Home»National»هل كل شرائح المجتمع مطالبة بنفس الواجبات أمام كورونا؟

هل كل شرائح المجتمع مطالبة بنفس الواجبات أمام كورونا؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

هل كل شرائح المجتمع مطالبة بنفس الواجبات أمام كورونا؟

مع البوادر الأولى لجائحة كورونا انصرف الناس لتصنيفها إلى عقاب من الله وإلى ظاهرة طبيعية وإلى غيرها من التصنيفات، كل حسب منطلقاته وتوجهاته، إلا أننا ونحن نسمع كل يوم عن ارتفاع عدد المصابين، وجب علينا أن نخرج من هذا الجدل العقيم الذي لا ولن ينفعنا في شيء، ولا يبقى أمامنا سوى الاتفاق رغم اختلافاتنا على أننا مطالبون كل في إطار الشريحة التي ينتمي إليها، بتحمل مسؤوليته كاملة لتبقى له الحرية في النية التي يتغياها من وراء تنفيذ ما هو مطالب به.

وفي هذا الصدد نجد أن البعض يُلح في مطالبته عموم الشعب المغربي المسلم بأن يكونوا علماء ويجِدُّوا في البحث عن الدواء. ويبدو لي أن هذا الطلب غير منطقي وغير قابل للتنفيذ ليس عندنا فقط وإنما حتى عند ألائك الذين يُصنَّفون أنهم هم المثال الذي يتعين الاقتداء به، وتحضُرني مقارنة الذي يطالب عموم الشعب بهذا المطلب بالذي يطالب مرضى السكري في مستوى متقدم بالصيام، أو يطالب أُمِّيا بقراءة نصِّ للعقاد، أو بترجمة نص من الألمانية إلى العبرية، أو كَمَنْ يطلب من الكسيح المشاركة في مسابة 5000 متر أو كمن يطلب بالذي يجهل السياقة المشاركة في مسابقة الرالي…

لذا وفي إطار الواقع المعيش وحتى تكون مساهمات الأفراد والجماعات مُجدية، يتعين أولا تصنيف أفراد المجتمع إلى شرائح حسب طبيعة كل منها ( الفقر، الغنى، العلم، الجهل، الشغل وطبيعته…)، ثم تحميل كل شريحة المسؤولية التي تلائمها والتي تستطيعها عملا بمقولة « إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع ».

 ومساهمة مني في هذا الباب، يبدو لي أنه يمكن حصر أفراد المجتمع المغربي في أربع شرائح حسب طبيعة الواجب الذي يتعين على كل منها القيام به في فترة الحجر التي نحن ملزمون ببلوغ الأهداف المتوخاة منها، والمتمثلة أساسا في الحفاظ على أرواح المغاربة، وهي كالاتي: شريحة أولى تضم عموم الشعب المغربي بما فيها الطبقة المثقفة غير المتخصصة لا في العلوم الدقيقة ولا في العلوم الشرعية، وشريحة ثانية تتضمن علماء الشريعة، وشريحة ثالثة تضم ذوي التخصص في العلوم الدقيقة والطب، وشريحة رابعة تتعلق بذوي الأمر أو السلطة بمختلف مكوناتها. وحسب هذا التصنيف الذي يستند على الحدس لا غير والذي يمكن تعديله حسب المعطيات التي تستجد في الواقع، أرى أن:

  • من واجب عموم الشعب السمع والطاعة لذوي الأمر وتنفيذ الأوامر المتعلقة بهذا الحجر، والعمل على تجنب تلك المهاترات البيزنطية التي لا طائل من ورائها سوى استهلاك الوقت والجهد، وإذا كان لأحد أفرادها ملاحظات يؤمن صادقا بصوابها، فليتقدم بها مباشرة للجهات المعنية.
  • ومن واجب علماء الشريعة أساسا، توضيح الموقف الشرعي الإيجابي في شأن الحجر، انطلاقا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومواقف بعض الصحابة، وكذا موقف الشرع من تصرفات ألائك المحسوبين على الإسلام في تحدي قرار الحجر الصحي، ولتكن مناسبة لتعريف الناس بدينهم وسنة نبيهم من خلال ولوج كل المواقع الممكنة لتصريف هذا الخطاب.
  • ومن واجب المنتمين إلى التخصصات الطبية وتخصصات مختلف العلوم الدقيقة، الانخراط في البحث الجاري على المستوى العالمي على مختلف الأصعدة، وعدم التملص من المسؤولية والتدثر وراء عدم توفر الإمكانات، لأنه يُفترض أنهم قد ربطوا علاقات مع الجامعات والمختبرات الغربية التي تخرجوا منها، لأن بدون انخراطهم لا يمكن أن نَخرج من محنة التبعية التي نُعاني منها في جميع الميادين الحياتية حتى وإن توفرت الظروف والوسائل.
  • أما واجب أولي الأمر فأتصور أنه يتمثل في الاجتهاد في اتخاذ القرارات الصائبة بالاستفادة من أخطاء الدول التي سبقتنا في التعامل مع الجائحة، والاستعانة قدر الإمكان بأولي الخبرة في الميدان الشرعي كما كان الحال بالنسبة لفتوى منع الصلاة في المساجد، وبأصحاب التخصصات العلمية المعنية خاصة الطبية منها لكونهم هم المؤهلون « للإفتاء » في مجالها، مع العمل على توفير الظروف الملائمة لأفراد كلا الشريحتين ثم إلزامهم إن اقتضى الأمر ذلك بالقيام بماهمهم كاملة وعلى أحسن وجه. ذلك أنه إذا كانت المختبرات ومراكز البحث ضرورية للتخصصات الطبية وباقي العلوم لإخراجنا من الحَجر العلمي والتقني الذي فرضه علينا الغرب، فإن وضع وسائل الإعلام والتواصل والنشر عن طريق الكتاب أو عن طريق السمعي البصري رهن إشارة علماء الشريعة المخلصين من شأنه أن يمكنهم من تبليغ الخطاب الإسلامي الرصين الذي يخدم مصلحة البلاد ويضرب خطاب التطرف في قطبيه الإسلامي وغير الإسلامي، دون أن نغفل الأولوية التي يتعين إيلاؤها في أقرب الآجال لمجوعة من أفراد الشريحة الأولى الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها بدون أي مصدر للرزق حتى لا تضطرهم الحاجة إلى التمرد على الحجر وحصول ما لا تحمد عقباه. ولا شك أن المبادرة الحكومية المتعلقة بصرف تعويضاتٍ للمسجلين في لوائح الضمان الاجتماعي شيء جد إيجابي، غير أنها تبقى غير كافية في غياب تعويضات لغير المسجلين وهم كثر، مع العلم أن الكل مطالب بتجاوز أنانيته ومد يد المساعدة لكل من يعلم أنه في حاجة إليها مصداقا لقوله تعالى: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الآية 16 التغابن) صدق الله العظيم.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *