خطورة التعصب للانتماء الحزبي على المصلحة الوطنية العليا
صدق الله العظيم إذ يدين التعصب للحزبية المارقة من الدين في قوله جل من قائل : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) فالشرك المستهدف في هذه الآية الكريمة هو استبدال شرع الله بشرائع الأهواء ، كما أن الفرح المقصود في الآية هو البطر و الكبرياء بنفس الدلالة الواردة في حق قارون حيث قال الله تعالى فيه : (( إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين )).ولقد صارت الحزبية وثنا و صنما يعبد حيث تشربتها قلوب البعض وعقولهم وصاروا يرفعون الولاء لها فوق كل ولاء بما في ذلك الولاء لله عز وجل الذي لا يصح إيمان به إلا إذا كان هو ورسوله أحب مما سواهما بما في ذلك الحزبية المنتنة.
وللحزبية تأثير سحري على من يتعاطها حيث تفتر أو تنقطع كل صلاته بغيره ما لم يكن هذا الغير متعاطيا هو الآخر لنفس الحزبية. وقد يكون الدافع وراء الانتماء الحزبي هو المصلحة الشخصية إذ كثيرا ما يتنقل أصحاب المصالح الشخصية من حزب إلى آخر علما بأنه ما بين الحزب والحزب من التناقض والتباين ما بين السماء والأرض ومع ذلك ينتقل أصحاب المصالح الشخصية بكل سهولة ما بين السماء والأرض بمجرد وجود مسؤول حزبي كبير على رأس وزارة يستهدفها أصحاب المصالح الشخصية فيتزلفون هذا المسؤول وهو على علم بنواياهم وطواياهم ولكنه يغض الطرف عن طمعهم لأنه يضع حزبه فوق كل اعتبار ولا يعنيه إلا الأتباع والأنصار والحواريين الذين يوفرون له الرقاب التي يعلوها لتبوأ منصب. وبهذا يصير التعاطي الحزبي عبارة عن مقامرة بين مقامرين القاعدة التي تحكمهم سواء كانوا في قمة هرم الحزبية أم في أسفله هي المصلحة الشخصية ولا شيء سواها.
ولقد شهد الواقع المعيش والملموس انسلاخ أصحاب المصالح الشخصية من جلودهم الحزبية كما تفعل الثعابين بين عشية وضحاها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والعكس .
ويجس هؤلاء نبض السلطة لمعرفة من ستؤول إليه من أجل المسارعة إلى التحزب في حزبه صيانة للمصلحة الشخصية .
وما يكاد الواحد من هؤلاء يظفر بمنصب في سلك من أسلاك الوظيفة العمومية حتى يسارع إلى قلب هيكلة إدارته رأسا على عقب حسب الهوى الحزبي فيصير كتابه وحجابه ومستشاريه من أتباع حزبه حتما وبالضرورة يغض الطرف عن قلة كفاءتهم وحرفيتهم ، وينكب من كان مكانهم من فلول الأحزاب الآفلة نكبة البرامكة . وقد ينصح الراغبون في المناصب من المرضى بطاعون الطمع باقتناء البطاقات الحزبية في مناسبات معلومة قبيل بدء المحاصصة . وتبدأ السمسرة بين التابع والمتبوع في العقيدة الحزبية الوثنية .
وأمام هذا التعصب الأعمى للحزبية يفتر الوازع الديني والوطني فيصير كل واحد منهما خادما للحزبية. وتضيق آفاق من يتعاطي الحزبية فلا يعرف له تدين ولا وطنية إلا من خلال الحزبية ، ولا يصح دينه ولا يسلم ولا تصدق وطنيته . وبهذا تصير الحزبية وبالا على الوطنية إذ ينظر المتحزب إلى المواطنين من غير حزبه نظرة دونية. ويغطي التعصب الحزبي على كل الهفوات والزلات الصادرة عن أتباع الحزب لأن الحزبية تجب كل خطيئة في حق الوطن والواجب والحق. ولقد صدق من قال لعن الله السياسة والسياسيين، ولن يجانب الصواب من قال لعن الله الحزبية والمتحزبين الذين يرفعون انتماءهم الحزبي فوق انتمائهم الوطني من أجل مصالحهم الشخصية.
