Home»International»مخاطر رواسب العرقية والمعتقدات الضالة المهددة لثوابت دين الإسلام ( الحلقة الخامسة والأخيرة )

مخاطر رواسب العرقية والمعتقدات الضالة المهددة لثوابت دين الإسلام ( الحلقة الخامسة والأخيرة )

0
Shares
PinterestGoogle+

مخاطر رواسب العرقية والمعتقدات الضالة المهددة لثوابت  دين الإسلام ( الحلقة الخامسة والأخيرة  )

محمد شركي

استكمالا للحلقات الأربع السابقة ، نواصل الحديث عن المخاطر المترتبة عن رواسب عرقية أو معتقدات ضالة  تهدد ثوابت دين الإسلام ، وذلك كما يلي:

من المعلوم أن آخر خلافة إسلامية في العالم الإسلامي  كانت تلك التي تولى أمرها العثمانيون الأتراك . وبعد الضعف الذي أصابها ، وكان منذرا باضمحلالها إثر حروب خاسرة  خاضتها، فأطمعت فيها الغرب المسيحي الذي كان يتربص بها  الدوائر،فتحين فرصة ضعفها كي يقتسم تركتها التي سميت بتركة الرجل المريض . وكانت وسيلته لتحقيق أطماعه هي تأليب الشعوب العربية التي كانت تحت  حكم أو وصاية الدولة العثمانية، حيث أطمعها بالاستقلال عن هذه الأخيرة ، وذلك من خلال العزف على وتر ما سمي بالقوميات ، وهي عبارة عن دعوات عرقية  تم النبش عن جذورها في الماضي  البعيد ، فتم تسويق  القومية الفينيقية  في الشام ، والقومية الآشورية في العراق ، والقومية الفرعونية في مصر ، والقومية البربرية في شمال إفريقيا ، فضلا عن القومية العروبية في الحجاز . وعن طريق حيلة هذا التسويق، نجح الأوروبيون إنجليز وفرنسيين على وجه الخصوص في التمهيد لاحتلال الأقطار العربية في منطقة الشرق الأوسط ، وشمال إفريقيا تحت مسمى الانتداب أو الحماية أو الوصاية ، وكلها مسميات للاحتلال الغربي البغيض .

وبسبب  الاحتلال الغربي   للبلاد العربية، اندلعت ثورات وحركات تحرير،  فاضطر هذا  الاحتلال إلى إجلاء  جيوشه عنها بعدما زرع في وجدان شعوبها فكرة العصبية العرقية أو القومية ،وهي فكرة مزقتها كل ممزق ، وجعلت منها  دويلات بينها حدود وأسلاك شائكة  لكي تظل تحت وصاية المحتل الذي رحل عنها عسكريا  بعدما كرس غزوه الفكري فيها ، وهو الأخطر .

وتزامنا مع رحيل جيوش المحتل الغربي عن البلاد العربية ، وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، الشيء الذي خلق عالما ثنائي القطب ، فتقاسم القطب الرأسمالي  مع القطب الشيوعي مناطق نفوذهما في بلاد العرب الذين صاروا تابعين لهذا المعسكر أو ذاك ، وهو ما كرس شتاتهم ، وجعلهم حطبا جزلا لحرب ساخنة  ناتجة عن حرب باردة بين القطبين المتنافسين على قيادة العالم حين خرجا معا منتصرين في الحرب العالمية الثانية ، ولم يرض كل منهما إلا بالقيادة والريادة  والسيادة على العالم. وصارت الشعوب العربية الحديثة عهد با الاستقلال الصوري عن الاحتلال الغربي تجترّ إما  إيديولوجية هذا القطب أو ذاك .وجعلت الأنظمة التي تحكمها هذا الاجترار مقروضا قهرا عليها بعدما ألقي في روعها أنها بذلك ستستكمل استقلالها وحريتها ، والواقع أن خرجت من احتلال عسكري إلى احتلال إيديولوجي أشد خطرا عليها . وانتقلت الأشكال الحزبية من القطبين إلى البلاد العربية ، فصارت فيها أحزاب ذات توجه رأسمالي  أو ليبرالي  ، وأخرى ذات توجه شيوعي أو اشتراكي ، وبذلك  راكمت الشعوب العربية  مع النعرات العرقية أو القومية التي أغراها بها المحتل الغربي الانقسامات الحزبية المكرسة للفرقة والشتات ، والقادحة للصراعات المسلحة الدامية .

ومما لا يجب الغفلة عنه أن المحتل الغربي لم ترحل جيوشه عن منطقة الشرق الأوسط إلا بعدما زرع فيها الورم الصهيوني الخبيث في أرض فلسطين والذي صار وكيلا للغرب  في إدارة الغزو الفكري داخل البلاد العربية ، وقد خلق لها مشكلا بسبب احتلاله لأرض فلسطين لا زال قائما لحد الساعة ، ولا زال يلعب دورا كبيرا في شق الصف العربي حيث استقطب المحتل الصهيوني أنظمة عن طريق ما سمي معاهدات سلام ، وهي في واقع الأمر محض استسلام ، كما استقطب أخرى عن طريق ما سمي تطبيعا ، واتخذ من فريق ثالث   يرفض احتلاله عدوا . ولا بد من التذكير بأن الغرب لم يحتل البلاد العربية التي كانت تحت حكم الدولة العثمانية ليرحل عنها، بل ظلت بالنسبة إليه بقرة حلوبا تغريه مقدراتها خصوصا  النفطية  التي كانت ولا زالت موضوع صراع بين القطبين ، لهذا أوكل القطب الرأسمالي للجيش الصهيوني أن يخلف جيوشه الراحلة عن الوطن العربي، وعن  أرض فلسطين ، وهو جيش كانت  بدايته عبارة عن عصابات إجرامية ثم تحولت مع مرور الأيام إلى ما صار ينعت بالجيش الأسطوري الذي لا يقهر ، وهو يقوم بدور الوكيل عن الجيوش الغربية التي تدعمه ، و تتدخل كلما تعرض إلى هجوم كما كان الحال في حروبه السابقة مع الدول العربية ، وكما هو حاله اليوم  مع المقاومة الفلسطينية. وما كانت جيوش الغرب لتدعم الجيش الصهيوني لسواد عين كما يقال ،بل حرصا على ما تسميه مصالحها الاستراتيجية، وأمنها القومي خصوصا  وقد صار للعالم قطب واحد هو المهيمن على صنع القرار في العالم الذي اصبح يعيش اليوم إرهاصات توحي بعودة القطبية الثنائية من جديد يكون أحدها قطب الصين وروسيا معا ، وهذا يعني أن المقدرات النفطية العربية ستظل  دائما موضوع صراع وتنافس بين القطبين الجديدين ، وقد بدأت بوادر هذا الصراع  من خلال الحرب الروسية الأوكرانية .

والذي يعنينا في حلقة هذا المقال تحديدا هو مخاطر رواسب العرقية والمعتقدات الضالة المهددة لثواب دين الإسلام ، وهي حلقة مكملة للحلقات الأربع السابقة ، وكلها مرتبطة مع بعضها البعض، إلا أن هذه الحلقة الأخيرة سيكون التركيز فيها على خطر النعرات القومية  التي قدح شرارتها المحتل الغربي حين حل محل الحكم العثماني ، وزادتها زمانة  النعرات الحزبية التي ترتبت عن صراع القطبين المهيمنين على العالم ، الشيء الذي تسبب في ظهور نابتة علمانية  أو طابور خامس أو أحصنة طروادة  داخل الوطن العربي، وهي  تنوب عن العلمانية  الغربية ، وتسوق بضاعتها معلنة  حربا على الإسلام . وقد اجتمع في هذه  النابتة الهوى العلماني ، والعرقية المزمنة ، و هي تتخذ منهما ذريعة لتبرير تلك الحرب على دين الله عز وجل . وهكذا صارت تروج لمقولة وضع ما قبل الفتح الإسلامي الذي تعتبره غزوا عربيا  ، وتطالب بإلغاء ما جاء به هذا الفتح من تعاليم  الإسلام ، وإحلال العلمانية محلها والتي تعتبرها منسجمة مع وضع ما قبل الفتح الإسلامي . وأصحاب هذه المقولة هم  البربر أو الأمازيغ وقد استفحل أمرهم ، وهم  يعلنونها حربا على الإسلام خصوصا  في ظل السكوت عن تجاسرهم عليه ، و معلوم أن سبب هذا السكوت هو دعم العلمانية الغربية لهم ، وإدراج تعصبهم العرقي، وهوسهم العلماني ضمن ما يسمى حق الاعتقاد، وحق التعبير لدى الأقليات العرقية .

وتقابل النعرة العرقية والتوجه العلماني لدى الأمازيغ في شمال إفريقيا ، نعرات عرقية أخرى مصحوبة بالتوجه العلماني في بلدان منطقة الشرق الأوسط  . ومما يزيد الطين بللا كما يقال  ما سبقت الإشارة إليه من فساد عقدي أفرز التشيع والطرقية ، فصار هذا الخليط من الانحراف العقدي خطرا يهدد دين الإسلام في ثوابته ، الشيء الذي جعل الأمة العربية اليوم  تمر بظرف في غاية الدقة والخطورة ، وقد صارت مستهدفة بجلاء في دينها من طرف الصهيونية ، والعلمانية الغربية ، وكلتهما تسخر طوابير خامسة ،أحصنة طروادية من أجل استئصال شأفة هذا الدين من البلاد العربية التي تعتبر منطلقه إلى كل ربوع المعمور من أجل أن يسود العدل والسلام فيه، وقد غابا  اليوم عنه، وصار في وضع  خطير ،ينذر بالويل والثبور وعواقب الأمور. وما يحدث اليوم في أرض فلسطين هو استهداف صريح ومعلن  لدين الله عز وجل أداته الصهيونية ، والعقل المدبر له هو العلمانية الغربية .

فمتى ستعي الأمة العربية ما  يدبر لها من كيد خبيث ، وما يحاك ضدها من مؤامرات خطيرة أم أنها ستستمر في سباتها العميق  إلى أن  يُصبّحها قريبا نذير بما لا تحمد عقاباه ، لا قدر الله ؟؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *