Home»National»مؤسسة مندوبي الأجراء ومسالة السلم الاجتماعي داخل المقاولة

مؤسسة مندوبي الأجراء ومسالة السلم الاجتماعي داخل المقاولة

1
Shares
PinterestGoogle+

مؤسسة مندوبي الأجراء ومسالة السلم الاجتماعي داخل المقاولة

إن تعزيز السلم الاجتماعي يقتضي تطوير ثقافة التشاور داخل المقاولة بين مختلف الفر قاء الاجتماعيين مما يطلب مشاركة فعالة وحقيقية للإجراء والملاحظ أن هده المشاركة كانت دون طموحاتهم في التشريع السابق للشغل ويبدو أن مدونة الشغل أولت اهتماما للعلاقات الجماعية للشغل بعد أن ظل الاهتمام بالعلاقات الفردية هو السائد لمدة طويلة حيث عملت المدونة على توسيع مجالات إشراك مندوبي الأجراء حيث نصت المادة 430 من مدونة الشغل على أن العمل بمؤسسة مندوبي الأجراء تخضع لها جميع المؤسسات التي تشغل اعتياديا مالا يقل على عشرة أجراء دائمين بل إن المادة 431 أعطت للمشغل إمكانية إتباع نظام مندوبي الأجراء حتى ولم يتوفر العدد المطلوب قانونا وهو عشرة أجراء دائمين شريطة وجود اتفاق كتابي في هدا الصدد بين المشغل والأجراء العاملين لديه مع الاخد بعين الاعتبار دخول القطاع الفلاحي مجال انتخابات مندوبي الأجراء بعد أن تم إقصاؤه في التشريع القديم للشغل
كما أن سن المشاركة في هده الانتخابات حددته مدونة الشغل في ضرورة بلوغ الأجير الناخب 16 سنة والأجير المتر شح 20 سنة كما أن مسالة انتخابات مندوبي الأجراء أصبحت آلية لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا سواء على المستوى الوطني أو داخل المقاولة نفسها فلتحديد النقابة الأكثر تمثيلا على الصعيد الوطني يجب أن تحصل النقابة على 6 في المائة من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين في القطاعين العمومي والخاص إضافة إلى شرط الاستقلال الفعلي للنقابة وعلى قدرتها التعاقدية حيث يؤخذ بعين الاعتبار عدد الاتفاقيات الجماعية التي ساهمت في إبرامها أما بالنسبة للنقابة الأكثر تمثيلا على مستوى المقاولة أو المؤسسة

فان مدونة الشغل اشترطت أن تحصل النقابة على نسبة 35 في المائة على الأقل من مجموع عدد مندوبي الأجراء المنتخبين على صعيد المقاولة إضافة إلى شرط القدرة التعاقدية للنقابة والملاحظ أن العديد من الدول تعتمد على العديد من المعايير لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا تورد بعضها على سبيل المثال لا الحصر كان يؤخذ بعين الاعتبار عدد المنخرطين في النقابة و مدى خبرتها وتجربتها بالنظر إلى عدد الاتفاقيات الجماعية التي ساهمت في إبرامها بالإضافة إلى معيار استقلالها عن الأحزاب والسلطات العمومية وعن أرباب العمل كما أن بعض الدول تعتمد معيار مدى مساهمة النقابة في مقاومة الاستعمار لتحديد النقابة الأكثر تمثيلا ودلك اعترافا لها بالتضحيات التي قدمتها للوطن
أما بالنسبة لمدة انتداب مندوبي الأجراء فان مدونة الشغل لم تحسم فيه بل أحالته على التشريع الفرعي أي على النص التنظيمي الذي يتولى تحديد مدة الانتداب ودلك أخدا بعين الاعتبار مختلف المستجدات التي يمكن أن يعرفها تحديد تاريخ إجراء هده الانتخابات أما بخصوص انتهاء مهام مندوب الأجراء فتنتهي بوفاته أو عن طريق سحب الثقة منه أو بتقديمه لاستقالته أو بإحالته على التقاعد أو بنهاية عقد عمله أو بصدور حكم نهائي عليه من اجل جناية أو جنحة مع الاخد بعين الاعتبار الاستثناء المتعلق بالجرائم غير العمدية كما يمكن سحب الثقة من مندوب الأجراء شريطة وجود قرار مصادق عليه يتخذه ثلثا الأجراء الناخبين شريطة مرور نصف مدة الانتداب
أما بالنسبة للمهام الموكولة إلى مندوبي الأجراء فتتمثل في تقديم مختلف الشكايات الفردية والتي تتعلق بظروف العمل أو حول مدى التزام المشغل بعقد العمل أو الاتفاقية الجماعية أو المقتضيات الواردة في النظام الداخلي أما في حالة عدم استجابة المشغل إلى مختلف هده المطالب فمندوب الأجراء له الحق في إحالة مختلف هده الشكايات على مفتشيه الشغل قصد المساعدة في تسويتها
أما بالنسبة لأداء مندوبي الأجراء لمهامهم

