تصريحات البرلمان تمحوها توقيعات الليل…
تصريحات البرلمان تمحوها توقيعات الليل…
لاشك أن مقولة وزير الدولة السيد عبد الله باها تتكرس يوما بعد يوم، ولاشك أن إفصاحه لمجموعة من الأطر العليا المعطلة بأنهم ضحايا مرحلة لم تكن من قبيل الصدفة بل هي مقولة العارف بالأمر المتمكن من حيثياته!
خاطئ من اعتبر توظيف 17 معطل صحراوي بشكل مباشر سيكون آخر مسمار في نعش النزيف القانوني حتى لا نقول الحقوقي والسياسي فالخروقات ستستمر وستتوالى وستوضع لها مسميات ومساحيق تجميل.
في البداية دعونا نوضح شيئا هاما لا يمكن ونحن في القرن الواحد والعشرين أن نقبل أي انتهاك لحقوق الانسان تحت أي ذريعة ووفق أي مقاربة إديولوجية أو سياسية، أو حزبية، غير أنه يمكن القول أن حكومة السيد ابن كيران تحاول إصلاح الماضي عبر التضحية بالحاضر، وهذا يعني أن من المرتقب جداً تصحيح الحاضر من خلال التضحية بالمستقبل، فتصريح السيد باها بأن الأطر المعطلة المرابطة قرابة البرلمان تنتظر تنفيذ محضرها ضحايا مرحلة فهذا يستوجب جبر ضررهم، فالحكومة التزمت بمحضرهم بغض النظر عن أي حكومة نتحدث ما دمنا نومن باستمرارية العمل الحكومي.
يجب الاعتراف أن المغاربة صفقوا لخطوة المصالحة الاجتماعية والسياسية، ويجب التأكيد أن تعويض ضحايا سنوات الرصاص تم من خزينة الدولة ومن جيوب دافعي الضرائب، مع الإشارة أن هناك العديد من الضحايا لازالوا ينتظرون التعويض والإنصاف.
لقد كان هدف المغاربة من خلال هيئة الانصاف والمصالحة خلق جو من السلم والاستقرار الاجتماعي والسياسي يخول الانتقال الديمقرطي وتصحيح المسار الاجتماعي صوب مزيد من الكرامة والتسامح والتكافؤ في الفرص.
السيد رئيس الحكومة خرج وأعلن للرأي العام ومن داخل البرلمان أن زمان التوظيف المباشر مضى وولى! وأن أي توظيف لايمكن أن يتم إلا عبر المباريات النزيهة والشفافة وفقا لما ينص عليه الدستور أسمى قانون للدولة ووفق ما ينص عليه قانون الوظيفة العمومية.
حسنا هل التوصيات الصادرة بتوظيف الأطر الصحراوية اشترطت على رئيس الحكومة أن لا يعبأ بكل تلك الترسانة القانونية التي سردها تحت قبة البرلمان؟
كيف يمكن توظيف أطر بشكل مباشر تنفيذا لتوصيات صادرة لفائدة الأطر الصحراوية في الوقت الذي يتم تجاهل التزام حكومي ووفق المرسوم الوزاري رقم 2.11 . 100 يقر بالتوظيف المباشر؟
بعد الاحتجاج أمام مقر المجلس الوطني لحقوق الانسان قام السيد أحمد حو، وهو مكلف بمهمة لدى أمين عام المجلس، بالتلويح بشيء خطير حيث صرح أن التوصيات الصادرة عن هيئة الانصاف والمصالحة من حيث تراتبية القوانين هي في مرتبة أقوى من التزام الحكومي المتمثل في المرسوم الوزاري رقم 2.11 . 100 و محضر 20 يوليوز! وهي مغالطة فقهية، فالقيمة القانونية للتوصيات لم تكن يوما من حيث تدرجها في مرتبة أعلى من القانون! تم نتساءل هنا: وماذا عن تراتبية هذه التوصيات مع الدستور المغربي ؟ ومتى كانت التوصيات مخالفة للدستور والقوانين التنظيمية؟
طرحنا المسألة على مسؤول حكومي فكان رده مليئا بالتناقض، حيث أشار أن التوصيات صدرت قبل دستور 2011 وأنه تأخر تنفيذها، سؤالنا كان : ومتى وقع المحضر، وكم انتظر موقعوا المحظر؟
الجواب جاء على لسان السيد عبد الله باها عندما قال بأن الحكومة السابقة أقفلت باب التوظيف المباشر عند إخراجها للمرسوم المنظم للوظيفة العمومية شهرا قبل خروجها.
منتهى التناقض حيث التوصيات تصبح واجبت التنفيد فور النطق بها ولا تتأثر بمجريات الأحداث السياسية والاجتماعية، بينما التزام الحكومة يذهب أدراج الريح بمجرد حلول حكومة أخرى.
كنت أود أن أقول أننا أمام إشكالية لكن الواقع يوضح عكس ذلك فالأمر واضح وتفسيره لا يعدو أن يكون أمرا فاضحا! الإرتباك على أشده وتنزيل مضامين الدستور تتخللها انتقائية واضحة.
مصداقية أي رئيس للحكومة هي في مدى تباث مواقفه، والسيد ابن كيران لا يثبت على رأي فتصريحات البرلمان تمحوها توقيعات الليل.
الصدقي يوسف: باحث بمركز الدكتوراة
جامعة محمد الأول وجدة
Aucun commentaire