نصائح الشعراء نعم المقتنى
نصائح الشعراء نعم المقتنى
محمد شركي
اقتبست عنوان هذا المقال من الشطر الثاني لبيت الشاعر أبي الطيب المتنبي الذي يقول فيه:
ومكائد السفهاء واقعة بهم = وعداوة الشعراء بئس المقتنى
ولم أجد من نصح الشعراء أفضل من رائعة الشاعر صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي المتوفى سنة 764 هجرية رحمه الله تعالى والتي يقول فيها :
الجد فى الجد والحرمان فى الكسل *****فانصب تصب عن قريب غاية الأمل
واصبر على كل ما يأتى الزمان به ***** صبر الحسام بكف الدارع البطل
وجانب الحرص والأطماع تحظ بما ***** ترجو من العز والتأييد فى عجل
ولاتكونن على ما فات ذا حزن ***** ولا تظل بما أوتيت ذا جذل
واستشعر الحلم فى كل الأمور ولا ***** تسرع ببادرة يوما إلى رجل
وإن بليت بشخص لا خلاق له ***** فكن كأنك لم تسمع ولم يقل
ولا تمار سفيها فى محاورة ***** ولا حليما لكى تقصى عن الزلل
ولا يغرك من يبدى بشاشته ***** إليك خدعا فإن السم فى العسل
وإن أردت نجاحا فى كل اونة *****فاكتم أمورك عن حاف ومنتعل
إن الفتى من بماضى الحزم متصف **** وما تعود نقص القول والعمل
ولا يقيم بأرض طاب مسكنها *****حتى يقد أديم السهل والجبل
ولا يضيع ساعات الزمان فلن *****يعود مافات من أيامه الأول
ولا يراقب إلا من يراقبه ***** ولا يصاحب إلا كل ذى نبل
ولا يعد عيوبا للورى أبدا *****بل يعتنى بالذى فيه من الخلل
ولا يظن بهم سوءا ولا حسنا ***** بل التجارب تهديه على مهل
ولا يصد عن التقوى بصيرته ***** لأنها للمعالى أوضح السبل
فمن تكن حلة التقوى ملابسه ***** لم يخش فى دهره يوما من العطل
من لم تفده صروف الدهر تجربة ***** فيما يحاول فليسكن مع الهمل
من ضيع الحزم لم يظفر بحاجته ***** ومن رمى بسهام العجب لم ينل
من جاد ساد وأحيا العالمون له ***** بديع حمد بمدح الفعل متصل
رحم الله هذا الشاعر على نصائحه الذهبية التي يحفل بها أولو النهى ، ويغفل عنها كثير من الغافلين ، ولا بأس بتعليق بسيط عليها وإن كانت غنية عن التعليق لأنها جامعة مانعة ، ونظمها أعذب من نثرها .
هذه القصيدة عبارات عن دعوات كالأتي :
ـ دعوة إلى ركوب الجد ،وتنكب الكسل لبلوغ المأمول .
ـ دعوة إلى الصبرعلى ما في طي القدر .
ـ دعوة إلى ابتغاء العز في ترك الطمع .
ـ دعوة إلى عدم الأسف على الفائت والفرح بما هو إلى زوال .
ـ دعوة إلى التريث وعدم العجلة في اتخاذ القرار .
ـ دعوة إلى عدم الاكتراث بمن لا خلاق له .
ـ دعوة إلى ترك المراء مع السفيه والحليم على حد سواء اتقاء الوقوع في الزلل.
ـ دعوة إلى عدم الانخداع بمن يظهر ما لا يبطن .
ـ دعوة إلى الاستعانة بالكتمان على قضاء الحوائج .
ـ دعوة إلى الحزم مع عدم التسرع .
ـ دعوة إلى التريث في اتخاذ القرار وتحمل المشاق من أجل ذلك.
ـ دعوة إلى اغتنام فرص العمر وعدم تفويتها لأنه لا عوض لها .
ـ دعوة إلى مراقبة الرقيب ومصاحبة النبيل .
ـ دعوة إلى الالتفات إلى عيوب النفس عوض الانشغال بعيوب الغير .
ـ دعوة إلى عدم إساءة أو حسن الظن دون تجريب ودون تمهل .
ـ دعوة إلى تقوى الله عز وجل طلبا للأمان من نوائب الدهر .
ـ دعوة إلى الحذر من صروف الدهر وتقلباته حتى لا يكون المرء في عداد التافهين الذين لا وزن ولا قيمة لهم .
ـ دعوة إلى الحزم لبلوغ المبتغى ، وتنكب العجب حين بلوغه .
ـ دعوة إلى الجود لنيل السيادة وحيازة الحمد .
فما أحوج الناس في هذا الزمان إلى هذه النصائح النفيسة، فهل من منتصح ؟
Aucun commentaire