عصيد يتطاول على الفيلسوفين محمد الحبيب المرزوقي التونسي وطه عبد الرحمان المغربي في معرضه شماتته بحزب العدالة والتنمية
عصيد يتطاول على الفيلسوفين محمد الحبيب المرزوقي التونسي وطه عبد الرحمان المغربي في معرضه شماتته بحزب العدالة والتنمية
محمد شركي
نشر موقع هسبريس تحت عمود كتّاب وآراء مقالا للطائفي العلماني أحمد عصيد تحت عنوان : » إلى السيد أبو يعرب المرزوقي من حقنا أن نختار أخف الضررين «
تطاول فيه وهو نكرة من النكرات في مجال الفكر والمعرفة على الفيلسوفين محمد الحبيب المرزوقي التونسي ، وطه عبد الرحمان المغربي ، جاحدا أن يكونا فيلسوفين لمجرد أن توجههما الفلسفي مرجعيته إسلامية نظرا لحساسيته المفرطة من كل ما له علاقة بالإسلام لأنه في نظره يهدد توجهه الطائفي العرقي من جهة ، ومن جهة أخرى يهدد توجهه العلماني ،وهو في هذا الأخير مجرد ببغاء يردد مقولات العلمانية الغربية ، ويدعو إليها بنفس التعصب الذي يدعو به إلى عرقية وطائفيته .
ومقال عصيد هو رد على مقال للفيلسوف التونسي المرزوقي تحت عنوان : » انتخابات المغرب هل هزم الإسلاميون حقا ؟ » جاء فيه كرد على هذا السؤال : « أن هزيمة الإسلاميين في المغرب فيها كل الخير لمستقبلهم، وأنها عكس ما يقال تعتبر انتصارا لهم وهزيمة للنظام السياسي » . وهذا ما أثار حفيظة عصيد ،وحمله على الرد عليه مستغلا مقاله للنيل منه كفيلسوف من جهة ومن جهة أخرى للشماتة بحزب العدالة والتنمية ، علما بأنه معروف بالنيل منه بلا هوادة منذ عقد من السنين ، وجل مقالاته تصب في هذا الاتجاه .
في البداية ننقل ما جاء في مقدمة مقال عصيد كدليل على تطاوله على الفيلسوفين المرزوقي وطه عبد الرحمان والتنقيص من مكانتهما العلمية والمعرفية وهو كالآتي :
» الدكتور أبو يعرب المرزوقي رمز من رموز الثقافة الإسلامية في تونس، وإن كان البعض ينسبه إلى الفلسفة خطأ، لكن يمكن أن نقول ـ كما هو شأن الدكتور طه عبد الرحمان عندنا ـ إنه ممن يعتقدون في إمكان بناء خطاب فلسفي انطلاقا من ثوابت الدين وبديهياته الروحية والعقدية، من أجل إثبات “خصوصية عربية إسلامية”، ما يجعل فكرهم نوعا من “اللاهوت” وليس الفلسفة تحديدا، أو نوعا من الإيديولوجيا الدينية ذات المرامي المسيّسة، لكننا نعتبر أن كل من قام بجهد التفكير فله فضل ذلك أصاب أو أخطأ «
وفي هذا الكلام ما يدل على تنكر واضح لهذين العلمين الفلسفيين عربيا وعالميا ، وكأن الفيلسوف لا يمكن أن يكون فيلسوفا إلا إذا أجازه عصيد واعترف له بذلك . وهذا الكلام لا يصدر إلا عن إنسان يركب غروره ، ويعرض نفسه لسخرية الساخرين بين من يعرفون قدر وقيمة الفيلسوفين .
ومعلوم أن الذي حمل عصيد على البدء في مقاله بالتنقيص من شأن هذين الفيلسوفين هو اغتنام ظرف تراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الأخيرة للشماتة به وبغيره من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الوطن العربي التي لم تفشل وإنما أفشلت إما بانقلاب عسكري دموي كما هوا الحال في مصر أو بانقلاب الرئيس على الدستور كما هم الحال في تونس أو بالقاسم الانتخابي وبالمال وبالبلطجة وبالتحريض كما صرح بذلك العديد من الملاحظين ، وشهدت عليه فيديوهات مسجلة تداولها الرأي العام المغربي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو ما شهد به أيضا عصيد نفسه في مقاله هذا بقوله :
« شبكات التواصل الاجتماعي التي ساهمت في حملة التحريض ضدّ الحزب الإخواني ما أدى إلى طرد قيادييه في العديد من المدن أثناء الحملة الانتخابية، الشيء الذي أعطى إشارة سلبية عن الحزب أدت إلى فقدانه حتى للكتلة الناخبة بالأحياء الشعبية التي تعود الحزب على شراءها بتوزيع “القفة” على مدى سنوات ».
ودون الخوض في كل ما جاء في مقال عصيد الذي لا يعرف معنى لاختلاف الآراء أو وجهات المنظر ولا يعرف معنى لاحترامها لأنه يصدر دائما في آرائه عن وثوق بصحتها و بخطإ آراء الغير بل كل ما لا يوافق هواه باطل بالنسبة إليه وهو يسخر منه بإسفاف وبأسلوب منحط ، سنذكر تحديدا الأمر الذي دعاه إلى الرد على الفيلسوف التونسي ،وهو اعتبار ما حدث لحزب العدالة والتنمية انتصارا له وليس هزيمة ، وهي وجهة نظر تحتمل الصحة كما تحتمل الخطأ دون أن يستدعي ذلك إنكار القيمة العلمية والفكرية لصاحبها كما فعل عصيد تعاليا وصلفا وتنطعا .
وإذا كان عصيد يرى في وجهة نظر المرزوقي عدم اعتراف بهزيمة حزب العدالة والتنمية ، فإن غيره قد يرى فيها نصيحة لهذا الحزب ليراجع حساباته مستقبلا ، ويستفيد من أخطائه وهفواته خلال تجربته السابقة ، وهو الأرجح خصوصا وأن المرزوقي قد خاض تجربة مع حزب النهضة التونسي وفاز بمقعد نيابي في البرلمان التونسي لكنه تخلى عنه ، وتخلى عن العمل السياسي لخلافه مع حزبه الذي لم يرقه أداؤه وهو ما عبر عنه على صفحته في الفيسبوك حيث قال :
« » وهذا الأمر هو الذي سيفشل المشروع الإصلاحي كله لأنه يبين أن الحركات الإسلامية ليست ساعية إلى الإصلاح بقدر ما هي ساعية سعي من تقدم عليها إلى التحكم ومن ثم فلا يحق لها الكلام عن الإصلاح فضلا عن قيم الإسلام. وبهذا المعنى فإن الإكثار من الكلام بمبتذلات الخطاب الديني حتى كادت الاجتماعات السياسية تتحول إلى خطب جمعة يصبح مجرد استغفال للشعب لأن الأعمال المخالفة للأقوال ليس أدل منها على النفاق: ولو كنت أعلم ذلك قبل المشاركة بصفتي مستشارا وأن تعييني كان من باب الترضية لنأيت بنفسي عن المشاركة. فأنا ولله الحمد مستغن عن المغانم المادية والمعنوية فلست بحاجة لأجر من الدولة ولست بحاجة للتعريف بنفسي بتوسط السلطة السياسية « .
إن رجلا بهذه الجرأة وهذه الصراحة والموضوعية والأمر يتعلق بحزبه، لا يمكن أن يتهم بالانحياز حين يقول رأيه في حزب العدالة والتنمية المغربي الذي تنطبق عليه نفس الملاحظات التي سجلها المرزوقي على حزبه في تونس باعتبار الحزبين يصرحان معا بالمرجعية الإسلامية ، وهو في الحقيقة يسدي له النصح ، ولا يشمت به ، أو يعتبر تعثره في هذه الانتخابات نهايته كما فعل عصيد وأمثاله من الحاقدين عليه بسبب مرجعيته .
ولا شك أن حزب العدالة والتنمية يتحمل نصيبا من المسؤولية عن تراجعه في الانتخابات الأخيرة ، ولكن هناك أطراف وعوامل أخرى تتحمل أيضا شيئا من هذه المسؤولية ، وهو ما أخذه المرزوقي بعين الاعتبار في الحكم على تراجعه ولم يعتبره هزيمة بسبب تلك الأطراف وتلك العوامل .
وفي النهاية نعود سنقف عند عنوان مقال عصيد الذي شرحته خاتمته ليستبين ما سلوكه حيث قال :
» تعلمون أن من قواعد الفقه الإسلامي “العمل بأخف الضررين” وليسمح لي الدكتور المرزوقي أن أستعير هذه القاعدة وإن لم أكن أبدا أعتمد فقهيات العصور الوسطى مرجعية لي في الفكر والعمل، فإذا جاز للمغاربة أن يختاروا بين كوليرا “المخزن” وطاعون “الإخوان” (حتى لا يجتمعا معا كما حدث في السنوات العشر الأخيرة) جاز لهم اختيار الكوليرا لأنها أقل فتكا، وهذا ما فعلوه في الانتخابات الأخيرة، في غياب القوة الشعبية القادرة على تغيير موازين القوى لصالح التغيير الديمقراطي « .
وهو قول يعكس بوضوح غروره وصلفه حين يتعالى على الفقه الإسلامي من جهة ، ومن جهة أخرى حين يصف النظام أو ما سماه المخزن بالكوليرا ، يصف من سماهم إخوانا مسلمين وهو يقصد حزب العدالة والتنمية بالطاعون .
ولا أرى شخصيا كوليرا أو طاعونا يتهدد المغرب ككوليرا وطاعون طائفية وعرقية عصيد المقيتة و عصبيته المنتنة ، وعلمانيته الإباحية وقاه الله تعالى منهما ، وعكس مراد صاحبهما .
Aucun commentaire