المختصر المفيد محمد عابد الجابري : المفكر الملتزم
فريد بوجيدة
لقد طرح المفكر المغربي محمد عابد الجابري قضايا حارقة تتعلق بالتراث والهوية والدين والديمقراطية ، والتي خلقت جدالا واسعا بين المهتمين ، وكانت ردود أفعال قوية حول ما كتبه الجابري خاصة تأكيده المستمر على بعض الأطروحات التي دافع عنها في مناسبات متعددة و تخص المسألة الثقافية ، وحقوق الإنسان ، وقضايا الدين والهوية …ولم تأت هذه الردود من تيار فكري واحد ، بل من تيارات فكرية متعددة.
حينما نتعامل مع فكر محمد عابد الجابري نستحضر خاصتين أساسيتين تَمَيّز بهما عن باقي المفكرين العرب وهما :
أولا : ارتباطه بمسار سياسي ممتد في الماضي (الحركة الوطنية ) ، وتموقعه الفكري والإيديولوجي في الحاضر (انتماؤه الحزبي)، و رغم تنوع مساهماته النظرية في التراث الثقافي و الفلسفي والتاريخ و النقد الفكري ، فهو يعلن دائما هذا الإرتباط ولا يتحاشاه يقول في هذا الصدد » لقد قُدّر لي أن أعيش الموضوع من داخله فأنا مشاهِد ومشاهَد في الوقت نفسه : كنت في الشارع أطل على نفسي من النافذة وكنت حاضرا في الموضوع بدراسات ومحاضرات ومؤلفات ومازلت » .
الأمر الثاني (وهو مرتبط بالأول) إيمان الجابري الراسخ بالمستقبل ( اشتغاله على مشروع كبير) وارتكازه على رؤية متماسكة منذ السبعينات سواء على المستوى المفاهيمي أو المنهجي ، رغم توسع مشروعه وتراكم أعماله الفكرية و تنوعها ، ونستحضر في هذا الإطار موقفه من الثقافة والمثقف ، المفهومان اللذان حدد مضامينها في بواكيره الأولى ، سواء في كتبه أو في المقالات التي نشرها في مجلة مواقف المغربية .
إنّ مشكلتنا حسب الجابري تتجلى في ضرورة بناء حداثة خاصة انطلاقا من تجديد تراثنا من داخله :
ـ إعادة كتابة تاريخنا الثقافي بروح علمية نقدية : من الماضي إلى الحاضر .
ـ تأصيل قيم الحداثة : من الحاضر إلى الماضي
تأصيل القيم الجديدة (الديمقراطية والعقلانية) إبراز عالمية الأسس النظرية التي تقوم عليها والتي لا تختلف جوهريا عن الأسس التي قامت عليها في الثقافة الغربية من هنا يبرز الطابع العالمي الشمولي الكلي لحقوق الانسان من داخل الخصوصية الثقافية نفسها .
Aucun commentaire