Home»Enseignement»الأحواض المدرسية من الفكرة إلى التنزيل

الأحواض المدرسية من الفكرة إلى التنزيل

0
Shares
PinterestGoogle+

بقلم هشام البوجدراوي

في سياق النتائج التي كشفت عنها تقارير المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والمرتبطة بضعف التحكم في التعلمات الأساس، وارتفاع نسب الهدر المدرسي، وضعف في أنشطة الحياة المدرسية. ومن خلال التشخيص الميداني للوضع القائم بالمؤسسات التعليمية، « المذكرة 008*24 في شأن إرساء وأجرأة آلية مواكبة مؤسسات التربية والتعليم العمومي والأحواض المدرسية »، والذي رصد جملة من الإكراهات والصعوبات التي تحول دون تحقيق المدارس لأهدافها: كعدم توفر بيئة عمل ملائمة تساهم في تنسيق تدخلات العاملين بالمؤسسات التعليمية المتجاورة، واتساع الفوارق بين المدارس والتلاميذ، وتنامي المشاكل المدرسية المشتركة بين الأسلاك الثلاثة. ظهرت الحاجة إلى تفعيل العمل بالأحواض المدرسية، قصد توفير الظروف الملائمة للتفكير الجماعي والبناء المشترك للمشاريع المندمجة، داخل الجغرافيا التربوية التي تجمع مؤسسات التي تنتمي لنفس المجمع التعليمي.
ويعد الحوض المدرسي، منطقة جغرافية تتكون من المؤسسات التعليمية المتقاربة (ثانوية تأهيلية وروافدها من الثانويات الإعدادية والمدارس الابتدائية التابعة لها). والهدف هو جعل الفاعلين الإداريين والتربويين، يعملون في شبكة مترابطة، تتغيا تطوير السياسات التعليمية المحلية، وتنفيذ المشاريع المندمجة المشتركة، وتعزيز الحلول التي تتكيف مع الخصوصيات الجغرافية. ومن أجل ذلك تعمل مدارس الحوض على مواءمة مشاريعها مع الواقع المدرسي، وعلى تبادل الممارسات الناجحة واقتراح العمليات التي تضمن تكاملا أفضل بين المدارس، بغية بناء مشاريع مدرسية تمتد من قسم الأولى ابتدائي إلى مستوى البكالوريا.
وتحقيقا لهذه الغاية، من المفروض تشكيل لجنة تدبير وأخرى للإشراف تضم أطر الإدارة التربوية وهيئة التفتيش والمواكب التربوي، بالإضافة إلى إرساء نظام إداري يحدد الاختصاصات ومجالات العمل المشتركة.
ورغم أن تجربة الحوض المدرسي عرفت التعثر والفشل في بداية إرسائها، نتيجة لعوامل ترتبط بعدم وضوح آليات التنزيل والمواكبة من جهة، وبطبيعة العلاقة بين المدارس من جهة ثانية، إلا أنها تبقى أحد السبل لمحاربة الأداء غير المتكافئ للمؤسسات التعليمية، من حيث تقليص الفوارق بين المؤشرات الكمية المرتبطة بنسب الهدر المدرسي، ونسب النجاح المدرسي، ونسب مشاركات التلاميذ في أنشطة الحياة المدرسية، وسد الخصاص من الموارد البشرية، ومن التجهيزات المدرسية، والتقليص من نسب العنف المدرسي.
ويعتبر الحوض المدرسي عنصرا أساسيا للإرساء آلية تدبيرية، لمؤازرة هيئة الإدارة التربوية وهيئة التربية والتعليم في قيامها بمهامها. ورغم أن المفهوم لا يزال غامضا، فإنه مع ذلك يجسد السبيل الأمثل نحو تفعيل بناء المشاريع الشخصية للتلاميذ/ت وتتبع وتعزيز مسارهم الدراسي من المستوى الابتدائي إلى الثانوي التأهيلي لتحقيق مواءمة العرض المدرسي مع رغبات المتعلمين/ت وكذا متطلبات سوق الشغل. والفكرة هي  » تعزيز التنسيق بين المدارس المشكلة للحوض وبين المجتمع المدرسي وشركاء المؤسسات التعليمية قصد الاستفادة من التضامن في التمويل والإشراف وتوفير الموارد التعليمية والبشرية. كما ترتكز الفكرة أيضا على الاعتماد على الذكاء الجماعي للفاعلين التربويين والإداريين من أجل تجاوز الصعوبات المشتركة التي تعاني منها مدارس الحوض » ظواهر العنف المدرسي، الغياب، الانقطاع، ضعف المستوى الدراسي » وتطوير التعاون بين المؤسسات للانتقال من التنسيق البسيط بين المدارس إلى إقامة شراكة محلية حقيقية بين المؤسسات التعليمية، وشركائها من جمعيات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين، والشركاء الاجتماعيين والمؤسسات الثقافية والاجتماعية الأخرى الموجودة في المنطقة.
