Home»International»الآثار السلبية لما سمته الوزارة الوصية على الشأن الديني خطة تسديد التبليغ

الآثار السلبية لما سمته الوزارة الوصية على الشأن الديني خطة تسديد التبليغ

0
Shares
PinterestGoogle+

الآثار السلبية  لما سمته الوزارة الوصية  على الشأن الديني خطة تسديد التبليغ

محمد شركي

إن المتتبع لخطب الجمع منذ إعلان الوزارة الوصية على الشأن الديني عما سمته خطة تسديد التبليغ، يلاحظ  ما  يلي :

1 ـ تعميم الوزارة الخطب على مجموع المساجد التي تقام فيها صلاة الجمعة أول الأمر ، ثم التراجع عن ذلك وتخيير الخطباء بين اعتماد ما توافيهم به من خطب أو اعتماد خطبهم الشخصية  ، و بعد وقت وجيز عادت إلى اعتماد أسلوب التعميم مرة أخرى ، مع الثناء على الخطباء الذين يلقون خطبها ، وانتقاد من يلقون خطبهم  الشخصية وقد وصفهم الوزير بأنهم مرض في جسم سليم ، وحصر نسبتهم في خمسة من مائة من مجموع الخطباء .

2 ـ لم تلتزم الوزارة بتسلسل مواضيع الخطب كما أعلنت  ذلك أول الأمر ، واضطرتها مناسبات وطنية إلى  اعتماد خطب خاصة بها ، وبذلك نقضت التسلسل الذي التزمت به .

3 ـ لا تخلو خطبة من ذكر عبارة خطة تسديد التبليغ ، ونسبتها إلى العلماء ، مع أن ذلك  لم يعد خاف على أحد، ولعل الوزارة لها قصد من وراء ذلك سنشير إليه.

4 ـ نشر الوزارة الخطب على موقعها الرقمي زوال يوم الأربعاء ، واطّلاع عامة الناس عليها  قبل حلول يوم الجمعة .

5 ـ معاملة مواضيع الخطب الناس كأنهم حديثو عهد بالإسلام ، وأنهم يجهلون المعلوم بالضرورة من الدين، كما ألمح بذلك الوزيرحين زعم أنه توجد هوة بين الدين و بين تدين المغاربة .

6 ـ حصر مدة الخطب في ثلث ساعة  أو أقل حسب طرق، وأساليب الخطباء  في الإلقاء  .

وبناء على هذه الملاحظات نسجل  بعض سلبيات خطة الوزارة وهي كالآتي:

1 ـ تعميم خطب الجمع على مجموع مساجد البلاد عطّل ملكة الخطابة عند الخطباء الذين لم يعودوا خطباء بالمعنى الصحيح للكلمة ، بل أصبحوا  مجرد قراء يقرؤونها  أو يلقونها على الناس  نيابة عمن يحررونها ، وهو ما يمكن لكل إنسان مهما كان مستواه الدراسي القيام به بمن في ذلك تلاميذ المستوى الإعدادي الذين يمارسون مهارة القراءة في الفصول الدراسية ، وقد يجيد النجباء منهم إلقاءها أفضل من كثير من الخطباء الذين انتدبتهم الوزارة للخطابة .

ولا شك أن الخطباء الذين  انحصرت مهمتهم اليوم في مجرد إلقاء خطب تكتب لهم  بسبب الخطة الوزارية ،ستضعف لديهم  مع مرور الوقت ملكة الإنشاء الخطابي، وستُقتل مواهبهم ، وسيميلون إلى الكسل ، علما بأن المواهب الخطابية إنما تتطور بالممارسة المستمرة ، ذلك لأن الخطابة فن من فنون الأدب تتطلب الإبداع ، والخطيب كالشاعر وكالكاتب مبدع ، وليس مجرد مجتر كما تريده الوزارة الوصية . ولا بد أن يعاني  مما يعانيه الشاعر والكاتب وما يكابدانه  أثناء الإبداع إن كان  بالفعل خطيبا بالمعنى الصحيح .وإذا كان الشاعر الفرزدق وهو من هو موهبة وإبداعا  قد قال :  » تمر علي الساعة وقلع ضرس أهون علي من قرض بيت شعر  » ، فالخطيب إن كان خطيبا موهوبا حقا فإنه لا يختلف حاله وهو ينشىء خطبه عن الحال التي باح بها الشاعر الفرزدق، والتي مردها إلى معاناة المبدعين في فن القول ، وأنى لخطباء يكلفون بمجرد إلقاء خطب تؤلف لهم أن يحسوا  بتلك المعاناة ؟

ولهذا، فإن عكس ما زعم  وزير الشأن الديني هو الصحيح إذ ليس الخطباء الذين لا يتقيدون بالخطب المفروضة هم الحالة المرضية ، بل هم الذين عطلت الخطة مواهبهم وملكاتهم ،وإبداعهم .

2  ـ  إن عدم التزام  الوزارة بما قررته من تسلسل مواضيع خطبها بسبب حلول مناسبات وطنية ، هو حجة عليها أو ضدها ، لأن خطتها فصلت بين خطب الجمع وبين الواقع المعيش مع أنهما ملازمان كتلازم الخطين المتوازيين ، ذلك أن الواقع يفرض ، والخطب  تلبي   وتستجيب ،وهو ما وجدت الوزارة نفسها مضطرة إليه حين  فرض الواقع حديثا عن تلك المناسبات . فما بال هذه  الوزارة تلبي ما يفرضه الواقع في حال ، وتتجاهله في أحوال ، ولا تعمل بمقولة المناسبة شرط ؟؟؟

ومعلوم أن الواقع يتحكم فيه ظرفان هما الزمان والمكان ، وهما ليس على حال واحدة في كل أرجاء الوطن ، فالمدن والقرى  لها أحوال زمانية ومكانية  تلتقي عندها جميعها ، و لكن لها مقابل ذلك أحوال خاصة بها ،لهذا  لا مندوحة لخطابة الجمع من أن تراعي الخصوصية الجغرافية لكل قرية ومدينة ،  وترعي خصوصية الأحوال في كل جهات البلاد ، وهو ما لا يمكن أن تضطلع به الجهة التي تحرر خطب الخطة المعممة  وحدها ،علما بأن الواقع متحول ، والخطابة  تعالج أحواله بعرضها على الثابت الذي هو دين الله عز وجل لتسديد كل متحول من شأنه أن ينحرف عن الثابت ، وما أكثر المنحرف اليوم الذي تتنكب معالجته خطب خطة الوزارة  التي تغرد بعيدا عن هموم الناس في واقعهم المعيش .

3 ـ إن تكرار نسبة مواضيع خطب الجمع إلى العلماء فيه إقصاء للخطباء ، واستنقاص من شأنهم . ولقد كانت الوزارة فيما مضى تنكر على بعض الخطباء قولهم :  » هذه خطبة وردت علينا من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية  » ، كأنها لا ترغب في تحمل مسؤوليتها ، بينما أصبحت اليوم هي من يصرح بها في كل جمعة .

4 ـ رفع الوزارة  السرية عن خطب الجمعة قبل حلول أوان سماعها فوق المنابر من خلال نشرها على موقعها الرقمي ، يفقدها قيمتها ، ولا  يمكن أن يتلقاها الناس بإقبال  وشوق  كما كان الحال من قبل،  بل ربما زهد في سماعها كثير منهم، الشيء الذي يجعلهم يتخلفون عنه سماعها ، ويكتفون بحضور الصلاة فقط.  ولو أن الوزارة أرسلت خطبها إلى الخطباء عبر عناوينهن الإلكترونية لحافظت على سريتها ، ووفرت لها ظرف إقبال الناس عليها .

5 ـ إن اعتماد فكرة بعد تدين المغاربة عن الدين  لفرض خطة الوزارة  محض ظن لا أدلة عليه. واعتماد مقتضى الخطة على هذا الظن ، جعلها تعامل الناس بعد مرور أربعة عشر قرنا على بعثة الإسلام معاملة من كانوا في العشرية  الأولى من البعثة يوم كانت الوثنية متفشية في الناس ، وكان تركيز الدعوة على تثبيت الإيمان بالله تعالى في نفوسهم وقلوبهم من أجل إعدادهم للانتقال من الوثنية إلى التوحيد ، ولا مقارنة بين حال الناس في عصرنا هذا وبين عصر ولّى بقرون إلا في ذهن ظان لا يغني ظنه عن الحق شيئا .

6 ـ إن اجتماع تقليص مدة إلقاء الخطب مع اطلاع الناس عليها مسبقا على الموقع الرقمي للوزارة ، وفتور إلقائها عند أغلب الخطباء، لأنها ليست من إنشائهم ، لا يزيدهم إلا زهدا فيها ، وإعراضا عنها ، ولولا خوفهم مما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إثم ودع الجمع لما حجوا إلى المساجد.

وخلاصة القول على السادة العلماء أن يراجعوا الوزير فيما فرضه من أجل أن تستعيد خطب الجمع مكانتها عند الناس ، ومن أجل إلزام الخطباء بالاجتهاد صيانة لملكاتهم ، ومواهبهم ، ودفعا للكسل والخمول عنهم ، ومن أجل أن تعود الخطب إلى مسايرة الواقع المعيش ، والاستجابة لما يفرضه ، لأن دين الله عز وجل ما جاء إلا من أجل هذا الواقع ، ولكل جيل واقعه ، وما الثابت إلا دين الله الذي هو منهاج حياة ، لا يستثنى منه سياسة ، ولا اجتماع ، ولا اقتصاد ، ولا ثقافة … ولا حال مهما كان من أحوال الناس . ومن قال بعكس هذا فعليه بالبينة ، وما ينبغي له، وما يستطيع  ، وقد أكمل الله تعالى دينه وارتضاه  لمن آمن به دستورا  وحيدا لا بديل له حتى تقوم الساعة .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *