متصهينونا ومنطق الربح والخسارة الإنهزامي في حرب غزة البربرية
المختار أعويدي
حتى وقد كادت الحرب البربرية على غزة أن تضع أوزارها، لا زال بعض المتصهينين من بني جلدتنا، من الذين انتصبوا « بلا حيا لا حشما » منذ اندلاع طوفان الأقصى المجيد، للقيام بالتطبيل والبلاء السيء في تصريف السردية الصهيونية، وتبرير الجرائم الوحشية وعمليات الإبادة والتطهير العرقي، التي يقوم بها الكيان الغاصب في حق الشعب الفلسطيني. لا زالوا يحاولون يائسين بشكل مسعور، تبخيس دور المقاومة والإساءة إلى صورتها كما فعلوا ذلك دائما منذ انطلاق العدوان الهمجي الصهيوني، وذلك من خلال تحميلها مسؤولية الإبادة والدمار والخراب الذي احدثته آلة الحرب الوحشية الصهيونية، متوسلين بقراءة فجة مغرضة لنتائج الحرب الهمجية المفروضة على الشعب الفلسطيني.
فقد خرجوا علينا يحصون بمنطق الربح والخسارة الإنهزامي نتائج طوفان الأقصى المجيد. كي يخلصوا إلى نتيجة انهزامية، طالما سوقوا وروجوا لها منذ انطلاق الطوفان الأغر. لا تليق سوى بعديمي العزة والكرامة، وناقصي الروح الوطنية الصادقة، وعاشقي حياة الذل والعبودية والخضوع. مفادها أن المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني، قد جرت على نفسها وعلى شعبها البلاء والدمار. عندما قامت بشن طوفان الأقصى المجيد..!!
لا أعرف أي منطق يحكم قناعات هذه الكائنات في تحليل وتفسير الأمور، غير رغبتها في تثبيط الهمم وزرع أواصر الشك والفرقة في الصف الفلسطيني، وبالمقابل تكريس نهج التصهين والإرتماء في أحضان الإجرام الصهيوني. لا أفهم ما الذي يريده هؤلاء المتصهينين من بني جلدتنا من شعب انتزعت منه أرضه انتزاعا، من طرف عصابات صهيونية لقيطة تم تجميعها من جميع بلاد العالم، وذلك بدعم وإشراف مباشر من الإمبرياليات الغربية المجرمة، وتواطؤ من العديد من بلدان هذا العالم الحقير. ما الذي يريدونه من شعب فرض عليه تعسفا مشروع التقسيم الأممي لأرضه وخيراته مع هذه العصابات المجرمة. التي لم يكفها ذلك، فاحتلت ما تبقى من أرضه منذ عقود طويلة، وهي تمارس منذ وقتذاك عمليات ترهيب وتقتيل وإذلال لمواطنيه، واستباحة لمقدساته، واقتطاعا وقضما مستمرا لأراضيه عن طريق مسلسل الإستيطان السرطاني.
لا أفهم ما الذي يريدونه من شعب قدم مع ذلك العديد من التنازلات القاسية المؤلمة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بقبول حل الدولتين، وتوقيع العديد من الإتفاقات المهينة مع هذا الكيان الغاصب، منذ اتفاق أوسلو سيء الذكر وإلى الآن. لكن لا شيء يرضي هذا الكيان المجرم، الذي ألقى بهذه الإتفاقات في سلة القمامة، وظل وفيا لهوايته المفضلة المعروفة التي لا يتقن غيرها، والمتمثلة في مصادرة الأرض واقتطاع ما تبقى من فتات الأرض الفلسطينية، وإقامة المستوطنات الباذخة لجحافل المستوطنين الصهاينة المتطرفين فوقها. وبالمقابل تفتيت ما تبقى من أرض فلسطينية، وقمع أبنائها وتقتيلهم وحصارهم، وإذلالهم وإرهاقهم عند حواجز التفتيش الكثيرة جدا، حيث الإنتظار والإنتظار المتعمد الطويل سيد الموقف.
لا أفهم ما الذي يريده هؤلاء المتصهينين، من الذين لا يكفون عن تصريف سمومهم في حق المقاومة، من شعب هذه حاله منذ سنين عددا، مع كيان سرطاني مزروع عنوة في أرضهم، غير المقاومة والمقاومة ومزيد من المقاومة. مع ما تعنيه المقاومة من تضحية بالنفس والمال والأهل والولد. وما تعنيه من استرخاص كل شيء من أجل تنغيص حياة المحتل المجرم الغاصب، وإلزامه على الرحيل وانعتاق الوطن. ما تعنيه من عدم اكتراث بمنطق الربح والخسارة الإنهزامي، الذي لا يعمل سوى على ديمومة الإحتلال والتطبيع مع الذل والعبودية والخنوع والخضوع لإرادته. فلم يحصل في التاريخ أن استكثر شعب أبي كل ما يملك من دماء وخيرات من أجل سلامة الوطن. ودروس التاريخ تؤكد أن كل حركات التحرر في العالم أدت ثمنا غاليا من أرواحها ودمائها وخيراتها من أجل تحرر أوطانها.
يبدو أن متصهينونا الأوفياء للأجندة الصهيونية، الحريصون على سلامة وأمن المستوطنين المتطرفين الغاصبين للأرض الفلسطينية في الضفة وفي 1948، يرغبون في أن تكون غزة أيضا على نموذج ونهج أبو مازن وحوارييه الفتحاويين في الضفة الغربية، الذين تحولوا إلى أدوات أمن صهيونية طيعة قائمة بل حريصة على أمن المستوطنين الصهاينة، حتى لو تطلب الأمر القيام بتقتيل أبناء جلدتهم من المواطنين الفلسطينيين المتمردين عن الإحتلال، وذلك خدمة لهذا الأمن الصهيوني. ولعمري أن عصابة أبو مازن وفتحاوييه المتاجرين بفلسطين، قد اجتازت امتحان « حسن السيرة » واختبار « الخنوع والخضوع » خلال طوفان الأقصى المجيد بامتياز واستحقاق. ففي ظل كل الأهوال والجرائم والمجازر والإبادة والخراب والدمار الذي ارتكبه الإجرام الصهيوني في غزة. لم يحرك أبو مازن وعصابته ساكنا، بل ظلوا كامنين في جحورهم في الضفة خائفين مرعوبين، يتفرجون على المشهد بكل حقارة ونذالة. لا يستقوون ولا يتغولون سوى على مواطنيهم المتمردين على الإحتلال، يكيلونهم صنوف القمع والتنكيل. لا بل والقنص والقتل بدم بارد.
يبدو أن هذا هو النموذج المثالي للفلسطيني الخاضع الذليل الحريص على الأمن الصهيوني، الذي يسعى متصهينونا ان تقتدي به غزة. ولكن هيهات هيهات.. ففي غزة رجال أشداء حريصون على انعتاق الوطن، حرص أبو مازن على رئاسة متصهينة واهمة. لقنوا الكيان الغاصب، برغم كل ما ارتكبه من مجازر وعمليات إبادة وتدمير وتخريب، لقنوه دروسا قاسية في الكفاح والتضحية، فشلت كل الجيوش النظامية العربية في مواجهاتها العديدة مع هذا الكيان في إدراكها.
وعليه فمنطق الربح والخسارة الإنهزامي الذي ما انفك متصهينونا الأنذال يروجونه بقوة هذه الأيام، بسوء نية وفساد طوية لا يجدي نفعا في مثل هذه المواجهات المقدسة، التي يتم فيها استرخاص كل شيء، كل شيء من أجل الوطن.
وحتى لو دققنا النظر بعمق في نتائج ومآلات الإجرام الصهيوني في غزة، بعمق وبعد نظر، وليس بسوء نية، وفساد طوية.. لأدركنا أنها شهدت تحقيق نتائج غاية في الإبهار والإنتصار، لا تراها عيونهم السقيمة، سرعان ما ستكشف عنها الأيام، بالنظر إلى ما يستوجبه تحقيقها من وقت. وإن غدا لناظره لقريب.. عاشت غزة ولا عاش متصهينونا الأنذال.
Aucun commentaire