البعد الحضاري لرسالة رجل التعليم
تقديم:
منذ نعومة أظفارنا ونحن نردد تلك النكتة المضحكة التي تقول أن امرأة فقيرة طلبت من رجل أن يدخل السرور في قلوب أبنائها، أي أن يمنحها شيئا من مال تفرح به أبناءها. فقال لها الرجل: قولي لهم أن في الغد لا توجد دراسة »
لقد سار عند الأغلبية الساحقة من التلاميذ، إن لم نقل عند الجميع، يوم عيد ذاك اليوم الذي لا يأتي فيه المعلم أو يصيبه مرض أو تلم به مصيبة ما تضطره للاعتذار عن عدم التدريس.
ولم نقف عند المسألة لنعرف سبب ذلك حتى يغدو تأخر المعلم أو غيابه مصدر فرحة عارمة لدى أبنائنا. فهل الخلل في التلاميذ لأنهم كسالى لا يأبهون هكذا دون سبب؟ أم أن الخلل في الوسائل التربوية المملة وغير المتنوعة؟ أم في المعلم نفسه لأنه شبح مخيف ومتسلط كبير كما هو في الجملة الإعرابية التي يعربها التلاميذ في الخفاء وهي جملة: » ضرب المعلم التلميذ » فضرب فعل خطير والمعلم حكار كبير والتلميذ محكور صغير »
إن مهنة رجل التعليم لهي بحق أشرف مهنة. إلا أن أي مهنة لا يمكن أن نتقنها ونبرع فيها مالم نكن ملمين بأصولها ومبادئها. وللتعليم أصول وقواعد، منها ما يخص رجل التعليم نفسه أي المعلم ( وهو كل من يمارس مهمة التعليم) ومنها ما يخص المتعلم ومنها ما يخص المادة ومنها ما يخص أسلوب التعلم ووسائله. وهذا ما تدور حوله غالبا علوم التربية كلها. فمثلا إلمامنا بالطريقة التي يتم بها التعلم، وما هي الأشياء التي تؤثر فيه سلبا أو إيجابا، يساعدنا على اختيار الطريقة الصحيحة في التدريس التي تناسبنا وتناسب تلامذتنا والمادة المدروسة. ومع أن هناك اختلافا في النظريات والآراء في هذا المجال، إلا أن الإلمام بها ودراستها دراسة ناقدة وتطبيق ما صح منها يفيد المعلم كثيرا في التدريس ويساعد على تلافي كثير من الأخطاء التي يقع فيها كثير من رجال التعليم.
-1أهداف التدريس العامة والخاصة:
إن لمعرفة أهداف التدريس العامة والخاصة والسلوكية ـ في أي عمل ـ أهمية كبيرة تتلخص في الآتي:
ـ توجيه الأنشطة ذات العلاقة في اتجاه واحد، وتمنع التشتت والانحراف.
ـ إيجاد الدافع للإنجاز، وإبقاؤه فاعلا.
ـ تقويم العمل لمعرفة مدى النجاح والفشل.
وهذه الأمور الثلاثة تجعل الأهداف ذات أهمية كبرى للمعلم أثناء تدريسه
فمن المهم أن يحدد المعلم أهدافه من التدريس، وبشكل واضح. ولا يمكن أن يوجد تدريس ناجح دون وجود أهداف واضحة.
والأهداف أنواع :
فهناك أهداف عامة ـ بعيدة المدىـ
وهناك أهداف خاصة ومرحلية.
والعلاقة بين العام والخاص من الأهداف علاقة نسبية. فما يكون عاما بالنسبة لما دونه قد يكون خاصا بالنسبة لما فوقه. فمثلا في تدريس مادة اللغة العربية، هناك أهداف عامة من تدريس المادة أساسا، وهناك أهداف دونها من تدريس المنهج في مرحلة معينة وأهداف من تدريس مقرر محدد في سنة محددة وأخيرا أهداف خاصة من تدريس وحدة أو درس معين.
وإلمام المعلم بهذه الأهداف يساعد في تنسيق الجهود وجعلها متضافرة للوصول إلى الهدف العام النهائي المقرر في سياسة التعليم و الذي يتوقع أن يقوم به التلميذ نتيجة لنشاطه في درس معين.
