المربون الجدد

الحمد لله وحده
المربــــــون الجــــدد
قبل بضعة أشهر، تعرض أستاذ يعمل بإحدى ثانويات الجنوب لحادث تعنيف من طرف ضابط بالجيش برتبة كولونيل ،وكان أن ترصد له بباب المؤسسة ، واختلق له المقلب الضروري للإنقضاض عليه قبل أن يفتر أجيج غضبه. كل ما في الأمر أن الأستاذ سولت له نفسه أن يمارس جريمة الحرص على نزاهة الإمتحانات حينما هاجم ابن الكولونيل المدلل الأعزل الذي لا ذنب له إلا إصراره على تجسيد وتمثل أحد أركان الفساد المستشري في مجتمعه ، وامتثاله لتوجيهات أبيه المتعالية على القوانين. وأما الحدث الثاني فكان مسرحه إعدادية ابن الأثير بالدار البيضاء ،حينما اقتحم قائد المقاطعة مقرالمؤسسة من الباب الخلفي واتجه رأسا نحو المدير، وقبل أن يحاول هذا الأخير شرح موضوع الخلاف ، سدد له القائد صفعة مدوية حتى طار ريقه ، إخلاصا لمنطق الوصاية التي لا يعرف الكثير من رجال السلطة حدودها او على الأقل يتجاهلونها، فتتحول إلى شطط سافر أو تتبع لا ضرورة له
إن الوصاية التي لوزارة الداخلية على المصالح الخارجية للوزارات الأخرى لا يمكن ان تكون بالأسلوب الطائش الذي أقدم عليه هذا القائد ولا يمكن أن تتضمن ذات الوصاية في أحد بنودها قانونا جزائيا يقضي بركل أو صفع كل من ثبتت مخالفته للتعليمات ………… إذن فتصرف هذا القائد مزاجي و خارج عن نطاق ماموريته كمتصرف في شؤون عمومية،ومجانب للسلوك المتزن المفروض أن تلتزم به وزارة تريد أو تدعي تكييف مقتضياتها القانونية والإجرائية لأرادة جلالة الملك. مطلوب إذن من وزارة الداخلية قبل غيرها ،إن أرادت أن تشرف نفسها ومنتسبيها، أن تنزل ما يناسب من العقوبات الإدارية على القائد لأنه ببساطة أساء إلى التزاماته بتصرفه الأرعن .هذا وعلى الجهات الأخرى،قضائية وغيرها ،التدخل كل حسب اختصاصه ودرجة تأثيره .
ولكن قبل هذا وذاك فقد قامت جهات جمعوية وحقوقية مشكورة بالمطلوب حينما تظاهر المئات منهم أمام مقرالمقاطعة منددين بهذا الوضع الشاذ.
وهكذ فما اختصرنا في سرد تفاصيله آنفا يعطي الإنطباع بأن جيلا غير مسبوق من المربين الجدد أخذ المشعل وصار يزاحم رجال التربية والتعليم في مهام لا يحسدون عليها في زمن ضياع البوصلة .ولكن الغريب والمستحدث في الأمر أن الإعتداء جاء من طرف موظف عمومي على موظف عمومي قد يوازيه أويفوقه في الدرجة، بل الأمرأكثر من هذا فقد امتدت أيدي هؤلاء المربين الجدد إلى أشخاص يجسدون عنوان الكرامة والإباء،وهم بحق أهل للتبجيل وليس للتنكيل،ولكن شاءت الأقدارالماكرة أن تقلب الموازين وتجعل من التعليم وأهله كيسا للتدرب على الملاكمة بعد أن نفضت الدولة يديها من التعليم العمومي أو تكاد ،وتبرأ منه المجتمع عن طريق الإزدراء والتقزيم.
إن ما أقبل عليه هذا القائد وقبله ذلك الضابط يؤشر على خسارة كبيرة للقيم بمطلق المعنى ،وعلى تغول غير مسبوق للجهاز المخزني ،تغول مرضي سرطاني سيتأذى منه الجهاز نفسه والأمة بأسرها لأنه سيأتي حتى على الخلايا السليمة فيه. ولسوف يكون مقبولا لو أن هذا الإعتداء صدر عن شخص ذاتي أي خارج الصفة الوظيفية،ولكان ممكنا إصلاح ذات البين بمساع حميدة من هذا الطرف او ذاك كما يحدث في عدة حالات .ولكن،والحالة هذه،أن صاحب الحال يمثل جهة عمومية رسمية والموضوع الذي حصل في شأنه الإعتداء هو عمومي كذلك .فليس من الغريب إذن أن نشهد مستقبلا صراعا منفلتا للإرادات يكون خلفية طبيعية لصراع الإدارات وهنا لا يمكن الحديث عن الإنسجام المفترض في أاداء المؤسسات ولا عن المصلحة العامة،لأنه ببساطة كل ذلك مرهون بنوازع تحقيق الذات ومطالب الهيمنة عند هذا الطرف أوذلك.
نحن إذن أشبه ما نكون إزاء تفويض غيرعلني لصلاحيات التربية وتهذيب السلوك إلى هؤلاء المربين الجدد الذين لا يتورعون من استخدام عضلاتهم كلما دعت الضرورة. ولكن من يسمح لهذا الوضع بأن يتكرر ولشروطه أن تتجدد؟ هل طبيعة المجتمع المتشبعة برواسب الخوف الموروث ، وهواجس التوجس من الذهاب بعيدا في مضمار نصرة الحق والكرامة والمطالبة بهما غير منقوصين ؟ أو التواطؤ الرسمي ذو الأثر الفعال الذي يسمح بمعاودة ظاهرة تغول الأجهزة المخزنية وبطشها بنظيراتها المدنية؟ أم فتورهمة بعض الأطر المحسوبة على الوظيفة العمومية المجردة من سلاح السلطة ، والتي لا يضيرها أن تتمرغ كرامتها في الوحل، لأن شعارها؛ الوعاء المعوي أولا والكرامة لاحقا .إذ تكفي التفاتة تصالحية لطي الصفحة والتنازل عن قضية تتناسل وتتعاظم كلما صادفت ارتخاء وضعفا في أساليب التصدي.
في 2008-11-15
إمضاء محمد اقـباش
akam62@hotmail.com
2 Comments
سلام الله عليكم أخي الفاضل محمد اقباش
لقد أثرت موضوعا استفحل في السنوات الأخيرة .الشيء الذي يجب الوقوف ضده بكل قوة، حتى لا يتفسخ المجال العمومي الوظيفي. إذ أن القانون لا يميز بين موظف وموظف في الكرامة، ويلزم الجميع التصرف بأخلاقيات المهنة، ولا فرق بين موظف وموظف في حفظ الكرامة. أما الرعونة والعنترية فقد ولى عهدها مع العهد الجديد في ظل ملك البلاد محمد السادس الراعي الأمين لكل حقوق المغاربة ، الذي نادى في أكثر من كلمة وخطاب ورسالة على تخليق الإدارة. وكل خرق لأخلاقيات المهنة وتجاوز الاختصاصات والشطط في استعمال السلطة مطعون فيه بحكم القانون. وحيث لا أعرف الحيثيات والتفاصيل التي يبنى عليها الحكم الموضوعي والقرار السليم في النازلتين المذكورتين في المقال، فإني أشجب كل هجوم على موظف عمومي يمارس واجبه. وبالتالي يجب اللجوء إلى القضاء لاحقاق الحقوق.كما يجب على الدولة كيفما كانت المؤسسة التي ينتمي إليها الموظف المهان أن تحفظ كرامته تجاه المخلين بها. وكان الأليق بالجميع أن يسلك المسطرة القانونية في أي خلل واقع. علما بأن كرامة الموظف محفوظة بحكم القانون وبالدين وبالأخلاق وبالاجتماع وبالثقافة، وإلا سيدخل الجميع إلى الفوضى، الكل يضرب الكل وينتهك حرمته. وهذا لا يليق بدولة الحق والقانون. وأناشد الجميع الإقلاع عن مثل هذا السلوك المدان. فكرامة رجال ونساء التعليم فوق أي اعتبار معيشي أو غيره.تطلب الذهاب إلى أبعد حد في المطالبة بها قانونيا واجتماعيا وإنسانيا. والله يحفظ هذا البلد من السلوكات المتهورة لأنها تضر بالجميع. والله المستعان
message adresser a monsieur AKBACH SVP lever le voile sur les gens qui profitent de ce métier noble (L’ENSEINGMENT) pour détruire l’honneur de nos jeunes filles.QUE FAUT IL FAIRE DANS CE CAS??????? MERCI DE BIEN VOULOIR REPENDRE