الادارة التربوية بين المرونة والتصلب
تساءل الخبراء عن سبب تأخر الإدارة في أوربا عن نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية فبعد بحوث مضنية اكتشف الدارسون أن الإدارة في بلد الحرية أكثر مرونة في كل مناشط الحياة وبشكل خاص في قطاعين حيويين الصناعة والتعليم وهما ميدانان لتوظيف الموارد الطبيعية والبشرية بينما تصلبت الإدارة في هذين القطاعين في العالم الأوربي…فإذا كانت أوربا هي ثاني قوة اقتصادية وعسكرية في العالم وواضعة النظريات الحديثة في مجال الإدارة بنماذج عملها المتطورة و الفعالة ذات المر دودية العالية فما هو واقع إدارتنا التربوية بالمغرب؟
وماهي مؤشرات نجاح إصلاح المنظومة في مجال الإدارة التربوية؟
وماهي مدلات التصلب والمرونة في التعاملات الإدارية؟
إن الدارس للعملية الإدارية يحتار من أين سيبدأ نظرا لتشعب المسألة وتعقدها… ربما ستكون البداية من البعد الاجتماعي في العملية الإدارية وبالذات من تحفيز الموارد البشرية الأمر قد يتعلق مثلا بالمذكرة رقم 16 للجائزة الوطنية للاستحقاق المهني لأطر التربية والتكوين لماذا لم ينفتح الخطاب الاداري المتضمن في المذكرة على فعاليات أخرى داخل طواقم الإدارة وتعدد اختصاصات هيئة التدريس في إطار تحفيز الإبداع المهني وتثمين المنجز الوظيفي ؟ .. لماذا التركيز على صنف واستثناء أصناف لماذا التركيز وللسنة الثانية على التوالي على الفرد في مشاريع تتوخى الجودة دون فريق العمل؟ لماذا مثلا لم تطل الوثيقة صنف الحراس العامين والنظار ورؤساء الأشغال ومديري الدروس وأطر الدعم ومسيري المصالح المالية والقيمين على المكتبات وعلى الكتاب إلى جانب المديرين وأستاذ من متعدد الأساتذة العاملين بالمؤسسة…أليست المرونة تقتضي أن تخصص الجائزة الوطنية لفريق العمل الإداري وفريق العمل الديداكتيكي وفريق الخدمات أليس من مقتضيات الحكامة التدبيرية خلق تنافس شريف بين الأكاديميات وبين النيابات وبين مجالس التدبير ذات التمثيلية الكاملة للمجتمعات المدرسية لتعزيز توجه التدبير التشاركي الذي يدعو إليه البرنامج الوطني الاستعجالي مع تخصيص قيمة الجائزة لتمويل مشاريع ذات منفعة عامة.
ثم أليس من التصلب الاداري أن تجمع السلطات التربوية في يد صنف واحد » مدير الأكاديمية » و »النائب الإقليمي » و »مدير المؤسسة » ويعطل تفويض الاختصاص وتفويض التوقيع في أمور حيوية مصيرية لفرق العمل التابعة لهذه الأصناف …لتنقل المركزية والتركيز بشكل ممتد من مركز القرار الرباط إلى الأكاديمية والنيابة ومؤسسة المدير فيتأخر مشروع اللامركزية واللاتركيز والتدبير على مستوى المرفق التعليمي العام من منظور مالي ومادي وتربوي وإداري واجتماعي…ألم يتجسد التصلب الاداري في مباراة الدخول إلى مسالك تكوين المفتشين و تجلت المركزية بأم عينها؟ تصوروا هناك مركز وحيد ل16 أكاديمية ولكم من النيابات ولأعداد هائلة من رجال التعليم والإدارة… ألم يكن البعد وتكاليف السفر والإقامة والنقل عامل إقصاء للكثير من الأطر التي لم يشملها استثناء أساتذة الدرجة الثالثة…ألم تحمل المذكرتان 23 و24 المنظمتان لمباراة الولوج لمركز التوجيه والتخطيط نفس التوجه المركزي…أليس التصلب عينه هو البادي في شبكة تقويم الأداءات بغض النظر عن المقوم وتفرغه وأهليته وإمكانية مباشرته لعمليات القياس بشكل يكفل النزاهة والموضوعية والشفافية لآليات تقويمية تستهدف أداءات مختلف الأطر التعليمية فكيف يعقل تنزيلها بمظلة المركزية وفرضها دون استشارة الفاعلين التربويين والفرقاء في وقت ترفع فيه الوزارة الوصية شعار الحوار الاجتماعي والمقاربة التعاقدية والادارة الصريحة من منظور التفاعلية الاجتماعية بل كيف يتم ترسيم شبكة مصيرية بالنسبة للمورد البشري دون إثراء أوتعديل أ وتكييف مع إمكانياتنا وظروف عملنا ومراعاة لحاجياتنا ثم يتم سحبها تحت الضغط…
أين المرونة في برنامج استعجالي يضم 23 مشروعا هاما دون تحديد التكلفة ولا الممول ودون دعم مالي حقيقي للمؤسسات لتباشر تنفيذ مشاريعها الخاصة المشتقة من البرنامج الوطني الاستعجالي ودون تحيين للترسانة القانونية التي لازال يحكمها منطق المركزية والتي تعود إلى الخمسينات والسيتينات…أ
ين قانون الاستثمار التربوي للانتقال للتدبير المقاولاتي للمؤسسة البشرية؟بل أين الإطار القانوني للشراكة ولمشروع المؤسسة لتسريع وتيرة التنفيذ وتعميل اختصاصات مجالس التدبير؟
أليس التصلب نفسه هو المتجلي في وضعية التذبذب لأطر الإدارة لاهم كالأساتذة ولا كالأطر الخمسة للوزارة المنصوص عليهم في المرسوم 854 … يحرمون من الكثير من الحقوق كالتدريس في المراكز واحتساب الأقدمية في إطار أستاذ في الحركة الانتقالية…
قد يطول بنا الجرد إذا استرسلنا في استعراض مظاهر التصلب لكن المحصلة أن مؤشرات نجاح الإصلاح مخيبة ومدلات الارتباك والارتجال وتثبيت القرار والسلوك المركزيين في تنام إذا لم نحسم في الاختيارات الكبرى هل نريد تعليما عموميا مدعما من طرف الدولة أونريد تعليما تشاركيا فيه مزيج من العمومية والخوصصة أو نريد تعليما خصوصيا خالصا بمعايير رأسمالية ونخصص لكل اختيار لوازمه وشروطه واستراتيجية تخطيطه وتنفيذه وتقويمه هل نريد مركزية متسلسلة أم نريد تدبيرا مستقلا وشخصية معنوية بقدرات ذاتية للمرفق التعليمي العام….؟
4 Comments
أسئلة وقضايا جوهرية طرحها المقال ،ولكن يبدو أن عوائق إصلاح التعليم ـاتي من مسؤولي وزارة التربية أنفسهم الذين حاصروا عملهم في تنظيمات استعمارية عتيقة كبلت جميع الإصلاحات التي مر منها المتعليم رغم إدعائهم مسايرة المستجدات
حقا ، علينا أن نهمس في أذن السيد قدوري حفظه الله بأنه يفسح المجال لبعض الكتبة الماهرين أمثال الأخ ابراهيمي ..فليته يكتفي بهم و لا يمطرنا كل يوم ببعض المقالات التي يتعدى اصحابها اختصاصاتهم فتراهم فقهاء و مربين و سياسيين و محللين اجتماعيين و فنانين و شعراء ..حتى صدق في حقهم قوله تعالى في في كل واد يهيمون
السلام عليكم
سيدي الفاضل ، لقد جاء موضوعكم شاملا لأهم معانات أسرة التعليم و استدلالك بالمذكرات الوزارية لأحسن دليل على آنية بعض المفاهيم التي يشوبها الغموض في المنظومة التربوية، والحقيقة أن التعامل مع روح النصوص عندنا مستعصي ، وبالتالي لا مجات للتعامل بالليونة . لكن الشيئ الذي أثار انتباهي في موضوعكم هو مذكرة رقم 16 للجائزة الوطنية للإستحقاق المهني ، تحليلك ، سيدي الفاضل منطقي في عدم الإكترات بعمل الفريق ضمن النسق التربوي، لكن الذي يثير الإنتباه هو كيف يمكن أن يختار مجلس التدبير مترشحا بالقرعة ؟ بحجة أن عدد نصاب مجلس التدبير لم يكتمل ، فهل هذا منطقي ؟؟ هل هذه شفافية ؟
شكرا،سيدي، على اختيارك للموضوع
شكرا لقراء وجدة سيتي على الاطلاع والشكر موصول للأخ المعزوز والأخت فاطمة لحسن التي أحيلها على القرار الوزاري 15 37 /03 خاصة المادة 17 التي تحصر حالات تجديد عضو أوأعضاء من تشكيلة مجلس التدبير في الاستقالة والاحالة على التقاعد والوفاة متناسية لحالة مطردة وهي الانتقال وفي نفس الوقت اختي العزيزة لم يقع التنصيص على حالة عدم اكتمال نصاب أعضاء مجلس التدبير التي ينبغي التعامل معها بمنطق التأجيل وتوجيه الدعوة مرة ثانية لعقد المجلس حتى يتسنى للأعضاء الغائبين الالتحاق بإحدى الدورتين العاديتين…كما أحيلك أختي الفاضلة على مقال سابق منشور بموقع وجدة سيتي حول مشروع تحديث آليات اشتغال مجلس التدبير الذي يعتبر حاليا امتدادا سيئا للمجلس الداخلي ولايعبر البثة عن التحول في التوجه العام للوزارة من بنية التسيير إلى بنية التدبير لاعلى مستوى قاعدة انتخاب أعضائه ولا على مستوى الصلاحيات والاختصاصات الحقيقية المخولة له ولاعلى مستوى الموارد المالية المرصودة لتنفيذ مشاريعه ولا على مستوى هوامش الحرية المخصصة له لسن تشريعات أو تحيين أخرى موجودة أوتكييفها بحسب الحاجة و الخصوصية في أفق الانتقال إلى التدبير من منظورات خمس / التدبير المالي والمادي والاداري والتربوي والاجتماعي على صعيد المؤسسة…وشكرا للجميع