خطاب الملك خميرة الدروس و تحليل النكسات و قابلية التجاوز والولادة الجديدة
بقلم : عبد القادر العفسي
مرة أخرى يفاجئ الملك الجميع كما فاجئ النخب السياسية و النقابية و مسئولي الدولة و محلليها (ريت ويت) … سواء من حيث الرهان التاريخي للمغرب التي أنضجته الفاعلية و النهوض الشامل بكل جوانب الحياة و المحيط الإنساني الذي يزيد من السمو و العطاء و الابداع في التجدد و الانطلاق و استقدام المستقبل إلى الحاضر ، أو سواء من حيث الحديث عن ضمير وطن و أمة اختلطت لديها العزيمة الصادقة بالتفاؤل و اليأس و التداعي … بالتالي فالملك استجاب لنداء المسؤولية التاريخية بخطاب هو الأشد حمولة للمعنى و الرسائل باستعادة الحيوية و النضارة و الإحساس بالحياة محركا للمستقبل و التطلع مع واقعية الوضوح بما يشوب الحاضر من تراجعات و انتكاسات متعددة .
كما عودتنا الجهات العليا على الوضوح ، فقضية الخطابات الملكية لم تعد موضوع تفاعل و اهتمام للنخب التي جعلت نظرتها متجهة نحو المال العام و جمع الثروات و الصورة … بل هو اهتمام حصري للشعب ، كما تم التطرق الية في العديد من المقالات بتلهف عن انطلاق هذه » النظرة الإنسانية الشاملة و هذا التصور الحضاري للمستقبل » بإيمان و تفاؤل و حيوية و تجدد و ارتقاء و نضج تستند إلى واقية
تلبي المتطلبات ، مُقعدة بجدلية عبقرية تُفسر و تمحص المعاني و النقائص و تفتح الآفاق نحو الدروب المتاحة الممكنة للانتقال إلى الولادة الجديدة بتغيير السلبية و عناصرها و العراقيل من المسالك ، فماذا تعني المطالبة تغيير المنظومة و الهياكل و الزام رئيس الحكومة باقتراح طاقات نوعية جديدة ..؟ هذا الوضع بهذا التعبير في الخطاب يعصر التناقضات و تعبر عن الشذوذ في السلوك السياسي المعتمد تحت ستار التزييف في الممارسة و الخطاب السياسي و تزوير الحقائق الممعنة في التخريب … فكأنما الملك يتحدث عن القيمة الحقيقية للسياسية إذا لم تبدع و تبتكر و تنتج و تضع حدا للاستنزاف و التعطيل في كل نواحي الحياة الاجتماعية و الفكرية و السياسية و الثقافية ..
الخطاب الملكي إذن بداية جديد بنظرة شاملة تعي الراهن و تدرك المستقبل كانت فيها القابلية للتجاوز تنظر الى الغاية الايجابية في مبادرة تاريخية تعد عملية انقاذ مصيرية سواء للفاعل السياسي و روافدهم أو مسئولي الدولة باستلهام روح المصلحة الوطنية و التطابق مع حاجيات الانسان المغربي و حقه في العيش و الحب و الإنسانية بحقائق :
أولى الحقائق : إن الوطن اليوم بهذه الروح في الخطاب الملكي يستعيد روح الأمل و يعد فصلا من فصول التاريخ المتوهج_ البداية الاولى انطلقت مع الاستاذ عبد الرحمان اليوسفي _ و يجسد رغبة أمة تتجاوب مع ارادة النهوض و الحياة بتقديرات صحيحة استراتجية عميقة و تهيئ باقتدار لتحول جدري ، خطوته الاولى حصر التناقضات و المفارقات و القطع مع الريع و سياسيات التزييف التي تكلف المجتمع و الدولة خسائر في الزمن و الامكانات ، و الثانية طاقات جديدة و تخطيط عقلاني تتلاقي مع النظرة الايجابية للتوجه الملكي نحو المستقبل ، بالتالي فإن تقليص الزمن نكون نقترب من هذا التطلع العلمي بهذه المقومات لمواجهة التحديات و الأخطار المعززة لروح الوطنية تكون نتائجها على الانسان المغربي ملموسة .
و ثاني هذه الحقائق : هو ما تميزت به كل المبادرات الملكية من عقلانية و حافز نهضة متأجج مؤمنة بقدرات الشعب اللا محدودة ، رافضة كل تهيج رخيص تصدره بعض الجهات الخارجية و الداخلية لخوفها من الاصلاحات التي تعمم الجهل و الظلام بل تحث على الابداع و الابتكار و تحليل الواقع بأدوات تراعي المعطى و تستمد قوتها منه باشتقاق النتائج تبلور حقل جديد في الحياة المغربية و تمتد بتحديد العلاقات مع الأشقاء و العالم وفق الثوابت الوطنية المحددة حصرا : مغربية الصحراء و الثغور المحتلة دون أن يؤثر هذا على انفتاح المملكة على الخارج و الاستفادة من خبرات الأجنبية .
ثالث هذه الحقائق مرتبطة : بإيمان جلالة الملك بالزراعة الطبيعة و ليس الاصطناعية لنبضها الحي ، لهذا تم تحديد الإشكالية و طرحها بوضوح في الخطاب الملكي حول ضرورة تحديث النخب و المسؤولين الهدف منه هو تغيير الواقع و ليس تفسيره تجاوبا مع الشرعية الديمقراطية الدستورية التي تحرر الطاقات و الإنسان حيث تتجه نحو العدالة الاجتماعية التي تستند إلى المنطق الحضاري للتجدد و التطلع .
وأخيرا لأي وجهة نظر انطلاق مع استيعاب السياقات و قراءة موضوعية متجسدة للإبداع الخلاق المعادية للجمود ، نعم قد تكون هناك متغيرات و تحولات لكن يجب التأكيد على نسق واحد و منهجية واحدة لجلالة الملك و هو الانسان من أجل إنضاج العمل الوطني و توظيف الطاقات و تجاوز الانحباس و تغيير نمط القراءة مع مصارحة للمواطن باعتباره ينبوع القوة الحقيقي .
Aucun commentaire