الحداثييون والحداثيات يهدفون إلى ما هو أبعد من مجرد المطالبة برفع التجريم عن العلاقة الجنسية الرضائية وإسقاط الأجنة الناتجين عنها
الحداثييون والحداثيات يهدفون إلى ما هو أبعد من مجرد المطالبة برفع التجريم عن العلاقة الجنسية الرضائية وإسقاط الأجنة الناتجين عنها
محمد شركي
من أجل الكشف عما بهدف إليه دعاة الحداثة في بلادنا، سننطلق من قول الحداثي المدعو سعيد الكحل الذي ورد في معرض انتقاده عالم المقاصد الشيخ أحمد الريسوني ، وذلك في مقال نشرعلى موقع هسبريس جاء فيه ما يلي :
» لعلمك سيدي نحن الحداثيات والحداثيين نناضل من أجل رفع التجريم عن الإجهاض والعلاقات الرضائية حتى يصير أمثال بنحماد والنجار يمارسون علاقتهم الحميمية في حرية حقيقية ومتعة وسعادة بدل متعة مختلسة ونهاية مأساوية « .
وبهذا الكلام يصرح صاحبه علانية بحداثيته ، كما أنه يصرح بتهتك وتفسخه.ومعلوم أن الحداثيين والحداثيات أو العلمانيين والعلمانيات يحاولون إخفاء ما لم يعد خافيا من أمرهم ، وهو مروقهم من الدين أو بالتعبير الشرعي ردتهم ، ذلك أنه لا يوجد في ممارستهم حياتهم اليومية ما يدل على صلتهم بالإسلام . وتجنبا لاستعمال كلمة « لادين » يستعملون تقية كلمة « حداثة » وتجنبا لاستعمال عبارة » مجتمع لا ديني » يستعملون عبارة » مجتمع مدني أو علماني » .
وقضية الرضائية والإجهاض هي جزء من مشروع الحداثيات والحداثيين الذي يهدف إلى إقصاء الإسلام من المغرب بلد الإسلام . ولقد بدأ المشروع الحداثي أو اللاديني في البداية معتمدا ما يشبه أسلوب التقية على طريقة الشيعة ،لكنه بدأ يتخلص من هذا الأسلوب شيئا فشيئا ، حتى بلغ به الأمر حد المجاهرة بإعلان هدفه المتمثل في العمل على تعطيل الإسلام عقيدة وشريعة .
ومعلوم أن المطالبة برفع التجريم عما يجرم مهما كان نوعه ، يعتبر في حد ذاته تجريما لمن يجرمه ، وهذا ما يهدف إليه في الحقيقة دعاة المطالبة برقع التجريم عن فاحشة الزنا وجريمة قتل الأجنة الناتجين عنه بالإجهاض . ومن المتوقع أن يذهبوا بعيدا ، وترتفع بعد ذلك أصواتهم بإنصاف المجرمين بسبب الزنا والإجهاض ورد الاعتبار لهم .
وقياسا على رفع التجريم عن فاحشة الزنا، وجريمة القتل العمد للأجنة من سفاح ،سترتفع الأصوات المنادية برفع التجريم عن كل ما جرمه الإسلام بما في ذلك الردة . ولا يستبعد أن ترتفع الأصوات للمطالبة بالعودة إلى ما كان عليه المغرب قبل الفتح الإسلامي مع اعتبار الفاتحين غزاة كما يصرح بذلك المتعصبون للعرقية الأمازيغية .
فالقضية إذن ليست مجردة دفاع المنحرفين والمنحرفات أخلاقيا عن انحرافهم وتبريره لتجنب إدانة المجتمع له بل هو كذلك وزيادة ،لأنهم يريدون استئصال الإسلام من البيئة المغربية .
ويكيل الحداثيون والحداثيات بمكيالين، فهم من جهة يدينون المحسوبين على الإسلام حين ينسب إليهم المحرم ، وفي نفس الوقت يطالبون برفع التجريم عنه ، لهذا عرضّ الحداثي سعيد الأكحل بالفقيه والفقيهة كما يسمونهما ساخرا منهما مستهزأ بهما وشامتا حين قال : » حتى يصير أمثال بنحماد والنجار يمارسون علاقتهم الحميمية في حرية حقيقية ومتعة وسعادة بدل متعة مختلسة ونهاية مأساوية « .
ومعلوم أن الذي أوقع الفقيه والفقيهة في التجريم هو خشيتهما من التصريح بأن النكاح في دين الله عز وجل له أركان ينعقد بها وهي : ولي ،وشاهدا عدل، وصداق يدفع كله أو بعضه ،ولا يعتبر توثيق النكاح ركنا وإن كان ضروريا اقتضته المصلحة إلا أن الناس أصبحوا يعنتون النكاح الشرعي غير الموثق كتابة بالنكاح العرفي أو زواج الفاتحة ، وهو في نظرهم غير شرعي ، ويجرمونه ، ويجعلونه في مرتبة الزنا . ولو أن الفقيه والفقيهة أعلنا زوجهما المستوفي للأركان وإن لم يوثقاه لأوقعوا من أدان علاقتهما الزوجية غير الموثقة إداريا في مأزق وحرج كبيرين ،لأنه يلزمه أن يقول ببطلان نكاح كل الأزواج الذين لم يوثقوا نكاحهم في الماضي والحاضر . ومعلوم أن شهادة شاهدي عدل تسد مسد التوثيق الذي يضطلع به اليوم موظفان ينتدبان لذلك من طرف محاكم الأسرة ، وقد لا يكونان عدلين بالمفهوم الحقيقي للعدالة المقصودة في الشرع الإسلامي .
والغريب وقوع الحداثيين والحداثيات في تناقض صارخ حيث يطالبون برفع التجريم عن الزنا وفي المقابل يرفضون نكاح الفاتحة أو النكاح العرفي ،وهو نكاح صحيح ، ونتحدى كل من يقول عكس ذلك أن يأتي بدليل على ما يقوله من كتاب أو من سنة .
وكان من المفروض كرد على دعوة رفع التجريم عن الزنا والإجهاض أن ينادى برد الاعتبار لنكاح الفاتحة أو النكاح العرفي لمشروعيته ،ذلك أن وجود ولي امرأة يزوجها لمن يطلبها منه بحضور شاهدي عدل ، وبصداق ليس هو الزنا أو السفاح الذي يطالب به الحداثيون والحداثيات وهو محرم عند الله عز وجل ، فشتان بين ما أحل سبحانه وتعالى ، وما حرم بنص القرآن الكريم والحديث الشريف .
وأخيرا نقول إن هدف المشروع الحداثي بات مكشوفا ، ولن يتحقق مهما يكن من أمر طالما ظل الأذان يرفع ، والصلاة تقام ، والقرآن يتلى في هذا البلد الأمين .
Aucun commentaire