يا متسلقي الجدار الأقصر الله يعطينا وجوهكم
يا متسلقي الجدار الأقصر الله يعطينا وجوهكم
محمد شركي
عبارة « الجدار الأقصر » عبارة تجري مجرى المثل عند المغاربة ، ومعلوم أن الجدار الأقصر يسهل تسلقه ، ولا يكلف ما يكلفه الجدار الأعلى من مشقة . وتستخدم هذه العبارة عادة للسخرية من الذين يتنكبون الخيار الصعب والمكلف ويظهرون جسارتهم وجرأتهم الفارغة أمام الخيار السهل . والملاحظ لدى بعض من يتطرقون إلى موضوع تعثر تشكيل الحكومة، وفيهم صاحب الهوى الحزبي المتعصب المفضوح ،والشامت، والحاسد ،والحاقد، وذو الحساسية… أنهم يتسلقون الجدار الأقصر في قضية تعثر تشكيل الحكومة ، ويشبعون رئيس الحكومة نقدا واتهاما وتجريحا ، فهو عند البعض فرعوني التوجه ، أستاذي التسلط ، انتهازي المذهب ، متعجرف ، مستبد، مهرج ، متملق … ولو أحصيت النعوت والصفات القدحية التي ألصقت به منذ تعثر تشكيل الحكومة لسودت صفحات عديدة . ومقابل تسلق الجدار الأقصر لا يجرؤ منتقدو رئيس الحكومة على مجرد الاقتراب من أسوار شاهقة قد توجتها الأسلاك الشائكة . ومن الكلام المتهافت لبعض متسلقي الجدار الأقصر أن ما حصل عليه حزب المصباح في الانتخابات من نتائج لا يعني إطلاق يده في تشكيل الحكومة . وأصحاب هذا القول لا يضعون في حسابهم عدد المصوتين على هذا الحزب من أبناء الشعب بل لا يعيرونهم أدنى اعتبار وهم يتحدثون عن حزب كأنه تصدر نتائج الانتخابات دون أصوات . ولا يخطر ببال هؤلاء أن الذين أعطوا أصواتهم لحزب المصباح لا يمكن أن يقلبوا منه الخضوع لإرادة أحزاب لا تعدل أصواتها أصواته . ولا يستقيم في منطق العقلاء أن يخضع الحزب صاحب أكثر الأصوات لمن دونهم أصواتا كما يريد متسلقو الجدار الأقصر. ولو كان غير حزب المصباح صاحب أكبر عدد من الأصوات لما سمعنا بمقولات هؤلاء . ومن العبارات المتداولة بين المغاربة أيضا دعاء مشهور هو : » الله يعطينا وجوهكم » وهو دعاء يقال لمن لا ماء ولا حياء في وجوههم ولا يخجلون . وهذا الدعاء يقال من جهة لمتسلقي الجدار الأقصر ، ومن جهة أخرى لزعماء أحزاب خوي وفاضهم من الأصوات الانتخابية ،ومع ذلك يركبون جشعهم ويسيل لعابهم من أجل الحصول على حقائب وزارية ، وكان الأجدر بهم أن يعرفوا أقدارهم ويجلسوا دونها عوض الانخراط بمذلة في تحالفات مثيرة للسخرية جمعت بين ما لا يجتمع في لحن ناشز لا عهد للمغاربة به . والحقيقة التي يحاول متسلقو الجدار الأقصر تجاهلها هو أن الشعب المغربي وشعوب العالم تتابع الوضع المحرج الذي وضع معرقلو تشكيل الحكومة أنفسهم فيه سواء من ظهر منهم أو من توارى عن الأنظار وهو مكشوف . ولا شك أن حزب المصباح لا يواجه الحرج الذي يواجهه غيره لأن نتائجه الانتخابية تعتبر شهادة تزكية من طرف الشعب بينما يواجه المتحالفون ضده أشد الحرج . وحتى لو انسحب حزب المصباح من هذه المسرحية الهزلية لم يضره ذلك لأن حقيقة ما يحدث في البلاد قد انجلى ولن تحجب الشمس بالغربال .
Aucun commentaire