يا من تشكو غلاء أضحية تنحرها طاعة للخالق ألا تذكر أنك قد أهديت المخلوق مثلها أو أغلى منها غير شاك ولا متبرم ؟؟؟
يا من تشكو غلاء أضحية تنحرها طاعة للخالق ألا تذكر أنك قد أهديت المخلوق مثلها أو أغلى منها غير شاك ولا متبرم ؟؟؟
محمد شركي
جرت العادة أنه كلما حلت مناسبة عيد الأضحى المبارك دار الحديث بين كثير من الناس عندنا عن غلاء الأضاحي ، وأغلب من يخوضون في هذا الحديث لا يخفون تبرمهم و شكواهم من ذلك ناسين أو متناسين أن الأضاحي إنما هي نسك يتقربون بها إلى الله عز وجل تعبيرا عن طاعته له وعبادته ، وأن ما يحصلون عليه من حسنات بنحرها لا عدّ له، وقوامه أن الشعرة الواحدة من أصوافها أو أشعارها أو أوبارها بحسنة، والحسنة بعشر أمثالها ، ويضاعف الله عز وجل لمن يشاء، وهو ذو الفضل العظيم . ولو حضر حجم هذه الحسنات من يخوضون في موضوع غلائها لاستحيوا من أنفسهم ، لأن المولى جلت قدرته إنما يريد أن يثقل بها ميزانهم يوم القيامة وهم يستكثرون في اقتنائها عرض الدنيا الزائل .
إن الذي جعلني أثير هذا الموضوع مع أنني سبق لي أن تطرقت إليه منذ أيام قليلة مضت هو ما دار من حديث بيني وبين شخصين من معارفي بخصوص ما يثار حول ثمن الأضاحي ،الأول أخبرني أن أستاذا جامعيا عبر له عن رغبته في عدم شراء الأضحية احتجاجا على غلاء ثمنها ، وقد اكتفى بما يكفيه من لحم قبل حلول العيد ، ولما ذكّره بالجانب التعبدي لم يقبل منه ذلك ،وهو يتباهى بأنه أعلم منه بل يعلم ما لا يعلم لمحاوره به . ومثل هذا النموذج كنت قد أشرت إليهم في مقال سابق وهم الشريحة المستنكفة عن نحر الأضاحي ، والتي تقصد أماكن الاصطياف خلال أيام النحر ، وتصيب من لحوم غير لحوم الأضاحي استنكافا واستكبارا واستعلاء على هذه الشعيرة الدينية .
وأما الشخص الثاني، فأخبرني أن أثمان الأضاحي قد زادت عما كانت عليه في السنة الفارطة بنسبة تقارب الثلث حسب ما يروجه البعض ، فقلت له إن الأمر يتعلق بعبادة لا يحسن أن ينشغل ويهتم المرء فيها بأثمان أضاحيها لأنها تقدم لله عز وجل تعبيرا عن طاعته وعبادته ، وذكرت له أن كثيرا ممن يشكون غلاء الأضاحي معظمهم سبق له أن قدّم ذبائح في بعض المناسبات كهدايا تهدى للمخلوق ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تلك التي تهدى للعرائس حيث يختار منها الأقرن، والأملح والسمين من الخراف أومن الثيران ، وتخضب غرته بالحناء ، ويساق أو يحمل فوق عربة، ويطاف به في الشوارع قبل أن يقدم كهدية بحضور بشهود يرقصون على أنغام المزامير والطبول ، ويفاخر به دون شكوى من غلاء ثمنه مع أنه يقدم لمجرد مخلوق قد يتبين بعد مرور الوقت أنه ليس أهلا له ، ولا يستحقه بينما ذلك الذي يتقرب به إلى الخالق سبحانه وتعالى يشتكى من غلاء ثمنه، ويتبرم منه، وفي هذا سوء أدب مع الله عز وجل ، وسوء أدب مع شعيرة دينية لها فضل كبير ، وما يناله سبحانه وتعالى منها هو تقوى الناس لا دماؤها ولا لحومها . ولهذا يجدر بنا كمؤمنين أن نتنكب الخوض في كل حديث لا يرعى لهذه الشعيرة قدرها ومقدارها العظيم . وسيّان في الإثم من يتبرمون منها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » طيبوا بها تفسا » ، ومن يتخذونها موضوع سخرية وتندر وتفكه .
Aucun commentaire