امتحانات الكفاءة المهنية بالجماعة بين الإدارة الأم والخواص
أحمد الجبلي
ونحن على عتبة موعد امتحان الكفاءة المهنية الخاص بالجماعات الترابية، نعيد نقاشا سبق وطرح السنة الماضية والذي يقول: هل من الأفضل أن يشرف على هذه الامتحانات أساتذة جامعيون لا علاقة لهم بالجماعات الترابية وموظفيها؟ أم يستمر الإشراف عليها من طرف اللجان المشكلة من موظفين جماعيين محليين؟
للإجابة عن هذا السؤال ابتداء يجب أن نقر بأنه سؤال لم ينبعث من فراغ، أي لابد أن تكون تمة دوافع دفعت به للخروج إلى الوجود، ولعل من أهمها كثرة القيل والقال والشكوك التي طالت نزاهة الامتحانات عندما تكون داخلية محضة أي يشرف عليها موظفو الجماعة؟
لقد أصبحت المعاناة ضربة لازب تلاحق كلا من اللجن المشرفة على امتحانات الكفاءة المهنية، والموظفين الذين قدموا إجابات يرونها كافية ومجدية في نجاحهم، فأعضاء اللجن الذين يتحملون مسؤولية وضع الأسئلة والحفاظ على سريتها وعدم تسربها والذين يقومون بتصحيح الأوراق وإعطاء النقط وفق معايير ذات علاقة بالمكون العلمي والوظيفي للمصحح ووجهات نظره، في كل مرة يقولون بنزاهتهم ويعبرون عن الأذى والظلم الذي يطالهم من جراء ما يلي الامتحانات من اتهامات قد تكون صحيحة وقد تكون غير ذلك. وهم يرون أن أصل المعضلة يعود إلى المناصب المحدودة وكثرة المتبارين وبالتالي لا يمكن أن ينجح الجميع حتى ولو أحسن الجميع كتابة مواضيع متميزة لأن عوامل أخرى تؤخذ بعين الاعتبار كالنقطة الإدارية وحسن التوضيب ومنهجية التحرير والشمولية والدقة في المعالجة.
وأما الموظفون الذين يرون بأنهم قد قدموا إجابات صحيحة وكافية وشافية تخول لهم النجاح والمرور إلى مرحلة الامتحانات الشفوية، فنسمع لهم شكاوى وتبرما وتشكيكا في نزاهة الامتحانات كلما تم الإعلان عن نتائجها. ولحد الآن لازالوا يذكرون أسماء بعض الموظفين الذين يرون أنهم لا يحسنون كتابة جملة مفيدة بله أن يعالجوا موضوعا إداريا بتحليل نسقي، حتى أن بعضهم يرفع التحدي بتسليم نفس الموضوع إلى موظفين سبق لهم أن نجحوا إن كانوا سينجحون في كتابة موضوع يمكنهم من الحصول على علامة كاملة تمكنهم من النجاح.
وبالتالي فإن التوفيق بين هذين المعضلتين اللتين يتم النزاع حولهما لابد أن يراعي الدوافع والمبررات لكل طرف على حدة:
إن الذين يقترحون أن يتسلم مشعل الامتحانات أساتذة جامعيون فمن مبرراتهم أن هؤلاء سيكونون أكثر نزاهة حيث لا يعرفون أحدا من الموظفين، وأنهم يملكون استقلالية في العمل والقرار وليسوا تابعين لا لرئيس الجماعة ولا لمدير عام ولا لأي سلطة أخرى سواء من داخل الجماعة أم من خارجها.
وأما الذين يرفضون العمل بهذا الإجراء فيرون أن الأساتذة الجامعيين لا يملكون الخبرة الكافية فيما يتعلق بجميع الفروع المتشعبة حول الأعمال التي يقوم بها الموظفون الجماعيون، وربما سيلزمهم عشرات السنين حتى يطلعوا على أعمال الجماعة من أجل فهمها واستيعابها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرون أنهم من الأفضل أن تبقى أسرار الجماعة من حيث ضعف مستوى الموظفين داخل الجماعة ولا داعي لنشر غسيلنا في الخارج كما قال أحدهم.
فأي المبررات كافية للعمل بأحد المسلكين، حتى يتم الاختيار بين السير على النمط القديم فتستمر الاحتجاجات والتهم التي لاتزال لحد الآن قائمة وتتجدد كلما آن أوان الامتحانات،
وتسليم المشعل لأساتذة جامعيين قد يفلحون في إنجاح المباريات كما قد يخفقون، أي قد يصير الأمر أشبه بمقامرة غير مضمونة النتائج.
وبالتالي ربما يكون الحل الأمثل هو التوفيق بين الأمرين معا، بين إشراف أساتذة جامعيين لا سلطة لأحد على قراراتهم كما لا يعرفون أحدا من الموظفين، وبين قيام الموظفين بدور طرح الأسئلة وتصحيح الامتحانات وإجراء الامتحانات الشفوية على عين لجنة محايدة تتضمن أساتذة القانون والحقوق.
Aucun commentaire