وقولنا إنه ظاهر ومحدد لكي نشير إلى سلوك معين يمكن مشاهدته وتحديده وقياسه، وليس سلوكا داخليا لا يمكن مشاهدته. فمثلا إذا قلنا: نتوقع من التلميذ بعد هذا الدرس أن يعدَّ من واحد إلى عشرة. فهذا سلوك ظاهر يستطيع كل فرد أن يراه ويقيس مدى نجاح المعلم والتلميذ في تحقيقه. لكن لو قلنا: نتوقع من التلميذ بعد هذا الدرس أن يفهم العلاقة بين كذا وكذا فإن هذا السلوك ـ أي الفهم ـ سلوك عقلي داخلي لا نراه، وإن كنا قد نرى بعض آثاره، فلذلك قد يصعب قياسه.
اربط كل نشاط في القسم بالسعي لتحقيق تلك الأهداف. واجعلها في أول تحضيرك وبشكل بارز، ولابأس أن تكتب مختصرا لها على السبورة لتضمن عدم شرود ذهنك عنها.
وإن الأهداف السلوكية وإن انتقدها بعض الباحثين، لها أثر كبير في تسهيل عملية التدريس على المعلم والمتعلم.
إن من أهم أسباب فشل كثير من المعلمين في أداء دروسهم في القسم رغم تحضيرهم لها كتابيا تحضيرا جيدا هو عدم رسوخ أهداف الدرس في أذهانهم، فترى المعلم ينتقل من نشاط إلى نشاط وكأنه لا رابط بينها ولا هدف مشترك لها.
-2 اعرف تلاميذك – مستواهم – أفكارهم – خصائصهم العمرية
عندما تدخل إلى القسم لأول مرة فإنك تواجه عالما مجهولا لديك إلى حد بعيد. لكنك في الغالب تدخل على فئة متجانسة بشكل عام من حيث العمر والخصائص النفسية والعاطفية. فمعرفتك المسبقة بالخصائص العامة لتلك الفئة يفيدك في وضع القواعد للتعامل معها. فمثلا إذا عرفت الخصائص العامة لمرحلة المراهقة سهل عليك تفسير كثير من التصرفات التي تصدر عمن يمرون بها من تلامذتك واستطعت أن تتوقع ـ إلى حد كبير ـ ما يمكن أن يصدر من سلوك أو يحدث من مشكلات تعليمية.
أيضا معرفة مستوى التلاميذ الاجتماعي وخلفيتهم الثقافية ونوعية أفكارهم يفيدك في أسلوب طرح الأفكار وعرض الدرس، واختيار الأمثلة.
-3-أعد دروسك جيداً
الإعداد الجيد للدرس هو المخطط الذي يتوصل به المعلم إلى أهدافه من الدرس وبالتالي إلى درس ناجح.
خطوات الإعداد:
* تحديد الأهداف
حدد أهداف الدرس بدقة ووضوح، وصغها صياغة صحيحة. وغالبا ما تكون الأهداف محددة في كتاب المعلم، فلا مجال للاجتهاد فيها.
*الإعداد الذهني :
بعد أن تحدد أهداف الدرس بدقة، ابدأ في الخطوة التالية وهي رسم الخطة لتحقيق تلك الأهداف. وقبل أن تبدأ في الكتابة يجب أن تكون فكرة خطة التدريس قد تبلورت في ذهنك.
*الاعداد الكتابي
بعد أن تكون تصورا كاملا ومترابطا لطريقة سير الدرس قم بتسجيلها على شكل خطوات واضحة ومحددة، مراعيا في كل خطوة عامل الوقت وارتباطها بأهداف الدرس.
وما قل الاهتمام بالإعداد الكتابي إلا لأن المعلم ـ والمشرف، أحيانا! ـ صار ينظر إليه على أنه عمل روتيني جامد، لا تجديد فيه ولا إبداع ولا نمو.
*أعد متطلبات الدرس
غالبا ما يحتاج المعلم في شرحه لبعض الوسائل التعليمية والمعينة، وينبغي على المعلم الاهتمام بتحضير هذه الوسائل والتأكد من صلاحيتها وإمكانية استخدامها في المكان الذي ستستخدم فيه. وينبغي ألا يؤجل إعداد الوسيلة إلى بداية الدرس حيث أن هذا يضيع الكثير من الوقت، وقد لا تكون الوسيلة المرادة متوفرة أو صالحة للاستعمال.
