Home»National»شرود الأمة، هل إلى خروج من سبيل؟

شرود الأمة، هل إلى خروج من سبيل؟

0
Shares
PinterestGoogle+

شرود الأمة، هل إلى خروج من سبيل؟ د. عبد المجيد بنمسعود

إن من ينظر إلى واقع المسلمين اليوم، ويتفاعل معه ويعايشه، بوعي صادق، من منطلق الولاء والانتماء، لا يسعه إلا أن يشعر بمزيج من الحيرة والغضب يخالط كيانه ويملك عليه مشاعره وأعصابه.
فهذه الأمة كلفها الله عز وجل بواجب الريادة وقلدها وسام الشهادة، فإذا بها تنكص على عقبيها، وتولي ظهرها منهج ربها الذي يضمن لها تطبيقه العزة والكرامة والتمكين. وهذه الأمة حباها ربها بالطاقات الهائلة والإمكانات الكبيرة، على جميع الصعد والمستويات، فإذا بها تعكف عليها بمعاول التدمير والتبذير، فتلتهمها الجوائح والأزمات، ومن عجيب المفارقات أن تصبح الطاقات التي وهبها الله عز وجل هذه الأمة، سياطا تلهب ظهرها وقيدا يكبل أيديها وأرجلها، وأن تتحول نعمة الخيرات التي أفاضها سبحانه وتعالى على المسلمين، نقمة تتمثل في الكوارث والآلام، والدخول في مرحلة قاتمة من التيه والعذاب، من عجيب المفارقات أن هذه الأمة التي كان الأمر بالقراءة أول أمر نزل على نبيها الكريم عليه الصلاة والسلام، تعزف عن القراءة، وتغرق في ظلام الأمية والجهل، والأدهى والأمر، أن القطاعات التي سلمت وأفلتت من قبضة الجهل وكابوس الأمية، أريد لها أن تمارس مهمة القراءة بعيدا عن شرط بركتها وزكاتها، وهو أن تكون هذه القراءة باسم الله، فكانت النتيجة المرة أن تتحول تلك الطاقات القارئة بغير اسم الله، إلى عوامل للهدم وأسباب للإفلاس، وإلى طابور خامس يخون الأمة ويشكل أداة طيعة في يد أعدائها.
ومما يحير أولي الألباب، أن هذه الأمة التي أنزل الله عليها سورة الحديد، وأمرها بإعداد القوة، تهدر خامات الحديد، وتقدمها رخيصة، وبثمن بخس لأعدائها، لتتحول في أيديهم إلى قوة للبطش والإذلال، فالمسلمون – ويا للفجيعة – يضربون بأموالهم ويخربون بيوتهم بأيدهم.

إن الأمة المسلمة تعاني من أمراض خطيرة وأدواء وبيلة، هي التي تكمن وراء كل هذا التردي والانهيار، وكل هذا الضعف والانكسار.
وإن على رأس هذه الأدواء، أن تحكم الشعوب الإسلامية بلغة البطش والإكراه، لا بلغة الشورى والحوار، فالنزعة الفرعونية مستشرية في أغلب النظم في العالم الإسلامي، فلا غرابة بعد ذلك أن تجد على ساحة الواقع شعوبا مهينة تستمرئ ذلها، وتفتقد في أغلب أحوالها لروح المبادرة والابتكار، والتطلع لمعالي الأمور، لقد باتت هذه الشعوب تقنع بالدون وترضى بالهون. لقد حرمت هذه الشعوب من شروط وأوضاع، توقظ في نفسها الإحساس بالكرامة والعزة.
لقد كان من سوء طالعها أن تنعتق من كابوس الاستعمار لتسقط في مستنقع الديكتاتورية والاستبداد البغيض في وطن روته الدماء وفداه آلاف الشهداء.. وقد صدق قول الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة * على النفس من وقع الحسام المهند
ويرتبط بداء الديكتاتورية والاستبداد، داء التبعية والولاء لأعداء الأمة من اليهود والنصارى، الذين حرصوا دائما – وقد خططوا لذلك بدقة وبكل ما أوتوا من مكر وكيد – على أن تساس الشعوب الإسلامية ممن تجردوا من رابطة الولاء لأمتهم، ورجحت لديهم مصالحهم الأنانية السفلى على مصالحها الاستراتيجية العليا.
إن مجريات الأحداث الإقليمية والعالمية تكشف لكل ملاحظ لبيب وناقد حصيف، أن العالم أصبح الآن يخضع لمنظومة رهيبة للقهر والبطش، تسعى بكل الوسائل والأساليب، إلى تجريده من أبسط مظاهر الإحساس بالإنسانية والكرامة.

وإن الذي يتربع على عرش هذه المنظومة الظالمة هي الويلات المتحدة الأمريكية التي يمثل حكامها المتشبعون بالأحلام التوراتية، والمتضلعون حتى النخاع بالأساطير الصهيونية، يمثلون قبضة الخنجر اليهودي المغروز في قلب هذه الأمة.
وإن العامل الذي يشكل قاصمة الظهر في جسم هذه الأمة، هو ما يمارس على شعوب الأمة المسلمة من محاولات التدجين، لسلخها بشكل كامل عن حقيقتها وإفراغها من روحها وجوهرها، كل ذلك تحت مسميات عدة وذرائع شتى، من قبيل التثاقف والحوار الحضاري، والتبادل الثقافي، والأدهى والأمر أن هذه العملية (عملية السلخ والتدجين والتذويب) قد تتخذ لها عنوانا كبيرا، له مدلول متميز وبريق خاص، إنه عنوان الإصلاح، الذي يستعمل في السياسة والإعلام والتربية والتعليم على حد سواء.
وفي هذا السياق تندرج الحملة المسعورة والمساعي المحمومة التي تبذلها الويلات المتحدة من أجل تجفيف المناهج الدراسية في العالم الإسلامي، من رائحة الإسلام، ومن أدنى خيط يربط الأجيال الناشئة بهويتها الإسلامية.
إن ما تسعى إليه الويلات المتحدة الأمريكية من خلال حملاتها العسكرية والثقافية هو أمركة العالم – وإدخال الجميع في قالبها الذي صيغ على عين اليهود، بوسائل الترغيب والترهيب.
فهي تريد أن تفرض مفاهيمها وتصوراتها على الجميع:
مفهوم حقوق الإنسان: التي تعني فيما تعنيه حقوق العهر، والتسيب الخلقي، والدوس على قيم الفضيلة والنبل والشرف والعفة.
مفهوم الإرهاب: الذي يحول بموجبه الجهاد إلى إرهاب والدفاع عن العرض والأرض إلى إرهاب.
وقس على ذلك سائر المبادئ التي عرفت تشوها كاملا وتحريفا بليغا في مخابر قوى الاستكبار، بما يمكنها من ممارسة عبثها وتلاعبها تحت أغطية ماكرة توهم بشرعية الظلم والعدوان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *