قوات الأمن المغربي تتدخل بعنف في الرباط لتفريق مسيرة للشغيلة التعليمية كانت متجهة نحو مقر رئاسة الحكومة
بقلم: ادريس الواغيش
حاصرت قوات الأمن المغربي ليلة الإثنين 28 ماي 2018 مسيرة للشغيلة التعليمية من حملة الشهادات العليا قصد منعهم من الإفطار أمام البرلمان، وفرقت أخرى لنفس الفئة بالقوة قرب أسوار القصر الملكي بالرباط زوال الثلاثاء 29 ماي 2018م، كانت متجهة للاحتجاج أمام مقر رئاسة الحكومة المغربية للمطالبة بالترقية بالشهادات وتغيير الإطار، لكن قوات الأمن فرقتها مستعملة عنفا، نتج عنه كرّ وفرّ وصياح بين النساء وإغماءات وسط بعض رجال التعليم، ولم تتدخل الوقاية المدنية كما حدث من قبل لتقديم المساعدة للمصابين، وهو ما زاد من تأجيج الوضع ليتشكل التجمع من جديد أمام وزارة التربية الوطنية.
أن يهاجر شباب المغرب وشاباته وحتى بعض كهوله من رجال ونساء وزارة التربية الوطنية من حاملي الشهادات العليا مدنهم ويتوجهوا إلى الرباط بحثا عن حق ضائع، او يجهروا بمطالبهم همسـًا او جهرًا، يعني حتما حضور عقلية القمع المَخزنية القديمة التي تغير العالم من حولها، لكنها استعصت على التغيير وبقيت على حالها منذ عهد البصري، نحن الذين اعتقنا واهمين أنها غيرت من جلدها بما يتماشى مع العصر، نفس المشهد يتكرر تقريبا في شارع محمد الخامس بالرباط: إنزال أمني كثيف، هراوات، خوذات، زرواطات، إغماءات، دماء تسيل، كرّ وفرّ وشهود كأنهم لم يروا أو يسمعوا شيئا‼
مثل هؤلاء وغيرهم رأيتهم بأم العين في مسيرات جالت شارع محمد الخامس بالرباط طولا وعرضا بالشموع ليلا، لم يكن هؤلاء انفصاليين ولا مهربين أو خونة، هم بكل بساطة مطالبون بحق اعطاه لهم الدستور المغربي، كنا إلى عهد قريب فخورين به في محيطنا المغاربي والإفريقي والعربي، لكن عَصفوا بكل شيء عكس ما رآه العَـرّاف!.
« طلع للشجرة تاكُـل الباكور، نزل شكون قالها ليك »، هذا المثل الشعبي المغربي الشهير الذي سرت به الرُّكبان، كان ما يشفع له بالاستمرارية على أرض الواقع، وإلا كنا قد نسيناه بسرعة. كان صعب علي أن أعيش تجربة مثل هذه من الداخل، أن أجد نفسي في رمشة عين بشوارع الرباط وجها لوجه مع هراوات المخزن، لمُجرد أنني كنت أطالب بحقي في الترقية و تغيير إطار، لأن شهادتي الجامعية العليا تخول لي ذلك، ولأن دستور بلدي يسمح لي أيضا بها، قبل ان تأتي حكومة أوهمتنا بأنها تحكم بالقرطاس والقلم وتنسب نفسها لـ »العدالة » ظلما وجورًا، هي التي في واقع الحال أبعد ما تكون عن العدل والحق بعد السماء على الأرض، وتلغيه بجرة من قلم مستورد ويد ظالمة تمسك به، وتصدر ضد منطق الاشياء مرسوما مُضادا ظالما يلغي نظيرًا له ظل العمل به ساري المفعول منذ سبعينيات القرن الماضي. وحتى 2015م.
كان صعبا علي أن أرى أيضا بأم العين، شباب هذا الوطن بعضهم قدم من مدن أقاصي الجنوب المغربي: السمارة- الداخلة- الزاك- أسا الزاك(أكثر من ألف كيلومتر)أو من وجدة شرقا وطنجة وتطوان شمالا(اكثر من 500 كلم).
وكان صعبا علي أيضا، وقد تجاوزت الخمسين، أن أجري خوفا من أن تنزل هراوة على رأسي أو ظهري، وأن أسمع أمهات صغيرات في تجربتهن الأولى للأمومة وهن يحكين لي بمرارة، لكن بإصرار، كيف تركن طفالهن التي لا يتجاوز بعض أعمارهم سنة، فطمنهن وجئن ليطالبن بحقوقهن، وهن يصرخن بأعلى أصواتن ويرددن بحرقة شعارات من قبل: »استحالة استحالة، نرضى بالإهانة، أنا مغربي بالهوية والسلالة ».
ورأيت رجال أمن مساكين يحملون الخوذات فوق رؤوسهم مستعدين للهجوم في كل لحظة، وضباط شرطة لا يرحمون في الشارع، لكن ظرفاء لو كلمتهم على الهامش بعيدا عن ساحة المواجهة، مفعمون بالطيبة والإنسانية والرحمة، فأين يكمن الخلل إذن؟. السؤال لا يحتاج إلى كثير من العناء:
أن يمنحونا فقط حقوقنا لا غير، الترقية وتغيير الإطار كما كان معمولا به قبل سنتين فقط‼
Aucun commentaire