*حاول التنبؤ بصعوبات التعلم
المعلم الناجح هو الذي يستطيع أن يتنبأ بعناصر الدرس التي ستكون صعبة على التلاميذ، فيحسب لها الحساب أثناء إعداد الدرس فيكون مستعدا لها فلا تفسد عليه تخطيطه لدرسه.
*تدرب على التدريس
بعض الدروس ـ أو بعض الخطوات فيها ـ وخاصة التي تقدم لأول مرة قد تحتاج إلى شيء من التدريب، فلا بأس أن يقوم المدرس بالتدرب عليها ليضمن أن يقدمها بصورة مرضية أمام التلاميذ (وقد يلمس هذا بشكل واضح في تدريس اللغة الفرنسية(
-4-استخدم طريقة التدريس المناسبة
للتدريس عدة طرق، وليس هناك طريقة من هذه الطرق صالحة لكل الأحوال بل هناك عدة عوامل تحدد متى تكون طريقة ما أكثر مناسبة من غيرها.
فقم بتحديد ما يناسبك من الطرق في ضوء المعايير التالية:
1ـ الدرس المراد شرحه .
2ـ نوعية التلاميذ.
3ـ شخصيتك أنت وقدراتك كمعلم يقوم بتقديم ذلك الدرس.
وتذكر أن أهدافا واضحة ومحددة + طريقة صحيحة = درس ناجح
بشكل عام، ليكون الدرس ناجحا على المعلم أن:
1ـ يهيئ التلاميذ للدرس الجديد بتحديد أهدافه لهم وبيان أهميته.
2ـ يتأكد من معرفة التلاميذ لمقدمات الدرس ومتطلباته السابقة، ولو أعد لها مراجعة سريعة لكان أفضل.
3ـ يقدم الدرس الجديد.
4ـ يلقي الأسئلة على التلاميذ ويناقشهم لمعرفة مدى فهمهم.
5ـ يعطي التلاميذ الفرصة للممارسة والتطبيق.
6ـ يقيم التلاميذ ويعطي لهم تغذية راجعة فورية عما حققوه.
7ـ يعطي الواجب.
– 5 -كن فنانا ذا لمسات مبدعة :
إن التزامك بطريقة واحدة في جميع الدروس، يجعل درسك عبارة عن عمل رتيب ممل، فتكفي رؤيتك مقبلا للقسم لتبعث في نفوس التلاميذ الملل والكسل.
حاول دائما أن تتعامل مع كل درس بشكل مستقل من حيث الطريقة والأسلوب، وكن مبدعا في تنويع أساليب العرض. ومن أكثر ما يثير الملل في نفوس التلاميذ البداية الرتيبة للدرس، فكلمة: « افتحوا الكتاب صفحة..! » أو البدء بالكتابة على السبورة من الأشياء التي اعتاد عليها أكثر المعلمين، فحاول دائما أن تبدع لكل درس بدايته المشوقة، فمرة بالسؤال ومرة بالقصة ومرة بعرض الوسيلة التعليمية ومرة بنشاط تلاميذي.. وهكذا. وكلما كانت البداية غير متوقعة كلما استطعت أن تشد انتباه التلاميذ أكثر.
من الأشياء التي تجلب ملل التلاميذ، وتجعل الدرس رتيبا وضع جلوس التلاميذ في القسم. فالمعتاد لدى كثير من المعلمين أن يكون القسم صفوفا متراصة، وتغيير هذا الوضع بين وقت وآخر بما يناسب الدرس والموضوع يعطي شيئا من التجديد لبيئة القسم.
حاول ـ ما أمكن ـ أن يكون لكل درس وضع مختلف، فمرة على شكل صفوف، وأخرى على شكل دائرة، وثالثة على شكل مجموعات صغيرة.. وهكذا، وإن كان أداء الدرس خارج القسم مفيدا ويساعد على تحقيق أهدافه فلماذا الجلوس والبقاء في القسم. إلا إذا كان هذا الأمر يسبب لك متاعب مع الإدارة ؟!
6- – اجعل درسك ممتعاً
توقف وراجع طريقة الدرس إذا رأيت أنها سبب في السآمة والملل لدى التلاميذ، فالهدف ليس إكمال خطة الدرس كما كتبت، بل الهدف هو إفادة التلاميذ فإذا رأيت أن الخطة لا تؤدي عملها فاستخدم « خطة للطوارئ » تنقذ بها الموقف وتحصل منها على أكبر فائدة ممكنة للتلاميذ. فلا شيء أسوأ من معلم يشتغل في الفصل لوحده..! وتذكر أن الأهداف العامة للتعليم والأهداف العامة للمنهج أكبر وأهم من درس معين يمكن تأجيل عرضه أو تغيير طريقته.
• استخدم الأسلوب القصصي عند الحاجة، فالنفوس مولعة بمتابعة القصة.
• اسمح بشيء من الدعابة، فالدعابة والمزاح الخفيف الذي لا إيذاء فيه لمشاعر أحد ولا كذب من الأمور التي تروح عن النفس وتطرد الملل.
• حاول دائما ـ ما أمكن ـ أن يقوم المتمدرسون بالنشاط أنفسهم، لا أن تقوم أنت بجميع الأدوار وهم مكتوفوا الأيدي ينظرون، وتذكر أن من أهداف المناهج أن يقوم المتمدرسون أنفسهم بالعمل لا أن يشاهدوا من يقوم بالعمل!
• رغب التلاميذ في عمل ما تريده منهم واجعل الأفكار تأتي منهم! فمثلا بدلا من أن تقول راجعوا الدرس السابق وسأعطيكم درجات في الواجب أو المشاركة، قل لهم: « ماذا تحبون أن تفعلوا حتى أعطيكم درجات أكثر في المشاركة؟!.. ما رأيكم في مراجعة الدرس السابق؟! »
7- استثر دافعية التلاميذ.
من الصعب جدا ـ إن لم يكن مستحيلا ـ أن تعلم تلميذا ليس لديه دافعية للتعلم. فابدأ بتنمية دافعية التلاميذ واستثارتها للتعلم والمشاركة في أنشطة القسم، مستخدما كافة ما تراه مناسبا من الأساليب التي منها:
*اربط التلاميذ بأهداف عليا وسامية.
ليس هناك شيء يجعل الدافعية تخمد أو تفتر من عدم وجود أهداف أو وجود أهداف دنيا، فدائما وجِّه أذهان تلامذتك إلى الأهداف السامية العظيمة، واغرس التطلع لها في نفوسهم لتشدهم شدا إلى المعالي فتثير فيهم دافعية ذاتية لا تكاد تخبو.
*استخدم التشجيع والتحفيز.
للتشجيع والتحفيز المادي والمعنوي أثر كبير في حث النفس على العمل ولو كان العمل غير مرغوب فيه، فالتشجيع بالثناء والكلمة الطيبة والتشجيع بالدرجة والتشجيع بالجائزة والتشجيع المعنوي بوضع الاسم في لوحة المتفوقين، كل هذه الأشياء لها أثر كبير في حفز التلاميذ على التعلم. وهذه الأشياء سهلة ولا تكلف المعلم شيئا.
*حدد أهدافا ممكنة ومتحدية .
قم بتحديد أهداف دراسية يكون فيها شيء من الصعوبة وأشعرهم أنك تتحدى بذلك قدراتهم وتريد منهم أن يثبتوا جدارتهم، مثل أن تطلب منهم أن يحفظوا صفحة من القرآن مرة واحدة أو أن يحفظوا عشر كلمات من اللغة الفرنسية، وستجد أن كثيرا من التلاميذ يتجاوب معك ويقبل تحديك. لكن تأكد أن ما تطلبه منهم ليس بالسهل جدا بحيث لا يعيرونه بالا وليس بالصعب جدا بحيث يسبب لديهم الإحباط، وأعطهم الوقت الكافي.
*أشعل نار التنافس الشريف.
إن مثل النشاط الذي في الفقرة السابقة يفتح المجال للتنافس الإيجابي بين التلاميذ، فقم باستغلاله لصالحهم. لكن كن حذرا من أن يجرهم هذا التنافس ويتمادى بهم إلى التشاحن والتباغض. وأيضا انتبه لجانب الفروق الفردية بين التلاميذ.
كافئ.
