استباحة الخبرة والبحث في المجالين النفسي والاجتماعي وبخسهما لتمرير الفكر الهادم لقيم المجتمع المغربي الإسلامية
استباحة الخبرة والبحث في المجالين النفسي والاجتماعي وبخسهما لتمرير الفكر الهادم لقيم المجتمع المغربي الإسلامية
محمد شركي
كالعادة أثار انتباهي العنوان الآتي على أحد المواقع الالكترونية : » سوسيولوجي يتهم حراس العقيدة بجلب إسلام عبوس خال من الحب » والسوسيولوجي المقصود هو المدعو عبد الرحيم العطري الذي لا يغيب عن البرنامج التلفزيوني المعروف بدون حرج والذي تقدمه محطة ميدي 1 في إطار تكريس التهجم على القيم الإسلامية لزحزحتها كي تفسح المجال لفائدة قيم بديلة منها القيم العلمانية . والمعروف عن هذا المصنف في خانة البحث السوسيولوجي أنه يقف دائما ضد من يتبنى توجها إسلاميا ويخالفه الرأي .
والملاحظ أن الخبرة والبحث في المجالين النفسي والاجتماعي تتم استباحتهما بشكل غير مسبوق على موقع هسبريس ، حيث يوصف عبد الصمد الديالمي المعروف بالدعاية الصريحة إلى الإباحية بأنه عالم اجتماع ، ويوصف جواد المبروكي المجاهر بتوجهه البهائي بالخبير النفسي للمجتمع المغربي والعربي ، ويوصف عبد الرحيم العطري بالسوسيولوجي … ولا يقتصر الوصف بالخبرة والبحث على هؤلاء الثلاثة بل يتعداهم إلى أحمد عصيد وسعيد لكحل وغيرهم من الذين استباحوا مجالات الخبرة والبحث وسخروها ها لنشر فكرهم العلماني ، فما أتعس حظ الخبرة والبحث مع هؤلاء .
ومعلوم أن وصف أمثال هؤلاء بالخبراء والباحثين والمتخصصين هو نوع من النفخ الإعلامي فيهم من أجل التمكين للتوجه العلماني في بلد يدين بدين الإسلام ، ويلفظ أهله العلمانية . ومعلوم أن كل فكر متهافت يحرص مروجوه على إضفاء هالة إعلامية كبيرة عليه لتسويقه . وتقديم هذا النوع من الفكر إعلاميا بعبارات تدل على خبرة أصحابه ورسوخ أقدامهم في التخصص هو بمثابة ذر للرماد في العيون خصوصا بالنسبة للذين يسهل الإيقاع بهم ضحايا للانبهار بالألقاب والصفات . وعندما يستعرض هذا النوع من الفكر يتم الكشف عن تفاهته ، وكدليل على ذلك سنكشف النقاب عما جاء في المقال المشار إليه أعلاه .
جاء في مقدمة هذا المقال ما يلي :
» دعا عبد الرحيم العطري الباحث السوسيولوجي المغربي إلى تجديد النظر في الدين الإسلامي من أجل اكتشاف القيم النبيلة التي يزخر بها والتي كانت سائدة بين الصحابة في عهد الرسول ، ولم تعد موجودة اليوم في حياة المسلمين «
إن الجزم بغياب قيم الإسلام النبيلة على وجه التعميم اليوم في حياة المسلمين مجازفة لا يمكن أن يقدم على القول بها من له علاقة بميدان البحث ، ذلك أن مثل هذه المجازفة إنما تصدر عن إنسان عامي يلقي الأحكام جزافا والكلام على عواهنه دون تبصر . والدعوة إلى تجديد النظر في الإسلام هو اتهام لعموم المسلمين بقصور نظرهم فيه ، كما أن القول باكتشاف قيمه النبيلة يدل على أنها لمّا تكتشف بعد أو اكتشفها الباحث السوسيولوجي وحده صاحب الخبرة بحياة الصحابة في عهد الرسول أو لا يعرفها إلا هو ومن يصدر عن مثل فكره أو توجه . ولا ندري كيف يمكنه أن يكتشف وحده ما كان في حياة الصحابة ،وهو موجود في كم هائل من التراث الديني المتاح للجميع .
ويأتي بعد هذه المقدمة المتعثرة التي لا تمت بصلة لخبرة أو بحث علمي كلام عن قيمة الحب التي نسب هذا « السوسيولوجي » تلاشيها إلى حرّاس العقيدة وهو يقصد بهم فقهاء الإسلام الذين يصفهم بأنهم أوصلوا إلينا الإسلام العبوس الخالي من الحب بينما هو في الحقيقة يزخر به أو يضج به على حد تعبيره ، هكذا سمح لنفسه دون خجل منها بالحكم على أصحاب الخبرة في قيم الإسلام ، وهو ما لا يمكن أن يصدر عن محسوب على البحث والخبرة . وقد مثّّل لنموذج الحب الذي يضج به الإسلام بقصة حب أحد أبناء الصحابة امرأة حبا جعله يتخلف عن صلاة الجمعة عدة مرات . فالحب الذي لم يكتشفه فقهاء الإسلام والذين نقلوا إلينا الإسلام العبوس واكتشفه الخبير السوسيولوجي الذي كشف النقاب عن الإسلام الباسم هو الحب الذي يصرف صاحبه عن صلاة الجمعة .
وعرّض هذا » السوسيولوجي » بالمغاربة على وجه التعميم دائما والذين هم في نظره لا يحسنون التعبير عن حب أبنائهم أو يعبرون عن ذلك بعنف ، فيصرفونهم مثلا عن الخطر المهدد لهم بقولهم : » بعّد من تم أذاك ولد الحرام « . ولا ندري ما علاقة هذه العبارة التي يربأ المغاربة بأنفسهم أن يتفوهوا بها في حق أبنائهم وفيها ما فيها من قذف لأعراضهم وطعن في أنسابهم ؟ والتي يتعوذون منها حين يسمعونها ، والتي لا يستعملها إلا عديم أخلاق منبوذ في المجتمع.
ويمضي بعد ذلك في تقديم النصح والتوجيه للآباء والأمهات ، وهنا يتجلى قصده العلماني المدسوس حين يقول : » التربية على الاختلاف من العناصر الأساسية للتربية السليمة ، وأن الأبناء خلقوا لزمن غير زمن آبائهم وأمهاتهم ، ويمثل لاختلاف الأبناء اليوم عن الآباء والأمهات بارتداء السراويل المفتوقة على الركب والأفخاذ ، ولا يرى وهو الخبير السوسيولوجي في ذلك نهاية العالم كما يراه آباؤهم وأمهاتهم المتأثرون بالإسلام العبوس الذي أوصله إليهم الفقهاء ، وكأن الإسلام لم يضبط سلوك أتباعه ضبطا محكما ،ولم يغادر منه شيئا بما في ذلك طريقة وأسلوب لباسهم التي لم يتركها للأهواء كما يرد الخبير السوسيولوجي صاحب النظر الجديد في قيم هذا الدين .
ودافع بعد ذلك عن ترك حرية التصرف للأبناء في أمورهم الشخصية ، وتربيتهم على الحرية والتنوير ، وما التنوير بالنسبة إليه سوى ما يدعو إليه توجه المطالبين بمختلف الحريات بما فيها حرية الجسد ، وحرية تغيير نوع الجنس ، وحرية الشذوذ الجنسي ، وحرية العلاقة الجنسية الرضائية ..إلى غير ذلك من أنواع الحريات المستجدة التي تستميت التوجهات المتطرفة وعلى رأسها التوجه العلماني في المطالبة بها .
هذا نموذج من نماذج استباحة مجال الخبرة والبحث الذي صار الإعلام يسوقها لتغيير ملامح المجتمع المغربي المسلم ، ولتغييب هويته الإسلامية ، واستبدال قيمه الدينية والأخلاقية بقيم علمانية تكون بديلة عنه تحت شعار تجديد النظر إلى قيم الإسلام الذي أكمله الله عز وجل ورضيه لنا دينا .
وأنصح كل متجاسر على مجال الخبرة والبحث أن يعرف قدره ويجلس دونه ، وأن يشفق على نفسه من سخرية الساخرين منه ، وتندر المتندرين به .ولا شك أن اختزال قيمة الحب في ترك صلاة الجمعة ، واختزال الحرية في ارتداء السراويل المفتوقة دليل على بخس البحث والخبرة السوسيولوجية واستباحتهما .
Aucun commentaire