مبتسرا وناقصا في غياب التطرق للتحديات التي تعترض حركية التدين وتؤثر فيه سلبا، وهو ما غاب في النموذج المصري، وغني عن الذكر أن هذه المنهجية تساعد على إضفاء قدر من النسبية على رصد الجوانب الإيجابية في الحالة الدينية والتي تصبح في حال الاقتصار على ما هو إيجابي أو سياسي مجرد رصد طهراني من ناحية واحتجاجي سياسوي من ناحية أخرى.

    من ناحية أخرى انفتح هذا التقرير على أهم الدراسات السوسيولوجية الحديثة، والتي اهتمت برصد مواقف وتمثلات الأفراد في المجتمع للدين، وهو رصد رغم ما يلاحظ عليه من قصور منهجي وتحليلي إلا أنه شكل أرضية مهمة لاستيعاب الخلفيات التصورية والمواقف المعرفية المؤطرة لتجليات الحياة الدينية للمغاربة، لاسيما وأن تقرير المركز عمل على الرصد المعلوماتي المؤطر برؤية منهجية تعتبر الانخراط في النقاشات التصورية حول الإشكالات الفقهية والدينية المثارة حاليا في المغرب يتجاوز دائرة اشتغالها في هذه المرحلة، رغم أهميتها في رصد تحولات الخطاب الديني بالمغرب.

      بنية تقرير الحالة الدينية    

لقد ارتكز تقرير المركز على اعتبار أن رصد الحالة الدينية لمجتمع ما يقتضي الاشتغال على ثلاثة محاور: الأول عقدي ومعرفي ويهم منظومة العقائد والمعارف الدينية، والثاني قيمي ويتعلق بمنظومة القيم والأخلاق، أما الثالث والأخير  فهو سلوكي يرتبط بمنظومة العبادات والمعاملات، وهذا التمييز ساعد في عدم التورط في الادعاء بقدرة التقرير على الكشف على الحالة الإيمانية للمغاربة، فذلك مجال يتجاوز حدود التقرير ويدخل في دائرة الغيب، كما ساعد على دفع محرري التقرير إلى التركيز على التجليات المعلنة والمصرح بها أو المعبر عنها من خلال سلوكات ومواقف ومؤشرات يمكن رصدها وحصرها، كما مكن تحديد هذه المحاور من فرز رصد تطورات الواقع الديني للمغاربة من حيث توجهاتهم وممارساتهم الدينية والمؤسسات المؤطرة لذلك والفاعلون المؤثرون فيها، في الوقت نفسه تمثل تلك المحاور الثلاثة عند رصد التحديات التي تعترض أو تواجه حركية التدين في المجتمع، وذلك دون الانزلاق نحو إصدار أحكام قيمة متعالية حول التدين الجماعي أو تقديرات حالمة للإيمان الفردي، وهو ما يعد خارج أهداف هذا التقرير.

إن طموح هذا التقرير في إصداره الأول هو أن يساهم في جهود تأسيس انعطاف علمي لتجاوز عثرات البحوث السابقة، والسعي لتقديم معرفة مركبة لمختلف مجالات الحياة الدينية للمغاربة ولتحدياتها وللفاعلين فيها وللتفاعلات التي تنشأ بينها وبين باقي مناشط المجتمع والدولة، وذلك من زاوية لا تدعي الموضوعية المطلقة أو الحياد الصرف، بل تحاول عبر أداوت المعرفة الوصفية المركزة تجميع الوقائع المرتبطة بمجال زمني محدد هو سنتي 2007-2008 ووضعها في سياق موضوعاتي يتيح الربط المنهجي ويساعد على فهم تطورها والعلاقات والتفاعلات التي تنشأ بينها.

   لقد تم الانطلاق في البداية من عرض الوقائع الخاصة بالحالة الدينية خلال سنتي 2007 و2008 وتحديات التدين بالمغرب التي تم الانطلاق فيها من رصد التحديات الداخلية وذلك وفق تركيب ينطلق من التحديات الداخلية التي تشمل مجالات الأسرة والقيم والشباب والتعليم والفن واللغة، والختم بالتحديات ذات المنشأ الخارجي كالتشيع من الناحية المذهبية أوالتنصير من الناحية العقدية، أوالتطبيع باعتباره مشروعا حضاريا يستهدف تحييد فعالية منظومة القيم الإسلامية، ورغم الصعوبة التي اكتنفت وضع التشيع في نفس الخانة مع تحديات أخرى تقدم نموذجا نقيضا للنموذج الإسلامي إلا أن التقرير انطلق من محدد إجرائي يهم الربط بين طبيعة التحدي المطروح وبين السمات العامة للحياة الدينية للمغاربة، حيث اعتبر التشيع حاملا لتحد مذهبي يهم الوحدة المذهبية للمغاربة كسمة بارزة من سمات حياتهم الدينية، لننتقل بعد ذلك لدراسة الفاعلين في الحياة الدينية لرصد تطور توجهاتهم وآليات اشتغالهم وأدائهم، حيث عالج التقرير فيه كلا من إمارة المؤمنين ووزارة الأوقاف والعلماء والزوايا والحركات الإسلامية، بعد ذلك تطرق التقرير في محور آخر لتفاعلات الديني بالسياسي من خلال موضوع السلفية الجهادية وعلاقة الأحزاب المغربية بقضايا الهوية والتدين، ليختم التقرير بمحور أخير حول اليهود المغاربة.

   إعداد التقرير

كما تم إنجاز هذا التقرير وفق مراحل متعددة ومترابطة كان أولها اشتغال فريق العمل على تجميع الوقائع والمعطيات المتعلقة بالحالة الدينية في المغرب، تلاها إعداد دراسات موضوعاتية شملت الوضعية الراهنة لهذه الحالة الدينية ولتحدياتها وللفاعلين والعلاقات، وتمت مناقشتها ومدارستها بعد فيما بعد بشكل جماعي، وبعد ذلك تم الاشتغال على التركيب المنهجي للتقرير.