استخدم المكافأة بشتى أنواعها الممكنة مع التلاميذ الذين ينجزون ما تطلبه منهم أو يبذلون جهدا كبيرا في سبيله، لكن تأكد أن المكافأة مناسبة للتلميذ، من حيث ما بذله من جهد ومن حيث مستواه العمري. وحذار أن تكافئ فردا واحدا أو تثني عليه إذا كان العمل ضمن مجموعات. فالمكافأة تكون للمجموعة لأن مكافأة الفرد وحده ولو كان ضمن مجموعة تخلق العداوة والحقد.
8
– ابتعد عن العنف
تذكر دائما أنك إنما أتيت لتعلم لا لتعاقب من لا يتعلم! وتذكر أيضا أنه ليس كل عجز في التعلم يرجع سببه إلى التلميذ. كن صبورا وتلطف ببطيئي التعلم والمهملين وثق أن المهمل إذا رأى أن إهماله يزيد من تركيز المعلم عليه وتلطفه به فسيكف عن سلوكه هذا. وغالبا ما يكون سبب الإهمال البطء في التعلم وغفلة المعلم عن ذلك
ارجع بذاكرتك إلى الوراء وتذكر مدرسيك فستجد أن أول ما يخطر بذهنك صورة المدرس الغليظ الفظ الذي كانت رؤيته تثير الرعب في قلوب التلاميذ، وتحسس قلبك فستجد كم فيه من الحنق عليه ـ إلى اليوم ـ لما سببه لك أو لغيرك من الآلام النفسية في أيام الدراسة ولعله كان السبب في كرهك لمادة من المواد.
هناك من المدرسين من كانوا بعنفهم وغلظتهم سببا في ترك كثير من التلاميذ للدراسة ممن كان يتمتع بقدرات عقلية جيدة وكان يرجى له مستقبل جيد .
دخل معاوية بن الحكم رضي الله عنه في الصلاة مع الجماعة ولم يعلم أن الكلام قد حرم في الصلاة، فعطس أحد الصحابة فشمته، فنبهه بعض الصحابة ـ بالإشارة ـ فلم يفهم واستمر في كلامه، فلما انتهت الصلاة ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى إليه خائفا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل لطف ولين: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتحميد وقراءة القرآن، فقال معاوية معلقا على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: بأبي هو وأمي، ما رأيت أحسن تعليما ولا أرفق منه صلى الله عليه وسلم.
9 – اجعل اتجاهك جيداً نحو التلاميذ
أثبتت البحوث التجريبية أن نظرة المعلم لتلاميذه ذات أثر كبير على تحصيلهم وتقبلهم. فإذا كان المعلم ينظر إلى تلاميذه على أنهم أذكياء وقادرون على التعلم وجادون ـ ويحسون هم بذلك ـ فسيؤثر هذا إيجابيا عليهم، أما إذا كان المعلم ينظر إليهم على أنهم كسالى ولا يفهمون شيئا فسيكونون كذلك.
*كن متفائلا
التفاؤل من أحسن الصفات التي يجب أن يتمتع بها المعلم، فكن متفائلا من طلابك وأشعرهم بذلك ترَ منهم ما يسرك.
*اظهر تقديرك لاستجابات التلاميذ ومشاركاته.
لاتهمل مجهودات التلاميذ ولو كانت قليلة، أو دون ما تتوقع. أظهر شكرك وتقديرك لاستجابات التلاميذ واطلب منهم المزيد، ليحسوا بالفرق بين المشاركة وعدمها ويتيقنوا أنك منتبه لمشاركتهم.
*علمهم علو الهمة والطموح
علو الهمة عنصر « سحري » إذا خالط نفس التلميذ رأيت منه العجائب. وكثير من التلاميذ يملك هذا العنصر لكنه في حالة خمود. فقم بتنشيط هذا العنصر باستثارة حماس التلاميذ وضرب الأمثال لهم وإعطاء القصص المفيدة، وربطهم بأهداف سامية.
– 10- حافظ على نموك العلمي والتربوي والمهني
يقع كثير من المعلمين في خطأ كبير عندما يظنون أن تخرجهم ونيلهم للوظيفة هو نهاية المطاف وأنهم بذلك قد وصلوا مرحلة يستريحون فيها. فهذا غير صحيح. فتجنب الوقوع في هذا الخطأ واعلم أنه وإن انتهى وقت الدراسة النظامية المقررة بالتخرج إلا أنه جاء وقت الدراسة الذاتية، وجاء دور مزج الدراسة النظرية بالخبرة المباشرة. فاحرص على الاستمرار في نموك العلمي والتربوي، فإنه لا شيء من هذه الدنيا في ثبات فكل مالا ينمو فهو يذبل كما أن الوضوء لا يصح من الماء الراكد.! يمكنك تنمية نفسك بإحدى الطرق التالية :
*القراءات الموجهة
استشر الموجه التربوي أو أحد المتخصصين ليحدد لك كتبا أو فصولا لتقرأها في تخصصك الدقيق أو في التربية بشكل عام. احرص على الاشتراك في الدوريات المتخصصة في التربية والتعليم.
