جريدة العلم : الصحراء المغربية … الاهداف الجزائرية وعزلة البوليزاريو
باهي محمد أحمد * يعتقد الكثيرون أننا ـ اليوم ـ في حالة انتظار واسترخاء بالنسبة لتطورات قضية الصحراء المغربية، بعد رفض خطة جيمس بيكر واستقالته، وقرار مجلس الامن الأخير الذي لم يأت بجديد سوى تكرار تمديد فترة انتداب بعثة المينورسو والتوصية بمواصلة جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي المعين حديثا غير أن قضية الصحراء المغربية تدخل اليوم مرحلة دقيقة، تتطلب معالجة اكثر عزما وأكثر حذرا، وليس مقبولا الركون الى حالة الانتظار والاسترخاء، ورد الفعل الذي قد نفاجأ به خلال الأسابيع أو الشهور القادمة ذلك أن خصوم وحدتنا الترابية الذين برعوا خلال السنوات الماضية في ابتكار الاساليب والوسائل التي تعرقل كل المبادرات السلمية، وتضعنا في موقف الدفاع، يجتهدون ـ اليوم ـ لابتكار مناورات غير مسبوقة لمواصلة تضليل الرأي العام الدولي والاجهاز على الحقوق المشروعة للمغرب والجزائر وهي تخوض حربها ـ الباردة ـ ضد بلادنا لاتتورع عن ركوب واستعمال أخطر الوسائل لتحقيق أهدافها بما في ذلك الحرب ـ الساخنة ـ، خاصة عندما يتعلق الأمر بمعاكسة المغرب، رغم كل كلمات الود والصداقة والولاء التي تزفر بها برقيات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من عيد الى عيد وعلينا أن نضع في الاعتبار أن فشل كل المبادرات التي تبناها مجلس الأمن أو ناقشها، كل ذلك فشل لأن الجزائر تخطط لهدفها الاستراتيجي الذي يتمثل في تحقيق عرضين اثنين الأول وضع الصحراء المغربية تحت الادارة الدولية، بحيث تتولى الأمم المتحدة إدارة الصحراء والاشراف عليها، مع مواصلة الحوار الذي لايؤدي في النهاية إلا الى تركيع المغرب واقتطاع الصحراء وخلق دويلة تابعة للجزائر وتحت حمايتها الثاني
تقسيم الصحراء، واشعال نار الحرب الاهلية بين القبائل الصحراوية وإبادة أهل الصحراء لتكسب الجزائر ممرا نحو المحيط الأطلسي وتطوق المغرب وعلينا أن نتذكر دائما أن الجزائر كانت تدافع سنة
1974 عن نظرية ـ الارض الخلاء التي لاسكان ولاسلطة عليها ـ ثم دافعت بعد ذلك عن المفاوضات المؤدية الى الاستقلال، وتحولت الى تقرير المصير والاستفتاء ولجأت أخيرا إلى نظرية التقسيم وكل تلك المحاولات والمحطات والادعاءات لم تكن سوى سبل ووسائل لعرقلة أي حل أو اتفاق ينهي النزاع ولقد عجزت منظمة الأمم المتحدة وامناؤها العامون عن تحقيق أي تقدم في معالجة القضية، واعترف الجميع بليونة الموقف المغربي ولكنهم لم يحددوا الطرف الذي كان وراء العراقيل وكان المغرب باستمرار يدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى أن يحدد بالواضح من هو الطرف المسؤول عن فشل كل الجهود التي بذلت للتوصل إلى حل والدليل على ذلك ما شهدته عملية تحديد الهوية من عراقيل ومناورات استمرت ست سنوات كاملة لتحديد هوية حوالي 80 ألف شخص، دون أن تتوصل لجنة تحديد الهوية إلى أية نتيجة نظرا لاصرار الجزائر على رفض الصحراويين المغاربة الذين تقدموا بطلبات التسجيل في اللوائح والذين بلغ عددهم حوالي 130 ألف طلب مرفوض بدون سبب معقول ورغم شهادة وحضور شيوخ القبائل إن المرحلة الراهنة تعتبر أخطر من كل ما سبق من المراحل في هذا النزاع، لأن استبعاد كل المبادرات والاقتراحات، وحالة الفراغ الحالية، لا تعنى أننا في موقع يسمح لنا بالتقاط الأنفاس أو الركون إلى تقارير الأمين العام ومباحثات ممثله الشخصي وعلينا ألا نفاجأ بقرار أو تصويت أو إجماع من أية جهة، تدفع الجزائر مقابله وللحصول عليه ما تملكه حاليا ومستقبلا من امكانيات وتضليل وابتزاز، وكلها وسائل استعملت في الماضي وسوف تستعمل في الحاضر والمستقبل كذلك وعلينا أن نسجل بالمناسبة أن الطرف المغيب حاليا هو سكان الصحراء المغربية المعنيون مباشرة بما تحيكه الجزائر ضدهم ومرارا كانت الدعوة إلى تعبئة شعبية مستمرة وواعية للحفاظ على الإجماع الوطني من أعلى درجاته وأوضح تجلياته وهذه التعبئة الشعبية يجب أن تضع اليوم في اعتبارها أن أهل الصحراء وقبائلها مجتمعة، معنية بالدرجة الأولى ويجب أن تكون في المقدمة وتتاح لها كل الفرص الممكنة لتعبر عن رأيها وإرادتها وتدافع عن هويتها المغربية، ذلك أن هذه القبائل بدون استثناء مستعدة لمواجهة الخضوع والدفاع عن الهوية والحفاظ عن بيعة وعهد الآباء والأجداد ولقد تأكد للجميع أن من تبقى من قيادة البوليساريو لا تمثل أصل الصحراء المغربية ولا تمثل شيوخ القبائل، وإنها فئة تستعملها أجهزة الأمن العسكري الجزائري أسوأ استعمال ونحن نعرف بأن ما تبقى من هذه القيادة يعاني اليوم من الخلافات والانقسامات والعزلة، وتبحث كل فئة منها عن سبل للنجاة بعدما تبين وتأكد لهم أن وهم »الجمهورية« قد أصبح بعيد المنال ومستحيلا على الإطلاق
Aucun commentaire