أي أدمغة مهاجرة !!؟
من النقاط الإيجابية جدا وأنت خارج وطنك الأم أن تكتشف وتقنع نفسك أنك كنت قاسيا على بلدك بل ومتظلما إلى حد بعيد حين تقوم بمقارنة أحداث ومعاشرة أقوام وسماعك أخبارا لا تتجرأ محطة إعلام التعليق عنها. الأهم أنك وجدت ذاتك وأصبحت ترى الأمور على الرغم من تعقيداتها برؤية واضحة وموضوعية. وما يخيب أملك ويزيد من هوسك وتشنجك أنك لوهلة اعتقدت أو سمعت عن شيء إسمه هجرة الأدمغة المغربية أو الأطر المغربية بأمريكا الشمالية. حتى أكون منصفا وحتى لا أكون مجحفا فهناك استثناءات قليلة جدا.
حين تجمعنا اللقاءات والسمر مع أشقاء عرب أنزعج من القصص المحبوكة وصناعة الإشاعة وسرد حكوات تضليلية عن « أطر » مغربية يتفننون بل وينمقون جدلهم فتسرد أحجيات عن الثمانينات ويقسمون باستهزاء ويِعزز بعضهم أقاويل البعض. ونحن عائدون أدراجنا يتحتم علينا المرور وسط المدينة العظيمة التي تصنفها الأمم المتحدة رابع أرقى مدن العالم ثم الحفر والأوحال « والأزبال » هنا وهناك ثم الحفر العميقة وأجد « الأدمغة » وهم يقودون السيارات يسبون ويشتمون الحفر وعن الظلام الدامس وسط القلب النابض فلن تمر ثانية إلا وتسمع وقع العجلات في الحفر وسط المدينة العظيمة فيقول أحدهم » والله إننا في المغرب لاتوجد كثرة الحفر بهذا الشكل!!! » فيأتي دوري وساعة حديثي بعد كبتي الذي دام الساعتين » لماذا لا تنتقدون الحفر وقلة الإنارة وصعوبة ولوج المؤسسات الصحية وكيف تجلس مدة أكثر من ثمان ساعات لولوج الطوارئ مهما كانت جدية حالتك إلى أن يأتي دورك دونما معارضة وحينما تقصد إدارة ولاتجد موظفين هناك ثم تنتظر الساعات إلى أن يعود الموظف متجهما في وجهك وو… حينما نكون جالسين نسخر من وطننا » ثم يعم الصمت وتتخلله نبرات » نعم ، نعم ولكن آه نعم أووه …!! »
نحن نقسا كثيرا على وطننا ونتلذذ في مسك السياط ونرجمه بجمرات الحقد والكراهية ونغرسها في أبنائنا، لم يكن لحسرتي عزاء ونحن نجتمع مع الوزير المكلف بشؤون الجالية حينما بدأ الصخب واللغط والكل يتباهى وهو يتحدث باللغة الفرنسية، أي أطر نصنع و عن أي أدمغة نتحدث وهل هؤلاء سوف يعودون يوما ويشغلون مناصب حساسة!!؟ وهل سيكون مصير ملايين المواطنين بأيدي هؤلاء. ثم تأتي موجة « مخرجين سنمائيين » مغاربة درسوا بأوروبا ثم جاؤوا لإنجاز إبداعات تركز فقط على الموروث الحكواتي والشعوذة، أعمال تكرس لدى الآخر فكرا مسبقا عن مغرب « السحروالإنحلال ».
إن الأدمغة المغربية التي وجب الوقوف لها إجلالا هي تلك الأطر الكفؤة المرابطة بالوطن وتكافح بما أوتيت من إمكانات للإرتقاء بهذا الوطن العزيز إلى الأمام، تحية فخر واعتزاز للكفاءات المغربية داخل الوطن وتحية للمدرسين والأساتذة والمفتشين المغاربة الذين يصمدون من أجل الرسالة النبيلة، المرابطون في الأوحال والقرى النائية الذين لم يدعوا أنهم خريجوا » معهد الماساتشوسيتس » أو جامعة »هارفارد » إنهم أبناء المدرسة و الجامعة المغربية. ثم إلى المسؤولين عن الشأن المحلي الذين أعطوا نفسا جديدا وضخوا دما نقيا في المدن والقرى خشية من الله.
عبدالقادر فلالي-كندا-
filala71@yahoo.ca
Aucun commentaire