لا … للتشغيل القصري لأطفالنا الأبرياء
من الاجتهادات الضالة التي تفتقت بها عبقرية بعض الإدارات التربوية، لحل مشكل الخصاص البنيوي في الأعوان ، إسناد مسؤولية ورقة الغياب للتلاميذ . لقد اكتسبت هذه الظاهرة بعدا وطنيا،وانتشرت في عدة مؤسسات ، وتجاوزت مرحلة العرف لتصبح قانونا، خاصة بعد رفض العديد من السادة أعوان الخدمة القيام بهذه المهمة ،نظرا للمجهود البدني الذي يتطلبه المرور بالأقسام ،على رأس كل ساعة، وتزداد المهمة صعوبة ومشقة، في المؤسسات الكثيرة الأقسام ،لقد استفحلت ظاهرة تكليف التلاميذ بورقة الغياب استفحالا مع غياب قانون ينظم مهام هذه الفئة من الموظفين، الذين كانت تسند لهم كل المهام، ويكلفون بكل شيء،وأمام استمرار مختلف مظاهر العسف والشطط تجاه هذه الفئة، وتدني أجورها ، التي لا يصل حتى الحد الأدنى للأجور، ازداد وعيها ،و انخرطت في العمل النقابي، وأصبحت تشكل رقما صعبا، لا يمكن القفز عليه ,واستغلت الفراغ القانوني، لتحدد لنفسها مجال عملها ، وأمام سكوت الوزارة الوصية ،أصبحت هذه الفئة خارج التغطية القانونية، مما نتج عنه اصطدامات كثيرة ، وصلت إلى حد استعمال الأساليب غير الحضارية ، واللجوء إلى القوة العضلية للفضل في النزاعات بين رؤساء المؤسسات وأعوان الكنس وأعوان الخدمة.
أتمنى أن لا يفهم من مقالي هذا أنني أتحامل على الأعوان، فبالعكس من ذلك، عبرت و أعبر دائما عن تضامني المطلق واللامشروط مع جميع الكادحين، في هذا الوطن وخارجه، الذين يشتغلون كثيرا ،ويأخذون قليلا من ثروات هذا الوطن، لكن المسؤولية تقتضي إيجاد حل لمعضلة تمرير ورقة الغياب ،لأنه لم يعد مقبولا تكليف التلاميذ بورقة الغياب، التي تعتبر وثيقة إدارية مهمة لضبط غياب التلاميذ ومواظبتهم ،كما أنه اجتهاد غير موفق تم اللجوء إليه ،في البداية ، وفي بعض المؤسسات بصفة استثنائية، ومؤقتة، إلا أن المؤقت في هذا البلد السعيد يتحول عادة إلى دائم ، ويصبح وصفة سرية معممة ومسكوت عنها،ولا أحد يعترف بوجودها، في غياب تام لأي شكل من أشكال المراقبة .
نحن كآباء نرفض رفضا قاطعا أي شكل من أشكال استغلال التلاميذ الأبرياء، وتشغيلهم ، لما فيه من مخاطر على صحة وسلامة التلاميذ المكلفين بهذه المهمة ،الذين عادة ما يتعرضون للأذى والإهانات من طرف بعض زملائهم، وما ينتج عن ذلك من آثار نفسية سلبية،تؤثر على مستقبلهم الدراسي، وهذا يذكرنا بالتلميذ الطباخ، والمتسوق لأستاذه، والتلميذة التي تقوم بالأعمال المنزلية لأستاذتها، والتلميذ الذي يحرس زملاءه ، ويسجل أسماءهم على السبورة إلى حين عودة أستاذه أو أستاذته… وحتى لا أخوض في عملية البيع والشراء التي يمارسها البعض، وعمليات الإتلاف العمدي وغير العمدي التي تتعرض له هذه الوثيقة، والعشوائية في تمريرها، مما يفسر جزئيا الانقطاع المبكر عن الدراسة، ومشاكل أخرى لايتسع المجال لذكرها، وأخيرا، أهمس في أذن أصحاب الخطة الاستعجالية، وأقول لهم بأن زمن فعل الكثير بالقليل قد ولى ،وكفانا خططا تحتاج إلى عقود لتقييمها وعقود أخرى للتأكد من فشلها.
3 Comments
والله ثم والله إننا نتحامل على هذا الوطن ونقسى عليه أطثر من اللازم، ربما هذه من إشارات السلبية حين تسكن الدم، فوجئنا في الجامعات والمدارس في الخارج أن التلاميذ والطلبة هم الذين يتكلفون بالعلاقات العامة والأشغال الإدارية بل المكوث حتى بعد نهاية الساعات الضرورية وكل هذا تطوعي،بل بعض المؤسسات تحتسب هذه الأعمال التطوعية نقاطا إضافية للطلبة، ما المشكلة في حمل الطالب ورقة تسجيل الغياب بين الفصول بعيدا عن استغلال كل ما يرد هذه الأيام بالمغرب بدعوة الدفاع عن حقوق الإنسان والمستضعفين، حينما رأيت بأم عيني التلاميذ والطلبة جنبا لجنب متطوعين قلت لأصدقائي « أنظروا لو كنا في المغرب لأولوا هذه الوضعية بشكل سلبي، والله ما تفعلونه حرام في حق هذا الوطن، بل العكس التربوي يجب أن يشجع هذه الأعمال لأنها تعبير عن المواطنة الحقة بعيدا عن الديماغوجية والله يئسنا من هذه الخطابات
أشكرك اخي محمد واقدر فيك غيرتك على المجال التعليمي واؤكد لك ان مسالة ضبط الغياب تؤرق الحراس العامين وهم دائما في بحث مستمر عن انجع السبل للقيام بمهامهم احسن قيام .واسناد ورقة الغياب للتلاميذ جاء بعد ان تخاذل المسؤولون اقليميا وجهويا ثم مركزيا اذ لم يحسموا في امرها واصبحوا يغازلون الاعوان ويتحدثون جهارا بانها ليست من اختصاصهم . تاركين الادارة التربوية تتخبط في مشاكل وردت في مقالك واشكرك على ذلك.ومن هذا المنبر ارجوك ان تثير هذا المشكل مع المسؤولين بصفتك رئيس جمعيةالآباء والفدرالية .لان الادارة اثارت المشكل مرارا فلم تتلق جوابا اذ لاحياة لمن تنادي.
أرى ان عنوان المقال مثير للجدل قبل المحتوى وبعده،فعن أي تشغيل يتحدث صاحب المقال؟ أقصد مفهموم « التشغيل » هل يعتبر تكليف تلميذ في حجرة بنقل ورقة غياب فصله الى حجرة الدرس الموالية والعودة الى حجرة درسه تشغيلا؟وهذا ما اتصوره واعرفه عوض ما يوحي به المقال ان تلميذا ما يقوم بهذه العملية بدل العون في كل فصول الدراسة بمؤسسة ما. اما كلمة « القصري » فأرجو من صاحب المقال ان يوضح معناها ان تفضل،وقد اكون مخطئا ان فهمت ان قصده « القسري » بالسين لا بالصاد،وهنا سيكون المعنى: الاجباري ،القهري.. بدون رغبة صاحبه.وان كان فهمي هو المقصود فأظن ان الاجابة الضافية الوافية عند السادة مديري ونظار وحراس ع المؤسسات التعليمية.والخلاصة ان هذا الفعل ليس اختيارا بل جاء اكراها في بعض المؤسسات ،وهو -بغض النظر عن كل شيئ هو عمل تطوعي بسيط قد يتناوب عليه التلاميذ بعد اقناعهم بحيثياته واعتقد انه لا يصب في ما يوحي به العنوان من تشغيل الصغار وهدر حقوقهم.وليسامحني كاتب المقال فلست ادافع عن تقصير الادارة في ايجاد من يقوم بهذا العمل ولكن لا أرى مانعا في الاستعانة بالتلاميذ -كحل مؤقت- ولا يصل الى درجة ما يراه المقال أعلاه.