*اللقاءات التربوية
تحرص الإدارات التعليمية والنيابات الإقليمية وغيرها من المؤسسات التربوية على إقامة لقاءات تربوية وندوات لبحث وتدارس الموضوعات التربوية المهمة، لا تتردد في الحضور والمشاركة الفاعلة التي يكون هدفها الفائدة، وسترى تغييرا كبيرا إن أنت أحسنت توظيف المعلومات التي اكتسبتها.
*الدورات التدريبية
* تعقد أحيانا دورات تدريبية للمعلمين، اسعَ للالتحاق بإحداها لرفع مستواك العلمي والمهني.
.
– 11- كن قدوة في علو الهمة والأمانة والجد
كل كلامك لتلامذتك عن الخلق الحسن والصفات الحميدة لا يكون له كبير فائدة إذا لم يرَ منك التلاميذ تطبيقا فعليا. فكن قدوة لهم في علو همتك فلا ترض من الأمور بأدناها، وكن قدوة في جدك فلا يراك تلامذتك لا همَّ لك إلا الهزل والمزاح. وكن قدوة في أمانتك فلا يرَ منك التلاميذ تفريطا فيها بإهمال واجباتك الوظيفية والتربوية.
– 12
– انتبه إلى ما بين سطور التدريس
من المسلمات أن التربية ليست حشو أذهان التلاميذ بالمعلومات، بل هي إكسابهم المهارات اللازمة والاتجاهات الصحيحة وتهذيب خلقهم وتنمية مداركهم العقلية. فما يكتسبه التلاميذ من شخصية المعلم وخلقه وهديه في التعامل والتعليم ونظرته للأشياء وطريقة تفكيره قد تكون أهم وأنفع للتربية مما يعطيهم من معلومات، وهو ما يمكن أن نسميه ما بين سطور التدريس، فهناك دائما أشياء غير مباشرة يكتسبها التلاميذ من المعلم ـ ربما وهو لا يشعر ـ وقد تكون إيجابية وقد تكون سلبية.
إن المعلم الجاد ذا الخلق الحسن الرفيق بتلاميذه والمهتم بعمله يكتسب منه التلاميذ حبا للعلم وحبا للمدرسة وحسن الخلق في التعامل مع الآخرين مهما كانت المادة التي يدرسها، والعكس بالعكس! فشخصيتك ذات أثر كبير في تلاميذك..
– 13 – قل – لا أعلم – لما لا تعلمه
يتحرج بعض المعلمين إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم! والواقع أن الإجابة عن سؤآل ما بـ « لا أعلم » أمر يجب أن لا يتحرج منه المعلم لأمور
1
ـ يجب أن نحترم العلم، ونحترم عقلية التلاميذ، فإذا سئلنا عما لا نعلم فلا نتكلف الإجابة ونراوغ، بل نعترف أننا لا نعلم، ولا عيب في ذلك على أساس أن تعد التلاميذ بأنك ستبحث في الموضوع وتخبرهم بالجواب في الحصة المقبلة.
2ـ يجب أن نرسخ في أذهاننا وأذهان التلاميذ أنه ليس مطلوبا من المعلم (ولا من التلميذ) وليس في مقدوره أن يعلم كل شيء، بل يجب أن يعرف الفرد حدود علمه وقدراته، فلا يتكلم فيما لا يحسن.
3
ـ هذه العبارة: « لا أعلم » إذا قالها المعلم بثقة تزيد من قَدره عند تلامذته.
