تقارب سياسي بين الإسلاميين واليساريين أم زواج مصلحة ؟؟؟
تابعت بالأمس خبرا أذيع علىاتهام صريحرة مفاده أن بعض اليساريين وبعض الإسلاميين يسعون إلى تقارب سياسي. وكالعادة اتصلت القناة بالمختصين في القضية فعبر بعضهم عن تشكيكه في هذا التقارب الذي فرضته ظروف الاستحقاقات الانتخابية . واللافت للنظر أن الهدف المعلن لهذا التقارب هو مواجهة الفساد على حد تعبير الطرفين . وهذا الهدف في حد ذاته فيه اتهام صريح لطرف ثالث يشارك الطرفين اللعبة السياسية الانتخابية. ولقد تعودنا على سماع تراشق التهم بين الفرقاء الذين يخوضون اللعبة الانتخابية ولسان حالهم كل حزب بما لديهم فرحون . فكل حزب يقدم نفسه للمواطنين على أنه المسيح المخلص أو المهدي المنتظر ويقدم غريمه على أنه المسيخ الدجال أو إبليس اللعين.
والغريب في التقارب بين اليساريين والإسلاميين هو التقارب بين ما لا تقبل طبيعته التقارب أصلا نظرا لتباين طبيعته التناقض. فالطرح العلماني لسياسة البلاد هو النقيض المقابل للطرح الإسلامي. ووجود كل منهما رهين بزوال الآخر أو على الأقل بانحساره أو اكتفائه فلعب دور المعارض عندما تؤول الأمور إلى غريمه . وعندما يثار موضوع التقارب بين النقيضين يكون المقصود بطبيعة الحال هو زواج المصلحة ليس غير ، وهذا ما عبر عنه أحد المستجوبين الذين ضيفتهم قناة الجزيرة حيث قال إن قبول اليساريين بالتقارب السياسي مع الإسلاميين هو محاولة منهم لسحب البساط ، وذلك عن طريق استرضاء المتعاطفين مع الإسلاميين للتصويت لصالحهم ، كما أن قبول الإسلاميين بهذا التقارب هو ضرب من البرغماتية. فزواج المصلحة بين الطرفين ـ وهو زواج ممقوت ـ لا يخفى على أبسط المواطنين الذين عبروا في استحقاقات سابقة عن وعي كبير أذهل كل أطراف اللعبة السياسية والانتخابية ، وجعلهم يرجعون حساباتهم ويبحثون عن سبل جديدة لمراوغة الوعي الجماهيري الرائد الذي كانت بدايته من عقود وانتهى إلى النضج التام بعدما جرب الشعب كل الألوان والأطياف فوجد أن مقولة « أولاد عبد الواحد كلهم واحد » مقولة خلفها الأجداد وهي حقيقة لا غبار عليها . ولن تجدي المراوغين مراوغة شعب ناضج الوعي سواء تعلق الأمر بتصنيع أحزاب من بقايا الأحزاب المتهالكة ، أو تعلق الأمر بزواج المصلحة بين أحزاب في سن اليأس ، وهو في حكم الزواج المحرم شرعا إذ لا يحل يسار لإسلام والعكس يصح أيضا وحرم ذلك على الطرفين .
إن مواجهة الفساد تبدأ من عقر دار كل طرف. فإذا كان الفساد مستشريا في المجتمع وكان من بين أسبابه الرئيسية الممارسة الحزبية البرغماتية التي تجعل الولاء الحزبي فوق الولاء الوطني ، وتجعل العصبية الحزبية فوق الحق والقانون ، وتبوأ المناصب للأتباع على أساس انتمائهم وانخراطهم لا على أساس كفاءاتهم فلن يجدي نفعا ما يسمى التقارب بين الأحزاب التي بينها ما بين السماء والأرض بعدا.
إن المغرب في أمس الحاجة إلى مواطنين دينهم خالص لوجه الله تعالى، ووطنيتهم خالصة لوجه الوطن، وأهواءهم تبعا لله والوطن.فلا يوحد بين الفرقاء إلا الدين الواحد ، والوطن الواحد . فمن كان انتماؤه للدين لا يجاوز لسانه بينما قلبه مع العلمانية لا يمكن الإسلام.عن وحدة أو تقارب مع غيره في بلد دينه الرسمي هو الإسلام . ومن كان انتماؤه للدين محض برغماتية وقلبه مع مصالحه الشخصية لا يمكنه أيضا أن يتحدث عن وشيجة تربطه بغيره في بلد لا توجد فيه ممارسات دينية بل توجد فيه ممارسة واحدة توحد الأمة حول كتاب وسنة ولا عبرة بأسماء يسمونها ما أنزل الله بها من سلطان .
فالفساد هو أن يلتمس البعض الحلول في غير ما شرع الله ، وصدق من قال :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها // إن السفينة لا تجري على اليبس .
4 Comments
سلام الله عليكم أستاذي العزيز سيدي محمد شركي
إنها اللعبة السياسية في العالم الثالث، هم يتفاهمون ونحن القواعد نتناحر فيما بيننا. كل القمة متحدة ضدنا، ونحن متحدون ضد أنفسنا
.هكذا نفهم السياسة على شاكلتنا؟!
ليس هكذا تفهم السياسة يا اخوان من كانت نيته مصلحة البلاد و من كان يعاني من ازمة الفساد التي يعيشها الجتمع سياسيا و اخلاقيا ومن كان يتابع انهيار المجتمع يوما بعد يوم فانه لا يضيره ان يتحالف مع هذا او ذاك و هذه طبيعة بعض الاسلاميين في المغرب فان الهاجس الذي اصبح يؤرقهم ليست هي المصلحة او التفاهم فيما بينهم كما ذكر الاخ قريش الذي احترححمه و لكن مصلحة البلاد فهم لا يتاخرون عن اي تحالف مهما كانت طبيعته اذا كان ذلك يصب في مصلحة البلاد و ذلك لعمري هو عين العقل و عين الانفتاح القائم على المصلحة العامة الذي يتميز به لاسلاميون في المغرب فرغم المكائد التي تحاك ضدهم حتى من الاحزاب السياسية فانهم دائما يفتحون ذراعهم لكل من من يظنون فيه خيرا فهل هناك من نكران للذات كهذا الموقف الذي لا يتعصب لاختياراته و لافكاره حين يرى مصلحة البلاد هي الاولى انها الرؤية السديدة المتشبعة بالرؤية الاسلامية الغنية و المنفتحة و الذكية و السلام
من يقول هذا الكلام جاهل بالدين وبالسيرة وعليه مراجعة ما كتبه العلماء في التحالف وما حدث في حلف الفضول ثم هو بعيد جدا عن السياسة الشرعية والفكر المقاصدي ولا يفقه الواقع المغربي جيدا.أما محاكمة النوايا فلا يجوز شرعا كما يعلم الأستاذ.
سلة من الأسئلة تطرح على الأخ الكريم قبل مناقشته الموضوع على اعتبار أن تحديد المصطلحات في الحقل السياسي بالغ الأهمية.فما مفهوم الأستاذ للإسلامي واليساري؟ماهو الشيء الذي يحول دون لقاء الفاعليين السياسيين ولا تقبل طبيعته التقارب؟هل للبلاد طرح علماني في ظل إمارة المؤمنين؟هل تستطيع أن تبرز لنا مثلا واحدا يؤكد أن في المغرب على اختلاف دكاكينه من يضع ولاء الحزب في منزلة أعلى من ولائه للوطن؟متى كان أولاد عبد الواحد كلهم واحد؟هل أصبحت البطن المغربية عاجزة عن إنجاب البررة؟