فان المشرع ألزم المشغل بضرورة أن يضع رهن إشارتهم مكان خاصا داخل المقاولة ليتمكنوا من عقد اجتماعاتهم إضافة إلى تمكينهم من السبورة النقابية والتي من خلالها يتم إعلام الأجراء عن مختلف القضايا ذات الصلة النقابية بالإضافة إلى تمتع مندوبي الأجراء بمدة خمسة عشرة ساعة في الشهر لكل مندوب ودلك للتفرغ للقضايا داخل المقاولة أو خارجها حيث يعد هدا الوقت ضمن أوقات العمل الفعلي ويتم أداء الأجر عنه كما أن المشغل ألزمه المشرع بضرورة استقبال ممثلي الأجراء على الأقل مرة كل شهر قصد تبادل وجهة النظر حول المشاكل والمعوقات التي قد يعاني منها الأجراء

أما بالنسبة للإجراءات التأديبية التي يمكن للمشغل اتخاذها في حق مندوب الأجراء في إطار سلطته التأديبية فإنها تخضع لمسطرة خاصة حيث نصت المادة 457 من مدونة الشغل على انه يجب أن يكون كل إجراء تأديبي يتخذه المشغل سواء في حق المندوب الأصلي أو نائبه موضوع مقرر يوافق عليه مفتش الشغل سواء بالإيجاب أو بالرفض لكن في حالة الخطأ الجسيم أعطى المشرع للمشغل إمكانية توقيف مندوب الأجراء حالا بصفة مؤقتة شريطة إشعار مفتش الشغل بدلك وبطبيعة الإجراء التأديبي المزمع اتخاذه في حقه والملاحظ أن مسالة الحماية القانونية لمندوب الأجراء تسري حتى بالنسبة لقدماء مندوبي الأجراء خلال ستة أشهر من تاريخ نهاية انتدابهم والدين يمكن أن يتعرضوا إما للنقل من مصلحة إلى أخرى أو للفصل من العمل

كما أن نفس المسطرة القانونية والتي ألزم المشرع المشغل بضرورة سلوكها تسري أيضا حتى في حق الأجراء الدين قدموا ولو ترشيحا تهم لشغل منصب مندوب الأجراء بمجرد وضع اللوائح الانتخابية حيث تستمر هده الحماية طيلة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان نتائج الانتخابات كما أن أهمية مؤسسة مندوب الأجراء تظهر بشكل جلي في المؤسسات التي تشغل أزيد من خمسين أجيرا والتي ألزمها المشرع بضرورة التوفر على لجنة المقاولة حيث انه من ضمن أعضاء هده اللجنة والى جانب رئيس المؤسسة أو من ينوب عنه نجد مندوب الأجراء خاصة وان اهمبة هده المؤسسة تكمن في تقديم الاستشارة في العديد من المجالات خاصة فيما يتعلق بالتغيرات الهيكلية والتكنولوجية حيث يمكن أن تفرض الظروف الاقتصادية أو المستجدات في مجال التكنولوجيا على المشغل إما تقليص العمال أو الاستعانة بالتقنيات الحديثة في العمل والتي من شانها أن تضطر المؤسسة معها إلى الاستغناء عن جزء من اليد العاملة كما أن هده اللجنة تساهم في إقرار الحصيلة الاجتماعية للمقاولة إضافة إلى اهتمامها بالمجال الاجتماعي لفائدة الأجراء لهدا فحضور مندوب الأجراء في هده اللجنة ودلك بالنظر إلى حساسية المواضيع التي تتداول فيها يجعل من التمثلية العمالية فيها لها أهميتها للدفاع عن مصالح العمال كما أن مندوبي الأجراء يشاركون ضمن لجنة الصحة والسلامة والتي تتكفل باستقصاء مختلف المخاطر المهنية والتي يمكن أن يتعرض لها العمال ودلك عن طريق تقديم الاستشارة في مجال انتقاء المعدات الملائمة للشغل تفاديا للأخطار المحدقة داخل أماكن العمل عن طريق تقديم الاقتراحات من اجل تنمية الوعي بأهمية السلامة المهنية

ونظرا لهده الاعتبارات تظهر أهمية الاخد بمؤسسة مندوب الأجراء ودلك لتحقيق تمثيلية داخل مختلف اللجان لحماية مصالح اليد العاملة من كل الممارسات التي يمكن أن تنال من حقوقهم المختلفة لكن ما يثير التساؤل أن المادة 430 من مدونة الشغل والتي ألزمت المؤسسات التي تشغل اعتياديا ما لا يقل عن عشرة أجراء دائمين على إجراء انتخابات مندوبي الأجراء تبدو غير متلائمة مع المحيط السوسيو اقتصادي خاصة وان مثل هده المؤسسات في اغلبها ذات طابع عائلي أو تشتغل ضمن ما يعرف بالقطاع غير المهيكل وبالتالي لا تكون لهده المؤسسة دلك البعد التمثيلي الذي يتوخاه المشرع فاعتقد أن هده المؤسسة يكون لهل بعدها التمثيلي كلما كان عدد العمال داخل المقاولة أو المؤسسة اكبر خاصة في المؤسسات التي تشغل أكثر من خمسين أجيرا والتي هي ملزمة قانونا بإحداث لجنة المقاولة ولجنة الصحة والسلامة كما أن اهمبة مؤسسة مندوب الأجراء داخل المقاولة أو المؤسسة لها قيمتها أثناء جلسة الاستماع إلى الأجير بمناسبة تعرضه للفصل عن العمل حيث ألزم المشرع المشغل بضرورة عقد جلسة تتاح للعامل فيها إمكانية الدفاع عن نفسه ودحض ما قد ينسب إليه من أفعال قد تبرر فصله ودلك بحضور مندوب الأجراء بالمقاولة والدي يختاره بنفسه ودلك داخل اجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه

إن أهمية التمثيلية العمالية داخل المقاولة أو المؤسسة تكمن في إقرار السلم الاجتماعي ومعالجة مختلف الأزمات التي يمكن أن تمر بها المقاولة حيث تعد الشريك الضروري في أي حوار بين المشغل والأجراء كما هو الحال أثناء الأزمات الاقتصادية أو أثناء وضع مختلف التغيرات الهيكلية والتي يمكن أن تعرفها المقاولة أو أثناء وضع مخطط السلامة والصحة المهنية….

لهدا فان امتناع أو رفض المشغل إجراء انتخابات مندوبي الأجراء من شانه أن يعرضه إلى أداء غرامة تتراوح مابين 25.000 درهم و30.000 ألف درهم أما في حالة العود فان الغرامة تتم مضاعفتها والحقيقة أن من شان هدا الإجراء الزجري هو دعم مسالة التمثيلية العمالية داخل مختلف المقاولات من اجل الحفاظ على السلم الاجتماعي لأنه بدون مؤسسة مندوبي الأجراء لا يمكن للعديد من اللجان أن تتشكل في غياب ممثلي الأجراء باعتبارهم الطرف الثاني في علاقة الشغل إلى جانب المشغل….
د . بلقاسم بنبراهيم باحث

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *