إنقاذ البشرية وليس كوكب الأرض فحسب 2
2
الاحضارة بدون شاطئ
انجراف حضاري مزعج يثير الأنظار منذ البداية ويتعلق بسلعنة البشر .
الرأسمالية انشات سيادة عالمية للسلعة بشكل مواتي لبيع العمل بدون اجر يرتكز عليه الربح الخاص , ويجعل من قوة العمل البشرية سلعة , يشيء
الأشخاص بينما يشخصن الأشياء , جلالة الرأسمال مفروض فيه » إعطاء العمل لليد العاملة » بينما – في الحقيقة – الأجير هو الذي يعطي العمل المجاني للرأسمالي , والحقيقة الجديدة المتزايدة في الالتهام هي ألا شيء من البشري يسلم من إجراءات التمويل , فالجميع ملزمون بتحقيق ربح برقمين وبدون رحمة , من قطع الغيار إلى سرير المستشفى , من التجارة الرقمية إلى الدعم المدرسي , من المبتكرات الصيدلانية إلى انتقال اللاعبين الرياضيين …
وهذا يعني إدارة المقاولات بشراسة لا محدودة , نعيش تلوث العمل ليس اقل دراماتيكية من تلوث الماء .
مما يعني كذلك تمويل معمم للأنشطة الخدماتية التي تكون وتنمي الأشخاص , صحة , رياضة , تعليم , بحث , إبداع , ترفيه , تواصل الخ
نمو هذه الخدمات يوضح الزحف نحو عالم حيث الثروة الحاسمة ستكون هي الكائن البشري الرأسمالية تتسرب لتجعل منطقها هو السائد.
الغايات الصافية لهذه الأنشطة ستكون نتيجتها الإقصاء من قبل قانون المالية. فالإشهار يجعل من هذا الرائع وسيلة للثقافة والتضامن, والتلفزيون مجرد وسيلة للبيع لفائدة المعلنين » وقت الدماغ المتاح » , تكوين الأشخاص خاضع لمعدل الربح , فهل سنتحمل هذا الجرم ؟
في غمرة هذه الفورة التجارية يتورط اتجاه أخر قاتل بحد ذاته, » اتجاه خفض قيمة القيم جميعها » , « كانط « استعملها في المسالة الأخلاقية , الاعتراف للكائن البشري بالكرامة تأكيدا بأنه لا ثمن لها .
إن التقييم المادي يؤسس للاكرامة الشاملة , حقا في ميدان المعرفة الجمالية , القانونية والأخلاقية ..
بدون قيمة القيم » في حد ذاته بدون قيد « , لا وجود لبشرية متحضرة, نعيش الآن هذه المأساة اليومية بدون انقطاع, يسخر الخيال من الحقيقي, والصحيح من الجدير…
الدكتاتورية الربحية تتآمر بقتالية بما لا يقدر بثمن ,من غير المهتم , ومن المجاني , نحن على عتبة تراجيدية لعالم لا يساوي فيه الكائن البشري شيئا , ذلك ما يجسد في تزايد » البدون » , بدون أوراق , بدون عمل , بدون سكن , بدون مستقبل …
» سيزار » كان يحب تسمية ذلك ب » صناعة الرجال الغير الصالحين لإعادة الاستعمال » , وفي نفس الوقت نسمن أولائك الذين » يساوون الذهب » , أجور خيالية , مظلات ذهبية , كافيار للكلاب …
إلغاء كل سلم للقيم ومن ثم فان » القيمة » الوحيدة التي تزعم الحكم على الغير و التي أصبحت مرجعية ذاتية هي بدورها بدون قيمة , التمويل لا يكف عن التضخم باصفار افتراضية قبل أن تتبخر المليارات بعد انفجار الفقاعات , وتبقى هي الحقيقة المرة لمنتجي الواقع .
هل تصفية القيم هاته اقل خطورة من ذوبان الجليد القطبي ؟ إن البشرية بعينها هي الموضوعة على المحك , فهل سنتخذ نحن الإجراء المخيف ؟
- في ظل هذه الانتكاسة, تقرا ثالث أسوا الخطوات , » غفوة المعنى الامراقب » , انتكاسة جديدة لأنه – ولمدة طويلة – كان للرأسمالية معنى
مستغل , ومع ذلك عمل على تقدم البشرية , ولكن اقتحام قمة مجال التمويل , شكل لاانساني لأقصى الثراء , ندخل عصر الامعنى المعولم , تكدس رأس المال في تزايد إلى ما لانهاية , بالمعنيين للكلمة .
ما نعيشه هو الإفلاس التاريخي لطبقة مستحوذة – حاليا- بدون هدف متحضر , مدعية الحكم علينا بنهاية التاريخ , تلك النظرية التي لا معنى لها و المنتشرة بكل مكان , على المدى القصير, بهدف الرجوع المتوحش للاستثمار الامشروع في العنصر البشري , لذلك فان العولمة بالتمويل هي الحدث الاتوماتيكي ل » الاعالم » حيث سيغمر العبث كل شيء , هو ومنافسه التعصب الديني .
هاته الهيكلة القصيرة النظر , تزداد خطورة في الوقت الذي تسعى فيه القوى العظمى للوصول إلى العنصر البشري مطالبة باستطلاع المستقبل تحت طائلة الموت , فرارا من السيطرة الجماعية , أمام التقلص المروع للديمقراطية الحقيقية يغرقنا » الكل الخاص « , إبداعاتنا المادية والروحية تصبح قوى عمياء تخضعنا وتسحقنا , تبعية مطلقة في مواجهة مجموعة الثمانية التافهة , ومن هنا جاء هذا الشعور المستشري لإنسانية بدون ربان ستصطدم حتما مع الجدار , الجدار الايكولوجي والجدار الانثربولوجي .
سيكون مصير الجنس البشري الانقراض شانه شان الإنسان العاقل , نحن في بداية الضغط على الدواسة في منحدر الاسوا , إذن أتتفهمون حقا صراخنا بذلك ؟
سلعنة البشر , خفض القيم , غمط المعنى , والتجرؤ بالكلمة » في طريق الاحضارة بدون شاطئ » , الشيء الذي لا يعني تلميع القرنين الماضيين برعبهما الاجتماعي و الابادي ,ولكن نحن مع الانتصار الكلي » للمقاولة الحرة » . في نهاية القرن أعلنوا لنا السيادة النهائية للديمقراطية السليمة , بالعكس نتجه نحو توسيع ديكتاتوريات العنف , ومن أسوئها العنف الناعم , حروب دموية في جميع الأنحاء , التصفية العرقية , النهب المسلح للدول الفقيرة , المهارة القاتلة للإرهاب , ترسيم التعذيب , وحشية قاتلة للأفعال المختلفة , هذا ما يسميه الفيلسوف » وحشية الاعالم المعولم » , عنف » خالص » بالإضافة إلى المنافسة القاتلة للشركات التجارية , انكسارات التسريح البرصوي , الوصاية المتطورة للمقاولات والمدن , — بما فيها الرمزية – , الضمائر المغرر بها بشكل يومي , نقطة – نقطة لكل فوبيا الأخر , الاثقافة المواطنة . بفعل الاستخفاف المسيطر إلى هذا الحد تقلص الوعي الطبقي الذي لا يتصور لدى العديد من النساء والرجال كيف ينظم العالم وأين مكانهم فيه , هو إذن تخلف عقلي ذو مفعول كارثي , لا تنسوا أبدا بان النازية استمدت جذورها من تعويض الفكر الماركسي للطبقات بإيديولوجية » الرجل الاطبقي » .
يضاف إلى هذه السمات الأربع الكبرى , السمة الخامسة التي ترفع الضرر إلى مربع » حظر شامل للبدائل » , الحظر المعتمد , الطبقة المستفيدة شعرت بالأمس بريح القذيفة الثورية , وتفعل ما في وسعها من اجل التآمر لتراجع الضرر إلى الأبد .
انظروا كيف تعامل وسائل الإعلام » يسار- يسار » بالخصوص , حظر عفوي بمنطق النظام , بالنسبة لماركس , الكتلة البرولتارية تنمو مع رأس المال , هذا الأخير ينتج مقبريه .
اليوم هناك تفاؤل تاريخي خطير ومغامر جدا , الثورة الإنتاجية تصيب الأجراء بشظاياها الذرية, تقديس القرار المالي , تجردهم من السلاح , ثقل الجموح يحبط معنوياتهم , طموح واسع لتغيير كل شيء يؤدي إلى لا شيء , عجز متكرر في كل مكان , كما أن أكاذيب السياسة المؤسساتية تنمي قبل كل شيء العزوف الانتخابي , جنون الربحية يتجه إذن لإقناعنا بحتمية الاسوا , حتى النظام وكلمته الأساسية » الحرية » أخذت كعملة صعبة ل » تينا » (لا بدائل) للسيدة مارغريت تاتشر .
وفي الواقع كيف سنستطيع التحرر من القدرة الشاملة للأسواق المالية ووكالات التصنيف الائتماني ؟ الم تغير أزمة ألفين وثمانية شيئا ملموسا في النظام ؟ . الوضع الراهن يشبه نهاية الإمبراطورية الرومانية, ولكن في عصر النووي و الانترنيت, أليس له طعم الكارثة ؟
نتساءل هل الخطر أكثر فداحة مما قيل هنا ؟ كيف نفهم بأنه في وضع اقل من تضاريس الايكولوجيا ؟
اقتصر هنا على ملاحظة حيوية , هل طرح قضية الانثربولوجيا يعني بشكل مباشر تجريم سوء المعاملة الهيكلية للبشر من طرف الرأسمالية .
نشك بان هذه الأخيرة تساهم في نشرها , الفكر الايكولوجي يندرج في إطار ثقافة مختلفة , ترجع إلى سبل مضرة للاستهلاك بدل الأسلوب الاانساني للإنتاج , الغزو والعلم في سياسة التكنولوجي , وطغيان معدل الربح , الامسئوليات المجتمعية كما الفوائد الطبقية , يمكن إن يحيل إلى إصلاح افتراضي للاستهلاك أكثر من ثورة علاقات الإنتاج .
ايكولوجية مبسطة بهذا الشكل تكون بلا خطر بالنسبة ل » كاك أربعون » (التصنيف المجدول المستمر) , ويمكن إن تشارك معها في أعمال جيدة ومعاملات سياسية , » الفكر الأخضر » يصير » مسكوني » بينما –في الحقيقة- الدراما الايكولوجية تبغي شانها شان الانثربولوجيا الربح الأقصى في الأمد القصير القاتل .
القضيتين لا تنفصلان , لا ننقد إحداهما دون الأخرى , البيئة والجنس البشري , الايكولوجيا التي لا تؤاخذ بحزم نظام الربحية لا مستقبل لها .
وفي السؤال المبهم لايكولوجية اليسار يكمن الرهان .
هكذا وصفت الوضعية الحالية للجنس البشري , ألا تبدو في غاية السوداوية على الأقل من الجانب الأحادي ؟
ألا يمكن كذلك النظر في كيفية تكون فرضيات موضوعية ومبادرات ذاتية لتجاوز أصبح ضرورة رأسمالية ؟ , بدون أي شك أن هناك اشياءا كثيرة تعطي انطباعا قويا لقدرية الاسوا, لا ينبغي الاستسلام لذلك , يمكن الشروع في قلب المنحى , ولكن النجاح يتطلب اخذ ثقل المهمة بالكامل .
اقل شيء هو الاضطلاع بالقضية الانثربولوجية , وذلك ببنائها بالمساواة مع الايكولوجيا . من الاروبيين الغاضبين المواطنين الأمريكيين المنزعجين من » وول ستريت » .
المثير هي الحمولة الأخلاقية للغضب الذي تحول اليوم إلى الفعل بصدى بارز , مع الحجم الأخلاقي للقضايا الحضارية التي يجب الدفاع عنها .
شيء عميق يحرك السياسة , نقول على طريقة » جوريس » , شيء من الغضب يبعد عن السياسة والكثير منه يعيد إليها .
بل يجب أن يؤدي إلى من الفعل (الحركة) ليس الثوري بالشكل القديم للتحولات من الأعلى, حيث الإفلاس تام , ولكن الالتزام على جميع المستويات باعتمادات مشتركة بأشكال جديدة في المبادرة والتنظيم , الوقت هو وقت ابتكار , بثمن كهذا يمكن أن تبدأ هزيمة القدرية الربحية , بالجمع بين الوعي الحقيقي للممكن والرؤيا الطموحة للضروري .
الذي ينبغي أن يبدأ فورا هو إنقاذ الجنس البشري.
أحسن ما نختم به هو ما كتبه ماركس لروج ( ادموند روج كاتب وفيلسوف ألماني) في مايو
1843
» لا تقل بأنني أبالغ في السمو بفكرة الوقت الراهن , وان كنت لا أزال لم ايئس منه , فلان وضعه الميئوس منه هو بالضبط ما يغمرني بالأمل « .عن
Lucien Sève, le monde diplomatique
Aucun commentaire