ونشير هنا في هذا الإصدار الأول إلى أن جهود فهم الواقع الديني بالمغرب تصطدم بحاجز يعيق تطورها بالشكل المطلوب، ويتمثل في ضعف جهود تطوير آليات منهجية للرصد والتحليل تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الظاهرة الدينية والتي تتجاوز أن تكون ظاهرة مادية صرفة، مما يكون له أثر بالغ على طرق تنظيم المعلومات والبيانات حول الحالة الدينية، ويرتكز  الإطار المرجعي لرصد الحالة الدينية في المغرب على تأكيد أهمية الرصد المعلوماتي والتركيب المنهجي وفق مؤشرات استقرت كمحددات للتعبير عن حركية التدين في المجتمع، مع اعتماد تصنيف إجرائي للموضوعات المؤطرة لتلك المؤشرات.

وما يميز هذا الإطار المرجعي عدم نهجه طريقة التقويم العام القائم على تقديم نقط ومؤشرات تتيح الحكم بالسلب أو بالإيجاب على وضعية الحالة الدينية، بل تترك أمر التقويم للقارئ والباحث بعد أن تضع بين يديه المعلومات والبيانات اللازمة لذلك، لكن المؤشرات التي يرتكز عليها الإطار المرجعي تسعى أن تكون أكثر تخصصا حيث تندرج تحت هذه المؤشرات الأساسية والفرعية التي تم تحديدها مجموعة كبيرة من المؤشرات التي تشكل أهم وليس كل جوانب حالة التدين، والتي نحاول الانطلاق منها بهدف الوصول إلى تقرير وصفي يخدم العمل التحليلي والاستشرافي، فهي ليست مؤشرات نهائية وشاملة بل تسعى لتأطيـر أكبر عدد ممكن من المؤشرات الخاصة بالحالة الدينية، والتأسيس لنقطة انطلاق من أجل بناء تقاليد الرصد العلمي في هذا المجال، والاعتماد في ذلك على ما تراكم من دراسات حول الوقائع والبيانات والإحصائيات الأساسية في بناء معرفة بالحالة الدينية.

    محاور التقرير

يقع التقرير في حوالي 400 صفحة، اشتغل عليه عدد من الباحثين في العلوم الاجتماعية والسياسية واللغوية والدراسات الإسلامية والصحفيين، وهو مكون من خمس محاور نعرض لأهم معطياتها تباعا.

المحور الأول: الواقع الديني بالمغرب

يقوم هذا الفصل برصد التوجهات الدينية الكبرى للمغاربة، وإعطاء صورة أولية لحركية هذه التوجهات، عبر استثمار التطور الحاصل في البحث الاجتماعي في هذا المجال، حيث تكشف هذه الدراسات عن وجود توجه متنامي نحو التدين في صفوف الشباب خصوصا والمجتمع عموما، وهو توجه متسم بتعزيز موقع المرجعية الإسلامية في تحديد الهوية الذاتية للفرد، مع استعداد للانفتاح على مختلف التعبيرات الدينية الحديثة في ظل تراجع الصيغ التقليدية كزيارة الأضرحة، ويتخذ هذا الاستعداد وعيا بضرورة تعزيز حضور الدين في الحياة العامة دون أن يؤدي ذلك لاتخاد مواقف سلبية من مطالب التحديث والانفتاح على مكتسبات الحضارة الحديثة، مما يفسر خصوصية التوجه الديني القائم على الموازنة بين السعي نحو التدين والانفتاح على العصر.

