Home»Enseignement»التجربة التعليمية المغربية

التجربة التعليمية المغربية

0
Shares
PinterestGoogle+

« فأنكرت أنني اشتغلت
بالفلسفة، فلما رأى الأمير اضطرابي وأدرك ما عراني من خوف التفت إلي ابن طفيل وأخذ
يياحثه في ذلك الموضوع ويذكر ما قاله فيه أرسطو  وأفلاطون وغيرهما من الفلاسفة، حتى تعجبت من علمه وسعة اطلاعه فاطمأنت نفسي
وتكلمت بما حضرني وأبديت رأيي » . كان ابن رشد متوجسا بل خائفا حين اتجه إلى
مراكش لملاقاة الخليفة ابي يعقوب يوسف، والكل يدرك مادار من محاكاة بين الرجلين
حول قدم العالم أو حداثته، حيث خشي ابن رشد أن هذه المناقشة تمهيد لاضطهاده ولاسيما
أن ملاحقة الفلاسفة بحجة مخالفة الشرع لم يكن أمرا مستغربا في ذلك الحين( الكل
يعرف كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي من المشرق راشقا فلاسفة المغرب بالإلحاد فكان رد
ابن رشد في كتابه تهافت التهافت ردا شافيا..) فكانت بذلك مراكش مهد ينعان الفكر
التجريبي ومنطق ابن رشد الذي يُتداول في أعرق المؤسسات الأكاديمية بالغرب.

عقدت شركة » نوكيا » مؤتمرا
جهويا لتقنيات الإعلام الحديثة بدولة الكويت يشمل دول الشرق الأوسط والخليج، تم
إحضار خبيرين الأول من ألمانيا والثاني من بريطانيا، انبهر الحضور للمهنية العالية
التي ظهر بها الفريق، إلا أن انذهالهم زاد بمجرد أن بدأ الخبير القادم من ألمانيا
الشرح باللغة العربية الفصحى بالكسرة والضمة والفتحة وكل أساليب العروض والبلاغة،
كثيرون ممن حضروا لم يفهموا اللغة العربية لأنهم تعودوا على لهجات مصر ولبنان في
الترجمات الفورية، بل المثير للإهتمام هنا أن كلا الخبيرين مغربيين وأكدا أنهما
أبناء المدرسة المغربية. تعتبر هذه الحالة مثالا لآلاف الأمثلة التي يرويها لك
مغاربة دول الخليج عن اطر مغربية أتت من أمريكا تمثل جامعات عريقة. كانت لدينا
تجربة العمل في مدرسة أمريكية مدة 8 سنوات في موقع تربوي إداري، وكان دائما الحديث
عن خطط للنهوض بالتعليم في مكان ما حيث تخلص كل المؤتمرات والندوات إلى توصيات
شكلية كالتي وردت في مشروع تربوي مع الوكالة الأمريكية بمنطقة فاس بولمان ونفس
التوصيات بالضبط التي ترد بعد كل لقاء مع « إطار تربوي أمريكي »  حيث الحديث عن فكرة تآخي المواد وتزاوج
المستويات. دُقّت نواقيس الخطر للوضعية التعليمية في أمريكا منذ
عهد »ريغان » إلى وقتنا هذا ولم تُفلح أيتها خطة، يركزون هذه الأيام على
مشروع » الكتابة والقراءة بأساليب جديدية »لأنهم يواجهون فراغا في تكوين
أبنائهم.

في مجال حديثنا عن تميز المغاربة في
التدريس والإنضباط ومواكبة التقنيات التعليمية الجديدة كان يُخيل للعديد من الإخوة
المشارقة أننا درسنا بأمريكا، لكن حينما قدمنا عرضا عن تجربة نجاح « ثنائية
اللغة » بالمغرب حيث يتلقى الطالب العربية في الصباح والفرنسية بعد الزوال في
المرحلة الإبتدائية كان حجر التأسيس للتلميذ المغربي، حين تطلع على المنهج المغربي
وتقارنه بالمنهج الأمريكي تجد لامحالة أن المنهج المغربي أقدر وأعتد مضمونا وشكلا.
احتل الطلبة المغاربة بالسلك الثالث بفرنسا المرتبة الأولى للسنة الثالثة على
التوالي كلهم أبناء الجامعة المغربية. وزاد من مفاجأتنا التقرير الأخير الذي صنف
المغرب في مرتبة مخجلة ودول عريبة اخرى في الصفوف الأولى، حينها تقتنع أن الواقع
الذي أنت جزء منه وهو أمامك لايعبر عن هذا »التصنيف » بل تعيش ربما تعبا
نفسيا حينما تجد الأجانب ينتقدون المشارقة لأساليبهم التي لن أتجرأ لذكر نعوتاتها
في حين ينوهون بالأداء المغربي وينسبونه لأوروبا. تزداد حيرة حينما تكتشف أن
المعلم المصري لايتجاوز راتبه الشهري 450 درهم ربما لم تقرؤوه جيدا أربع مائة
وخمسون درهم في الشهر يقتني بها »الفول » طيلة الشهر وإن أكل الحمام كل
أسبوع تكون فرحته الكبرى ونحن هنا ليس للتشفي بل قلوبنا مع إخواننا المصريين.  تقريري الخارجية الأمريكية عن الإتجار بالبشر
والدعارة للسنتين 2006 و 2008 استثنى المغرب من دون الدول العربية التي تتاجر في
البشر والدعارة، ولم يستغل المغرب هذا المكسب وحتى الأعلام المغربي لم يُعره
هتماما، وهذا على سبيل المثال قد تبدو هذه للبعض مبالغة بل صدقوني إخواني ماكانت
لتتغير نظرتي لولا ذهابي للديار الكندية حيث فوجئت بتكدس الفصول والرؤية الضيقة
للمدرس. المسألة ليست مسألة إمكانيات أو برامج إنما هي مرتبطة بالأساس بمنهجية
« التحليل النقدي » الذي يُلقن للتلميذ » لماذا وكيف؟ والتي هي أشياء
يمكن أن نستعين بها عوض الإستظهار والتعبئة المضنية. نحن المغاربة معروفون بروحنا
الفلسفية في كل شيء، لماذا لا نجعل من فصولنا مجالا للتفلسف والتحليل النقدي إن صح
التعبير لماذا لانجعل من فصولنا وطلبتنا شركاء حقيقيون في تنمية الخطط المدرسية،
لايمكننا أن ننكر إكراهات رجالات التعليم من تحديات جسام، حينما راى معي صديقي في
العمل برنامج »الوجه الآخر » عن المعلمين كنت أترجم له جل الحوارات، قال »
قل لها أن لا تبكي فهي تؤدي أنبل مهمة تستحق عليها نوبل للتحدي، إياها أن تتراجع
سوف يأتي فيه يوم يتخرج على أياديها أطر من أعالي الجبال حينها سوف تكون قد أنجبت
لبلدها ركائز تقود المستقبل. حين أتذكر أستاذي المحترم أحمد بن الطاهر للغة
الفرنسية في فترة الثمانينيات بإعدادية ابن خلدون بعبن بني مطهرأنذاك ومجمل
التلاميذ فقراء ونحن كنا ندرك أنه مسؤول عن عائلة كبيرة ، يتحمل العبئ ويقتني لنا
مؤلفات « مولود فرعون » و »هيكتور مالو » من « جوطية
وجدة » من ماله الخاص ويحفزنا على التفكير وطرح الأسئلة ثم الأسئلة.  أصبح البعض فينا يكتب قصصا رائعة عنه بالنسبة
إليه كانت أفضل تكريم تلقاه.

إخواني أكررها المسألة ليست مسألة
إمكانيات لأنها لو كانت لكان المدرسون والطلبة بدول الخليج من أنجح الأفراد ولايجب
أن نتوقف هنا في النقد والتذمر، لنشحن أنفسنا بروح المسؤولية و الإنتماء لهذا
الوطن العزيز وإنماء السلوك الأخلاقي، إنه التفكير الذي أحب أن اطلق عليه العقل
الصيني الذي يتحمل المشقة من أجل الأجيال الأخرى.

عبدالقادر الفلالي-كندا

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *