» ضَّربو لْراسو ينسى رجليه »
بسم الله الرحمن الرحيم
» ضَّربو لْراسو ينسى رجليه »
يقول المثل الشعبي المغربي « ضربو لراسو ينسى رجليه«
سبب إيراد هذا المثل يدخل في إبداء الرأي في موضوع « التدريج » الذي أخذ بعدا أكثر مما يستحق حسب قراءتي للمعطيات التي تؤطره، ليس لكونه غير مهم ولا لكونه لا يسهم في محاربة اللغة العربية؛ ولكن لكونه يلفت النظر عن أمور أكثر أهمية وأكبر خطورة على الهوية العربية الإسلامية التي يُحتَجُّ بها في معالجة موضوع إدراج بعض الكلمات الدارجة التي » حصرتها وزارة التربية الوطنية في ثمانية » وذلك في كتاب واحد من بين الكتب الخمسة التي صادقت عليها الوزارة والمتعلقة بمستوى الثانية ابتدائي.
قد يتساءل متسائل عن مبرراتي لما أقول؟ وجوابي هو عبارة عن تساؤلات أورد بعضا منها في الآتي:
ما معنى أن ترد هذه الكلمات في كتاب واحد من بين خمسة كتب مقررة للمستوى المعني؟ وإذا علمنا أن من بين ما بررت به الوزارة ما ورد في كتاب « مرشدي في اللغة العربية » قولها: « يعتمد اختيار النصوص على مدخل الموضوعات والمجالات الأسرية والبيئية والوطنية وغيرها كما هو منصوص عليه في المنهاج. ومن المطلوب أن تشمل نصوص كل مجال رصيدا لغويا وثقافيا ذا صلة بكل مجال. كما هو وارد في المنطلقات البيداغوجية المنصوص عليها في المادة 85 من الرؤية الاستراتيجية »، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: إذا كان المقصود بالرصيد اللغوي والثقافي هو إدراج الدارجة في المقررات، فلماذا عزفت الكتب الأربعة عن إدراج كلمات بالدارجة؟ أليس هذا مبررا كافيا لعدم المصادقة عليها، وإلا فإلغاء الكتاب المعني يصبح أمرا بديهيا، اللهم إلا إذا كان وراء المصادقة عليه هدف خفي لا نعلمه، ولعل المستقبل هو من سيخبرنا بدقائق الأمور وخباياها.
هل تساءل أحد عن مضامين مقررات اللغة الفرنسية بمستويي السنة الأولى والسنة الثانية ابتدائي وعن القيم التي تسعى إلى تمريرها، علما أن مبررات إقحام هذه اللغة بالمستويين واهية ولا تصمد أمام أبسط القواعد التربوية التي تروم الحفاظ على الهوية بمكوناتها الدينية والثقافية واللغوية.
هل تساءل أحد عن الهدف من وراء خلق المسالك الدولية، والتي كان من الأجدر تسميتها « المسلك الفرنسي » بصفة عامة، والمبررات التي أدت إلى إدراجها بالسلك الإعدادي بصفة خاصة، سوى الإساءة إلى اللغة العربية من خلال العمل على ترسيخ فكرة أن اللغة العربية غير صالحة لتدريس العلوم وأنها أصبحت متجاوزة على المستوى العالمي؟ ولعل إدراج الوزارة مصطلح اللغات الحية في مجموعة من وثائقها الرسمية يوحي بأن اللغة العربية لغة ميتة باعتماد مفهوم المخالفة كما يقول الفقهاء. والغريب في الأمر أنهم يحاولون بمكر ودهاء إقناعنا بأن استيعاب التلاميذ للمواد العلمية باعتماد اللغة الفرنسية أحسن منه باعتماد اللغة العربية، وهذا صحيح إذا ما تم اعتماد نتائج الامتحانات في »الخيارين »، إلا أن الذي لا يتم الإفصاح عنه هو لماذا هذا الاختلاف في النتائج؟ والجواب على هذا السؤال يوجد في المذكرة رقم 13/ 369 في موضوع مسطرة التوجيه إلى المسالك الدولية للبكالوريا المغربية حيث طبيعة المعايير المعتمدة لتوجيه التلاميذ لمسالك خيار الفرنسية تفرض انتقاء التلاميذ وترتيبهم حسب الاستحقاق كأن الأمر يتعلق بشعبة مستقلة مع العلم أن اللغة الفرنسية تستأثر بنسبة 50% في عملية التوجيه؟؟؟
هل تساءل أحد عن مضمون مقررات التعليم الأولي وما هي القيم التي تروم تمريرها وغرسها في الناشئة، مع العلم أن النموذج المتوخى مُجسَّد في مدارس التعليم الخصوصي التي يرغب عدد كبير منها عن اللغة العربية متخذين من اللغة الفرنسية واللكنة الإفرنجية وما يستبعهما من ممارسات قيمية وثقافية دَيْدنا يتعين زج أطفالنا فيه، حتى إذا ترعرعوا عليه وجهلوا أبجديات اللغة العربية كانت النتيجة المستهدفة المتمثلة في معاداة كل ما له علاقة بهذه اللغة التي خاطب الله بها عباده المؤمنين والناس أجمعين وبالقيم المرتبطة بها.
هل تساءل أحد عن الأسباب التي تحول دون تأسيس أكاديمية محمد السادس للغة العربية لحد الآن والتي يفترض أن تنافح عن اللغة العربية من خلال إيجاد الآليات والوسائل التي تحببها للمتعلمين وتعرفهم بمميزاتها التي لا ينكرها إلا الجاهلون بها والذين يتعلقون بلغة تحتاج إلى ثلاث كلمات للتعبير عن رقم تسعون مثلا (أربعة عشرون عشرة) عوض تسعون…
هل تساءل أحد عن الأهمية التي تُعطى للغة العربية وللقيم المرتبطة بها بمراكز تكوين الأساتذة حتى يتسنى لهم الإحاطة بمختلف المزالق الثقافية والهوياتية التي يتم دسها في مختلف المقررات، مع العلم أن الفوج الأول من المتعاقد معهم تم الزج بهم في الميدان مجردين حتى من التكوين المعرفي والبيداغوجي إلا من رحم ربك.
أليس من المنطقي مع التساؤلات أعلاه وغيرها كثير أن نستنتج أن هذه الضجة مفتعلة يؤطرها المكر والخداع لجلب الأنظار نحو الشجرة التي تغطي الغابة التي هم بصدد الإتيان على أخضر ويابسها حتى تخلو لهم الساحة، ولن تخلو لهم بإذن الله ما دام في البلاد رجال شرفاء ونساء شريفات يميزون بين الحق والباطل الذي لا بد هو زاهق طال الأمد أم قصر. » وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا » صدق الله العظيم.
Aucun commentaire