    وبغية رصد تجليات هذا التوجه الديني، تناول التقرير في البداية المؤشر الأول الخاص بالمساجد، بحيثتمثل حركة بناء المساجد والإقبال عليها أحد التجليات الأبرز للتدين المغربي، إن على مستوى بنائها أو الإقبال عليها أو الارتباط ببرامجها كبرامج محو الأمية أو الوعظ والإرشاد، فقد انتقل عدد المساجد بالمغرب من 41 ألفا و755 مسجدا، حسب إحصاء وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لسنة 2007 إلى 47 ألف و967 مسجدا في سنة 2009، منها 13 ألف و183 في المجال الحضري و34 ألف و784 في المجال القروي، هو ما يشكل معدل وجود 7 مساجد لكل 5000 نسمة أما المؤشر الثاني فيعالج موضوع صيام رمضان وقد توقف التقرير عند مميزات تدين المغاربة في رمضان، والقيم الإيجابية والسلبية للتدين في رمضان، ووتيرة الإقبال على المساجد، ونسب الاستهلاك، والأنشطة الدينية والمدنية والإعلامية، وقد رصد التقرير في المؤشر الثالث الحج، باعتباره يمثل حدثا استثنائيا في حياة المغاربة بالنظر إلى تراث تاريخي من الارتباط به وإلى تقاليد متجذرة في التعلق به حيث أدى نظام القرعة إلى التمكن من تدبير الطلب المتزايد والذي بلغ في سنة 2007 أزيد من 110 ألف طلب وفي 2008 أزيد من 170 ألف طلب، فضلا عن الإقبال المتنام على العمرة، مع الإشارة إلى أن التقرير قصر عن الإحاطة بوضعية أداء الزكاة على مستوى المجتمع رغم النص الرسمي على وجود صندوق خاص بها في في إطار قانون المالية، لكن في ظل غياب أية تقديرات علمية يصعب المغامرة بتقديم معطيات في هذا الباب. والمؤشر الرابع يتعلق بالتعليم العتيق ودور القرآن حيث ارتفع عدد تلاميذ مؤسسات التعليم العتيق الأولي إلى أزيد من 300 ألف فضلا عن وجود حوالي 500 مدرسة خاصة بهذا التعليم، والذي طرح مشروع جديد لتدبير وإصلاح وتسيير مؤسسات التعليم العتيق انطلاقا من سنة 2006 وما بعدها، وقد عرفت فترة التقرير حملة إغلاق عدد من دور القرآن التي اعتبرت خارج إطار نظام مدارس التعليم العتيق وبلغ عددها أزيد 60 مدرسة مثيرة بذلك جدلا قانونيا وحقوقيا، وبالنسبة للمؤشر الخامس فيعالج موضوع اللباس وتعبيراته المختلفة وخصوصا ظاهرة الحجاب وعلاقتها بالتوجهات الدينية للمغاربة، وذلك بالاعتماد على رصد أشكال التدين عند الشباب، ومقارنة الحجاب باعتباره سلوكا دينيا وبين الواقع الاجتماعي، حيث سجلت الدراسات الحديثة تحوله إلى ظاهرة اجتماعية تمتد لمختلف الشرائح كما تتجاوز التباينات السياسية والإيديوليوجية، مما افرز أنماطا متعددة من الحجاب، وبوازة ذلك سجلت ظواهر تهم التضييق على الحجاب في بعض مؤسسات القطاع الخاص وكذا بعض الدوائر العمومية، لكن تم التراجع العملي عن مواصلة هذا التضييق مثل ما حصل مع المنذوبية العامة لإدارة السجون،  والمؤشر السادس يحاول الاقتراب من تأثير الفضائيات على حركية التدين وذلك عبر قراءة في ثقافة الفضائيات العربية والفضائيات الدينية بصفة خاصة، ومداخل تأثيرها و قام التقرير بتصنيف الفضائيات الدينية حسب المذاهب والعقائد، وأخيرا قام بتحديد التحديات التي تفرضها الفضائيات على التدين وذلك عبر انتشار القنوات الإباحية حيث عرفت سنة 2007 إطلاق إسرائيل باقة من القنوات الإباحية تضم 19 قناة إباحية وجنسية، بأسماء ولغة عربية ، وتضم أرقام هواتف فتيات عربيات، كما درس المؤشر السابع إشكالية الفتوى والتأطير الديني بالمغرب فبعد إحداث الهيأة العليا للإفتاء وتمكين المغرب من سلطة مرجعية في الموضوع بالنسبة لمختلف المؤسسات، حيث سجل لجوء بعض القطعات الحكومية لها من أجل الإفتاء إلى ان حضورها كفاعل بارز في الفضاء العام ما يزال محدودا، كما سجل التقرير التفاوت الحاصل بين تنامي موقع إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم في المجتمع مقابل استمرار الإقبال العمومي على قناة السادسة، والتي تواجه منافسة حادة على المستوى الفضائي، وأشار التقرير على تطور برامج الوعظ التي تشرف عليها المجالس العلمية المحلية والتي تجاوز 290 ألف حصة وعظ في كل من سنتي 2007 و2008 على المستوى الوطني ويقوم المؤشر الثامن بالحديث عن التراث الإسلامي من خلال عملية مسح لأهم الإصدارات والمخطوطات التي صدرت في الفترة 2007- و2008 والتي تتوزع على مختلف الخزائن المغربية مثل خزانة القرويين بفاس وخزانة ابن يوسف بمراكش والخزانة الحمزاوية بالريش وفق مؤشرات إجمالي الإصدارات، ونسبة الإصدار السنوي للمخطوطات والكتب التراثي والتي توص، وأخيرا يتوقف المؤشر التاسع عند الوقف المغربي، بوصفه مجالا من مجالات الفعالية الدينية للمجتمع، وقد مثل تدبيره وتنميته من قبل الدولة أحد أسس استمرارية هذه الفعالية، وهو ما سجله التقرير من خلال تطور سياسات تدبير الوقف في المغرب، وبرامج التنمية العقارية والفلاحية الخاصة بها.

المحور الثاني: الفاعلون الدينيون

   سعى التقرير في هذا المحور إلى رصد أداء الفاعلين في الحقل الديني بالمغرب واستجلاء توجهاتهم وأنماط تفاعلاتهم، وآثار هذا الفعل على باقي مناشط المجتمع والدولة، ويتشكل الحقل الديني من شبكة من الفاعلين، تتعدد رهاناتهم ومسارات فعلهم وتأثيرهم ومستويات اشتغالهم ووتيرة حركيتهم، مما يستدعي ضرورة رصد قدرتهم التأثيرية في أنماط التدين ومدى تأثيرهم على مسارات تطور حالة التدين بالمغرب، وهذا ما سعى التقرير إلى عرضه من خلال الاشتغال على خمسة فاعلين على التوالي:

1. إمارة المؤمنين

2. وزارة الأوقاف

3. العلماء والأئمة والمرشدات

4. الزوايا

5. الحركات الإسلامية

  1. مؤسسة إمارة المؤمنين:

     تعددت مبادرات إمارة المؤمنين في سنتي 2007 و2008 والتي شكلت فترة مفصلية في مسار عملية إصلاح تدبير الشأن الديني، ويمكن رصد أهم المبادرات في ثلاث محاور، الأولى تهم تفعيل دور العلماء وأبرز محطة فيها هي إطلاق ميثاق العلماء في 2008والثانية دعم تجديد التصوف المغربي وتقوية إشعاعه وأبرز محطة تجلت في كل من لقاء سيدي شيكر في 2008وكذا الاجتماع العام للطريقة التيجانية في 2007 ، ثم مواصلة التحديث المؤسساتي والتشريعي والاجتماعي للحقل الديني، وقد عرفت سنتي 2007- 2008 الترسيخ التدريجي لمفهوم الأمن الروحي كمحدد في السياسة العامة للدولة يؤطر سلوكها وسياستها كما يعزز من مفهوم الخصوصية المغربية، والتي تمثل ملمحا أساسيا في السلوك الديني للدولة.

   ولقد شكل خطاب 27 شتنبر 2008 محطة اساسية في عرض التصور المؤطر لنظام إمارة المؤمنين في تدبير الحقل الديني، وهو التصور القائم على عدد من المفاهيم المحورية كالقرب والتجديد، واللامركزية واللاتمركز وذلك من أجل  » توفير الأمن الروحي والحفاظ على الهوية الدينية الإسلامية المغربية، المتميزة بلزوم السنة والجماعة والوسطية والاعتدال والانفتاح والدعوة إلى سبيل الله، بالحكمة والموعظة الحسنة وما يرتبط بها من مبادئ الإسلام السمحة »، وتعبئة العلماء في اتجاه استيعاب « واقع الحياة المعاصرة » وتحصين الشباب « من فقدان المرجعيات واستغلال الدخلاء والمتطرفين ».

   وتمثل التوجهات المعلنة في سنتي 2007-2008 تعبيرا عن إعطاء دفعة ثانية لمسار إعادة هيكلة الحقل الديني، بما يجعلها مشابهة للدفعة التي تحققت في سنة 2004، وأنتجت دينامية متسارعة على الحقل الديني، وهو ما يبرز على مستوى المبادرات الكبرى لهاتين السنتين.

  1. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية

   تحتل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية مكانة خاصة داخل بنية النظام السياسي المغربي، كما تتميز الوزارة بارتباطها العضوي بإمارة المؤمنين منذ تأسيسها بمقتضى الظهير الشريف 2 يونيو 1961 المعدل سنة 1993

ويسجل التقرير حصول تقدم مضطرد في عمل الوزارة وتشعبه خاصة في الجوانب المرتبطة بالمساجد والعلماء والإشعاع العام، وتحقيق سجل مقدر في مجال تدبير الأوقاف من الناحية الاقتصادية الصرفة، إلا أن الملاحظ هو ضعف السياسة التواصلية مع الفاعلين من مؤسسات المجتمع المدني الدعوي، ومحدودية الانسجام بين سياسات الوزارة وسياسات بعض القطاعات الحكومية ذات العلاقة  بالتعليم والفن والثقافة والإعلام، مما  يحد من تبلور سياسة مندمجة لتدبير الشأن الديني في الفضاء العام.

  1. العلماء

    تصاعد الاهتمام الرسمي بمؤسسة العلماء بعد تفجيرات 16 ماي الإرهابية بالدار البيضاء، حيث احتلوا موقعا مركزيا في برامج « إعادة تأهيل الحقل الديني »، وتوفير « الأمن الروحي » للمغاربة، وإرساء المجالس العلمية وصولا إلى طرح مشروع « ميثاق العلماء » في شتنبر 2008، وبالمقارنة مع سياسة تفعيل دور العلماء واستنهاض دورهم الاجتماعي في بداية الثمانينيات، فإن سياق المشروع الحالي يختلف كلية عن السياق السابق، من حيث كون المبادرة القديمة جاءت في ظرفية التحدي الاجتماعي والسياسي الداخلي المرتبط بالحركة اليسارية والتحدي الشيعي الخارجي مع الثورة الإيرانية، وهو ما حضر بوضوح في مقدمة  الظهائر الخاصة بإحداث المجالس  العلمية وتعيين أعضائها آنذاك.

   أما اليوم فإن السياق مختلف بشكل كبير، فرغم استمرار التحدي الشيعي إلا أن بروز تحديات التطرف والغلو والعنف فرض اعتماد مقاربة أوسع وأشمل إزاء العلماء بالنظر لما يتوفر عليه هذا التحدي من قدرات على الامتداد والاستنبات في ظل ما تتيحه ثورة المعلومات والاتصالات من إمكانات واسعة للتأثير والتجنيد والتعبئة، فضلا عن الجاذبية السياسية التي اكتسبها هذا الفكر والناجمة عن السياسات الدولية والأمريكية في العراق وفلسطين وأفغانستان، وبموازة ذلك أدت ثورة الفضائيات إلى ترويج خطابات دينية تنصيرية يقابلها فكر شيعي ومذاهب فقهية مخالفة للمذهب المالكي، مما أخذ يحول مركز التأثير الفقهي والمذهبي والعقدي إلى مؤسسات خارجية يفقد معها  المغرب قدرته على صيانة نموذجه، ثم انضاف لما سبق الانتشار الديموغرافي للمغاربة في الخارج والاحتكاك المتولد عنه مع تيارات ومذاهب وتوجهات جعلت الأمن الروحي والديني للمغرب أمام اختبار حاسم.

   ضمن هذا المناخ يمكن رصد واستيعاب الحركية الجديدة على مستوى العلماء، مع التذكير بأنه من الناحية المؤسساتية، تنتظم مؤسسة العلماء الرسمية في مؤسستين أساسيتين: الأولى تتجسد في المجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية، والتي يغلب عليها الطابع الإداري والتنظيمي والدعوي، أما المؤسسة الثانية فتتجسد في الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، وتتميز بالطابع الأكاديمي والفكري، فضلا عن مؤسسات تخريج وتأهيل العلماء كدار الحديث الحسنية وجامعة القرويين.

   إن أهم ما ميز الحقل الديني الرسمي على مستوى العلماء خلال سنتي 2007 و2008 هو الخطاب الملكي الذي أعطى الانطلاقة لسلسلة من التدابير التي الخاصة بالعلماء، سواء محليا عبر « ميثاق العلماء » والذي هدف للانخراط في مشروع تأهيل أزيد من 41 ألف قيم ديني، ورفع عدد المجالس العلمية المحلية إلى 70 مجلسا بعد أن كان العدد قبل 30 مجلسا بعد إصلاح 2004، أو خارجيا عبر المجلس العلمي للجالية المغربية بأوربا، والذي تعين الشيخ الطاهر التجكاني رئيسا له. وفي سياق تعزيز مكسب تمكين القيمين الدينيين من التغطية الصحية تم إحداث مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، من جهة أخرى لفت بعض الأئمة الاهتمام خلال هذه السنة عندما قرروا التظاهر أمام البرلمان والمطالبة بحقوقهم التي يعتبرون أنها تعرضت للتضييق عندما قررت وزارة الأوقاف إعفاءهم والاستغناء عنهم بدعوى مخالفتهم لـ « دليل الإمام والخطيب والواعظ ».

  1. الزوايا

     عرفت سنة 2007 و2008 تحولا نوعيا في الواقع الديني مس وظيفة الفاعل الصوفي بشكل رئيس نظرا للرهانات السياسية والدينية التي أصبحت مطلوبة منه أن يؤديها ضمن استراتيجية إعادة تأهيل الحقل الديني في المغرب، خاصة بعد إطلاق مشروع بناء فضاء وطني في إطار لقاء سيدي شيكر في شتنبر 2008 والدعوة إلى إحداث هيئة عالمية لمنتسبي التصوف، وبالجملة يمكن تتبع مستويات هذا التحول النوعي من خلال التركيز على ثلاثة توجهات استراتيجية في السياسات الدينية في المغرب، يتعلق الأول بمفهوم التدين الذي يراد للزوايا الصوفية أن تؤسس له، ويتعلق الثاني بوظيفة الفاعل الصوفي ضمن الحقل الديني، أما التوجه الثالث فيتعلق بالعائد الإقليمي والخارجي من الرهان على التصوف. وتؤكد مجمل المعطيات المتعلقة بالحركية الصوفية التي شهدتها سنة 2007 و2008 أن السياسة الدينية في المغرب بعد أحداث 16 ماي اتجهت إلى أن يقوم الفاعل الصوفي بدور البديل للتوجهات السلفية من جهة، وأن يضطلع بنشر نموذج للتدين غير « المسيس »، وهو ما يعني أن يتقوى دوره داخل الحقل الديني على حساب الحضور الفاعل للحركة الإسلامية، دون أن نغفل الدور الخارجي الذي تراهن فيه الدولة على التصوف لفتح نافذة المغرب على دول إفريقيا وجنوب الصحراء.

  1. الحركة الإسلامية المغربية

يعالج هذا المحور موضوع الحركة الاسلامية المغربية بمختلف تياراتها الأساسية، بوصفها فاعلا دينيا يسهم في مجال القيم  ويعد عنصرا مؤثرا في مساراته وتوجهاته، وذلك من خلال رصد طبيعة حضورها ونوعية تفاعلها مع الأحداث والمستجدات الحاصلة في حقل التدين، وتحليل المواقف الصادرة عنها؛ وقد تطرقنا في هذا التقرير بشكل أساسي إلى الحركات الإسلامية التالية :

أ- حركة التوحيد والإصلاح

ب- العدل والإحسان

د- جماعة الدعوة والتبليغ

مع الإشارة إلى ان هناك تعبيرات جمعوية جهوية ومحلية أخذت تبرز كحاضن للتدين المتنامي في صفوف الشباب، ورصد التقرير التطور الذاتي للحركة الإسلامية، وعلاقاتها بالسلطة من جهة، وعلاقاتها البينية والعلاقات الخارجية والنشاط المجتمعي من جهة أخرى، ورصد لأهم المواقف والمبادرات للحركة الإسلامية بالمغرب خلال سنتي 2007و2008.

وتبرز أهم تطورات 2007 و2008 انخراط حركة التوحيد والإصلاح في سياسة التمايز عن العمل السياسي المباشر، والتركيز على واجهة التدافع حول القيم، مع الدعم العام لخيار المشاركة السياسية الإسلامية، وفي المقابل شكلت نفس الفترة محطة خروج جماعة العدل والإحسان من مرحلة رؤيا 2006 والسعي نحو الانفتاح على الحقل السياسي في ظل استمرار التوتر المتحكم فيه بين الجماعة والدولة.

وقد خصص التقرير لموضوع ما يسمى بالسلفية الجهادية فقرة خاصة ضمن محور التفاعل بين الديني والسياسي لهمينة المعطيات الخاصة بما هو سياسي أمني على هذا الملف.

المحور الثالث: تحديات التدين بالمغرب

   شهد المجال الديني بالمغرب تحديات متسارعة طيلة سنتي 2007 و2008 تعبر عن تطورات دالة في عدة مجالات، إذ يعيش المغرب على إيقاع تحولات عميقة وجذرية، مست جميع مجالات الحياة الفردية والجماعية، وقد تبلورت هذه التحولات بشكل قوي مع نهاية القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة.

   وقد تفاعلت عدة متغيرات ساهمت في تعميق هذه التحولات، والتي يتداخل فيها ما هو اقتصادي وما هو سياسي وما هو اجتماعي وأيضا ما هو ثقافي، هذا دون أن ننسى التأثيرات العالمية التي يكون لها في بعض الأحيان الدور الحاسم في رسم مسار هذه المتغيرات. هذا ما نحاول رصده في هذا المحور في عدة مستويات؛ مستوى التحديات المرتبطة بالحياة الدينية وفضاءاته الأسرية منها والتعليمية، والتحدي الأخلاقي والقيمي على الحالة الدينية بالمغرب من جهة، ومستوى التحديات الثقافية التي  عرفتها المجالات الفنية والسينمائية واللغوية من جهة ثانية، واستحضار تحديات الأمن الروحي والوحدة المذهبية للمغرب والمرتبط بالتنصير والتشيع من جهة ثالثة.

     وقد تم تجميع وترتيب الوقائع المتعلقة بهذا المحور عبر تسعة مستويات رئيسية تضم كل واحد منها مؤشرات فرعية، تناول المستوى الأول الأسرة باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الأساسية في المجتمع التي تقوم بدور التنشئة الاجتماعية ونقل وترسيخ قيم المجتمع، وتؤدي وظيفة إعادة إنتاج قيم المجتمع وضمان استمراريتها والحفاظ عليها، والمحضن الذي يتشرب فيه الفرد القيم الأساسية، وقد رصد التقرير خلال سنتي 2007 و2008، هذا المستوى عبر مؤشرات التحول في المنظومة الأسرية وموقع المرأة مثل ارتفاع نسبة العزوبة التي ارتفعت من 25% سنة 1971 لتصل الى 40%حاليا، ارتفاع سن الزواج الأول الذي ارتفع كذلك من 17 سنة بالنسبة للنساء و24 سنة بالنسبة للرجال سنة 1971 الى 27 و31 على التوالي سنة 2007، وانخفاظ المؤشر التركيبي للإنجاب (ما يسمى بالخصوبة) خلال السنوات الأخيرة ليستقر في 2,33 كمعدل وطني سنة 2008 بعد أن كان 7 أطفال لكل امرأة سنة 1962، وتطرق التقرير كذلك الى التماسك الأسري والوظيفة التربوية للأسرة ، حيث فقد كشفت إحصائيات وزارة العدل عن وجود ارتفاع كبير لأحكام التطليق سنة 2007، حيث انتقلت من 14 ألفا و791 سنة 2006 إلى 21 ألفا و328 سنة 2007، بنسبة تغير بين السنتين بلغت 44,20 بالمائة، ومعدلات العنف الأسري فقد عرض على المحاكم المغربية سنة 2007 ما يناهز 41 ألف قضية عنف ضد المرأة، احتلت فيها مدينة الدارالبيضاء الصدارة، وأخيرا مناقشة التفاعلات الحاصلة سنتي 2007 و2008 حول الموقف من الاتفاقيات الدولية حول الأسرة والمرأة الذي شكل محور جذب واستقطاب، ونقطة تحول في مسار مغرب الألفية الثالثة.

 عالج المستوى الثاني إشكالية القيم والأخلاق، فقد عرفت السنوات الأخيرة تحولات هامة في منظومة القيم مست جوانب متعددة انعكست سلبا على البناء الأخلاقي وطبيعة التدين، وهي تحديات تكمن أساسا في إشاعة جو من الفساد الأخلاقي ومحاولة شرعنته والتطبيع معه والسعي لظهوره العلني، ضمن مظاهر متنوعة تتداخل فيها الدعارة بالشذوذ الجنسي مع السياحة الجنسية المتصاعدة، والنسب المرتفعة للإدمان وتعاطي المخدرات والخمور، وحجم ترويجها وإنتاجها؛ مما يشكل اختراقا لنمط التدين ونظام القيم، ويبرز وجود تحول عميق في القيم الدينية والأخلاقية لدى المغاربة، وهو ما سعى التقرير لرصده خلال سنتي 2007 و2008، وذلك من خلال الوقوف على أهم المؤشرات التي يحددها التقرير في الشذوذ الجنسي، السياحة الجنسية، الدعارة، التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي على الأطفال، المخدرات، التدخين،،الخمور، القمار، الجرائم، القروض الربوية، زعزعة العقيدة

ويدرس المستوى الثالث التحدي الشبابي، باعتبار الشباب ثروة وطنية من حيث حجمها داخل النسيج الديموغرافي المغربي، حيث أن 74% من المغاربة دون سن الأربعين، ويقف الى أن أن الشباب يعرف عملية تحول على مستوى القيم وذلك راجع أساسا إلى تراجع دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية التقليدية لصالح ما أفرزته العولمة من تطور في تكنولوجيا الاتصال، وهو ما يطرح بحدة علاقة الشباب بالقيم الدينية والتدين، فقد أفادت بعض الدراسات أن 32 % من الشباب المستجوب سبق أن كانت لهم علاقات جنسية مع الإيلاج، فيما أكد 65 % من هؤلاء أنهم كانت لهم علاقات جنسية مع عدة أشخاص، وحددت نتائج الدراسة التي أعلنتها المندوبية السامية للتخطيط المنجزة سنة 2005 أن 26% من الشباب(15 إلى 24 سنة) يتعاطون للمخدرات، و90% من المتعاطين تقل أعمارهم عن 25 سنة، وأشارت أيضا إلى أن الشباب المغربي ينفق عموما أكثر من 13 % من ميزانية الاستهلاك لاقتناء التبغ والمخدرات، وهي نسبة تقارب ضعف ما ينفقه في الترفيه والثقافة، وترتفع هذه النسبة في أوساط 20 % من الأكثر فقرا لتصل إلى حوالي 23 %، بينما لا تتجاوز سوى 8.4 % في أوساط 20 % الأكثر يسرا، فيما أكد التقرير العالمي لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة أن 6,6 في المائة من الشباب ما بين 15 و17 سنة بالمغرب سبق لهم استعمال المخدرات، و4,6 في المائة من هاته الشريحة سبق لها أن استعملت المخدرات سنة 2008 ولو مرة واحدة.

    أما المستوى الرابع فيعالج موضوع التعليم، واقتصر التقرير في عرضه على ما يهم قضية القيم ودور المنظومة التعليمية في بناء القيم الإسلامية والوطنية وفق مؤشر القيم في الكتب المدرسية التي تبرز ضعف محور القيم في تأطير عملية صياغة المقررات المدرسية، وتداعيات الأزمة البنيوية التعليمية على منظومة القيم، و الاشكال اللغوي التعليمي عبر الوقوف عند الخلاصات التحليلية لتقرير المجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 و الذي تضمن من بين خلاصاته الأساسية « غياب سياسة لغوية وطنية واضحة، رغم أن الميثاق اقترح مشهدا لغويا متنوعا تحكمه روابط التفاعل الإيجابي بين اللغات »، كما خلص إلى  » ضعف إتقان اللغات المتمثل أساسا في تدني مهارات القراءة والكتابة بالعربية واللغات الأجنبية الأخرى »، وأبرز تقرير المجلس كذلك معضلة « اهتزاز الثقة في المدرسة » والتي تعد أحد الأسباب المنتجة بدورها لأزمة القيم في النظام التعليمي، ويقترب المستوى الخامس من الموضوع الفني والسينمائي، ويستعرضالسياسة المؤطرة للمهرجانات الفنية والسينمائية، والمهرجانات الموسيقية، والسينما المغربية ومحاور اشتغالها، وأهم الأنشطة والمهرجانات السينمائية التي أقيمت بين سنتي 2007و2008، والتحديات المرتبطة بالمهرجانات وأثرها على التدين، المستوى السادس يناقش موضوع الأمازيغية و الإشكالية اللغوية فقد  كشفت التطورات الأخيرة في مسار الحركة الأمازيغية بين سنتي 2007 و2008 عن اتجاه جديد في مسار بعض قيادات الحركة تبرز وجود محاولات للبحث عن جهات « تحمي » الأمازيغ داخل المغرب وتطالب بترسيخ الهوية الأمازيغية في بعد تام عن كل ما له علاقة باللغة العربية والدين الإسلامي، وتوقف التقرير كذلك عند موضوع  اللغة العربية التي أصبحت تعرف اليوم في ظل التحولات العالمية المعاصرة تحديات داخلية وخارجية، ذاتية وموضوعية، مرتبطة بتحدي تطوير هذه اللغة وتسهيل قواعدها، والكتابة العلمية بها، وعرفت سنة 2008 تحولا نوعيا في ميدان اللغة العربية، أطلقت فيها مجموعة من المبادرات الرسمية والمدنية بهدف تشخيص وضع اللغة العربية وتطويرها، وأخيرا تحديات اللغة العربية خصوصا أمام انتشار الفرنكفونية وتشجيع العامية، أما على المستوى المذهبي ( التشيع) فيبرز من خلال المستوى  السابع ، فقدعرفت سنتي 2007 و2008 تحولا في مسار حركة التشيع بالمغرب، وهذا بالرغم من ندرة المعلومات حول عدد الذين تشيعوا والأطر التنظيمية التي تجمع الحساسيات المحسوبة على الجسم الشيعي في المغرب، إلا أن الحراك الشيعي المرصود في جملة من المحطات يؤشر على تطور نوعي في استراتيجية نشر التشيع في المغرب، إذ بدأت تظهر مؤشرات على تبلور جنيني لفكرة تنظيم ممثل للطيف الشيعي في المغرب، ويعلن عن ارتباطه ببعض المرجعيات الفكرية الشيعية، لكنه في نفس الوقت يركز على التأصيل التاريخي للفكرة الشيعية في المغرب، وتفيد بعض التقارير الغربية عن أن إيران نجحت في تشييع سبعة آلاف مغربي، ويفيد تقرير أخر صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية بوجود ثلاثة آلاف متشيع في المغرب، وهي المعطيات التي تبقى محط شك بالنظر لحالة التوتر القائمة بين الغرب وإيران في الملف النووي.

    وفي المستوى الثامن في هذا المحور والمتعلق بالتحدي العقدي (التنصير)، فقد لامس التقرير أهم الأنشطة التنصيرية خلال سنتي 2007 و2008 التي استهدفت كلا من المغاربة القاطنين داخل المغرب، وكذا المغاربة المقيمين بالخارج، والتي اتخذت عدة أشكال، وتنوع الإطار الذي تشتغل داخله، وتعددت الوسائل المستعملة والتي يمكن اجمالها في نوعين من الوسائل، تتعلق الأولى بوسائل الاتصال الحديثة والتقليدية : أنترنيت (مواقع إلكترونية وغرف للدردشة) ، فضائيات وإذاعات ، إرسال كتب أو عن طريق الاتصال المباشر بالفئة المستهدفة، ويتم ذلك في إطار جمعيات تأسس من قبل هؤلاء المبشرين لتغطية أنشطتهم التبشيرية وطقوسهم الدينية، وإما بالموازاة مع أنشطة أخرى يقوم بها المنصرون بالمغرب كالتدريس أو تصوير الأفلام أو الأنشطة الثقافية.  وتشير بعض المصادر الصحفية إلى أن 60% ممن تنصروا تحولوا إلى المسيحية نتيجة اتصالات شخصية، و30 % منهم من خلال التلفزيون والإنترنيت، و10 %عن طريق المنصرين، ويرصد التقرير كذلك الانتشار المسيحي التنصيري بالمغرب، والذي تركز خلال سنة  2007 بمدن ومناطق مغربية عديدة منها الدار البيضاء ومراكش وفاس والرباط وأكادير، وأصيلة وطنجة ومارتيل، ومكناس وسلا والقنيطرة، وورزازات و الدشيرة وآزرو و آيت ملول، وبن فركاو وقلعة السراغنة كا أن التقرير سجل غياب إحصائيات دقيقة لعدد المغاربة المستهدفين من قبل المبشرين. إلا أن بعض المصادر الصحفية  أفات ب 150 ألف مغربي تلقوا دروسا في المسيحية عبر البريد من مركز واحد للتنصير خاص بالعالم العربي، ويناقش التقرير كذلك الإطار القانوني  المتعلق بزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله  إلى ديانة أخرى استغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو باستغلال  مؤسسات تعليمية أو صحية أو ملاجئ الأيتام لبلوغ هذه الغاية، وكذا السياسة الحكومية تجاه الظاهرة والتي تميزت بطابع الموسمية والتقليل من خطورة الظاهرة،  والدور الخارجي الذي يسعى الى لتكوين أقلية مسيحية بالمغرب كي يتسنى لها الضغط بواسطة حكوماتها على المغرب من أجل الدفاع عن الأقلية المسيحية، ويرصد التقرير كذلك مواقف الحركات الإسلامية والعلماء والأوقاف والكنائس الرسمية تجاه الحركات التنصيرية و يحلل مرتكزات الخطاب التنصيري، وأخيرا التناول الإعلامي لهذه الظاهرة فقد عرفت سنتي 2007 و2008 اهتماما متقاربا بظاهرة التنصير وإن زاد قليلا سنة 2008 عن سابقتها،  وذلك من قبل كل من الصحف المستقلة والمنتمية، وأخيرا يعالج المستوى التاسع إشكالية التطبيع، عبر تحديد المفهوم ورصد مداخل التطبيع  بالمغرب، التي يحددها في التطبيع الدبلوماسي والسياسي والتطبيع الأكاديمي، والتطبيع الاقتصادي، والتطبيع الفني والسنيمائي والإعلامي، والتطبيع الإعلامي، وتطبيع المجتمع المدني وفي الأخير يرصد المواقف الرسمية والشعبية ضد التطبيع.

المحور الرابع: تفاعلات السياسي والديني

   يسعى هذا المحور إلى رصد تفاعلات الحقل الديني والسياسي خلال سنتي 2007/2008 وتأثيرات ذلك على حالة التدين وواقع القيم بالمغرب، ومدى انعكاسه على الحياة العامة، ويتطرق إلى قضايا الهوية والدين عند الأحزاب السياسية المغربية، طريقة تعاملها معها وموقعها في برامجها وسياساتها، كما عالج التقرير في مستوى ثان تيار ما يسمى بالسلفية الجهادية، ورصد الآثار السياسية التي خلفتها قضيته

   وقد توصل التقرير إلى أن المسألة الدينية تحتل حيزا متفاوتا في برامج الأحزاب السياسية ومشاريعها المجتمعية ووثائقها المرجعية، يبدأ من إفراد عدد من الاحزاب كحزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي لمحاور خاصة ضمن البرامج الانتخابية لهم لهذا الموضوع، مع تسجيل تقاطع في عدد من القضايا التي تهم تدبير السياسة العمومية للدولة لقطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية.

    وانتقل التقرير بعد ذلك الى الحديث عن حزب الأمة والمخاض الكبير الذي عاشته « الحركة من أجل الأمة » طيلة سنة 2007 حول صيغة المشاركة السياسية التي تختارها، والتي انتهت بالحركة إلى اختيار تأسيس حزب سياسي مستقل تحت اسم « حزب الأمة » اعتبرت في هويته أن « الإسلام ثابت أساسي من ثوابت المغاربة والدولة المغربية » وأنه « ملك للجميع ولا يحق لأحد أن يحتكر تمثيله أو التكلم باسمه « ، ثم جاءت قضية بليرج في بداية 2009 لتؤشر عن مرحلة جديدة في تدبير ملف العلاقة مع هذا التوجه والذي شهدت محاكماته اختلالات بينة .

    وأخيرا يتناول التقرير السلفية الجهادية بالمغرب والتي عرفت خلال  سنة 2007 و2008 فتح الدولة لحوار معهم، وهو خيار سبقته العديد من الدعوات والنداءات سواء من قبل الحركات الإسلامية أو بعض مكونات المجتمع المدني أو مسؤولين في السلطة لإطلاقه. وعلى الرغم من أن هذا الحوار لم يكن حوارا سياسيا ممأسسا، إلا أن الصيغ التي اعتمدت له لم تتجاوز سقف جس النبض رغم إبداء معتقلي السلفية الجهادية استعدادهم للجلوس للحوار سواء مع العلماء أو مع المسوؤلين، وقد عرفت سنتي 2007 و2008 عرفت العديد من الوقائع ذات الصلة بهذه الفئة، ابتداء بالاعتقالات أو المحاكمات التي عرفتها صفوفهم، مرورا بالإضرابات المتوالية عن الطعام، وانتهاء بالدعوات المتكررة لفتح حوار معهم قصد إيجاد حل شامل لملفهم.

المحور الخامس:اليهود المغاربة

وفي الفصل الأخير من هذا التقرير، يرصد التقرير وضعية اليهود المغاربة، الذي ينطلق من الإطار التاريخي للجماعات اليهودية المقيمة بالمغرب، وتشكلات الهوية اليهودية المغربية، وتاريخ هجرة اليهود المغاربة، وجرد لأهم المواسم اليهودية، وتفاعل اليهود المغاربة في الحياة العامة بصفة عامة، ووضعيتهم في مدونة الأحوال الشخصية، وأخيرا موقف اليهود المغاربة من العدوان الأخير على غزة، ويسجل التقرير وجود مسارين من ناحية التقلص العددي لليهود المغاربة بفعل الهجرة والتي تطال الشباب بشكل خاص حيث لا يتجاوز العدد حاليا 3000 يهودي مغربي، وفي المقابل غياب تسجيل حالات توتر بين الجالية وباقي المغاربة إلا من استثناءات نادرة تتداخل فيها اعتبارات غير دينية، كما سجل التقرير عودة متنامية للاهتمام الروحي إحياء المناسبات الدينية في مزارات اليهود المغاربة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عبدالاله
    08/10/2009 at 23:54

    ما دفعني الى كتابة هذه السطور هو ماجاء في تقريركم وهو « احياء المناسبات الدينية في مزارات اليهود »هذا دليل على ان اليهود متشبثون بعقيدتهم وما في ذلك شك..ولكن اين نحن من التشبث بديننا الحنيف؟؟بالنظر الى الواقع الذي نعيشه يبدو ان معظم الشباب ان لم نقل نسبة عالية منهم لم يعد لها اي التفات للدين فاحرى بالتشبث به او بقيمه..ان الشباب (. الديوك ) كما يسمون حاليايكرهون الى درجة المقت اي حديث فيه نوع من النصح الديني او الخلقي..ولن يستمع اليك اي ديك منهم ان تقول له :ان انسلاب عقولكم من داخل ابدانهالى درجة جعلتكم لا تفكرون الا في مظاهركم الغريبة على عقيدتنا وعلى مجتمعنا..لوقلت ذلك او قلت قال تعالى .. او قلت قال محمد عليه السلام لانصرفوا من حولك وتركوك واقفا وحيدا..ان القلة القليلة التي ترتدي المساجدلا تعبر بدقة عن تنامي ظاهرة التدين لدى الشباب ..لان منهم من دخل التدين يأسا ومن دخله تصنعا ومن دخله على مصلحة . اعني بدلك الشباب . كما اعرفهم من خلال تدينهم ومن خلال توجهاتهم وتصرفاتهم وفلتات السنتهم.. سواء كان من جماعة العدل والاحسان او من جماعة الاصلاح والتوحيدوغيرهما.. وهذا العدد حتى وان تدين باقتناع فهو نسبة قليلةواقول قليلة لان حسابهم واضح ووضوحه يتحلى في عدده كما نشاهد وكما يلي: مدينة عدد سكانها مائة الف نسمة بها عشرة مساجد كل مسجد يصلي داخله الف فردوالف فردقد يصلون في منازلهم .. المجموع هو عشرون الف مصلي..فاين هي الاغلبية.. وقرية بها خمسة الاف نسمة بها مسجد يصلي داخله باستمرار مائة فرد
    وقس على هذا النحو..وهذا الكم المجهول هو الذي انعكست افعاله سلبا على المجتمع..ونحن نعاني من انعكاساتها في المدن والقرى..اذ لا يمكن لاحد يصلي ويصوم ويأمل لقاء ربه ان يحمل سيفا في وجه اخيه المسلم لاي سبب من الاسباب ..ومع ذلك فالدولة تتخوف من المتأسلمين اكثر ما تتخوف من المجرمين .. هذا ما يحتاج الى دراسات وتقاريروالله اعلم.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *