اذا كانت نقاشات الحركة الاسلامية المشاركة في العمل السياسي خاصة قد انشغلت تارة بالنتائج التي تحققها في كل استحقاق انتخابي و تارة اخرى بمظاهر التاثير السلبي لفعل المشاركة على المنسوب التربوي لابناء الحركة و انشغل البعض الاخر تارة ثالثة بمسالة احتواء الحركة فان الفاعل الدعوي تبدو تلك الامور بالنسبة اليه ثانوية لانه مهتم اكثر بقضية الدعوة و مدى انتشارها لذلك فان تفكيره يتجه الى العائد الحضاري لفعل المشاركة السياسية و هو الامر الذي يفرز الاسئلة التالية كم اطرت دعويا المشاركة السياسية من شاب و شابة و كم استثمر دعاتها في تربية المشاركين سياسيا و تزكية اخلاقهم و تسديد افكارهم و بالجملة فان المشاركة السياسية محطة دعوية تساهم في تمكين افراد جدد من فقه دينهم بعد الانتماء السياسي و القيام بجهود الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و فعل الخيرات و ترسيخ قيم جديدة في العمل العام و هي قيم الصدق و النبل و التضحية و نكران الذات و غيرها من القيم النبيلة في المعاملات السياسية و الاجتماعية و النقابية ان هذه الرؤية لاشك تساهم في تجديد الفعل السياسي ووصله بمنظومة القيم المرجعية للامة و الوطن و تساهم في اطالة مرحلة المد التي يحققها الفاعل السياسي الاسلامي كما انها تنعكس على رسوخ الدين في وعينا الجمعي و تجدر قيم التدين في سلوكنا المجتمعي العام الذي به تتحقق النهضة المنشودة و هي الابعاد التي بدونها لن يكون فعل المشاركة السياسية سوى لحظة عابرة و يتحول معها الى دوران في الفراغ