Home»International»« مساندة غزة بين ضرورة المواجهة والقضية الوطنية »

« مساندة غزة بين ضرورة المواجهة والقضية الوطنية »

2
Shares
PinterestGoogle+

الدكتور محمد بنيعيش
أستاذ الفكر والعقيدة
وجدة ، المملكة المغربية
أولا: المقاومة الفلسطينية ومظاهر التخذيل الطائفي
من غير المعقول ولا المقبول ولا اللائق أن يظل المفكر والباحث والأستاذ الجامعي ،بل المواطن والإنسان ذو الضمير الحي على الهامش مما يجري في الساحة الفلسطينية وخاصة بغزة وضواحيها من أراضي فلسطين المغتصبة ولبنان والجولان وما إلى ذلك من المناطق التي وضعت نصب أعين ومخطط النظام الصهيوني الغادر للفتك والتدمير وإعادة التشطير والتهجير غيرها ، وكذلك ما تجري من الإجراءات ذات طابع الإبادة الجماعية واختراق كل القوانين الشرعية والدولية والأخلاقية عموما…كما لا يسكت أو يغض الطرف عن هذه الجرائم التي نمسي ونصبح على أخبارها وفظائعها وأشلائها إلا ميت ضمير أو خائن شرير أو متآمر خائر وخاسر.
وبالرغم من آلة القتل والتدمير الممنهج الذي مارسه الكيان الصهيونيي اليهودي المتطرف ضد المستضعفين من أهل غزة وفلسطين فإن المقاومة الباسلة والصامدة قد وقفت وما زالت في وجه هذا العدوان بشكل يشبه المعجزة والكرامة فكبدت الصهاينة خسائر لا تعد ولا تحصى في الجنود والعتاد والمعنويان والاقتصاد، بالرغم من التخاذل الظاهري للدول العربية والإسلامية عن نصرة أهل غزة ووقوفهم موقف المتفرج والمتفلج كأنهم يعيشون في المريخ ويغادرون الأرض وينسخون التاريخ …ويا له من خزي وعار على كل متآمر ومتعاون ومعثر للمجاهدين في الميدان ،ويا له من سجل ضددهم ملطخ ومكتوب بدم مغدور شاهد عليهم بالخذلان ولعنة دماء وصراخ الأطفال والنساء والشيوخ والمستضعفين المظلومين في تلك البقاع المقدسة والأقصى الذي بارك الله ما حوله ولعن كل من خذله وتخلى عنه أو اخترق باحته وحرمته بغير حق ولا استحقاق.
والأكثر من خذلان الدول والحكومات وما لديها من مبررات مهلهلات وتافهات هو توظيف ثلة من البطالين والمتطرفين والخائرين والخائبين للفت في عضد المقاومين والمجاهدين سواء في غزة وفلسطين أو في لبنان والجولان وذلك تحت ذرائع طائفية نتنة وخسيسة تشترى بثمن بخس وتحرك بذباب إلكتروني عميل ومتصهين على أسوأ درجة من التصهين البذيء والمنحط .
والأدهى من ذلك حينما يغلف بغلاف السلف والسلفية والشرعية والمشروعية والذي هو في الحقيقة ليس سوى مظهر للتلف والظلامية والانتهازية و تثبيط العزائم وتفتيت الوحدة ، سواء أكانت وطنية أم قومية أم دينية إسلامية خاصة .
والأخس والأحط من هذا وذاك حينما يخروجون ويهرعون كالجرذان يفتون في حكم مقتل واستشهاد فلان وعلان وكأنهم يملكون مفاتيح النيران والجنان ويحددون مصائر الناس ونوايا كل إنسان.
ولقد آلمني كثيرا ما لاحظته مؤخرا من خروج ثلة من مرتزقة الفتن وهم يفرحون ويمدحون قاتل المقاومين من شيعة لبنان وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله رحمه الله تعالى، الذي قضى نحبه وهو يدافع ويشترط على العدو الصهيوني الغاصب رهن وقف إطلاق النار بجهة لبنان على شرط وقفه بغزة الجريحة والمدمرة ،حيث كانت هذه آخر كلماته وتحدياته وعليها استشهد وانتقل إلى رحمة ربه ، إن شاء غفر وإن شاء عذب ،فله الأمر والحكم والعلم والميزان. وهذا كان ديدنهم من قبل عند مقتل العقيد معمر القذافي وسابقه الرئيس العراقي صدام حسين رحمهما الله جميعا .
ولم أر أخس وأوضع من مثل هؤلاء الذين يوظفون الدين وخاصة الإسلام دين العدل والرحمة في مثل هذه المواقف المشينة والمخذلة للمجاهدين وهم في ذروة المواجهة مع أعدى عدو للأمة وأخزى محتل وأذله وأنذله في التاريخ البشري ،ألا وهو العدو الصهيوني وحليفه بل شريكه في الميدان الطاغية الأمريكي وحلفائه.
يتكلم هؤلاء وأولئك عن الشيعة وغيرهم من الطوائف الإسلامية كالصوفية مثلا والأشاعرة وهم لا يعلمون عن مذهبهم شيئا سوى ما يتلقفونه من قنوات مخرومة وممولة بجهات معادية لوحدة الصف الإسلامي ، كما أنهم لا يميزون بين الشيعة السياسية والشيعة العقائدية ، ولا بين المعتدلة والمتطرفة ، بالرغم من اختلافنا كثيرا مع كل هؤلاء وأولئك ولكن في حدود الاختلاف الفكري والمذهبي وليس في باب العداء والمحاربة والكيد والتضليل …
في حين قد يذهب البعض بمكرهم وخبثهم المضلل والانتهازي إلى الضرب على أوتار الوحدة الوطنية والترابية ، وهم منها براء قولا وفعلا وسلوكا عبر التاريخ ، وذلك كمساومة ضدا على المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخاصة حزب الله الذي لا يكادون يسمونه بإسمه فيصفونه بحزب « اللات » . بحيث قد تجاوزوا بهذا الأسلوب متطرفة الشيعة وتحريفهم لأسماء بعض الصحابة وغيرهم ،وكل هذه رعونة وضيق أفق واهتزاز شخصية ، بل دليل على أنهم غير مقتنعين بما يروجون له علميا وواقعيا ، وإنما هم يلقنونه تلقينا ويدعون دعا من طرف المبرمجين الصهاينة وذبابهم للتشتيت قوى المقاومة والمدعمين لهم من الشعوب الحرة والواعية وخاصة العربية والإسلامية.
ثانيا: المقاومة والقضية الوطنية في ميزان الواقع والانتهازية
فمن هؤلاء من يلعب على وتيرة « الصحراء المغربية » ومزاعم أن الفلسطينيين من غزة وحزب الله بلبنان يساندون البوليساريو ضدا على الوحدة الترابية للمملكة المغربية مع العلم أننا لم نكن نسمعهم يساندون قضية الصحراء لا في منابرهم ولا أدعيتهم ولا تسجيلاتهم وكأنها لا تعنيهم في شيء من يوم طرحت .
وفي المقابل وبانتهازية مفضوحة وظفوها وركبوا عليها بمركبة طائفية ومن واجب وطني –حسب زعمهم المريض وأفقهم العقدي والسياسي الضيق- ينبغي أن لا ندعم المقاومة أو نعبر عن تأييدها ولو بكلمة وهي في خضم الصراع مع العدو الصهيوني المجرم وقاتل الأطفال لأن المقاومة فلسطينية كانت أم لبنانية كان بعض أفرادها يدعم مرتزقة البوليساريو ضد وحدتنا الترابية…وهذا قياس أقبح من البول في المساجد كما يقول بعض العلماء. فلا مجال للمقارنة هنا ولا ميدان لتنزيل الأحكام بهذه الجزافية.بل غباؤهم في خضم الصراع مع العدو الصهيوني -قد يخيل إلي -أنه شبيه بمن عضته أفعى في رجله فتوقف ينظر هل جاءته من اليمين أم من الشمال عوض أن يقاومها أو يفر من معاودة لدغها له ،فيا لها من سخافة ويا لها من ضعف ثقافة!!!
فموضوع الصحراء المغربية هو موضوع وطن محدد المساحة والجغرافيا والتاريخ وموضوع فلسطين هو موضوع دين وعقيدة وإنسان شامل وعام بغض النظر عن الانتماء أو المذهب والجنسية . ولهذا فبحكم وطنيتنا فقد لا نتنازل أو نفرط ولو بذرة من رمال صحرائنا المغربية وولائنا لوطننا وملكنا وسيادته المشروعة والواقعية على الأرض ومحتواها…
ولهذا فنحن ضد كل من يحاول النيل من هذه المشروعية وهذا الاستحقاق أيا كان وبأي صفة بان. وللإشارة فإن المرحوم حسن نصر الله كان قد تبرأ علنا وصراحة من الاتهامات التي وجهت له ولحزبه بخصوص دعمه الرسمي للبوليساريو وأطروحة الجزائر المشروخة والبائدة. والاعتراف سيد الأدلة ،بل كان قد طلب الدليل الملموس على دعوى المغرب بهذا الشأن وذلك في خطاب يعلمه الجميع، كما أنه للمغرب الحق الكامل في أن يحمي حدود بلاده ووحدة ترابه بكل الوسائل المتاحة. بحيث نفس المسألة قد وقعت ولفقت لإسقاط وتحريض الثوار ضد الرئيس معمر القذافي بدعوى أنه كان يساند فعليا ولأسباب أيديولوجية مرتزقة البوليساريو صنيعة الجزائر ومعها المعسكر الشرقي ضدا على المعسكر الغربي ،ولكن بعد مرور الزمن طويت الصفحة وتصالح المغاربة بقيادة الملك العبقري والداهية السياسي الحسن الثاني فتصافح الأخوان معمر والحسن رحمهما الله تعالى ، وتحسنت العلاقات واستفاد الشعبان وخاصة المغاربة الذين وجدوا سوقا رحبة للشغل بليبيا بل أصبحوا الشعب المفضل عند القذافي على سائر شعوب المنطقة .
كما أن نفس الموقف قد كان يروج له عند حرب الخليج الثانية ويطعن من خلاله في عقيدة الشهيد صدام حسين رحمه الله تعالى، بل أفتى هؤلاء الشراذم الموجودين بالشرق والغرب بجواز الاستعانة بالكافر لضرب المسلم لتبرير اجتياح الأمريكان لبلاد العراق وتدميره بغر هوادة ولا مراعاة لقوانين الحرب وسيادة الدول وحرمة المدنيين.وهذه كلها من دسائس الصهيونية والبيت الأظلم الأمريكي لتدمير البلدان وزعزعة استقرارها .
وعلى ذكر صدام حسين رحمه الله تعالى فإنه قد كان أشجع وأرقى خلقا ودينا من هؤلاء المتسلفين التالفين ورواد الفتن بالبلدان العربية حينما منع كل وسائل الإعلام العراقية من سب أو الاستمرار في تحقير الخميني بعد وفاته ، حتى قال : »بأننا كنا نحاكم الخميني لما كان من أهل الدنيا أما وإنه قد توفي فقد انتقل حسابه إلى محمكة أخرى عند الله تعالى ». وهذا كأجمل وأرقى ماسمعته من رجل سياسة ودولة عربي خاض ضد عدوه حربا تزيد عن ثامنية سينين !!!
ولهذا فاللعب على هذه الورقة ورقة التكفير والتخوين الوطني بسبب مساندة أو تأييد المقاومين في الجبهة على اختلاف مذاهبهم بل ملاتهم ضد الصهاينة في وقت الجهاد هو على العكس خيانة هؤلاء للوطن الأم وتاريخ رجالها ومواقفهم من القضية الفلسطينية، وخاصة مواقف الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله تعالى مؤسس ورئيس لجنة القدس التي مازال يتولاها ويرعاها أمير المؤمنين الملك محمد السادس وفقه الله وسدد خطاه .ولا نريد أن ندخل في تفاصيل السياسة وظروفها ودهاليزها . فأهل مكة أدرى بشعابها.
وأيضا فإنها خيانة للأمة وللقدس وللمسجد الأقصى وللإنسانية التي تباد وتقطع أشلاء على مرأى ومسمع من العالم. وفي الواقع الملموس والمحسوس لم يجد هؤلاء الفلسطينيون الغزاويون خاصة سوى إخوانهم اللبنانيين الشيعة من حزب الله كمساندين ، بل مشاركين معهم بالروح والجسد والمال والسلاح في محاربة مجرمي الحرب الصهاينة وحليفهم الأول الطاغية الأمريكي . كما لا يهمنا من يساندهم وما هي طبيعة نظامهم سواء أكانوا إيرانيين متشيعين، ذوي مشاريع سياسية خاصة ،بل حتى مسيحيين و شيوعيين واشتراكيين . فالمناصرة هنا إنسانية قبل أن تكون دينية ومذهبية وطائفية…
فأي المواقف أولى بالاتباع والالتزام والتشجيع: هل مساندة المقاومة والدعاء لرجالها بالنصر والتمني لشهدائها بالرحمة والمغفرة أم تكفير المجاهدين وتكسير شوكتهم لأنهم شيعة أو غيرهم ،بل تثبيط عزائمهم قصد إقصائهم من الساحة ليستفرد الصهيوني المجرم بأهل غزة وكل فلسطين وعبثهم ببيت المقدس الأقصى فتكا وقتلا وتدميرا وتحقيرا وتهجيرا ؟ فاحكموا يا أولي النهى والألباب ويا علماء المقاصد وأصحاب الضرورات وسد الذرائع …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *