سهرات أعراس قوم عند قوم منغصات
سهرات أعراس قوم عند قوم منغصات
محمد شركي
في دولة ترفع شعار » دولة الحق والقانون » لا بد أن تصان فيها الحقوق خصوصا الضرورية منها كالحق في النوم إلا أن هذا الأخير لا يحسب له حساب عندنا ولا يكترث به ، ولا يوجد قانون يصونه أو يحميه أو يتابع أو يقاضي من يعتدي عليه متعمدا مصرا حيث لا توجد مراقبة للسهرات التي تقام بمناسبة الأعراس في فصل الصيف الذي ينتظر الكثيرون قدومه لنيل قسطهم من الراحة بعد قضاء حول كامل في العمل المضني ، ومن الناس من يفضل أن يكون قسطه من الراحة مجرد نوم لا ينغص إلا أن إقامة حفلات الأعراس في الأحياء السكنية والمدارات الحضرية واستعمال مكبرات الصوت الزاعقة بالموسيقى والغناء من مغرب الشمس إلى مطلع الفجر تحرم المواطنين من حقهم في النوم ، فيقضون ليالي بيضاء في أرق تكاد رؤوسهم تنفجر ، وفيهم المرضى والصبية ، وفيهم من ينتظره يوم عمل شاق … إلى غير ذلك من الحالات المثيرة للشفقة ، والتي لا يأبه بها الساهرون في حفلات أعراسهم وهي منغصات تكدر نوم وراحة جيرانهم في محيط قد يمتد مسافات طويلة حسب قوة الأصوات التي تصدرها مكبرات الصوت الصادحة بالموسيقى ، وحسب نوع تلك الموسيقى التي تكون في الغالب من النوع الصاخب الذي يرافقه الرقص والزغاريد والصياح .
وإذا كان البعض يتحدث عن وجود قوانين في بلاد الغرب تمنع في ساعة معينة من الليل ما يقلق راحة مواطنيها أو ينغص عليهم نومهم ،فلا حديث عن مثل تلك القوانين في بلادنا حيث يتم الاعتداء على حق المواطنين في الراحة وفي النوم بسبب صخب موسيقى حفلات الأعراس ، ولا تتدخل الجهات المسؤولة لمنع ذلك.
ومع أن الناس عندنا يرددون عبارة » النبي أوصى بالجار خيرا » فإنهم لا يرعون وصيته ، ولا يعملون بها عن علم لا عن جهل وعن عمد وقصد . ولا أحد ممن يقيمون حفلات الأعراس الصاخبة يراعي حرمة الجوار . وكثيرا ما تتناول خطب الجمعة موضوع الجوار وما لا يليق به من معاملات مسيئة إليه إلا أن أثر تلك الخطب يكاد يكون منعدما لأن الناس لا يأخذون خطب الجمعة مأخذ الجد بل صار حضورها مجرد تقليد ككل التقاليد يحضرونها ويخرجون من المساجد بوفاض خاوية ليس معهم سوى أكياس بلاستيكية فيها ما اقتنوه مما اشتهوه من خضر وفواكه معروضة عليهم عند بوابات المساجد التي يتحول محيطها إلى شر بقاع وهي خير البقاع .
ويكفي أن يحصل الإنسان من خطب الجمعة حديثا واحد يمنعه من الإساءة إلى الجوار هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل : من يا رسول الله ، قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ) ، وهل توجد بائقة أقبح من أن يحرم الإنسان جاره النوم ليلا بسبب حفلة عرس صاخبة ؟
وإذا كان الناس لا يخشون ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعلى المسؤولين أن يجتهدوا في إصدار قانون يحمي المواطنين من أبواق حفلات الأعراس إن لم يوجد هذا القانون أو تفعيله إن كان موجودا لمنع فوضى الأعراس التي يعتدى فيها على الغير بغير وجه حق .
Aucun commentaire