4 Comments
سُؤل عجوز متمرس في السياسية عن مدلول السياسة فابتسم » إنه فن مراوغة الآخرين.. » وفي
خطاب العرش لصاحب الجلالة سنة 2006 وبنبرة صارمة توجه إلى الأحزاب لكي تفرز « نُخبا » قادرة على تحمل أعباء المرحلة، ثم قال « ليس فقط من الإنتخابات أو الأحزاب نبني الوطن، بل هناك محطات أخرى ووجهات أخرى يستطيع المرء خدمة وطنه…. » ،لكن مايؤسف ويحزن أن ما تفرزه الأحزاب اليوم ليس باستطاعته الإجابة عن السؤال وعن البناء
وعن حديث الشبيبات الحزبية، حين تطالع تصريحاتهم فقد يصيبك الغثيان والبكاء ،أي شباب نصنع هل نحن نصنع سماسرة أم وصوليين ثم يتجرؤون على قول نكسة انتخابات مثلا- 7شتنبر أو ماشابهها-
لقد وضعت أصبعك على الوتر الحساس أخي محمد شركي، أحيي غيرتك وحماسك على وطنك، دمت قلما جاهرا بالحق.
إن دور الأحزاب والنقابات هو تأطير المواطن وتأهيله وإشراكه في تدبير الشأن العام. وهي وسائل وليست أهدافا. وقد عرف تاريخ المغرب علماء ومقاومين كانوا ينتمون إلى أحزاب حقيقية ولولاها لما حققوا مصالح كبيرة للأمة المغربية. أنا أتحدث عن الأحزاب الوطنية الحقيقية التي لها قواعد وامتداد جماهيري معتبر ومشروع مجتمعي. وهناك طبعا من أعمتهم الحزبية والتعصب ورفض الرأي الآخر واعتبار مذهبية الحزب عقيدة أو قرآنا منزلا. لكننا نجد كذلك أفرادا غير منتمين إلى أحزاب وهم قمة في التعصب والاعتداد بالرأي ورفض حتى مبدأ الحوار مع المخالفين. إن مسألة التعصب ليست ناتجة فقط عن الحزبية ولكن ترجع كذلك إلى تربية الفرد وشخصيته. ولقد تحدث ابن خلدون كثيرا عن ظاهرة التعصب عند العرب وعقليتهم الفردانية ونفورهم من العمل الجماعي المنظم الذي يؤسس للمدنية والحضارة. نحن في عصر التكتلات والعمل بالفريق وبالتالي أخزابنا تحتاج إلى من ينخرط فيها ويرشد عملها من الداخل وليس إلى « المهندسين « الذين ينتقدون كل شيء من الخارج لأنهم في حل من تبعات كلامهم وخطابهم. ومن جهة أخرى أرى شخصيا أن التعصب للأحزاب الوطنية الحقيقية والتي لديها مشروع للتعيير أهون بكثير من التعصب للمشروع الصوهيو- أمريكي والتحالف مع أعداء الأمة. إن من بيننا من يؤمن بإسرائيل كما يؤمن المسلمون بالله تعالى. يحبوبها ويمجدونها ويسبحون بها بكرة وأصيلا. هي نموذج الديمقراطية والحداثة والتطور الصناعي وتجدهم يتسلقون إلى مراكز القرار في إداراتنا ويحضون برعاية الداخلية عوض أن يوضعوا في السجن باعتبارهم جواسيس وخونة
تحية أخوية إلى السيد محمد الشركي ،وأشكرك على هذا المقال الحق الذي يبرهن على وعي سياسي وديني متقدم وناضج.وصدق الشاعر العربي في قوله:
ملآى السنابل تنحني بتواضع /// والفارغات رؤوسهـن شوامخ.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعصب مذموم في دينناسياسيا كان أو مذهبيا إنما المشكل -يا أخي- هو أن نعتبر من لا نتمذهب بمذهبهم على خطإ كلية و من نواليهم على صواب دائم ..فليتنا نقول ما نفعل ، كما امرنا بذلك القرآن الكريم و سنة رسولنا عليه الصلاة و السلام