على هامش مؤتمر الاتحاد الاشتراكي: كنا شهود عيان على نجاح المؤتمر الوطني العاشر
محمد إنفي
سوف أتحدث، في هذه المساهمة المتواضعة، بصيغة الجمع؛ أي باستعمال « نا » التي تحيل على « نحن » أو « النحن ». ولجوئي لهذه الصيغة ليس لا تواضعا ولا استعلاء وتكبرا؛ بل هو استحضار لكل اتحادي (أو اتحادية) يبذل (تبذل) مجهودا فكريا أو إبداعيا للدفاع عن حزبه(ها) بهذا القدر أو ذاك ويعمل (تعمل)على إيصال هذا المجهود إلى المتلقين المحتملين، سواء من الاتحاديات والاتحاديين أو من غيرهم، مع الحرص على الالتزام، قدر الإمكان، بما يكفي من الموضوعية والنزاهة الفكرية. وقد جعلني هذا الاستحضار أشعر بأنني « جمع » وليس « متكلما فردا » فقط؛ وهو ما دفعني إلى الحديث بصيغة الجمع؛ أي نيابة عن كل الأقلام المنافحة عن حزب القوات الشعبية ومؤسساته.
وإذ أستسمح كل الأخوات والإخوة في الحديث باسمهم دون إذن منهم، أجدني مضطرا لإعلان مسؤوليتي عن كل الثغرات والهفوات المحتملة التي قد تسيء، من وجهة نظر البعض، إلى المضمون وتفسد المعنى وتحيد عن الصواب، خاصة وأن الاختلاف في التحليل والمقاربة أمر وارد، بل وبديهي وعادي بين أبناء وبنات المدرسة الاتحادية.
وأعتقد أن الجميع سيوافقني بأن ليس هناك حزب سياسي مغربي جدير بهذا الاسم تعرض لمثل الضربات الموجعة التي تعرض لها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مساره النضالي من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية وتثبيتها، سواء داخل صفوفه أو في المجتمع ومؤسسات الدولة. فالهزات الداخلية(المفهومة وغير المفهومة، الحقيقية والمصطنعة) القديمة والحديثة، وكذا الحملات القمعية الشرسة وعمليات التزوير الممنهج، التي كان هدفا لهما خلال ما يعرف بسنوات الجمر والرصاص، تقوم دليلا على ما أقول.
لن أعود إلى التاريخ (فالمقام لا يسمح بذلك ) لتبيان تضحيات الاتحاد الاشتراكي في سبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ بل سوف أقصر اهتمامي على وضعه الحالي في المشهد السياسي العام، وأساسا على الهجمات التي يتعرض لها.
وفي هذا الإطار، نضع الهجوم القوي على الاتحاد الاشتراكي من قبل الإعلام المأجور ومن قبل الجهات المعادية لتوجهه الحداثي والتي تختبئ وراء المواقع والمليشيات الإليكترونية المتخصصة في ترويج الإشاعات والأضاليل وتوزيع شتى أنواع السباب والشتائم في حق القيادة الاتحادية، خاصة بعد أن فرض الاتحاد نفسه كقوة سياسية يصعب تجاوزها.
وإذا كانت أسباب ودواعي هذا الهجوم من قبل خصوم الاتحاد وأعدائه، مفهومة، فإنه من غير المفهوم أن يتمادي بعض الناس الذين ينتمون إلى الاتحاد، إما تنظيميا أو فكريا وعائليا (وأقصد بذلك الفكرة والعائلة الاتحاديتين) ويصرون على نفث سموم الحقد والضغينة وترويج الأكاذيب والافتراءات في حق القيادة الاتحادية المنتخبة بشكل ديمقراطي غير مسبوق في المؤتمر الوطني التاسع.
وإذا اقتصرنا على العرس النضالي الذي عشناه بمركب مولاي الرشيد ببوزنيقة أيام 19-21 ماي 2017، وحاولنا رصد بعض الأصداء، سواء الإيجابية منها أو السلبية (لن أدعي أبدا المتابعة الدقيقة والشاملة لما يكتب عن الاتحاد ومؤتمره العاشر)، ووقفنا عند بعض ردود الأفعال، خاصة تلك المتشنجة التي تصدر عمن يعتبرون أنفسهم اتحاديين، إما انتسابا أو عاطفيا، سوف نسجل توجهين متناقضين تماما.
التوجه الأول ينظر إلى نصف الكأس المملوء، فيحتفي بالإيجابيات ويعلي من شأنها ويسجل السلبيات من أجل العمل على تجاوزها. ولذلك، تجده يركز على ما تحقق من مكتسبات في المجال التنظيمي والفكري والمؤسساتي والإشعاع الدولي، الخ، التي تغني أدبيات الحزب وتثري تراكماته الفكرية والتنظيمية. أما التوجه الثاني، الذي لا يرى من الكأس إلا الجزء الفارغ (ولا أقول النصف)، فهو يركز اهتمامه على بعض الجزئيات البسيطة والهامشية لتضخيمها وجعلها الموضوع الأساس بهدف التغطية على نجاح المؤتمر وتبخيس نتائجه.
وإذا كان التوجه الأول يستند على الواقع المعاش في فضاء المؤتمر ويحرس ما أمكن على التقيد بالموضوعية والنزاهة الفكرية وصدقية الخطاب، رغم ما قد يكون من اختلاف في الرؤى بين أصحاب هذا التوجه، فإن التوجه الثاني لا يستند إلا على ما يحمله من غل وحقد وضغينة للكاتب الأول، الأخ إدريس لشكر؛ مما يجعل أصحاب هذا التوجه يبخِّسون، بوقاحة كبيرة، عمل كل المؤسسات الحزبية وعمل كل اللجان، وبالتالي، عمل كل المؤتمرين والمؤتمرات، من أجل إلصاق كل تهمة جاهزة، عند حدوث أي خطأ مادي أو أدبي، مهما قلت قيمته، بالكاتب الأول. وفي هذا، إساءة كبيرة للمؤتمرات والمؤتمرين واستخفاف أكبر بذكاء الاتحاديات والاتحاديين.
وبقصد الاختصار، سوف أكتفي بمثال واحد عن كل توجه، مع الإشارة إلى وفرة الأمثلة بالنسبة للتوجه الأول. ففيما يخص هذا الأخير، يسعدني أن أعتمد على ما كتبه مؤتمر استثنائي بكل معنى الكلمة. يتعلق الأمر بالمناضل اليساري المعروف والإعلامي والكاتب والمحلل السياسي الشهير،المشهود له بعمق التحليل وبالرأي الثاقب، الأستاذ حسن السوسي.
لقد نشر، يوم الأربعاء 24 ماي 2017، مقالا بجريدة الاتحاد الاشتراكي بعنوان »مؤتمر تكريس الممارسة الحداثية بنفس ديمقراطي عميق ». وقد وطأ لهذا المقال بما يلي: « اسمحوا لي، قرائي الأعزاء، أن تكون مقالتي لهذا الأسبوع عبارة عن رسالة امتنان للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لمنحي الفرصة التاريخية للمشاركة في أعمال المؤتمر الوطني العاشر الذي هو مؤتمر تاريخي بامتياز. ولست أخفيكم مشاعر الفرحة والهيبة… التي تتقاذفني وأنا أشارك في المؤتمر الذي لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن أشارك فيه لأسباب عديدة، لكل واحد منكم أن يتخيلها، كما يشاء … ».
بالمقابل، ماذا نجد عند التوجه الثاني؟ فخارج ما حدث قبل المؤتمر وخلاله من أحداث لم تؤثر في شيء على مجرى تحضير المؤتمر وإنجاحه، ليس هناك، في الواقع، ما يستحق الاهتمام؛ إذ باستثناء تدوينة واحدة، على الفايسبوك، « تناقش » جملة مقتطفة من خاتمة الكلمة الافتتاحية للمؤتمر الوطني العاشر (« الاتحاد الاشتراكي حزب المستقبل لا حزب الماضي، حزب الفكر المتجدد لا حزب التحجر والجمود، حزب المبادرة لا حزب الانتظارية والاستكان والحنين »)، من أجل تحويلها إلى ما اعتبره صاحب التدوينة « عقدة الماضي »(قد أعود لهذا الموضوع مستقبلا لكشف خلفياته الحقيقية)، لم نسجل سوى قلة قليلة من التعليقات؛ وكل ما تمكنا من الاطلاع عليه يتعلق بلائحة أعضاء المجلس الوطني التي صادق عليها المؤتمر في جلسته الختامية. وما يميز هذه التعليقات، هو ضعفها وضحالتها شكلا ومضمونا. ولولا حرصي على الحفاظ على حبل الود وصيانة العلاقات الطيبة التي تربطني بالبعض، لأوردت نموذجا منها.
على العموم، نحن (والمقصود، هنا، ثلة من المناضلين بالكلمة دفاعا عن حزبهم) كنا شهود عيان على نجاح المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد الاشتراكي. ولسنا لا مهلِّلين ولا مطبِّلين ولا مزمِّرين… للنفخ في الأشخاص والأحداث. ولسنا من محترفي تزييف الواقع لتضليل المناضلات والمناضلين. بل نحن ضد تبخيس عمل الآخرين. فالتبخيس لا ينتج إلا الإحباط والتيئيس… ونحن لن نساهم فيه أبدا!!!
Aucun commentaire