ويستند التفكير التعاوني بين المدارس على تشخيص واقع الجغرافيا التربوية، وتحليل الموارد وتحديد الاحتياجات المشتركة، وبناء منهجية عمل تتأسس على مبادئ التنسيق والتعاون المشترك والتكامل، الذي يسهل استمرارية العمل المشترك بين مدارس القطاع والثانويات.
ومن أجل وضع التجربة في سياق أهدافها، واستنادا لواقع محلي تحكمه عناصر ديموغرافية واجتماعية وأخرى اقتصادية، نقترح مجموعة من الأفكار التي يمكن أن تشكل حجر الزاوية في بناء عمليات تجربة الحوض المدرسي نذكر منها على سبيل المثال:
إن من خلال التدبير اليومي لعمليات مشروع المؤسسة المندمج، تظهر مجموعة من الوضعيات المدرسية التي ترتبط بالمجال الجغرافي، والبيئة المحلية، والسجل المدرسي للمتعلمين/ت، والتي تتطلب اتخاذ قرارات تربوية تأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين المؤسسات ومدارس الحوض، كما تتطلب أيضا توجيه التفكير نحو تبادل الخبرات، وتحليل النجاحات والإخفاقات، ومقارنة الإجراءات التي تم اتخاذها بالمدارس المختلفة؛
إن نجاح تجربة الحوض المدرسي، وتفعيل عملياتها، يتطلب وضع إطار قانوني واضح يحدد الأهداف والعمليات ومجالات التدخل والتنسيق. ومن أجل الاستئناس ببعض الأفكار التربوية في هذا الباب نقترح مستويات العمل ومجالات التدخل التالية:
* التدبير المشترك لتدفق التلاميذ/ت عبر المؤسسات التعليمية من أجل:
– توجيه التلاميذ المتعثرين نحو اختيار، وبشكل طوعي، التكوين المهني كمسار دراسي مناسب لاستكمال بناء مشروعهم المهني،
– تقليص نسبة التلاميذ الذين يغيرون مدارسهم أثناء فترة دراستهم بسلك تعليمي معين؛
* التقليص من الفوارق بين المتمدرسين/ت، والرفع من نسب النجاح المدرسي، وبناء خطط للدعم المدرسي والنفسي مواكبة للتلاميذ/ت خلال مسار هم الدراسي؛
* التقليص من الفوارق بين المؤسسات التعليمية، من حيث ضمان الحد الأدنى من التوازن والمساوات فيما يخص: « الأداء المدرسي، الانتماءات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لرواد المؤسسات التعليمية، تدفق التلاميذ بين المدارس ». والقطع مع ممارسات الإقصاء، والاستبعاد، والفرز وانتقاء التلاميذ الوافدين التي تنتهجها بعض المؤسسات التعليمية؛
* التعاون والتآزر وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة في مجال تدبير عمليات مشروع المؤسسة المندمج؛
* ضمان استمرارية مواكبة المشاريع الشخصية للتلاميذ/ت خلال انتقالهم عبر مسارهم الدراسي بالأسلاك التعليمية الثلاثة، ورسم خارطة التوجيه المدرسي انطلاقا من المعطيات التي توفرها مؤسسات الحوض المدرسي؛
* رصد حاجيات تكوين وتدريب الموارد البشرية وتكييف مجالاتها مع الوضعيات الطارئة بالمؤسسات التعليمية (تنشيط الحياة المدرسية، الصحة المدرسية، الوقاية من السلوك المنحرف…)؛
* إنشاء مشاريع مشتركة للتعاون الرياضي والثقافي والتكنولوجي والمعلوماتي، وإقامة شراكات مشتركة مع الدوائر الاقتصادية والثقافية والفنية المحلية؛
* الرصد المبكر للتلاميذ/ت الذين يواجهون صعوبات الاندماج المدرسي ومواكبتهم طيلة مسارهم الدراسي؛
* رصد الظواهر المدرسية المشينة وتحديد درجة تطورها عبر الأسلاك الثلاثة والعمل على إيجاد استراتيجيات واقعية وشمولية لمواكبتها وحصر آثارها.

وختاما، إن التفكير الجماعي وتبادل المقترحات والعمليات التي تمت صياغتها على مستوى الحوض المدرسي، ستغدي لا محال عمل الفرق التربوية داخل المؤسسات التعليمية في إطار بناء مشاريعها المندمجة. إذ ستصبح هذه الأخيرة أكثر انسجاما وترابطا مما سيضمن تسهيل تنزيل السياسة التعليمية لوزارة التربية الوطنية على مستوى المؤسسات التعليمية.

بقلم هشام البوجدراوي
hichambougedrawi@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *