صراع الأمل واليأس في عوالم الألم والأمل في رواية « لعبة بوح بالجروح » للروائية خديجة الزومي
زكية خيرهم
في لعبة من الألم والجراح تحكي الرواية قصة مآس، وجرح يعلو الأمل فيه الأنفاس، وينغص الدمع طعم الأسى والحزن، في عالم يحمل الجراح والأنين. حيث تصعد البطلة من الأسفل إلى الأعلى، بعد تحديات وصعوبات واجهتها بقوة وإرادة عالية. صراع الأمل واليأس في قلوب البشر يتكرر. تناجي الرواية البطلة القوية، التي تتحدى الصعاب بإرادة شديدة، وتتغلب على العراقيل بأنين داخلي مؤثر، تصل بذلك إلى النجاح المرجو، وتداوي جروحها بنفسها، فتزداد بأمل العزم والشجاعة، وتقدم رسالة لكل شابة تسعى لتحقيق الذات، توصيها بالصبر والإصرار، وتحثها على تحمل الصعاب، ليصل بها النجاح بلا شك. في رواية « لعبة بوح بالجروح »، تنسج الأديبة الروائية خديجة الزومي بشكل شاعري الحكاية وتجعلها مغمورة بالعواطف والمشاعر الجياشة تتجلى حكايا العمر، تنسج من خيوط الألم والحزن، وتتداخل فيها ألوانُ والأمل. تأخذنا في رحلة شيقة ومؤثرة إلى عوالم تتراوح بين الألم والأمل، بين الفشل والنجاح، وبين الحزن والفرح. تقدم لنا شخصية البطلة بشكل تفصيلي ودقيق، مصقولة بحرفية فائقة تجعلها واقعية وملموسة للقارئ. تحاول البطلة بكل قوتها التخلص من المشاكل والصعوبات التي تواجهها، تحارب من أجل تحقيق أحلامها وطموحاتها، وهو ما يترجم بصورة معبرة في أسلوب السرد الشاعري الذي يضفي على الرواية رونقاً فريداً. من خلال تشكيل العوالم الروائية، ينتقل القارئ إلى مجتمع يعكس واقع الفئة الفقيرة في المجتمع المغربي، وكيف أن الإرادة الصلبة والعمل الدؤوب هما مفتاح النجاح في هذا العالم القاسي. بين طيات صفحات الرواية يعيش القارئ مشاعر الشخصيات الرقيقة، والحالات الوجدانية المختلفة، التي تشعل القلبَ، وتجعل النفس تعيش متلهفة. سرد الروائية خديجة الزومي بات نوعاً من الإفصاح عن الذات، وعن ما يدور في خُلج الوجدانِ، يمنحنا فرصةً لنفهم عمق الحياة ومعانيها المفعمة بالحنان، ونفهم أسرار الذات وتعقيداتها المستترة. أحداث تتلاطم كأمواج البحر العميق، والشخصيات كالنجوم تتلألأ في السماء وبأسلوب سلحر يأسر العقل والقلبَ تنسج الروائية قصة مميزة وجعلُ القارئَ يعيشُها بكل انفعال وشغف فتبقى ذكرياتها خالدةَ في الأذهان والأرواح. تفاصيل وحالات وجدانية مختلفة، تجتاح شخصيات بارعة في تصويرها، تعكس صورةً مدهشةً للحقيقة وإن كانت الأحداث والمواقف تتداخل بين الخيال والواقع، فإن النفس تحسّ بالانسجام معها.
صراع المرأة المغربية: قصة ثلاث نساء
تجلت الأحداث والحالات الجدلية فيها تمامًا كأمواج البحر الجارفة، تحمل في طياتها الكثير من المشاعر والأحاسيس المتضاربة، من ألم وحسرة، ويسعى لتحقيق مايرد، ويلتمس الأمل والخلاص من دوامة الحيرة واليأس، حتى يتمكن أخيرًا من الخروج بحلولٍ إلى بر الأمان. من خلال هذا السرد الروائي الرائع، تتضح لنا أدق التفاصيل الوجدانية للشخصيات، وتصف الأحداث الجوهرية بعمق وبأسلوبٍ يأسر العقل والقلب. روايةُ ثلاثِ نساء، حياة وأم هاني وأحلام، تُنتج بأناقةٍ متناهيةٍ من قِبَل الكاتِبَة، التي تُشكلُ من خلالِها الروايةَ من ثلاثة فصولٍ، تُعبِّرُ عن كُلِّ بطلةٍ في فصلٍ مختلف. ففصلُ « حياة » يعكِسُ عالمَها الداخلي، والفصلُ الثاني يكشِفُ عن شخصيةِ « أم هاني »، وأخيراً يتَّجِهُ الفصلُ الثالث إلى « أحلام ». ولكن، لا تتوهموا بأنّ هذه الشخصياتِ مُنفصلةٌ عن بعضها، فالكاتِبَةُ تُبدِعُ في إيجادِ الارتباطِ بين هذه الشخصيات، وربطِ الجُملِ الهشَّة التي تتناقضُ مع بعضها، وإعادةِ إحياءِ روحِ الروايةِ بشكلٍ مدهشٍ ومتجانس. كلُّ لتسليطِ الضوءِ على تجرُبةِ المرأةِ المغربية، التي تعاني من صعوباتٍ ومحنٍ، وتكافحُ مع العنفِ والقهرِ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. للأثر البديع للرواية، تبث الأمل وتعيد الأمان، تشجع المرأة على النبرة العالية والمطالبة بحقوقها والتمرد على الجحود والظلم، وتدعو الرجال للاحترام والاستماع لصوتهن وإعطائهن الحق الكامل في التفاعل، وقد تغير من تصورات المجتمع تجاه النساء وتحفيزه لدعمهن وإيفاء بحقوقهن في المساواة والعدالة. في صفحاتها، تجلي صعوبات المرأة المغربية ومعاناتها في مواجهة العنف والقهر، تنبثق الرسالة الأخلاقية بضرورة التمسك بالأمل والصمود في وجه التحديات الصعبة، والتعاون والتضامن مع بعضها البعض لتحقيق النجاح والتغيير الإيجابي في المجتمع وفي آفاق النص، يتجلى الحديث عن صراعات الحياة ومتناقضاتها ومعاناتها الأزلية، في حين تعبر أم هاني عن رغبتها في العيش بسيطة وبكرامة دون فلسفة معقدة.
« الحاجة إلى تعزيز الاحترام والعدالة في مكان العمل
تناقش الكاتبة في هذا العمل الابداعي المعاملة الغير إنسانية التي تعرضت لها الكاتبة من الرئيس، ويشير إلى التحديات التي يمكن أن يواجهها العاملون في بعض الصناعات والقطاعات. كما يناقش النص الضرورة الملحة لتعزيز الشفافية والمشاركة الفعالة للعمال في إدارة الشركات واتخاذ القرارات المهمة التي تؤثر على حياتهم، مما يعزز الحاجة إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية لتحسين أوضاع العمال وضمان حقوقهم وكرامتهم في مكان العمل. يعبر النص بشكل عام عن الشعور بعدم الاحترام والظلم الذي يمكن أن يتعرض له العمال في بعض الأحيان، ويشير إلى أهمية التحرك لتحقيق العدالة والاحترام في مكان العمل.
« أم هاني » ومأساة الحياة: رسالة حول العنف الأسري والنتائج السلبية للقرارات الخاطئة
أم هاني » التي صدمت بوفاة صديقتها « حياة » واكتشفت أن زوجها السابق هو الشخص الذي أهانها في الماضي. يعكس النص مأساة الحياة والنتائج السلبية لبعض القرارات التي يتخذها البشر.من الناحية الأسلوبية ، يستخدم النص الحوار ، مما يمنح القارئ فرصة لفهم وجهات نظر الشخصيات ومشاعرها. أيضًا ، يتم استخدام التفاصيل الوصفية للتعبير عن المشاعر القوية والصادقة للبطلة ، مما يساعد على تعزيز المشاعر الواضحة في النص بشكل نقدي وتحليلي ، يمكن القول أن النص يتناول موضوعًا مهمًا وحساسًا ، وهو العنف الأسري. يصور النص كيف يمكن للعنف المنزلي أن يؤثر على حياة النساء وكيف يمكن أن يسبب لهن ضررًا دائمًا. بالإضافة إلى ذلك ، يعكس النص صعوبة التغلب على مثل هذه الأحداث الصعبة في الحياة ويوضح صعوبة تحمل آثار العنف النفسي والجسدي. من الناحية اللغوية ، يستخدم النص بعض المصطلحات العامية التي تعبر عن المشاعر الحقيقية للشخصيات ، مما يجعل القارئ يشعر بالحزن والتعاطف مع البطل. كما أن استخدام المصطلحات العامية يعكس الطريقة الحقيقية التي يتحدث بها الناس في الحياة اليومية ، مما يجعل النص يبدو أكثر واقعية وأقرب إلى الواقع. بشكل عام ، يعتبر النص قصة مؤثرة تسلط الضوء على مأساة الحياة ونتائج بعض القرارات السلبية التي يمكن أن تؤثر على الأفراد على المدى الطويل. ويؤكد على أهمية معالجة ومواجهة قضايا مثل العنف الأسري لخلق مجتمع أكثر أمانًا وإنصافًا. بشكل عام، ألهمت هذه الرواية الناجحة شغف الأدباء والقراء، فتعاقبوا على متابعة روايتها بشغف وترقب. ومع ذلك، لم تقتصر على إشراك قراءات الأدباء الرائعة، بل قدمت إلى « الانسان » أبطالًا آخرين، من أصحاب القيم الإنسانية النبيلة، في قطعة أدبية فذة، تتمتع بأسلوب شاعري يلامس القلوب ويمزج بين الرواية السياسية والنقابية والتربوية. فقد عبرت الرواية عن الحقيقة المرة للحياة، من خلال الدفاع عن حقوق النساء العاملات والكادحات، اللواتي يتعرضن للظلم والاستغلال من أجل العيش. بل تخطت حدودها وأدركت قوة الأدب في الدفاع عن الحقوق المشروعة، وتحديدًا حقوق النساء العاملات. وهذا يدل على قوة الأدب وأن له دورًا مهمًا في تحقيق العدالة وتحرير الشعوب من الاستعباد والقهر. هكذا، تركت هذه الرواية الكلاسيكية سلطة السلط التقليدية جانباً، وأسقطت قناعًا من الزيف والتملص، وتسلحت بسلطة الأدب لتتحدى الواقع وتطلق حنينها إلى الحرية والعدالة.
الاديبة والروائية خديجة الزومي القادمة من عاصمة العلوم، اشتهرت بتألقها في المجالات السياسية والنقابية والنسائية. تعتبر بمثابة نموذج مشرق للتفاني في الدفاع عن حقوق العمال والانتصار لقضايا المرأة، وتمتلك ميزة الانحياز الشديد لهذه القضايا الحيوية. أمتعتنا بمهارات كتابتها التي تلفت انتباه القارئ إلى جانب آخر من شخصيتها. كما تجلت موهبتها الفذة والقدرة الإبداعية اللافتة، إذ أنها استطاعت تحويل اهتماماتها وخبراتها السياسية والنقابية والنسائية إلى أعمال فنية روائية تحمل في طياتها العديد من الرسائل الإنسانية والاجتماعية..
Aucun commentaire