هيئة الإنصاف والمصالحة تنصف ووزارة التربية الوطنية تتعسف
هيئة الإنصاف والمصالحة تنصف ووزارة التربية الوطنية تتعسف
محمد شركي
من المعلوم أن مبادرة الإنصاف والمصالحة كانت نقطة تحول جد هامة في مسار الدولة المغربية التي قررت القطع مع ممارسات سنوات الرصاص ، والاتجاه نحو الانفتاح على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان . ولقد كانت تلك المبادرة عبارة عن اعتراف من الدولة بمسؤوليتها عما تعرض له بعض الضحايا من اعتداءات سافرة وانتهاكات خطيرة لحقوقهم بواسطة أجهزتها . ولقد تلقى الرأي العام المغربي هذه المبادرة بالترحاب واستبشر بها خيرا . ومعلوم أن المستفيدين من هذه المبادرة قد سقطت عنهم التهم الملفقة لهم ، والتي كانت قد ألصقت بهم ظلما وعدوانا، ولم تعد لديهم سوابق مزعومة تؤثر على مستقبل حياتهم خصوصا المنخرطين منهم في سلك الوظيفة العمومية التي يقتضي الانخراط فيها خلو ملفات الموظفين من مثل تلك السوابق التي تعد من خوارم الوظيفة .وإذا كانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد أنصفت السيد إسماعيل فيلالي الموظف بوزارة التربية الوطنية ، فإن هذه الأخيرة قد عسفت به حين تقدم للمشاركة في شغل منصب من المناصب الشاغرة في أكاديمية جهة الشرق ، ويتعلق الأمر برئاسة أقسام أو مصالح حيث حرم من المنصب مع أنه تصدر قائمة الفائزين على حد قول المقربين منه ، ويعتقد أن وراء ذلك سببا ما وأن إقصاءه كان بذريعة سوابقه التي نقضها ما بحوزته من وثائق مسلمة من طرف هيئة الإنصاف والمصالحة والتي تتضمن الفقرة الآتية : » ومساهمة في رد الاعتبار لكم أصدرت الهيئة المذكورة مقررا تحكيميا تم الكشف فيه عن حقيقة ما تعرضتم له من انتهاكات ، وهو بمثابة إقرار رسمي وعلني بذلك واعتراف بمسؤولية أجهزة الدولة عنها ، ويقضي بتعويضكم عما تعرضتم له من انتهاك لحقوقكم الأساسية وفق المبادىء والمعايير والمقاييس التي أعلنت عنها الهيئة في تقريرها. «
وبالرغم من حيازة المعني بالأمر هذا الإقرار الرسمي الموقع من طرف رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بمظلوميته ، فإن وزارة التربية الوطنية قد ضربت عرض الحائط به، واعتبرت الضحية صاحب سوابق تحول دون حصوله على منصب من المناصب الشاغرة . وإذا كان الإقرار الرسمي لهيئة الإنصاف والمصالحة قد أقر بحق المعني بالأمر في تعويضات ومستحقات مالية فضلا عن رد الاعتبار ، فالأولى أن يستفيد من الحصول على منصب خصوصا وأنه قد تقدم إليه كمترشح له مؤهلات وشواهد بل كان من المفروض أن يميز عن غيره من المترشحين أثناء عملية الانتقاء لتكون وزارة التربية بذلك قد احترمت قرارات لجنة الإنصاف والمصالحة المعينة من طرف المؤسسة الملكية على غرار الامتيازات التي كانت تعطى لأبناء المقاومين وشهداء الواجب الوطني الذين كانوا يتقدمون لشغل مناصب في الوظيفة العمومية . ولا شك أن ضرب وزارة التربية الوطنية وثيقة لجنة الإنصاف والمصالحة عرض الحائط من خلال حرمان السيد اسماعيل فيلالي من حقه في الترشح لمنصب شاغر يعتبر استخفافا سافرا بهذه اللجنة وقراراتها وتجاهلا غير مبرر للتوجيهات الملكية السامية ، و استمرارا وتكريسا لما تعرض له المعني بالأمر من انتهاك لحقوقه الأساسية . وهل يوجد انتهاك أشنع من حرمانه من حق دستوري ؟ وإذا كان المهندس مولاي الطيب الرمضاني قد تعرض لجور وزارة التربية الوطنية من خلال تعطيل تنفيذ قرار المحكمة الإدارية التي أنصفته وقضت بعودته إلى منصبه ، والاستفادة من مستحقاته المادية ، فإن السيد اسماعيل فيلالي تعرض بدوره لجورها من خلال تجاهلها لقرار لجنة الإنصاف والمصالحة الصادر في حقه . فهل ستراجع الوزارة انتهاكها الصارخ لحق الرجلين معا ، وتتراجع عنه وذلك بإنصافهما الفوري أم أنها ستتمادى في تجاهل حقهما ؟ وهل يعقل أن تنصف العدالة وهيئة الإنصاف والمصالحة في حين تتعسف وزارة التربية الوطنية ؟
Aucun commentaire