تفنيد ترّهات عصيد
تفنيد ترّهات عصيد
محمد شركي
مما طلع به العلماني الطائفي المدعو عصيد على قراء عمود كتّاب وآراء في موقع هسبريس مقالا تحت عنوان : » الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه «
وقبل تفنيد ترّهاته في هذا المقال نعرضها أولا ، وهي كالآتي :
ـ » الداخلون إلى الإسلام والخارجون منه سواء، فللداخلين حججُهم وأعذارهم وللخارجين كذلك، لكن الناس في بلاد المسلمين لا يرون الأمر بهذه البداهة، فالإسلام عندهم هو الدين الذي يمكنك الدخول إليه بالزغاريد والخروج منه بقطع الرأس، ما يعكس قدرا كبيرا من التخلف الفكري والاجتماعي
ـ « يحتفي المسلمون بمن دخل في الإسلام، لأن ذلك يعطيهم ثقة في إيمانهم الذي أصبح يعاني من هشاشة كبيرة بسبب التحولات الراهنة التي أبرزها الاكتشافات العلمية والدراسات التاريخية التي حطمت فكرة « العصر الذهبي » والشخصيات الدينية المثالية، وكذا انتشار الانترنيت الذي أشاع بين الناس الكثير من الحقائق التي كان يخفيها الفقهاء باعتبارها تضرّ بالدين وبإيمان الأفراد
ـ « لكن بالمقابل لا يرتاح المسلمون لمن يغادر دينهم إلى دين آخر، أو إلى فضاء الإلحاد أو اللادينية، وهم لا يكتفون بمعاملته بلا مبالاة بل يفضلون التعبير له عن استيائهم في البداية ثم عن قدر كبير من البغض والكراهية بعد ذلك قد تتحول إلى حصار وتحرش دائم أو إلى عنف لفظي ومادي. يحدُث هذا مباشرة في الأوساط العائلية كما يقع في الأحياء أو عبر وسائط الاتصال والتواصل الحديثة
ـ أما الملحدون أو اللادينيون فلا يكترثون بدخول الإنسان في دين ما أو بمغادرته، والسبب أنهم لا يعتبرون الإلحاد مشروعا سياسيا يتطلب نوعا من التجييش والتعبئة، بقدر ما يربطونه بالتحرّر الفردي، بينما الإسلاميون ينتفضون ويقعون في الارتباك كلما انتقل أحد ما من معسكرهم إلى فضاء الإلحاد أو اللادينية، لأنهم يعتقدون أنهم فقدوا « جنديا » من جنود الدعوة والخلافة القادمة التي لن تتحقق إلا في خيالهم
« .ـ وتبرز هذه الظاهرة بوضوح بأن الإسلاميين وحدهم من مازالوا يعلقون على الدين مهاما لم تعد من اختصاصه في عصرنا هذا »
مناسبة سرده هذه الترّهات حسب ما صرح به هو أن أحدهم ارتد بعد إسلامه وعيب عليه ذلك ، فأراد عصيد الرد على من انتقد ردته كعادته في الدفاع عن كل فكر أو موقف شاذ يرفضه الإسلام .
وهاهو في مقاله هذا يدافع عن الردة مغتنما الفرصة للنيل من الإسلام ومن مشاعر المسلمين كدأبه دائما .
ولجهله المركب بالإسلام إن لم يكن جهلا مكعبا على حد قول المرحوم الأستاذ الدكتور عبد السلام الهرّاس في مقال له من مقالاته المنشورة في ركن من أركان جريدة المحجة، لم ينتبه العلماني عصيد إلى قول الله تعالى في محكم التنزيل :
(( إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور )).
