المستقبل بين الأمل والوهم
عبد السلام المساوي
يبدو لي ان التقدمي الذي على خطأ افضل من الرجعي حتى عندما يكون على صواب، شريطة الاستعداد للاعتراف بالخطإ حيث هو والصواب حيث هو.
خطأ التقدمي الحقيقي سيكون حتما موضوعا للنقد الذاتي، في يوم من الأيام، فيصبح أساسا مكينا لبلورة الموقف الصائب، بينما صواب الرجعي ليس في الغالب سوى مطية للإمعان في الأخطاء بما في ذلك القاتلة منها.
أنا لا أتحدث هنا عن الأشخاص، وإنما عن المؤسسات الحزبية ذات التوجهات الأيديولوجية والفكرية المستقبلية من جهة، وتلك التي تنشد بالف خيط الى كل ما يناهض المستقبل، اعتقادا منها ان الماضي هو حقيقة زمانه والحاضر والمستقبل في آن واحد.
يكفي التقدمي قناعته بالمستقبل الذي أمامه، والذي عليه العمل على إخراجه من دوائر المجهول الى دوائر الممكن، ثم الى الواقع الملموس.
وهذا ما لا يملكه الرجعي، لأن رهنه المستقبل بالماضي يجعله يفقده بالتأكيد دون ان يكون قادرا على استعادة الماضي حتى ولو كان تشبثه به بسلاسل فولاذية صلبة لأن المسعى من صميم الوهم ليس إلا.
إن الفرق هنا هو فرق نوعي بين الأمل في المستقبل وبين وهم استعادة الماضي. فالعمل الدائب من اجل توفير شروط إمكانه يحوّل الأمل الى واقع بينما كل العمل وكل الجهود لا تعدو الإمعان في تحويل وهم استعادة الماضي البسيط الى اوهام مركبة مدمرة لا يجني منها أصحابها غير سراب مخادع وقاتل في نهاية المطاف.
قد يرى البعض في هذه التدوينة ضربا من ضروب اللغة الخشبية غير ان هذا هو تفكيري في جوهره مُذ بدأت أعي شيئا في مجال الفكر والسياسة. ولكل رأيه بطبيعة الحال.
Aucun commentaire