تكلفة انعدام الجودة في قطاع التربية التكوين
لقد صدر » تقرير سنة 2008 حول جودة منظومة التربية والتكوين في المغرب،الذي يتضمن معطيات وإحصائيات وأرقام مخيفة تقشعر لها الأبدان، صحيح أن أزمة منظومتنا التربوية، أصبحت على كل لسان، وأصبح المواطن يشعر بها، ويعيشها من خلال مستوى أبناءه وبناته وإخوته، وأن أي حديث عن الأزمة من جانبنا، لم يعد يشكل قيمة مضافة، ولكن عندما يتحول ما نعيشه ونسمعه إلى أرقام ومقارنات صادمة،معاكسة للخطاب الرسمي الذي ينحو غالبا إلى طمأنة الناس، وتوزيع التفاؤل المغشوش، والتظاهر بعدم الاكتراث، والإدعاء بالسيطرة على المشكل ، وامتلاك الحلول السحرية ، في حين أن العكس هو الصحيح ، يتحول أي سطر جديد، أو أي بحث أو تقرير يصدر لتقييم أو الحديث عن المنظومة، إلى حدث يستحق معرفته والإطلاع عليه،بالنسبة للذين يؤلمهم واقع المدرسة العمومية، ويخافون على مستقبلها، وبطبيعة الحال، » من يده في النار، ليس كمثل الذي يده في الماء »، ونظرا لأهمية ما ورد في التقرير ، ولتعميم الفائدة سأحاول ، نشر أهم ما شد انتباهي في مقدمة التقرير…
1. يشير التقرير إلى أن الوزير الحالي للتربية الوطنية، أكد أن منظومتنا التربوية بعيدة كل البعد، لأن تكون نموذجا للدول التي تريد إصلاح منظومتها التربوية، هذه الحقيقة التي لم تكن ليقبلها الوزير السابق، وأكد عكسها عدة مرات.
2. ضعف المردودية الداخلية والخارجية لمنظومتنا التربوية ،بسبب الفشل في تحقيق الجودة ،التي كلفت أكثر من 15 مليار درهم مما يستوجب التفكير في وقف هذا النزيف ،بدلا من إعادة النظر في المجانية وتشجيع القطاع الخاص على حساب المدرسة العمومية.
3. انتشار ظاهرة الرشوة على جميع المستويات، بما فيها قطاع التعليم عن طريق الساعات الإضافية المؤدى عنها، رغم تصريح وزير التعليم خلال الدخول المدرسي 2005/2006 الذي وعد بمعاقبة المخالفين، وعرف تصريحه نفس النهاية التي عرفتها كل الشعارات التي رفعتها الوزارة.
4. سوء حكامة نظامنا التعليمي لسببن:
1. عدم وجود رؤيا واضحة ومشتركة للسياسة التعليمة التي يجب إتباعها على المدى الطويل رغم وجود الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي حدد الخطوط العريضة، وذكر التقرير بتردد الوزارة في اختيار لغة التدريس، تحديد الكفايات، استقلالية المؤسسات.
2. الفشل في وضع أسس الحكامة الجيدة التي ينادي ويدافع عنها، وكمثال على ذلك » اللامركزية »
5. فشل الوزارة في تدبير أهم مرحلة في الإصلاح، والمتمثلة في إيجاد تصور مشترك لمعضلة المناهج، رغم وجود لجنة دائمة للبرامج والمناهج ، التي كان من المفروض أن تضع مرجعية وطنية موحدة،تلتزم بها اللجان المتخصصة، التي انفردت بوضع البرامج الخاصة بكل مادة، مما نتج عنه فسيفساء من المناهج ، لاتعكس دائما المبادئ التربوية لنظامنا التعليمي.، وما المقاربة بالكفايات إلا مثال من عدة أمثلة.
6. ستستمر رداءة نظامنا التعليمي ما لم يتم حل المسألة اللغوية، فبعد أكثر من 20 سنة من سياسة التعريب التي توقفت عند أبواب التعليم الجامعي ، تاركة الطلبة يقررون مصيرهم، ولا أحد تجرأ على اتخاذ قرار الفصل في لغة التدريس، ورغم أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين اقترح تدريس اللغة العربية لكل الأطفال المغاربة، وجعلها لغة التدريس، باعتبارها اللغة الرسمية، واقترح مجموعة من الإجراءات الأكاديمية والعلمية التي تمكن اللغة العربية من الدخول التدريجي للتعليم العالي، مع التأكيد على الدور الأساس الذي يجب أن تلعبه أكاديمية اللغة العربية، إلا أننا بدءنا يسمع خطابا يعيد النظر في هذا الطرح بدعوى أن اللغات الأم للمغاربة هي العامية والأمازيغية وليست العربية، وما دامت العامية لغة شفوية فإنها لا تصلح للتدريس، وأن الفرنسية لغة الاقتصاد المغربي العصري،بالإضافة إلى أنها اللغة الأم لحوالي 34% من المغاربة!!!
7. عدم وجود نظام فعال لتقييم التحصيل الدراسي لدى المتعلمين، يمكن من وضع اليد على مكامن الخلل داخل المنظومة، ويمكن من اتخاذ القرارات استنادا على معطيات واقعية ،بدلا من الارتسامات و الافتراضات ، كما أننا نفتقر إلى نظام إعلامي قادر على توفير المعطيات الضرورية التي تسمح بقيادة نظامنا التعليمي
8. إعادة النظر في سياسة تكوين المدرسين، خاصة بعد إدماج مؤسسات تكوين الأطر في المجال الجامعي.لقد حان الوقت لوضع سياسة حقيقية للتكوين المستمر مبنية على مبادئ دفاتر تحملات دقيقة.
9. تعدد الأنظمة التعليمية، ويمكن إحصاء أربعة:
* مؤسسات البعثات: غير خاضعة لمراقبة الدولة، وبالتالي لا تدخل في إطار البحث.
*المؤسسات الخاصة: تحظى بتشجيع ودعم الدولة التي تراهن عليها من أجل تسويق نوع من التعليم الجيد، لمن يستطيع أن يدفع.
* المؤسسات العمومية الحضرية:لازالت تحافظ نوع من الأمل لدى الطبقات الشعبية التي ليس لها اختيار، ما دامت لا تملك الإمكانيات المالية لولوج المدارس الخاصة.
*المؤسسات العمومية القروية أو شبه الحضرية ( وتشكل أغلبية المؤسسات): تعيش ظروفا مأسوية، ولا تلعب أي دور تعليمي، ما عدا حراسة التلاميذ، وبالتالي ضرب مبدأ العدل و » تكافؤ الفرص »، وتعمق الهوة الاجتماعية.
10- إن جودة التعلمات هي التي تعبر عن مدى نجاح الإصلاح أو فشله، لكن يبدو أن شيئا لم يحدث، فطرق التدريس لم تتغير رغم التبني الرسمي لتغيير الفلسفة البيداغوجية، غياب العتاد الديداكتيكي أو عدم ملائمته،الكتب المدرسية تغير شكلها دون أن يتغير مضمونها،سيادة الإلقاء( إلقاء الدروس حتى في المواد العلمية والتكنولوجية) على حساب البيداغوجيات النشيطة المبنية على التجربة وإشراك المتعلمين.
11- تحول إجبارية التعليم( من سن 06 سنوات إلى 15 سنة) إلى حلم غير قابل للتحقيق لمدة 20 سنة قادمة على الأقل، أن تصل نسبة المتمدرسين في التعليم الثانوي الإعدادي إلى 60%، وهذا يعني أن 40% من التلاميذ الذين هم في سن ولوج التعليم الإعدادي هم خارجه، ونسبة الذين يتابعون دراستهم في السنة الخامسة ابتدائي لا يتعدى 82%،( رغم انخفاض معدلات النجاح) ، وهذا يعني أن 18% من التلاميذ لا يصلون إلى القسم النهائي الابتدائي.
12- يعتبر المغرب من البلدان القليلة التي ستفشل في القضاء على الأمية وتحقيق « التعليم للجميع « عند حدود 2015 ، السنة التي حددها المنتدى الدولي حول التعليم المنعقد بدكار سنة ،2000 ،كما فشل في تحقيق الرقم الذي حدده الميثاق الوطني، والقاضي بتخفيض نسبة الأمية ب 20% في أفق 2010 ، على أساس القضاء على الظاهرة في حدود 2015.
13-لم تتمكن منظومتنا التربوية من تحقيق الأهداف التي حددها الميثاق الوطني للتربية والتكوين إلا جزئيا، باعتراف المسؤولين، مما يدلل على أن المنظومة غير قادرة على تطبيق توجهات السياسة التعليمية الوطنية.
14- لا زال التمويل العمومي لقطاع التربية أولوية اجتماعية، ورغم ذلك نلاحظ تراجع تمويل الدولة، لصالح تخصيص قطاع التربية، على عكس الدول الأوربية التي لاتتدخل عادة في مختلف الميادين، نراها تتدخل للزيادة في ميزانية التعليم.
15- البحوث الدولية حول مكتسبات التلاميذ المغاربة، والتي كان يجب أن تكون موضوع نقاش وطني، و قاعدة لاتخاذ القرارات التي تهم المنظومة التربوية، تم السكوت عليها وإخفائها على الرأي العام.
أود في الأخير، أن أذكر بعض الأرقام الدالة والواردة في التقرير:
– انتقال بطالة حملة الشهادات العليا من16.1% إلى 18.3% سنة 2007، رغم أن عدد الخرجين لا يتعدى 4%.
– نسبة المتمدرسين الجامعين لا يتجاوز11% ونجدها في لبنان 48%.
– تبلغ تكلفة التكرار في التعليم المغربي 0.79 % من الناتج الجمالي الداخلي، المرتبة الأولى عالميا.
– يحتل المغرب المرتبة 41 من ضمن 61 دولة في مجال انتشار الرشوة في قطاع التعليم.
-احتل المغرب المرتبة ما قبل الأخيرة في الرياضيات ب 337 نقطة( تونس 448 نقطة) وحصل في العلوم على 323 مقابل 430 لتونس في أحد الأبحاث الدولية .
للحصول على النسخة الكاملة :
http://www.amaquen.org/Rapport_amaquen_2008.pdf
Aucun commentaire