Home»National»هل يلزم العلمانيون حدودهم بعد خطاب العرش؟

هل يلزم العلمانيون حدودهم بعد خطاب العرش؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

الحسن جرودي

هل يلزم العلمانيون حدودهم بعد خطاب العرش؟

كلما تم التفكير في مآلات التوجه العلماني عندنا، إلا وطُرح سؤال الأهداف التي يعمل علمانيونا على تحقيقها، هل هم وطنيون فعلا، ويحبون الخير لهذا البلد كما يزعمون، أم أنهم يخفون ما لا يبدون، كما توحي بذلك جل ممارساتهم، إن لم نقل كلها، بحيث يُعتبر ولاؤهم لمرجعيات غير المرجعية الأصيلة للمغاربة العامل الأساسي في هذا الصدد، والخطير في الأمر أنهم لا يكتفون باعتناق هذه المرجعيات بشكل محايد، وإنما يبذلون كل ما في وسعهم لمعاكسة، بل واجتثاث المرجعية الإسلامية، والمؤشرات في هذا الصدد، ما ظهر منها وما بطن غير خافية على أحد، وإذا كان لا بد من دليل، فيكفي أنهم يحتكمون لمرجعية قيم حقون الإنسان « الكونية » لمحاربة كل قيم المغاربة الأصيلة التي تستمد أصالتها من التشريع الإسلامي. من أجل هذا تجدهم يَجدِّون في فرض تأويلهم  للفقرة الواردة في تصدير الدستور، في شأن ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، متجاهلين مدلول شعار الله الوطن الملك، الذي يجعل من هذا الثلاثي المصدر الأساسي لكل التشريعات، بحيث كل تشريع يخالف هذا الثلاثي أو أحد عناصره إلا ويصبح لاغيا بالضرورة، وهذا ما لا يستسيغه العلمانيون عندنا، بحيث تجدهم يشككون في الإسلام، من خلال التشكيك في المصادر التي وصَلَنا من خلالها، في نفس الوقت الذي لا يزال بعضهم ينافق ويعلن انتماءه للإسلام، كما أنهم يعملون على زرع الفرقة والضغينة بين شرائح المجتمع المغربي، من خلال التفريق بين العرب والأمازيغ، والمسلمين وغيرهم من الأقليات، وما إصرارهم على اختزال كل مشاكل المغاربة في مدونة الأحوال الشخصية وهي بريئة منهم، إلا لزرع مزيد من الفرقة والتشرذم، وإلا فهم يعلمون جيدا أن دين المغاربة الإسلام ولا يمكن لهم التخلي عن تشريعاته، مهما بدا لهم من تقصير بعضهم في إقامة الشعائر. يضاف إلى هذا أنهم يعملون على الإساءة لإمارة المؤمنين، من خلال مجموعة من الممارسات، أهمها إصرارهم على تجاوز مجموعة من الآيات القطعية الدلالة والثبوت، كما هو الشأن بالنسبة لآيات الإرث على سبيل المثال، وكما الشأن بالنسبة للتطبيع مع الزنا واللواط، هذا من جهة، من جهة ثانية يعملون على تشويه سمعة العلماء بصفة عامة، وبعض العلماء المنتمين للمجلس العلمي الأعلى على الخصوص، علما بأن هؤلاء يعملون تحت الإشراف المباشر لإمارة المؤمنين، ومن ثم فاتِّهام أحدهم بالكذب، يهدف إلى نزع صفة الإيمان عنه، طبقا لما رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت عن عبد الله بن جراد قال: قال أبو الدرداء رضي الله عنه: يا رسول الله، هل يكذب المؤمن؟ قال: «لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر من حدَّث فكذب» ، وهذا مما لا يقدح في شخص العالم فحسب، بل يتعداه إلى القدح في مصداقية إمارة المؤمنين بالأساس، لأنه من غير المقبول ولا المعهود أن يحتفظ المجلس الأعلى بكذاب ضمن أعضائه،  ومن ثم أتساءل كيف يحلو لبعضهم التشدق بولائهم لإمارة المؤمنين إن لم يكونوا منافقين؟

في الأخير، أعتقد أنه آن الأوان لهؤلاء العلمانيين الاعتذار لمستأجريهم عن استحالة تمرير مشروعهم التخريبي الذي يستهدف الثوابت والقيم الأصيلة للمغاربة، والرجوع إلى جادة الطريق، من خلال الإذعان والامتثال إلى مقتضيات الشريعة الإسلامية بصفة عامة، ومقتضيات الخطب الملكية في هذا الصدد بالخصوص، بحيث صرح في أكثر من مرة بأنه لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا، وهو ما تم التأكيد عليه مرة أخرى، في خطابه بمناسبة عيد العرش المجيد، حيث قال بالحرف:

في ظل ما يعرفه العالم، من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات، وتداخل العديد من الأزمات، فإننا في أشد الحاجة إلى التشبث بالجدية، بمعناها المغربي الأصيل:

أولا: في التمسك بالقيم الدينية والوطنية، وبشعارنا الخالد: الله -الوطن -الملك؛

ثانيا: في التشبث بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛

ثالثا: في صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛

رابعا: في مواصلة مسارنا التنموي، من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.

وانطلاقا من قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، أرى والله أعلم أن كلام جلالة الملك يستند في مرجعيته إلى ما جاء في القرآن الكريم على لسان رسول الله صلى الله عليه في الآية 153 من سورة الأنعام حيث يقول جل جلاله:﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.

أرجو أن يستوعب هؤلاء القوم كلام جلالة الملك ويلزموا حدودهم إن بقيت فيهم ولو ذرة من حياء.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *