بعد « الكذب المرضي »، النظام العسكري الجزائري يصاب ب »الإنكار المرضي »
عبدالقادر كتــرة
« يؤدّي التعرّض إلى صدمات كبيرة إلى ما يسمّى الإنكار، أو رفض الواقع في علم النفس، ويقام الشخص الذي يرفض الواقع بِرفض الاعتراف بالحَدَث الذي وقَعَ بالفعل، وتكون ردّة فعله كأنّ شيئًا لم يكن، ويحدث رفض الواقع دون وعي، أيْ بشكلٍ لاشعوريّ للشخص المتأثّر، ويعدّ رفض الواقع في علم النفس أحد الدفاعات النفسيّة اللاشعورية، التي يلجأ اليها الانسان عندما يشعر بأن الامور قد خرجت عن السيطرة، أو عندما يشعر بالتهديد أو يتعرّض للقلق الشديد.
يسيطر الإحساس بالتوتّر على الإنسان نتيجةً لتعرّضه للضغوطات والصراعات النفسية، وهنا تكمن أهميّة الأنا في حماية الشخص من القلق والتهديد من خلال الدفاعات النفسية، ويعدّ الإحساس بالتهديد نتيجة الصراعات أو الضغوطات إشارة تحذير الشخص من خطر يهدّد ذاته واستقراره، فالقلق والتوتر عبارة عن زيادة الضغط الجسدي والنفسي، وهذا يدفع العقل إلى استخدام إحدى الدفاعات النفسية، حيث تعمل على تغيير الرغبات لدى الـ هُوَ وتعديلها لتصبح مقبولة، وبالتالي يقلّ التوتّر.
وقد قسَّم الطبيب النفسي « فايلانت » الدفاعاتِ النفسيّة كالآتي: المستوى المرضي: ويشمل الإنكار الذهانيّ والإسقاط. المستوى غير النّاضج: ويشمل الخيال والإسقاط والعدوان. المستوى العُصابيّ: ويشمل التكوين العكسيّ والنكوص. المستوى الناضج : ويشمل التّسامي والقمع والإيثار والحَدس. »
مناسبة هذه المقدمة المتمثلة في التعريف بمرض آخر أصاب النظام العسكري الجزائري، بعد الكذب المرضي، وهو « الإنكار المرضي » وهو أخطر من الأول، إذ اجتمع في شخصية نظام جنرالات ثكنة بن عكنون بالعاصمة الجزائرية وأزلامه وخدامه و أشباه إعلامييه وأحديته ما تفرق في غيرها من المرضى المصابين بهذا المرض، حيث يشمل على المستوى المرضي « الإنكار الذهانيّ والإسقاط »، وعلى المستوى غير النّاضج « الخيال والإسقاط والعدوان » وعلى المستوى العُصابيّ « التكوين العكسيّ والنكوص »، وعلى المستوى الناضج « التّسامي والقمع والإيثار والحَدس. »
النظام العسكري الجزائري بفرط قوة الصدمات والنكسات والفشل والصفعات التي يتلقاها من قِبل الدبلوماسية المغربية الحكيمة والرزينة والمتأنية والصادقة والواثقة من نفسها، جُنُّ جنونه وفَقَد وَعْيَه وقدرته على السيطرة على أحاسيسه وغرائزه ونزواته، وتحوَّل إلى أحمق ومهبول يتيه في صحراء من الفراغ والخواء ويرفض قَبول الواقع وتصديق الحقيقة ولو أتت من حكماء وسياسيين ومؤسسات ومنظمات عالمية وقارية وإقليمية، وصار يتمسك بعالَمِه الذي خلقه لوحده يقول ما يشاء ويؤمن بما يتخيله ولو أدى به ذلك إلى الانهيار والإفلاس والإندثار…
كيف لنظام لا زال ينكر توقيع اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، منذ أكثر من سنة و3 أشهر، ويصدق أن الرئيس الحالي « بايدين » يستعد لإلغاء قرار الرئيس السابق، رغم أن الزيارة الأخيرة لنائب وزير خارجية الولايات المتحدة أعادت اعتراف بلدها بمغربية الصحراء في تصريح صادم من الجزائر العاصمة، خلال زيارتها، للجزائر الأسبوع الماضي، وأمام وزير خارجية الجزائر.
كيف صَعُب على النظام العسكري الجزائري تصديق قرار مجلس الأمن رقم 2602 الذي كرس المكتسبات التي حققها المغرب في ترسيخ مغربية الصحراء، مع تضامن مطلق ودعم كامل للدول العربية ودول الخليج العربي وأغلب الدول الإفريقية بدون استثناء.
وأكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، أن القرار رقم 2602 الصادر عن مجلس الأمن، والذي مدد بموجبه ولاية المينورسو لمدة سنة، كرس المكتسبات التي حققها المغرب بفضل الانخراط الشخصي والمتابعة الدائمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وقال السيد بوريطة، في لقاء صحفي بالرباط ، إن « المغرب يثمن ويشيد بهذا القرار الذي تم اعتماده بموافقة 13 صوتا مقابل ممتنعين اثنين، ويعتبره قرارا مهما، بالنظر لسياقه أولا، وبالنظر لمضمونه ثانيا، وثالثا بالنظر للمواقف التي عبرت عنها الدول خلال الموافقة عليه « .
لم يستسغ النظام العسكري الجزائري اعتماد الجامعة العربية الخريطة الحقيقية للمغرب، التي وجهت مذكرة، دجنبر الماضي، إلى جميع المنظمات والهيئات المنضوية تحت لوائها، توصيها باعتماد خريطة موحدة في جميع التظاهرات التي تنظمها، مرفقة بصورة لخريطة الدول العربية، ضمت خريطة المغرب كاملة.
وجاء موقف الجامعة العربية، بحسب المصادر ذاتها، ردا على احتجاج تقدمت به مندوبية الجزائر لدى الجامعة، أخيرا، على « نشر خريطة المغرب كاملة في إحدى الفعاليات التي عقدتها منظمة المرأة العربية في القاهرة ».
ما سبق مجرد نماذج قليلة لكن المواقف والمواقع والمشاهد كثيرة ومتعددة تجسد مدى حمق جنرالات ثكنة بن عكنون وأزلامه بقصر المرادية وإصابتهم بأمراض « الكذب » و »الإنكار » و »الغرور » و »العجرفة » و…و..، آخرها وهذه المرة، والصدمة كانت قوية، رسالة الوزير الأول لحكومة إسبانيا يعترف بها بمغربية الصحراء ويثمن متانة العلاقات الاسبانية /المغربية ويلتزم باحترام الوحدة الترابية للمملكة، والتشاور وعدم تكرار الأخطاء…
الصدمة كانت قوية على قلوب الحاكمين العجزة في الجزائر ، ولم يجدوا ردّأ إلا استدعاء سفير الجزائر في مدريد للتشاور، معبرين عن استغرابهم وصدمتهم الغير متوقعة رغم حصول اسبانيا على الغاز بالمجان وبأثمنة تفضيلية، بسبب التصريحات الأخيرة للسلطات العليا الاسبانية بشأن الاعتراف الضمني في ملف الصحراء الغربية، وما وصفته وزارة الخارجية الانقلاب المفاجئ وتحوّل موقف اسبانيا اتجاه القضية الصحراوية.
وفي الوقت الذي استعدت الجزائر سفيرها في إسبانيا، عادت سفيرة المغرب في إسبانيا، كريمة بنيعيش، إلى مدريد وفق ما أعلنت عنه السفيرة اليوم الأحد 20 مارس 2022.
وقالت بنيعيش وفق تصريح أدلت به لوكالة الأنباء الإسباني، عقب وصولها إلى العاصمة الإسبانية: « إنه لمن دواعي سروري أن أعود إلى العمل في مدريد، وأن نعزز العلاقات بين إسبانيا والمغرب، وأن نعزز العلاقات بين البلدين ».
عصابة « ابن بطوش » لم تكن تتوقع أن تراجع إسبانيا مواقفها بخصوص ملف الصحراء المغربية لتؤيد مقترح الحكم الذاتي للمغرب القوة الإقليمية، خصوصا في هذه الظرفية الدولية التي تتميز بالحرب على أوكرانيا، بحيث كانت كل التحليلات تؤكد بأن الغاز الجزائري سيمثل ورقة ضغط من الجزائر على إسبانيا والاتحاد الأوروبي من أجل انتزاع مواقف داعمة لأطروحة الانفصاليين.
نواح وعويل وبكاء مرتزقة بوليساريو انطلق ببيان تستغرب فيه موقف إسبانيا وتذكرها بمسؤوليتها التاريخية في النزاع، وتشكك في الأدوار المستقبلية التي يمكن أن تلعبها إسبانيا في هذا النزاع، خصوصا وأنها ضمن الدول الخمسة المشكلة لمجموعة أصدقاء الصحراء الغربية (الولايات المتحدة، روسيا، فرنسا، بريطانيا، إسبانيا)، بمعنى أن المغرب استطاع إقناع ثلاثة دول من المجموعة إلى صفِّه، بالإضافة إلى بريطانيا التي تقول كل المؤشرات بأن اصطفافها مسألة وقت……
سينكر النظام العسكري الجزائري مباركة الخارجية الأمريكية ك الخطوة الإسبانية على موقفها اتجاه مغربية الصحراء، حيث أشاد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، السبت 19 مارس 2022، أشاد بالموقف الإسباني الداعم للوحدة الترابية للمملكة، الذي أعلن عنه رسميا في الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة الإسبانية إلى الملك محمد السادس، أمس الجمعة 18 مارس 2022، حيث أكدت على جدية ومصداقية الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية المغربية واعتباره الحل الوحيد لحل النزاع المفتعل في الصحراء.
من جهة أخرى وفي المقابل لم يجد النظام العسكري الجزائري وإعلامه المريض ردا معقولا ومقبولا إلى الاستمرار في الإنكار المرضي، حيث عنونت جريدة « الشروق » الناطقة باسم العسكر، مقالا ب »إسبانيا تستعطف الجزائر بعد خرجة سانتشيز المخزية! »، وهاجمت الوزير الأول وحكومته، كما نفى
مصدر دبلوماسي ما قالت عنه « كل المزاعم التي تروج لها الحكومة الإسبانية، عن طريق وزير خارجيتها، بخصوص ابلاغها السلطات الجزائرية بتغير موقفها من قضية الصحراء « .
ووصف، في ذات السياق، موقف مدريد الجديد « بالخيانة التاريخية الثانية للشعب الصحراوي، بعد تلك التي وقعت عام 1975″، كما لو كان على إسبانيا استشارة النظام العسكري الجزائري في اتخاذ قرارات سيادية، قبل اتخاذها وطلب موافقته، بل على النظام الجزائري أن يعلم أن إسبانيا هو البلد الأدرى بالأمور وبالأوضاع وبالتاريخ وبالجغرافية وبحقيقة الوحدة الترابية المغربية وبمصالحها ومصالح شعبها، خلافا للجزائر التي لم تكن موجودة بتاتا وأُنشئت بمرسوم فرنسي بعد أن أضافت إليها فرنسا صحراءنا الشرقية، وتخلت عنها فرنسا بعد استفتاء لتقرير المصير ، ولم تمنح استقلال لأنها لم تكن دولة ولا أمة بشهادة المستعمر الفرنسي .
Aucun commentaire