– 14 استخدم وسائلك التعليمية بفاعلية
عندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين لأصحابه معنى قول الله تعالى: { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل…} خط لهم خطا مستقيما وقال هذا سبيل الله، وخط خطوطا كثيرة عن يمينه وعن شماله وقال: هذه السبل…! :
وعندما رأى الصحابةَ يتحسسون منديلا من حرير ويتعجبون من لينه ونعومته، قال صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا؟! لمناديل سعد في الجنة أفضل من هذا! :
للوسائل التعليمية أثر كبير في التعلم، فهي:
1ـ توفر على المعلم الكثير من الكلام النظري
2ـ تجذب انتباه المتعلمين
3ـ تكسر رتابة الشرح والإلقاء
4ـ تثبت المعلومة
5 ـ توضح الفكرة بشكل أكبر من الكلام المجرد
• استخدم الوسائل المتوفرة ـ سابقة الصنع ـ أو قم بإعدادها أنت أو كلف التلاميذ بذلك قبل الدرس بوقت كاف. يمكنك استغلال حصة النشاط أو حصة التربية الفنية في ذلك.
• تذكر أن لاستخدامك للشيء الحقيقي كوسيلة أثر أفضل بكثير من استخدام صورته، ويكون ذلك خبرة مباشرة للتلاميذ، فمثلا في درس اللغة الفرنسية، بدلا من أن تحضر صورة كرة أحضر معك كرة حقيقية. كان أحد معلمي اللغة الإنجليزية يجد صعوبة في بيان معنى كلمة headmaster للتلاميذ بحيث يضطر إلى ترجمتها، مع أن هذا أمر غير مرغوب فيه، ولم يخطر بباله أن يأخذ التلاميذ إلى غرفة المدير ويقول لهم: This is the headmaster. ! مع أن هذا سيسهل عليه العملية وسيرسخ المعلومة في أذهان التلاميذ ويبعث الحيوية في الفصل ويجعل الموقف أكثر طبيعية.
•
تأكد أن الوسيلة واضحة وأن الهدف الذي تريده منها ظاهر للتلاميذ، فما تراه أنت في الوسيلة قد لا يفهمه التلاميذ
كلما كانت الوسيلة سهلة وبعيدة عن التعقيد فذلك أفضل.
• اجعل وسيلتك شيقة وجذابة
• كن مبدعا في وسائلك وابتعد عن التقليد
• احذر من الوسائل التي قد يكون فيها خطر على التلاميذ
• تأكد أن مكان الدرس مهيأ لاستخدام الوسيلة، مثلا: وجود مسمار أو شريط لاصق لتعليق اللوحة، مصدر كهرباء، فصل مظلم…إلخ. فسيئٌ جدا أن يحضر المعلم الوسيلة ثم يمضي وقتا يبحث يمنة ويسرة عن مكان ليعلقها أو يضعها فيه.
• لا تستخدم وسيلة لا تعرف طريقة تشغيلها، فهذا قد يسبب شيئا من الآتي
–
1 إفساد الجهاز، وقد يتضرر التلاميذ أو المعلم بذلك.
2 – إضاعة الوقت في البحث عن الطريقة الصحيحة لتشغيله.
3 – الارتباك والإحراج الذي يقع فيه المعلم أمام تلامذته نتيجة لعجزه عن تشغيل الجهاز.
وختاما وتوجيها لكل معلم يحترم مهنته ويحبها لأنها رسالة حضارية عظيمة، أدعو كل المعلمين إلى مشاهدة فيلم : » دائرة الشعراء المفقودين » le cercle des poètes » »disparusبطولة الممثل المقتدر روبين ويليامس. والاعتكاف على مناقشة الآليات الجامدة القديمة المعمول بها، وابتكار وسائل وأنماط جديدة تتلاءم مع الطاقات المخزونة في أبنائنا التي تحتاج إلى إستخراج وتفتيق في ضوء ما يقدمه الفيلم من خلخلة لما ألفناه من غث وسمين. كما أدعوهم لشاهدة فيلم: » اثنا عشر رجلا في غضب » douze homme en » colère » لمناقشة كيفية إدارة الحوار. لأن الحوار كآلية هو مدخل أساس لكل انفتاح وحرية وإبداع وابتكار.
2 Comments
savoir lire et conprendre+respecter l autre c’est le vrai boulou du prof..
إلى الأستاد الفاضل صاحب هدا المقال القيم، أنا رجل تعليم جديد ورغم كل ما اطلعنا عليه من مناهج قبل التخرج قد استفدت كثيرا من توجيهاتك المهمة التي أرجو أن يطلع عليها كل متخرج جديد مثلي..وشكرا