فلو استوقفته يوما هذه الآية السابعة من سورة الزمر لما خاض في هذه الترّهات، ذلك أن الله عز وجل لا يزيد في ملكه إيمان مؤمن ، ولا ينقص منه كفر كافر لأنه غني عن العالمين . ولو اجتمع المؤمنون أولهم وآخرهم إنسهم وجنهم على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك في ملكه شيئا ، ولو اجتمع أولهم وآخرهم إنسهم وجنهم على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكه شيئا لغناه سبحانه وتعالى عنهم جميعا . ومع ذلك ورحمة بهم لأنه إنما خلقهم تكرما وتفضلا لا يرضى لهم الكفر، لأن الكفر هو جحود نعمه عليهم ، ولا يجحد النعم إلا جاحد خسيس ، وهو يرضى لهم شكر تلك النعم التي لا تعد ولا تحصى ، وأول شكر النعم الإيمان والإقرار بالمنعم بها ثم استعمالها في طاعته . ولن ينتفع بالإيمان إلا صاحبه، ولن ينفع به غيره ، كما أنه لن يتضرر بالكفر إلا صاحبه ، ولن يتضرر به غيره ، وهو ما دل عليه قول الله تعالى : (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )) ولكن مرجع المؤمن والكافر على حد سواء إلى خالقهم والمنعم عليهم جل جلاله بعد رحيلهم عن هذه الدنيا لمحاسبة كل واحد منهما بما عمل ،وهو سبحانه عليم بما كانا يخفيان في صدريهما على غيرهما من الخلق.
ومن أراد الكفر بعد إيمانه، فيكفيه أن يضمر ذلك في صدره ليعلمه الله سبحانه وتعالى دون أن يصرح به ليعلم به الخلق كما فعل مرتد عصيد الذي دافع عن ردته ، وهو بذلك إنما يبرر كفره هو والذي لا شجاعة له للتصريح به لذلك يكتفي باللف والدوران ، والتعبير عنه بطرق غير مباشرة على طريقة المنافقين .
وإذا كان الله عز وجل غني عن المرتد أو المتحول من الإسلام إلى الكفر، فإن عباده المؤمنين أيضا في غنى عنه كخالقهم ، وما نصحهم للمرتد بالعودة إلى الإيمان إلا لصالحه هو وشفقة عليه من العقاب الأخروي الذي أعد للمرتدين لقوله الله تعالى : (( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )) خصوصا وأنهم مأمورون بالنصح لغيرهم ، وأفضل النصح الدعوة إلى الإيمان . ولن تنقص ردة مرتد من عدد المؤمنين شيئا ، كما أن عودته إلى الإيمان لن تزيد في عددهم شيئا كما خيّل لعصيد الذي ابتهج في الحقيقة بردة المرتد لأنها تزيد من عدد شرذمة المرتدين القليلة في بلاد الإسلام والتي تطمح إلى أن تصير كثرة ،فتفرض ردتها على الناس بالقوة كما شهد القرآن الكريم والتاريخ البشري بذلك ، وما تفعله المجتمعات العلمانية اللادينية اليوم شاهد على ذلك من خلال تضييقها على المؤمنين في تدينهم كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا ومثيلاتها العلمانيات الغربية بالمعنى الواسع للغرب .ولا شك أن عصيد المشجع على الردة والداعي إليها لن يبخس أجره يوم القيامة ، وهو يؤمئذ أحد اثنين مرتد مات كافرا وقد بين الله تعالى جزاءه أو منافق ذكر سبحانه وتعالى أنه في الدرك الأسفل من النار .
ومن سوء حظ العلماني عصيد أن ترّهاته لا تزيده عند جمهور القراء إلا صغارا وذلة ، وتجلب عليه سخرية الساخرين وتندر المتندرين ، وتزيد المؤمنين إيمانا واعتزازا بدينهم الذي لن تنتهي مهامه في هذا العصر أو في عصور قادمة كما يتوهم هو وأمثاله من أذناب العلمانية في بلاد الإسلام .
ونختم بالقول إن شأن عصيد الراغب في الشهرة بترّهاته شأن المتبول في زمزم يوم الحج رغبة فيها، فحاز بذلك لعنة الحجيج .
Aucun commentaire