خواطر حول نتائج الباكلوريا
مباشرة بعد الاعلان عن نتائج الباكلوريا ونسب النجاح المتفاوتة بين المديريات والمؤسسات ، عجت مواقع التواصل الاجتماعي بالتدوينات ، واختلفت بين تشجبع وتثمين ، أو تبخيس وتشكيك ، ثم وناذرا تحليل واقتراح . وبدوري أساهم بوجهة نظر متواضعة أظنها صحيحة تحتاج الى اظافة وقد تقبل الخطأ بطبيعة الحال.
1 مقارنة المؤسسات والمديريات يحفز الجميع على التنافس الشريف طبعا ، ولكن بجب الحذر من لغة الأرقام ولعل المختصين في علم الاحصاء يدركون ذلك جيدا. فالاعتماد على الأرقام مجردة ومجزءة قد يحجبنا عن الحقيقة أحيانا ، وأوافيكم بمثال لازلت أتذكره من خلال حصة الاحصاء أثناء التكوين بمركز التوجيه والتخطيط للأستاذ نزيه مدير المركز حاليا، و هو » لمقارنة بلدين بخصوص مجال السياحة تم الاقتصار على النسبة من خلال سنتين ، فسجل البلد الأول ارتفاع عدد السياح من 100 الى 200 سائح ، بينما البلد الآخر استقبل 40 مليون سائح وهو نفس العدد بالنسبة للسنة التي سبقت ، السياحة ارتفعت اذا بنسبة 100% للبلد الأول و بنسبة 0% للبلد الثاني ، القراءة المجردة تفيد أن البلد الأول بذل مجهودات أكبر ، والحقيقة عكس ذلك. ، فاستقطاب 40 مليون سائح يحتاج مجهودات جبارة وجبارة وكبيرة جدا عكس 200 « .
من هنا ولتوخي الموضوعية والمهنية لابد من مقارنة نسب النجاح الحالية في اطار شمولي وبارتباط بمؤشرات اخرى منها
– عدد المترشحين والشعب والمسالك ، فكلما قل عدد المترشحين الا وارتفعت النسبة حتما لأن القاعدة ضيقة بمنطق رياضياتي ، ولأنه وبمجهود صغير يمكن تحقيق نتائج مرتفعة، وكذا الحال بالنسبة للشعب والمسالك العلمية والتقنية التي غالبا ما تسجل نسب نجاح مرتفعة مقارنة مع الأدب.
– نسب الانقطاع والهدر المدرسيين ، فمن الطبيعي جدا أن ترتفع نسبة النجاح في مؤسسة غادرها كل التلاميذ المرشحين للتكرار، ولا قيمة لأي نسبة نجاح مهما ارتفعت اذا لم تستطع المؤسسة الحفاظ على كل التلاميذ تماشيا مع شعار
« inscrire l’élève le maintenir et le faire réussir»
– هدر الزمن المدرسي : الحصص الضائعة بسبب غياب التلاميذ أو الأطر التربوية، فكل هدر في الزمن المدرسي يعني وبكل بساطة أن التلاميذ لم يحققوا جميع الأهداف ، ولم يستوعبوا كل المحاور وبالتالي سيواجهون صعوبات كبيرة في مسايرة نمط ورتم التعليم العالي، فلا قيمة لنسبة مرتفعة اذا ارتفعت نسبة المنقطعين والمغادرين من السنة أولى في التعليم العالي والحال كذلك.
– كل هذا بالاظافة الى نسب العنف والغش والغياب وهي مظاهر السلوك اللا مدني والتي يجب أن تغيب فرضا في مؤسسات تحقق نتائج مرتفعة لأن المنهاج مترابط ومنسجم ومتكامل ، ويراهن على المعرفي ،المهاري ، والقيمي طبعا.
كخلاصة لما سبق ولمقارنة موضوعية بخصوص نسب النجاح لابد من مقارنة نسقية في اطار مجموعة من المؤشرات مرتبطة ،عدد المترشحين ،الشعب والمسالك، نسب الانقطاع، نسب الاندماج والمسايرة في التعليم العالي ، نسب الهدر في الزمن المدرسي ، ونسب حالات العنف والغش والغياب دون اغفال الوسط وتأثيره طبعا. حضري قروي ، والوضع السوسيوثقافي للأسر…
2 ان اصدار أحكام رغم الملاحظة لا يستقيم ويحتاج الى دراسة موضوعية ، ونقاش هادئ وموضوعي من خلال المؤسسات والمجالس واقترح :
تشكيل فرق للقيادة بكل مديرية تضم منسقين عن هيئة التأطير والمراقبة ،أطر التوجيه ، أطر الادارة التربوية ،وعن السادة الأساتذة طبعا فهم المتدخلون المباشرون، فرق تتكفل بانجاز دراسات علمية مقارنه ووصفية باعتماد مؤشرات احصائية دالة وسيكوميترية ، واستثمار جميع الوثائق المتعلقة بالاستحقاق ، من تقارير لجان اقليمية ، ثم تقارير الملاحظين ،رؤساء المراكز ، ولجان مراقبة الجودة جهويا ووطنيا ، تقارير تسجل بعض الملاحظات والاقتراحات بخصوص جميع المراحل من تحضير ، اجراء ، وتصحيح ، في أفق تنظيم أيام دراسية ، ولقاءات للنقاش والتقاسم بين المؤسسات لتعميم التجارب الناجحة ، وتوحيد منهجية العمل ، ومصاحبة من هم بحاجة الى مواكبة ومساعدة .
3 تبقى الاشارة في الأخير الى ضرورة تصويب المنهاج الحالي خاصة في مكون التقويم . والتركيزعلى توظيف الموارد أكثر ، وعلى المراقي العليا من تحليل وتركيب .فالوضعيات التقويمية الحالية شاخت وهي في حاجة الى دراسة من حيث مؤشرات الثبات والمصداقية، والمواضيع مماثلة تقريبا في الشكل كل سنة ، وكثير من التلاميذ يحفطون حتى بالنسبة للرياضيات والمواد العلمية مع الأسف ، وفقط ويتدربون على الامتحانات من خلال ما سبق ، مما انعش سوق الدروس الخصوصية أو السوايع كما يلقبها البعض.
4 أختم بتهنئة كل التلاميذ المتفوقين ، وحظ أوفر للمستدركين ، وأحيي بحرارة أطر الادارة التربوية على المجهودات الكبيرة مهما كانت النتائج ، وأرفع القبعة لكل السادة الأساتذة الشرفاء الذين اشتغلوا بضمير وساهموا في حصص الدعم بالمؤسسات التعليمية وساهموا في صناعة الفرحة لدى الأسر ودافعوا حقا لا شعارا عن المدرسة العمومية
سعيد موتشو: مفتش في التوجيه التربوي مديرية جرادة
Aucun commentaire