الوكالة المستقلة للنقل الحضري لولاية فاس بين الحال والمآل
عزيز باكوش محمد بوهلال
» من بين القطاعات المحلية التي حظت باهتمام الدولة، المصالح العمومية لتوزيع الماء والكهرباء والنقل داخل المدن ، هذه المؤسسات كانت في غالب الأحيان تسير من طرف مصالح أجنبية، في وقت لم تكن للجماعات المحلية أية سلطة مباشرة فيها تتعلق باستغلالها » 1
مرحلة التسعينيات عراقيل بالجملة في وجه التطور
لذلك ، » ليس من باب المبالغة في شيء ، الجزم فيأن النقل والتنقل يعدان مسألة ذات أهمية قصوى داخل النسيج الحضري للمدن ، بالنظر إلى دوره الأساسي كقوة اقتصادية فاعلة ومنتجة للتنمية ، كذلك في تامين تنقلات الشرائح الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة اقتصاديا واجتماعيا » وفك العزلة عن مناطق ودمجها بأثمان مشجعة . وحتى يكون القارئ في الصورة بخصوص واقع وآفاق هذا القطاع، لا باس من وضعه في سياقه التاريخي .
فحسب دليل أنجزته ولاية فاس ، يمكن تقديم سنة 1990 وما تلاها بمثابة امتداد لمرحلة تميزت بتزامن مجموعة من العوامل المؤثرة على دينامية الوكالة المستقلة للنقل الحضري كقطاع ذي فاعلية مجتمعية ملحوظة ، نجد من بين تلك العوامل ، ضعف الإنتاجية المرتبط بالعامل البشري ، إلى جانب عدم استغلال عدد مهم من الحافلات، فضلا عن الطريقة غير الرشيدة المتبعة في تسيير الشبكة إبان تلك الفترة ، إضافة الى انتفاء البعد الاجتماعي وإهمال الخطوط غير المربحة ، وهذه كلها عوامل انعكست على التدهور الحاصل بين معدل عدد الحافلات في ارتباطه بمعدل عدد سكان فاس ، وذلك بمعدل – حافلة لأكثر من 7000مواطن شخص .
تنمية عمرانية وتنام ديموغرافي هائل في مقابل تحسن لا يواكب
وإذا كانت مدينة فاس قد شهدت منذ مطلع الاستقلال والى حدود الآن تنمية اقتصادية وصناعية مهمة ، واكبها نمو عمراني و ديموغرافي سريع ومتنام ، فقد ترتب عن ذلك مشاكل عديدة ، انعكست سلبا على قطاع النقل الحضري وأثرت على فاعليته ، نتيجة لتعقد البنية الحضرية وتداخلها ، وخاصة على مستوى النسيج السوسيو قتصادي المتشابك، ، مما جعل تحسين خدمات القطاع النقل الحضري ، لا يعني أكثر من توفير العدد الكافي من الحافلات، وتحسين خدماتها عبر مورد بشري مؤهل ، ونشر النشاط الاقتصادي والاجتماعي وتفريعه عبر شرايين الفضاء الجهوي وفي جميع محاور الولاية ، مجسدا بذلك الدور الاجتماعي الذي رسمته الوكالة مع بداية نشأتها . ولذلك ، أصبح التأكيد على ضرورة الوعي بأهمية قطاع النقل الحضري الجماعي وإصلاحه ، أمرا ملحا وضروريا وعلى قدر كبير من الأهمية .
وصاية الداخلية هل هي عرقلة أم ترشيد؟
ولما كانت الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ذات صيغة اجتماعية وتجارية، تم إنشاؤها بتاريخ فاتح يناير 1971 بمبادرة من المجلس البلدي لمدينة فاس ، ويسهر على تسييرها جهاز إداري مكون من المجلس الإداري ولجنة التسيير ومدير الوكالة . فهي بذلك تخضع كما هو الشأن بالنسبة للجماعات الحضرية إلى وصاية وزارة الداخلية التي تقوم بالمصادقة على أهم القرارات بما فيها الميزانية السنوية والحسابات الرسمية والترقية والتوظيف. من هنا ، تطرح أسئلة جوهرية ذات علاقة بالصراع السياسي والنقابي وتداعياته على القطاع .
وبالعودة الى الوثيقة الرسمية ،، فقد حرصت الوكالة باستمرار على تطوير كم ونوعية خدماتها لفائدة زبنائها ، والارتقاء بمواردها وتعزيز استثماراتها ، يشهد على ذلك الارتفاع المتواصل لعدد الحافلات . فحسب احصائيات رسمية أعدتها الوكالة نفسها ، وابتداء من سنة 1990 كانت الوكالة لا تتوفر سوى على 199 حافلة فقط ، فيما ارتفع العدد إلى 284 حافلة سنة 1994 . لتنضاف إليها حوالي 40 حافلة ثم 50 مزدوجة بعد ذلك .
ويستفاد من أرشيف الوكالة أيضا أنها ، تتوفر على عدة منشآت إدارية وتقنية هامة أهمها :
1 — المقر الاجتماعي للوكالة بسيدي إبراهيم ، والذي لم يعد يستوعب الحجم المتزايد من الحافلات ومن الإصلاحات المرتبطة بها ، رغم انه يمتد على مساحة تقدر بحوالي 4 هكتارات، ويشمل بناية إدارية ومستودع ، كما يضم مرافق ومشاغل عامة كمخازن لقطع الغيار ومحطة لتوزيع الوقود، ومرآب إضافة إلى مركز اجتماعي.
2 — ملحقة بنسودة وتمتد على مساحة تقدر ب 1.7 هكتار وتشمل بنايات إدارية ومشاغل عامة مراب ومخازن إضافة إلى محطة لتوزيع الوقود.
إقحام المعلوميات بجميع المصالح كوسيلة لعقلنة القطاع هل له تاثير فعلي ؟
ويرى المسؤولون عن تدبيرها ، أن استثمارات الوكالة خلال الحقبة الراهنة لم يظل محصورا على اقتناء الحافلات ، بل الرغبة في الصعود بالنقل الحضري بالولاية إلى درجات أحسن، لان الرؤية العصرية لتسيير القطاع يفرض دينامية في جميع الاتجاهات ، من توسيع الشبكة الذي يخضع لعدة عوامل متباينة أهمها تزايد عدد السكان، واتساع المجال العمراني، إلى غير ذلك من الأسباب . ولذلك عملت الوكالة وباستمرار على مسايرة هذه المتغيرات الهامة، كوسيلة ناجعة لعقلنة أنشطتها على الوجه الأمثل . فأصبح الحاسوب يسهل عملية اقتناء التنابر والبطائق بالنسبة للمنخرطين في ظل إنشاء مجموعة من الشبابيك وضعت رهن إشارة المصلحة المتخصصة ، لتفادي عرقلة سير العملية أواخر كل شهر. فيما يرى الملاحظون أن الأمر لا يعدو كونه ديكورا وهذرا للمال العام للوكالة ، فالعقلنة تستدعي أولا ترقية الموارد وتأهيلها مجاليا تأهيلا ملائما ، لتمارس وظيفتها في تسريع عجلة التطور ، والرفع من مستوى تنمية الجهة.
في سياق متصل ، تفيد تقارير رسمية ، أنه تم إحداث 18 خطا جديدا ما بين سنتي 1990 و 1994 ليصل بذلك العدد الإجمالي للخطوط التابعة لشبكة الوكالة إلى 50 خطا ما بين خطوط حضرية وبيحضرية، مواكبة امتداد طول الشبكة الذي انتقل من 205 كلم سنة 1990 ، إلى 407 سنة 1994 ليرتفع إلى ما يناهز 500 الآن .
وتؤكد مصادر من الوكالة ، انها تحاول جاهدة مواكبة التوسع العمراني والامتداد الحضري للمدينة رغم بعض العراقيل المرتبطة بالاقتصاد العالمي ، ويظهر ذلك من خلال طول شبكتها الذي انتقل من 55كلم سنة ، 1971 إلى ما يناهز 407 كلم الآن. كما أن عدد الخطوط ارتفع أيضا من 12 خطا، إلى 50 خطا عن نفس الفترة ، من بينها 7 خطوط جديدة تربط جماعات قروية بالمدينة وهي :
1. سيدي احرازم
2. الضويات
3. الزليليك
4. عزابة
5. عين البيضا
6. رأس الماء
7. عين الشكاك
المخابئ المخصصة لمستعملي الحافلات غير كافية
و في إطار مجهوداتها لتحسين نوعية خدماتها لفائدة المواطنين، قامت الوكالة بإنجاز المخابئ بمختلف المحطات ، حيث بلغ عددها 50 مخبئا حتى أواخر 1994 ، بعدما لم يكن يتجاوز 23 مخبأ سنة 1990 . حسب المصدر نفسه ، ورغم هذا المجهود الواضح ، يسجل المتتبعون انعدام الصيانة والمتابعة لهذا الورش ، حيث ماتزال هناك محطات أساسية في حاجة ماسة إلى مخابئ يحتمي تحتها الزبناء خاصة في الأوقات الحارة والمطيرة.فيما يتم اقتلاع مخبئ من مكان وتثبيته في مكان آخر لأسباب ملتبسة.
نقص الموارد البشرية للوكالة أمر ملحوظ
أما فيما يتعلق بالعدد الإجمالي لمستخدمي الوكالة إلى غاية دجنبر 1994 فقد بلغ 1173 مستخدما موزعين على الشكل التالي :
قسم الموارد البشرية 50
القسم المالي 36
قسم الاستغلال 802
قسم الوسائل العامة 21
قسم التفتيش والمراقبة 10 . ورغم ذلك ، فإن نقص المورد البشري يظل حاضرا ، فيما يجهل طبيعة التكوين الذي يتلقاه ، والجهة المسؤولة عن اعداد هذه الموارد وتأهيلها بالشكل المطلوب ، نظرا لغياب برامج واضحة ومحددة ر هن إشارة الجميع.
من جهة أخرى ، أدى لارتفاع المستمر في عدد المنخرطين ، الى إجبار الوكالة على فتح شبابيك إضافية جديدة ، وصل عددها إلى 8 شبابيك موزعة على الشكل التالي:
شباك طريق- صفرو- الاطلس- محطة القطار- الرصيف- ساحة المقاومة- عين قادوس- ملحقة صفرو- بمقر الإدارة.
الخطوط خارج المدار الحضري ذات مردودية سلبية لكن؟
وتتكون الشبكة الطرقية التي يتم استغلالها على تراب فاس من 53 خطا من بينها 43 خطا يغطيالمدار الحضري ، وخطين بصفرو ونواحيها، و 8 خطوط تؤمن الربط بين فاسوالجماعات المجاورة، إلا أن الخطوط العشرة التي تستغلها الوكالة خارجالمدار الحضري، تتميز بمردودية سلبية، حسب الوكالة نفسها ، كما وتشكل 19% من مجموع الشبكة ، لتكرس بذلك دورها الاجتماعي المتمثل في نقل التلاميذ والطلبة ، وفك العزلة عن العالمالقروي، وتمتد الشبكة راهنا على طول 450 كلم ، ويتكون أسطول الوكالة من 215 حافلةمن بينها 170 قابلة للتشغيل، وأسطول الاحتياط 20، وتتراوح أعمار الحافلاتبين 5 ـ 10 سنوات، وتشغل الوكالة 1130 إطارا ومستخدما » ·
الأعمال الاجتماعية خدمة أساسية لمستخدمي الوكالة
تؤكد البيانات والإحصائيات المقدمة ولائيا ، أن الوكالة ما فتئت تولي عنايتها للأعمال الاجتماعية لفائدة عمالها ومستخدميها، ولهذا الغرض، تم تخصيص مركز اجتماعي بمقر الوكالة ، مصحة ومقهى إضافة إلى قاعة الاستقبالات وقاعة للتكوين، إضافة إلى مقتصدية استهلاكية ومركز الاصطياف بايموزار ، وآخر للاصطياف بطنجة.
كما تعمل الوكالة على توفير :
1. النقل مجانا لفائدة أسر المستخدمين
2. منح بذلتين للعمل كل سنتين لفائدة عمال قسم الاستغلال
3. التطبيب المجاني لفائدة جميع المستخدمين وكذا أسرهم
4. الانخراط في تعاضدية الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي
5. الانخراط في الصندوق المهني المغربي للتقاعد بالنسبة للأطر والمستخدمين الرسميين
6. الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالنسبة للعمال الموسميين والمؤقتين
7. استكمال التكوين لفائدة المستخدمين
جمعية الشؤون الاجتماعية
وانطلاقا من سنة 1989 ، وفي إطار مشاركة العمال في تدبير شؤونهم، تم إنشاء جمعية للأعمال الاجتماعية يتولى إدارتها وتسييرها مكتب مسير منتخب من طرف العمال ، وتتجلى أنشطته فيما يلي :
1. تسيير رصيد الجمعية الذي يمثل 1 في المائة من مداخيل الاستغلال السنوية
2. تقديم المساعدات المالية والمعنوية لمستخدمي الوكالة
3. تسيير مركز الاصطياف بايموزار وطنجة
4. تسيير المقتصدية الاستهلاكية والنادي الاجتماعي للأطر ومستخدمي الوكالة
5. تنظيم رحلات لفائدة أبناء العمال
منجزات الوكالة وانتظارات زبنائها
وتكشف المصادر ذاتها، أن الوكالة حققت قفزة نوعية مند 1994 ، وذلك بفضل المكتسبات التي يتم انجازها عل الصعيدين المادي والبشري أو الاجتماعي، فعلى الصعيد المادي تم تمديد وتحويل مسار بعض الخطوط. كما تم
-اقتناء 10 حافلات مستوردة من الخارج بغلاف مالي قدره 3400000 درهم
اقتناء 10 حافلات جديدة من نوع داف بغلاف مالي قدرة 8000000درهم
تعميم الإعلاميات على جميع مصالح الوكالة. على المستوى البشري اهتمت الوكالة بالتشغيل وترقية اطر ومستخدمي الوكالة والزيادة في الحد الأدنى للأجور مع ترسيم العمال المؤقتتين
على الصعيد الاجتماعي
-توفير الانخراط لفائدة التلاميذ والطلبة وكذلك للعموم
-تخصيص قطع أرضية لفائدة مستخدمي الوكالة
خلاصة
من خلال الإحصائيات المدرجة ، سيتبين من خلال المنجزات التي حققتها الوكالة أبان السنين الأخيرة، بأنها رسمت لنفسها منعطفا جديدا يندرج في تأكيد رغبتها في تطوير دورها الاجتماعي والاقتصادي المتجليان في تحسين خدماتها ومساهمتها في تنمية الاقتصاد المحلي .
التعيين
1990
1994
2008
عدد الحافلات
199
284
—
عدد الخطوط
32
50
—
طول الشبكة
205
407
—
المسافة المقطوعة
12.600.000
17.800.00
—
عدد المستخدمين
779
1137
—
عدد الركاب
61.216.162
91.630.000
—
عدد الركاب بالتذاكر
41.079.122
62.160.000
—
علما أن هناك حوالي 70 حافلة تم الاستغناء عنها لعدم صلاحيتها.
عدد الركاب بالانخراط
19.513.040
27.640.000
—
ركاب كراء الحافلات
642.000
1.830.000
—
مداخيل الاستغلال
53.599.161.00
107.464.000.00
—
برنامج الاستثمارات سنوات 95-98 فقد شهد تطورا ملموسا
السنوات
شراء الحافلات
القيمة بالدرهم
مجموع الاستثمارات بالدرهم
95
40
200.000.00
32.500.000.00
96
20مزدوجة
200.000.00
44.500.000.00
98
10
14.500.000.00
حول الآفــــــــاق المستقبلية للوكالة
» حول الآفاقالمستقبلية للوكالة، فإن التزاماتها المعلنة تذهب في اتجاه المحافظة على مستوى الأسطول المتحركوتقويته، حيث تم تجديد 10 حافلات خلال المدة الأخيرة ، كما أنجزت الوكالة خلال الأربع سنواتالأخيرة برامج هامة شملت اقتناء 40 حافلة جديدة منها 15 حافلة سنة 2001 و 5 حافلات سنة 2002 كهبة من المجموعة الحضرية، و 20 حافلة سنة 2003، وتنتظرالوكالة استقبال 9 حافلات من جماعة استراسبورغ التي تربطها بفاس علاقةصداقة، بالإضافة إلى 3 حافلات ستستقبلها الوكالة في الأيام المقبلة و 16حافلة في غضون السنة المقبلة، كما تبرمج الوكالة من ميزانيتها لهذه السنة 10 حافلات مزدوجة و 10 حافلات عادية، وهو ما سيعمل على تقوية الأسطولوالمزيد من تقديم الخدمات العمومية والاجتماعية، إلا أن النقل العموميبفاس يحتاج إلى نقلة نوعية ليواكب النمو الديمغرافي والعمراني لفاس، فيإطار مخطط التنقلات الحضرية عبر الترماوي وهو الشيء الذي تعقد عليهالوكالة آمالا كبرى باعتباره أداة أساسية للتخطيط والتدبير المستقبليلمرفق النقل الحضري »·
وعلى الرغم من كل هذه المعطيات المتفائلة ، ما تزال الوكالة المستقلة للنقل الحضري تعرف العديد من العراقيل ويمكن تلخيص أهمها في ما يلي :
على المستوى الإداري والتقني: النقص في الموارد البشرية، سوء انتظام التكوين ،
عدم احترام التوقيت خاصة للطلبة الجامعيين خلال الصباح والزوال ، التأمينات، نقص في المخابئ،
تلاشي بعض الحافلات والتقاعس في إصلاحها، التخلي عن بعض الخطوط لعـــدم مرد وديتها الشيء الذي يتسبب باستمرار في نشوء بعض التصرفات المعبرة عن عدم رضا الزبناء خاصة على مستوى خدمات الوكالة وما قد يترتب عن ذلك من تداعيات مادية ومعنوية .
قريبا من العموم بعيدا عن الخوصصة
إن التحولات والامتدادات والحركية السكانية ذات النسبة العالية بفاس فرضت على الوكالة إعادة ترتيب الأوضاع على الأرض ، غذ عمدت بهدف تحسين خدماتها وتوفير الحافلات الكافية بالشبكة دون أن يختل بذلك التوازن الاقتصادي فقد لجأت إلى عملية استيراد الحافلات المستعملة وصل عددها إلى 50 حافلة بغلاف مالي قدره 750000000درهم كوسيلة لتطويق أزمة النقل الحضري وباثمنة جد مشجعة ، وبهذه الطريقة ، بدا معدل توزيع الحافلات على السكان يرتفع تدريجيا ، وتنخفض معه ظاهرة الازدحام بالمحطات الرئيسية.
لكن يبقى مع ذلك ، إيجاد الحلول الناجعة لتدبير النقص في الحافلات ، والتخلي عن ربط أحياء شعبية بالكامل ، مشكل التوقيت ما يزال مطروحا ، فالملاحظ هو تنامي مشكلة التأخير غير المبرر في أغلب الأحيان ، مما يجعل العديد من الطلبة الجامعيين والموظفين المنخرطين عرضة للابتزاز من قبل سيارات النقل السري العلني ، متحملين بذلك مصاريف إضافية تثقل كاهل أسرهم .
ويرى المتتبعون، أن عدد الحافلات ما يزال قليلا بالنظر إلى الامتداد الجغرافي والنمو البشري الهائل و المطرد لمدينة بحجم فاس التي يصل سكانها إلى أكثر من مليون ونصف نسمة .
في منآى عن الخوصــــــــــصـــــة
وإذا كان البعض يرى في الوكالة المستقلة للنقل الحضري بمدينة فاس، وكالة نموذجية على المستوى الوطني ، لأنها ظلت محافظة على خصوصيتها الاجتماعية، إذ تعد الوكالة الوحيدة التيتنقل الطلبة والتلاميذ والعمال وصغار التجار في ظروف جد مقبولة ، وبثمن أقل وطنيا ، فهي بذلك ، تؤكد أنها لا تهدفإلى الربح، بقدر ما تسعى إلى المحافظة على التوازنات المالية، حتى تظل فيمنأى عن الخوصصة، ولذلك ترى أطراف أخرى « إن الواجب يقضي أن يتدخل مجلس المدينة لمعالجة جزء منمشاكلها، إذ كان من المفروض أن يفكر مجلس المدينة في صيغة مناسبة لمساعدةساكنة فاس وتحمل قسط من أعباء هذه الزيادة الاضطرارية خصوصا وان مديرالوكالة أكد أنه لم يلجأ لقرار الزيادة منذ سنة 2000 رغم أنه يتوفر علىمذكرة من الوزير الأول تخول له زيادة 10 سنتم كل سنة لكونه يعرف ضعفالطاقة الشرائية للفئات الشعبية بفاس بحكم تواجده بكل المحطات وتواصله معالمواطنين، زيادة على ذلك فإن الوكالة تعد قطاعا تابعا للمجالس المنتخبة،وأن هذه الأخيرة تتدخل كلما حاقت بهذه الوكالة أزمة، ولنا في المجالسالسابقة خير دليل على ما نقول: إذ سبق للمجموعة الحضرية السابقة أن دعمتالوكالة بهبة مالية تقدر بـ 500 مليون سنتم ضخت في ميزانية الوكالةالمستقلة لدعم خطوطها بحافلات جديدة، كما ان المجموعة الحضرية ومن خلالاتفاقية شراكتها مع مدينة مونبولي الفرنسية حصلت على 10 حافلات سنة 2003تعمل حاليا في مختلف خطوط شبكة الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس·
وقد ترتب عن عوامل إقتصادية عالمية متعددة منها ارتفاع أسعار النفط غلافا ماليا إضافيا أرهق مالية الوكالة قدر ب 9,5 ملايين درهم، مما جعل المجلسالإداري يضطر الزيادات في السنوات الماضية ، » كما أن الوكالة سمحتللطلبة والتلاميذ باستعمال بطائق الانخراط أيام الأعياد والسبت والآحادوالعطل المدرسية، إلا أن كل هذا ، لم يشفع للوكالة، حيث كانت هناك وقفاتاحتجاجية متكررة في مختلف محطات وقوف الحافلات المخصصة للطلبة »·
المطــــــــلوب الآن
ورغم خلق خطوط جديدة 33- -35- 36- 37- 38- يتبين أن هذه التركيبة الجديدة لتوزيع المجال ، بان الوكالة لم تعد تحصر نشاطها على المجال الحضري، بل ساهمت في خلق فضاءات خارج المجال الحضري ، هناك مناطق جهوية أوجبت بفعل توسعها حركتها الاقتصادية والعمرانية . يظل إصلاح الحافلات وجعلها مقبولة على مستوى الشكل وطريقة توزيع الخطوط ورفع جودة الأسطول واقتناء قطع الغيار ذات الجودة وتفضيل الحافلات المزدوجة بشكل استعجالي للتخفيف من حدة المشاكل المترتبة عن النقص البين في الحافلات العاملة بالشبكة. واضح أيضا أن عدم إغفال بعض المناطق التي توجد خارج المدار الحضري من طرف الوكالة ، كان بمثابة حافز لسكان الولاية على الإقبال على حافلات الوكالة المستقلة للنقل الحضري وتجاوبها مع تطلعاتهم الشيء الذي يعبر عنه ارتفاع العدد الإجمالي للركاب، وبطبيعة الحال ارتفاع مدا خيل الوكالة، وبالتالي انخفاض العجز . نرجو ذلك أن يكون بداية عهد جديد لتحسين الخدمات ، وتدبير موارد القطاع بشكل يليق بتضحياتهم ، فضلا عن كونه بدابة لاستقرار جيد ، وتطور ملحوظ للقطاع بهذه الولاية.
عزيز باكوش محمد بوهلال.
1هوامش مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش لسنة 1969
2 تم الاعتماد في إعداد هذه الورقة على وثائق من إعداد الوكالة المستقلة للنقل الحضري بفاس
Aucun commentaire